الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآثار الإيجابية والسلبية للحجر المنزلي (ج2) كسر العادة بشكل مفاجئ

وعد عباس
كاتب وباحث

(Waad Abbas)

2020 / 4 / 8
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


بدايةً ، دعوني أذكركم بأن أكثر من 70% من المستجيبين على الاستبانة التي ذكرتُ نتائجها في الجزء الأول قالوا بأنهم يشعرون بالتشتت وعدم القدرة على التركيز ، وأنهم لا يستطيعون الاستمتاع بما يقومون به من أعمال منزلية وما يمارسونه من هوايات ، وفي إجابتهم على الاستطلاع المفتوح قالوا أنهم يشعرون بالملل والحزن والخمول ، وذكر بعض الكُتَّاب أنهم كانوا يتوقعون تحقيق أهداف أكبر خلال فترة الفراغ هذه ، لكنَّ الأمر بدا عكسيا بعد ذلك ، عدا أن كثيرًا من المستجيبين أفصحوا عن عدم التزامهم بالحظر لأنهم لم يجدوا أنفسهم تطيق ذلك ، الأمر الذي اضطرني إلى استبعاد إجاباتهم وعدم احتسابها .
ما يعني إن حظر التجوّل أثَّر سلبًا على الجهاز النفسي للأفراد ، وأرى أن الأعراض سالفة الذكر التي اعترف بها المستجيبون تعود إلى عِللٍ عديدة أهمها (كسرُ العادات بشكل مفاجئ) السبب الذي أريد طرحه في هذا الجزء من المقال .
تعرف العادة في علم النفس على أنها نمط من أنماط السلوك ينشأ عن تكرار الفعل مرارا لدرجة أن الدماغ يفعل ذلك تلقائيا ، والعادة حالة راسخة دائمة لا تتغير بسهولة ، وهي فردية مكتسبة ، وبغض النظر عن التصنيفات الكثيرة لها ، فإنَّ تكرار القيام بأي فعل سواءً كان سلبيا أو إيجابياً يؤدي إلى اكتساب العادة ، فتكرار التدخين ، أو مجالسة الأصدقاء في المقاهي ، أو الخروج في نزهة ... ، كلها تؤدي إلى نشوء العادة ، وليس هناك إنسان لا تتكون شخصيته من مجموعة عادات .
وتجدر الإشارة إلى أن كثيراً من الباحثين لا يحب وضع أي خط ٍ فاصل بين "العادة" و "الإدمان" لأنهم يعتقدون بأنهما شيء واحد ، لهما الأسباب والأعراض نفسها ، بينما تعتقد مجموعة أخرى بوجود فارق بسيط يتمثل في كون الإدمان صورة مبالغة للعادات السلبية فقط .
تؤدي العادة / الإدمان إلى زيادة إفراز هرمون "الدوبامين" الذي يعزز الشعور بالسعادة ، ويُمثّل جزءًا من نظام المكافأة في الدماغ ، فيربط الفرد بين شعوره بالسعادة وبين عادته ويستمر في ممارستها وكأن دماغه بإفرازه هذا الهرمون يجبره على عدم التخلي عن عادته هذه ، ولذلك فإن ترك العادة نهائيا أو الانقطاع عنها لفترة من الزمن يترتب عليه مخاطر نفسية وجسدية وأسرية ، وبصرف النظر عن الاختلافات الدائرة بشأن حقيقة العلاقة بين الهرمونات والعادة أو الإدمان ، فإن العادة التي يترتب عليها شعور بالسعادة يصعب تركها .
الذي حدث أن فيروس "كوفيد -19" انتشر سريعًا في دول العالم ، ولم تكن هناك أي فرصة أمام الأفراد للاستعداد النفسي والذهني للتفكير بتأجيل ممارسة عاداتهم أو تكوين عادات مغايرة ، أو تقليص التأثير المترتب على عدم ممارستها ، ولا بد من الالتفات إلى أن الإصرار على ترك العادة وفق خطة مدروسة يؤدي إلى معاناة نفسية كبيرة ، فكيف إذا كان الفرد مُجبَرًا على تأجيل ممارستها لأجل مجهول ، وليس لديه أدنى رغبة في تركها ؟ أي أنه يعاني مرارتين : مرارة انتظار رفع الحظر ، ومرارة الاشتياق لممارسة العادة ، ولذلك ظهرت عليهم أعراض (التشتت ، عدم الاستمتاع بما يقومون به من هوايات داخل المنزل ، وعدم القدرة على التركيز ، والشعور بالحزن ، وسرعة الاستثارة والغضب ، ...)
الأمر الذي جعلَ الشباب يتمردون على القوات الأمنية بل ويتنمرون لأجل كسر الحظر والعودة إلى حياتهم السابقة ، وقد تكرر مشهد التعدي على القوات الأمنية مرارًا وفي مدن كثيرة ، فضلا عن أن عدداً كبيرا جدا من الشباب نقلوا تجمعاتهم من المقاهي والملاعب إلى المنازل ، ولم يطبقوا حظر التجول كما أرادته خلية الازمة .
خذ مثالا :
شاب اعتاد أو أدمن على الخروج مع الأصدقاء إلى المقهى يوميا ، وقضاء ساعات من الضحك والحديث تؤدي إلى الشعور بالسعادة ، ثم أصبح فجأة على حظر التجول ، أو رجل مسن اعتاد الاجتماع مع رفقته المتقاعدين عند باب المنزل ، حاول أن تتخيل موقفهم ، هل يستطيعون التخلي عن هذه العادات بهذه السرعة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان