الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
خيمة تضاريس بعيدة
ابراهيم زهوري
2020 / 4 / 7الادب والفن
ليس من قبيل المبالغة إعتباري كل مكان أزوره هو وطني الذي الذي كنت أتمنى أن أولد وأترعرع فيه و أنا الذي كنت من يوم مولدي مهجوسا بفكرة المنفى وإطلالة العيش المؤقت في مخيم للاجئين وتحديدا في تلك اللحظة عندما تسلقنا أنا وأقراني حبل العامود الخشبي وقفزنا داخل دائرة النار في معسكر الأشبال عند أطراف السهل , نعم أسرتني نافورة فتنتها كل الأمكنة , هكذا كان شعوري عندما زرت بلدة مصياف جنديا إلزاميا رغم أنفه وفي يديه أغلال دورية الشرطة العسكرية التي ساقتني موجودا ً , وحدهم أبناء المخيمات فقط على ظهورهم العارية يستلقون في أسرتهم مثل جبل هموم لا ينهزم , يقرأون في ضجر الظهيرة " النمور في اليوم العاشر " ويفتحون طاقة في الجدار الطويل تحمل وتحتمل عبور أجسادهم النحيلة و نحو البحر يهرعون في نضج اكتمال الثمالة و انفراط عناقيد الجنون , في البلدة كان لي فيها أصدقاء ينشدون غنى الحياة في غنى الطبيعة برونق بساطتها ويهربون كيفما اتفق من غول الجوع ,اضطهاد الفقر وقبح ملامحه ويحرقون بشرور أسبابه كل أسباب الشرائع و تلابيبها,و هكذا من قبل في سنواتي الجامعية الأولى عندما تعرفت على مجموعة من شباب بلدة بنش الأدلبية , الذين كانوا منذ ذلك الوقت يغمرهم رغبة التفرد في إطلاق تسمية المستقلة كلما نطق لسانهم أسم بلدتهم التي يشقها الطريق المؤدي إلى المدينة الريفية إلى نصفين متعادلين , منهم من سكن دمشق واستفاد من مزايا ثقافته ومن فوائد وظيفة الشهادة الجامعية ومنهم من استوطن كرم زيتون أبيه وأطلق لحيته الطويلة إلا صديقي العذب المعذب هرب من يتمه المؤبد وترك مقاعد الدراسة,كان ناصري الهوى إشتراكي الثقافة, عرفني على مؤلفات عصمت سيف الدولة واستشهد في الجنوب اللبناني إثر عملية عسكرية ضمن مجموعة فدائية فلسطينية .
وهكذا كانت محبتي للناس في القرية البدوية مهبط الوظيفة الرسمية الأولى , أوسّع ُ فضاءاتها كلما اتسع الثوب الأخضر في الربيع واحتضن نهوض صدر البادية كلما أينع ورد السهوب الأصفر ونقش إمتداد النظر ببقع ألوان الله على شظف عيش البشر , عرفت كيف أكون عضوا مسالما مطيعا من آلهة الجمال والخصب قرب موطئ هلاك النهر الذي لا نزوره في قيظ ولا نقدم له النذور إن غمرنا ماؤه في لحظة بناء سد ومحاولة حبس ماء بخيل تردد في المجيء وبقي خلف الحدود يقتنص سحابة ثلج منتظراً , وهكذا كان عندما عرفت إتضاح حقيقة نفسي الأمارة بالسوء في تأمل ضخامة اتساع وجه القدر , وكم كان حجمي ضئيلا ضئيلا عند قمة الجبل كلما أمعنت ليلا إلى وضوح شبابيك القمر وكلما صعدت في الخطى وحدي إلى الأعلى عائدا من رحلة تلوث الزحمة واكتظاظ الناس عندما نزعت عن أكتافي الرتبة العسكرية وهرعت نحو القمة حينها لأرى أضواء مدينتي السليبة صفد في مساء يحتضر خلف الجبل , عند الظهيرة أتوجه نحو شجرة الكستناء تحت ظلها الواسع شاركت طعام ذلك العجوز في استراحته مرحبا وسؤاله عن منعطفات التاريخ البعيد والقريب وعن إخوان الصفا وخلان الوفا وعن آخر كتاب رافقني وعن أحوال آخر صديق , هكذا حسمت أمري أتنقل على طول الجبهة وعرضها أجمع تواقيع التسريح في براءة الذمة وأنقشها مستقبلا ومودعا كل هدوء القرى وصمت الوديان وغرة القمم , تفاح السفح وغزل أشعة الشمس , تعاريج الثلج كومة ظل يبتسم لشبح طارئ ويختفي , ثلاثة كلمات من اسمي على ساعد البندقية بكت و قلبي مع عناقيد الكرز على حضن حجري اشتكى , دكان "بوقعسم "* الوحيد غنى على جانبي الصبر مواله وأثمر في الوداع عنبر النشيد , الوداع يا جبل الشيخ ,في جعبة ظهرية أحزم كل ذلك في يوم ما كان وفي سنة ما كانت في جنوب الجنوب,وأهلا للمرة الثانية في شمال الشمال يا مدخل المخيم .
* بوقعسم : قرية صغيرة على سفح جبل الشيخ
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح
.. هذا ما قالته الممثلة مي سحاب عن سبب عدم لعبها أدواراً رئيسية
.. -مساء العربية- يفتح صندوق أسرار النجم سعيد العويران.. وقصة ح
.. بيع -الباب الطافي- الذي حدد نهاية فيلم تيتانيك بسعر خيالي