الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السيد آدم

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2020 / 4 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أسطورة التكوين في التراث الإسلامي
٣ - السيد آدم

وأما ادمُ الذي هو البشر الأول حسب الأسطورة فلم يكن واردا في مشروعه الأولي على ما يبدو ولم يخلقة بطريقة "كن فيكون"، فقد خلقه الله آخر اليوم السادس وهو يوم الجمعة الذي هو أفضل أيام الأسبوع حسب ما يقال فكان آدم آخر أنواع العوالم التي خلقها الله. "خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمسُ يومُ الجمعةِ فيه خُلق آدمُ وفيه أدخل الجنّة وفيه أخرج منها". وهناك من يذهب إلى عملية الخلق تمت في عصر يوم الجمعة. ويعني ذلك أن تمام خلق آدم كان في الجنة ذاتها لأنه بدأه بالتربة التي نقلت من الأرض إلى الجنّة فعجنت هذه التربة بماء الجنة ثم مكث طينًا أربعين يومًا ثم جعله صلصالاً كالفخار ثم حوّله عظمًا ولحمًا ودمًا ثم نفخ فيه الروح فصار إنسانا. هذا الإنسان خلقه الله ليكون خليفة له وليعبده ويسبح بحمده. وفي رواية أخرى يقال بأن الله أخبر الملائكة بأنّه سيخلق هذا النموذج الجديد، واستغرب شعب الملائكة هذا الخبر، فسألوا الله عن الحكمة من خلق آدم ويدلّ قولهم أنّ لديهم إلهاماً وبصيرةً كشفت لهم فطرة هذا المخلوق، فتوقعوا أنّه سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، وخفيت عليهم حكمة الله من خلق آدم؛ حيث إنّهم رغم قربهم من الله وعبادتهم له ليل نهار، وتكريمه لهم، إلا أنّهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، وقال الله للملائكة بأن هذا الكائن الجديد "يعلم ما لا تعلمون"، ثمّ أصدر الله أمره للملائكة بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته. ثمّ أخذ الله من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ، وكان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ ووسوس في ذاته ماذا سيصبح هذا التراب يا ترى؟! إذ إنّ الله سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم الله إلا إبليس لم يسجد. وفي بعض الروايات نعطي بعض التفاصيل المغايرة، حيث أمر الله أحد الملائكة بأن يأتيه بقبضةٍ من تراب الأرض، فجاء بها المَلك مختلطةً ممزوجةً، ثمّ خُلطت بماء الجنة فأصبحت طيناً، ثمّ تُركت فترةً من الزمن فأصبحت صلصالاً إذا ضرب أحدث صوتاً، وبعد أن مرّ آدم في ثلاث مراحلٍ؛ وهي: التراب، ثمّ الطين، ثمّ الصلصال، تم خلقه. عندما نفخ الله من روحه، وخُلق آدم ، طلب الله منه أن يسلم على الملائكة، فقال لهم: السلام عليكم، فردوا عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، واستأنسوا به. ثم علم الله آدم الأسماء كلها، وسأل الملائكة عن أسماء الأشياء فقالوا لا علم لنا بها. وعندما طلب من آدم أسماء الأشياء لإسردها كلها، أسماء البشر إنسانا إنسانا وأسماء ذريته كلهم، وكذلك الملائكة وأسماء النجوم والبحار والأنهار والدواب ، فقيل : هذا الحمار ، هذا الجمل ، هذا الفرس، وقيل هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان، ودابة، وسماء، وأرض، وسهل، وبحر، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها. وقيل علمه اسم الصحفة والقدر وحتى الفسوة والفسية، علمه اسم كل دابة ، وكل طير، وكل شيء. وطلب الله منهم جميعاً أن يسجدوا له إكراماً له لعلمه الخارق ولأن الله قربه وكرمه بين كل مخلوقاته، فسجدوا جميعهم، ورفض إبليس السجود، والذي كان في ذلك الوقت من عداد الملائكة، وهو مخلوق من الجنّ، ولذلك فهناك من يقول بأن أمر السجود الموجه للملائكة لا يشمله بإعتباره من الجن ولا ينتمي لقبيلة الملائكة. فسأله الله عن سبب عدم سجوده، فأخبره إبليس بأنّه لا يسجد لمن خُلق من طين، وهو المخلوق من نار، ورفض السجود متكبرا. غضب الله وصبّ عليه سوط عذابه، وطرده من الجنة وحرّمها عليه وأسقطه من المرتبة العظيمة التي كان يتمتع بها وجرده من إمتيازاته العديدة، ولعنه إلى يوم القيامة. وعندما رأى إبليس غضب الخالق عليه، طلب منه أن يجزيه أجر عبادته له آلاف السنين قبل خلق آدم، أي أن يدفع له أجرته على خدماته السابقة، وذلك بأن يمهله في الدنيا إلى يوم القيامة. وفي نيّته الانتقام من آدم حسب السيناريو الذي سنراه فيما بعد، لأنه كما يبدو حُرم من الجنة بسببه، وغضب الله عليه بسببه أيضاً. كما طلب من الله أن تكون له سلطة على آدم وذريته وأن لا يتدخل في العلاقة بينهم، وأعطى الله إبليس كل ما طلب.
فكانت هذه أول ثورة ومعصيةٍ يُعصى بها الله من أب الجن والذي استكبر على ما خلق الله الذي رفعه وجعله مع الملائكة وهو ليس منهم، ويقال أنه بعد ذلك أدخل الله آدم إلى الجنة حيث هام فيها مئات السنين وحيدا مهموما يقتله الملل، وعندما استوحش رق قلب الله عليه لوحدته فخَلَقَ له حَوَّاءَ مِنْ ضِلَعِهِ الأيْسَرِ ويقال من ضلع أعوج، وعندما سألته الملائكة عن اسمها فأجابهم حواء؛ لأنّها خلقت من شيءٍ حيٍّ وهو آدم وجعل لهما كلّ ما في الجنة مباحا عدا شجرة أمرهما الله بعدم الاقتراب منها. غير أنه هناك رواية أخرى تقول بأن الله منذ البداية خلق الله الرجل والمرأة في نفس الوقت وبنفس التراب، آدم وليليث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرويات خرافية
طاهر مرزوق ( 2020 / 4 / 10 - 20:45 )
الأستاذ/ سعود
بعد التحية
مع أحترامى الشديد لمقالاتك السابقة التى أمتعتنا كثيراَ، لكن هذه السلسة من التراث الإسلامى والقرآن هى مرويات خرافية لا مكان لها فى أدبيات التمدن، إلا إذا كان ذكرها بغرض النقد حتى يفهم القارئ نقاط التعارض مع الواقع والتناقض الذى تحتوى عليه تلك النصوص والمرويات الاسطورية التى نقلها رواة الأحاديث والمفسرين من بعدهم.
لا أرى لمن يتم توجيه تلك الحكايات التى تتشابه مع حكايات ألف ليلة وملحمة جلجامش؟
المسلمين يفرحون بأن تراثهم يتم كتابته وكأنه يقصد به تعريف القارئ ببطولات الله وإعجازه الإسلامى، ألا ترى معى أن حكاوى تعيد رواية سذاجات العرب هو تضييع لوقتك ووقت القارئ؟
مع الشكر


2 - نقد العقل الديني
سعود سالم ( 2020 / 4 / 11 - 11:35 )
السيد طاهر
تحية طيبة وجزيل الشكر على كلماتك وملاحظاتك القيمة.
بطبيعة الحال ترددت كثيرا في الكتابة عن هذه الخرافات والأساطير، ولكن في نهاية الأمر قررت تجميع كل هذه الأقوال الغريبة ووضعها في نص واحد، لعل عملية -التراكم- توضح للقاريئ عبثية هذا الصرح الميتافيزيقي، وتلقي الضوء على هذا الكم الهائل من الأسوار التي تحاصر العقل المستلب. هدفي هو إلقاء الضوء على أسطورية الأديان عموما والدين الإسلامي وكذلك أسطورة الله والكتب المقدسة والرسل إلخ. بطبيعة الحال تنقية الأديان من الخرافات اللاعقلية لا يكفي لبناء نفد ديني فعال لفك الحصار ن العقل المستلب، بل لا بد من نقد الأسس والتوابث التي تشكل قاعدة الفكر الدينيالإسلامي، أي الله والقرآن . ومحمد أعتقد، وقد كتبت عن هذا الثالوث الغير مقدس في نصوص سابقة.
شكرا مرة أخرى
مع فائق الإحترام

اخر الافلام

.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية


.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس




.. إيران تحذر إسرائيل من استهداف المنشآت النووية وتؤكد أنها ستر


.. المنشآتُ النووية الإيرانية التي تعتبرها إسرائيل تهديدا وُجود




.. كأنه زلزال.. دمار كبير خلفه الاحتلال بعد انسحابه من مخيم الن