الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كارثة الجنوب الشرقي المغربي

علي بنساعود

2006 / 6 / 12
المجتمع المدني


انشغلت وسائل الإعلام الوطنية والدولية، خلال الأسبوع ما قبل الماضي، بالكارثة الطبيعية التي حلت بمنطقة الجنوب الشرقي، والتي جاءت إثر تساقطات مطرية طوفانية نجمت عنها سيول وفيضانات كانت بمثابة "تقييم مختبري" لما أنجز بالمنطقة من "مشاريع الخير والنماء" طيلة الخمسين سنة الماضية من تاريخ المغرب المستقل.

الكارثة خلفت خسائر بشرية ومادية جسيمة، تمثلت في سقوط ستة قتلى وأربعة جرحى في حالة خطيرة... كما تهدمت مئات المنازل وعشرات المآوي السياحية والمحلات التجارية والمنشآت الاجتماعية، وتضررت بعض النقط المائية والآبار والخطارات...، كما عزلت المياه بعض التجمعات السكنية والقصور، وأتلفت عددا من التجهيزات الهيدروفلاحية والمسالك والطرق التي تحولت إلى حفر وبرك مائية وأوحال... وأضرت بشبكتي الماء الشروب والكهرباء...

ولعل كل من تتبع ردود الفعل الرسمية سيكون قد فهم أن المنطقة الأكثر تضررا من هذه الكارثة هي إقليم الرشيدية، وعلى الأخص منطقة مرزوكة التي انتقل إليها، في البداية، وعبر طائرة هيلكوبتر، والي جهة مكناس تافيلالت مرفوقا بعمال خنيفرة والحاجب وإيفران والرشيدية، أعقبتها زيارة لنفس المنطقة قام بها وفد حكومي ضم وزيري الداخلية والصحة والجنرال حسني بنسليمان والمفتش العام للوقاية المدنية وممثل عن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، تلتها مساعدات استعجالية للضحايا...

ورغم مرور أسبوعين على هذه الكارثة، لا تزال تقديرات الخسائر المادية الناجمة عن الكارثة غير محددة بدقة. ومع ذلك، فقد أفادتنا مصادر مطلعة، رفضت الكشف عن هويتها، أن الخسائر الحقيقية الأهم لم تكن لا في مرزوكة ولا في أسرير بتنجداد، بل كانت بدائرة بني تجيت بإقليم فكيك، حيث ناهزت خسائر هذه الدائرة، في مجال الفلاحة وحدها 8.000.000.00 د، تليها دائرة إملشيل بخسائر رسمية تناهز 4.000.000.00 د، بعدها دائرة أسول بخسائر تقارب 3.700.000.00 د، فدائرة كلميمة بخسارة تقدر بحوالي 3.600.000.00 درهم، ثم دائرة الريش بخسارة نحو 2.950.000.00 درهم، فدائرة الريصاني بخسارة 2.000.000.00 درهم، ثم دائرة أرفود بخسارة 1.500.000.00 درهم، ودائرة الرشيدية 1.390.000 د

أما على مستوى الجماعات المحلية، فقد جاءت الخسائر كما يلي: تقديرات الخسائر الفلاحية حسب الجماعات:

*إملشيل: 4.000.000 د
*بوعنان: 3.950.500 د
*أملاكو: 2.500.000 د
*بني تجيت: 1.900.000 د
*كرس تيعلالين: 1.800.000 د
*الطاوس: 1.750.000 د
*عين الشواطر: 1.700.000 د
*اغبالو انكردوس: 1.500.000 د
*أسول: 1.450.000 د
*تاديغوست: 950.000 د
*مرزوكة: 900.000 د
*فركلة العليا: 800.000 د
*الخنك: 500.000 د
*ملاعب: 450.000 د
*السفالات: 450.000 د
*الرشيدية: 350.000 د
*الرتب: 330.000 د
*عرب الصباح زيز: 300.000 د
*زاوية سيدي حمزة وسيدي عياد: 250.000 د
*بومريم وبوشاون: 250.000 د
*غريس السفلي: 190.000د
*الجرف: 120.000 د
*عرب الصباح غريس: 150.000 د
*واد النعام: 130.000 د
*أوفوس: 70.000 د
*فركلة السفلى: 60.000 د
*تالسينت: 15.000 د
وهي خسائر شملت اثنين وعشرين جماعة بإقليم الرشيدية وست جماعات بإقليم فكيك، وتراوحت الخسائر فيها بين 4.000.000 درهم بإملشيل و15.000 د بتالسينت...

وطبعا، فإنه لتقدير هذه الخسائر حق قدرها، ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار عدد سكان هذه الجماعات ونسبة الفقر بها وأيضا معدل الملكية العقارية ودرجة الإقصاء والتهميش الذي تعاني منه، كما ينبغي أن نستحضر أن هذه المنطقة عانت، ولأزيد من عقد من الزمان، من جفاف قاس أهلك الزرع والضرع... وبالتالي، فهي مناطق كانت منكوبة أصلا، وضاعفت الكارثة من معاناتها، وتحتاج إلى برامج استعجالية تنقذ ما يمكن إنقاذه...

ويذكر أن الأمطار الطوفانية التي تعرضت لها الرشيدية وفكيك أيام 27 و28 و29 ماي الماضي بلغت مستوى لم تشهده المنطقة منذ سنة 1965، حيث تراوحت، حسب مصادر من الأرصاد الجوية، بين 279 ملم بتالسينت و26 ملم بدائرة الرشيدية ، وهي أمطار غطت مساحة تناهز 50.000 هكتار أي حوالي 80 في المئة من المساحة المزروعة...

أما المساحات التي تضررت أو تضرر إنتاجها، فناهزت 800 هكتار بإقليم الرشيدية، وقدرت كلفة خسائرها بحوالي سبع مئة مليون سنتيم، أما بدائرة بني تجيت فبلغت المساحات المتضررة زهاء 500 هكتار وحوالي خمسين ألف شجرة بتكلفة بلغت حوالي 3.500.000.00د، بينما تكبد القطيع بإقليم الرشيدية خسارة بلغت أزيد من 550 رأسا بين غنم وماعز وجمال في حين لم تتعد الخسائر ببني تجيت 48 رأسا بين غنم وماعز وخيول...

ورغم جسامة الخسائر، سجل المتتبعون أن الضحايا بالإقليمين معا، باستثناء ضحايا مرزوكة وتنجداد، لم يتلقوا أي نوع من الدعم، بل إن بعضهم ظل محاصرا لعدة أيام دون أن يلتفت إليه أحد، وحتى لما اضطر عامل إقليم فكيك مثلا لزيارة بعض المناطق المنكوبة، لم يقدم للضحايا شيئا غير دعواته الصالحات!!! والسبب، حسب أحد المصادر، هو أن الضحايا لم يحتجوا، ودليله هو أن الجهات الرسمية المركزية، ورغم التقارير التي توصلت بها، كانت تسير في اتجاه التعتيم، وإيهام الرأي العام بأن الخسائر طفيفة ومحصورة في منطقة مرزوكة، لذلك، كان تدخلها انتقائيا هم هذه المنطقة دون غيرها، وأنه لولا احتجاج ساكنة منطقة أسرير بتنجداد ولجوؤهم إلى وسائل الإعلام، إثر زيارة تضامنية قام بها وفد من قيادة الحزب الاشتراكي الموحد إليهم، في اليوم الموالي للكارثة، لولا ذلك، لما تدخلت السلطات، وهي تبرر موقفها هذا بكوننا عشية استحقاقات انتخابية، وبكون التعاطي مع الكارثة في حجمها الحقيقي سيستغله بعض الانتهازيين وقناصي الفرص للتغلغل الحزبي والدعاية الانتخابية على حساب الضحايا... لذلك، فقد رفضت السلطات الإقليمية بمحموعة من المناطق الترخيص لمختلف الفعاليات بجمع المساعدات، ساعية بذلك إلى التحكم في عملية التدخل، من خلال لجن محلية، معتمدة سياسة "البق ما يزهق"، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مصير الضحايا خارج مرزوكة وتنجداد؟ خصوصا أولئك الذين فقدوا محاصيلهم وممتلكاتهم في هذه الفيضانات من أمثال سكان قصر بني ياطي ببوعنان الذين فقدوا أزيد من ثمانية آلاف شجرة بين نخيل وزيتون وأشجار مثمرة؟ وهل تكون الزيارة الملكية المرتقبة للمنطقة فأل خير عليهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا