الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا والسلوك ..

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2020 / 4 / 5
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لا بُدّ من كلمة "مديح" للفيروس القاتل ، (كغيره من الفيروسات طبعا)، والذي "تمكّن" وخلال فترة زمنية قياسية ، من تغيير السلوكيات وكشف عن معدن البنى النفسية للأفراد والمجموعات ... فهو (أي الفيروس) بهذا قد حقق قصب السبق على كثير من "مُنافسيه" الأولين والآخرين .
ولننظر ، ولنقارن بين المنظومة الثقافية للأمم ، والأمة العربية الإسلامية ، على وجه الخصوص ، ما قبل كورونا وما بعدها ...
فالأمم جميعها بما فيها العربية ، أصبحت أكثر انضباطا من السابق ... وأكثر احتراما لما يقوله أهل العلم ، أي الأطباء والمختصين في مجال الصحة ، وأبتعدوا كثيرا عن المشعوذين وتجار الدين . فإغلاق المساجد ودور العبادة الأُخرى ، جرى تقبله بتفهم ، وامتنع المصلون عن إقامة صلوات الجماعة .. حرصا منهم على انفسهم، في المقام الأول وحرصا على إخوتهم في الدين والإنسانية .
ولا بُدّ من الإشادة بالغالبية التي تلتزم الحجر الصحي ، سواءً أكان هذا الإنضباط نابعاً وناجما عن خوف من السلطة وغراماتها المالية ، أو عن قناعة شخصية محضة .
ومن ظواهر التغيير في السلوكيات ، نرى بأن الغالبية من العرب والتي اعتادت المصافحة ، المعانقة وتبادل القبل ، قد توقفت عن هذه الممارسات ولو إلى حين ... وخفّت الزيارات والقعدات ، ومظاهر التفاخر بالأعراس وتضييفاتها وبيوت العزاء "وتبذيراتها" ..
إذن ، حصل تغير سلوكي سريع ، في كافة مناحي الحياة ، لكن الأهّم أن يتم تذويت هذه السلوكيات ، لتُصبح جزءاً من السلوك اليومي العفوي والمتداول.
وعلى صعيد آخر، فنحن نشاهدُ تصاعد وتيرة المساندة والمساعدة ، التبرع والتطوع لخدمة الصالح العام وتقديم العون للمحتاجين والفقراء ، وتجاوب فئات واسعة من المجتمع مع المجموعات والمؤسسات الفردية والجمعية ، مع نداءات التطوع والدعم المادي والمعنوي للمحتاجين ... خاصة وأن أدنى الطبقات المسحوقة من العمال والأجيرين المياومين قد خرجوا الى عطلة او الى بطالة ، لا يُعلم متى تنتهي .
لكن بالمُقابل ، ظهرت معادن النفوس الجشعة ، من شركات أو تجار واللذين رفعوا أسعار السلع أضعافا مضاعفة ... وأصبح شراء السلع الاستهلاكية اليومية ، أمرا صعب المنال ، في أوساط الفقراء والمسحوقين.
وفي قطاع البنوك ، والتي كانت "تضحك" في وجوه زبائنها أيام "الرخاء" ، فقد عبست وكشرت عن انيابها، واصبح الحصول على قرض صغير، أو الاستدانة منها ، حتى تنفرج الأمور ، اصبح من سابع المستحيلات. الأمر الذي فتح الأبواب واسعة أمام المرابين في السوق السوداء وعالم الجريمة المنظمة ، والتي انتعشت سوق قروضها ، مقابل ضمانات حياتية ، كرهن البيت لديهم أو ما ملكت يمين المقترض .
وطبعا ، فالشرطة لاهية في فرض الحظر والحجر المنزلي ، مما يترك الميدان خاليا للجريمة المنظمة والمرابين .
وفي المحصلة النهائية ، فقد كشفت هذه الأزمة العالمية عن معادن الافراد والمجتمعات .... والتي في غالبيتها مجتمعات تطمح في حياة آمنة ، صحية ومستقرة ... لكن بالمقابل ، هناك الأقلية التي لا ترى في هذا الوباء ، إلّا فرصة سانحة لزيادة ثرائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي