الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام العربي كلب أثر محشش-

روزا سيناترا

2020 / 4 / 11
الصحافة والاعلام


رسالة الى جلال أيوب
نحن مجانين يا صديقي لأننا آمنا بالفكر والإعلام الحر فأضأنا فانوسا ومشينا في طريق تتربصها الوحوش في بلد عميان كثر كانوا يحاولون اصطيادنا كل يوم ولأننا صدّقنا ان الذئاب طيبة في الوقت الذي كانت تقف فيه على باب الكهوف أنيابهم الحقيرة..كنا نغسل جروحنا بالماء والسكر وننتظر ان يزول هذا الألم..ولكن النزيف استمر بالأنين على قارعة الطريق ولم يسعفه أحد..
كذا هو حال إعلامنا المكسور الذي يشرب الجعة مع بائعيي الكلام ومروجيي الأديان سلعةً وجسد..كذا هو حال ابناء آوى الذين قرروا ان وجود الكبار في السن لم يعد ضرورياً في هذا العالم تصوّر!
خاصة بعد تلك الدراسة التي قام بها صندوق النقد الدولي بعد أزمة "ليمان براذر 2008" بحسب كتاب "موت الرأس مال" الذي صدر عام 2010 حيث تم الكشف عن الحجم الحقيقي لمشكلة المعمرين والمسنين باعتبارها من بين اكبر "المشاكل" التي تواجه الإقتصاد العالمي(شو هالمسخرة وكأنهم اصلاً يعتنون فعلاً بكبار السن وهم الذين اهملوا الأجهزة الصحية برمتها لسنوات طويلة وخاصةً بكل ما يتعلق بالمسنين) وفي الدراسة تم مقارنة حجم انفاق كل دولة على الازمة المالية عام 2008 مقارنة بناتجها المحلي، ومن ثم مقارنة حجم انفاق كل دولة على رعاية المسنين فيها، فوجدوا ان معدل الإنفاق العام على المسنين في الولايات المتحدة كان 40.6 مرة اكبر من تريليونات الدولارات التي تم انفاقها على الأزمة المالية، وصادف ان تكون هذه النسبة مطابقة لجميع دول مجموعة العشرين.
الكبار في السن أهلي وأهلك وأهل الجميع الذين سهروا الليالي وتعبوا من أجلنا يتركونهم للموت بعد التخدير بعيدا عن عائلاتهم فقط لأن لا اجهزة تنفس تكفي للكل.
هذه المنظومة الماضية بالتسلح وإعلان الحروب وتدمير الكوكب وخرق اتفاقيات البيئة وثقب المثقوب اكثر وقتل المقتول بوحشية اكثر..
تصور..تصور يا صديقي أن هذه المنظومة المتعفنة تدّعي انها غير قادرة (المسكينة) على الحصول على عددٍ كاف من الأجهزة لإنقاذ البشر أو تدّعي أنها تحت رحمة الصين بشراء الكمّامات..هذه الدول "العظيمة بحجم ال اكس اكس اكس لارج" التي تفتخر ب "نورثروب جرومان " وبقدرة مصانعها ايضاً على صناعة أسلحة الليزر والأسلحة تحت الحمراء والأسلحة الصوتية والقنابل النووية يا حرام فقدت القدرة على تصنيع جهاز تنفس مسكين فجأة وتدّعي انها تحتاج اشهراً لصناعة أجهزة كهذه..ولننسَ ايضاً فضيحة استيراد الكمّامات..دول لا تصنع خرقةً ومطاطتين ولكنها بالمقابل تضخ مليارات الدولارات لإنقاذ اصحاب الكروش الجالسين برائحة سجائرهم المقرفة على طاولات الشركات الكبيرة ويأتون اليوم كي نسلمهم كل الكبار في السن ككبش فداء..
لا اتعجب..صدقني أنا مصدومة فقط..وأتذكر قول "هنري فورد" ذات مرة بما معناه :
"لوعرفت الشعوب كيف تعمل انظمتنا المصرفية وكيف نخلق المال لأعلنت الثورات منذ الغد"
وطبعا قصدَ بهذا آلية عمل البنك الفيدرالي الامريكي ونظام بونزي والنظام الرأسمالي الحالي الذي خلق اسياداً وعبيداً ودولاً حاكمة ودولاً عليها ان تقول ( امرك سيدي ولو بالجزمة القديمة المقطعة) مثلما حدث في العراق الكريم مثلاً ومثلما حدث في سوريا..الدولة التي لم تكن مديونة ولو بفلسٍ واحد للبنك الدولي ولا حتى لصندوق النقد الدولي (صندوق النصب).
على مدار سنوات جلست اكتب واكتب واؤجل صدور كتابي الأول خشيةً من ردود الفعل في شرقٍ بات يأكل ويشرب وينام مع الهواتف ونشرات الأخبار التي في معظمها أخبار مزيفة..
كيف سيقتنع هذا الشرق الغارق بأغلبيته بتبغه ودخانه وحشيشه ومعتقداته التي اكل الدهر عليها وشرب ان صبية في عمر الورد كادت ان تقتل وتموت بسبب كلمة ومقال حول حرية الفكر ونقد الأديان التوحيدية بهدف ايجاد الاخطاء وتصحيحها ونفض المنظومات الاجتماعية كي تتقدم وتتوقف عن كونها مستهلكة فقط وانها تحاول نشر وعي السعادة والأمل (بالمناسبة نفض المنظومة هذه كلمتك انت وتعبيرك انت ) وفي المحصلة اضطرت للرحيل بدون فلس واحد بجيبها وترك كل شيء من ورائها والبدء من جديد.
بالمناسبة هذا المقال ليس عني ولا اخصصه لي لأنني اريد الحديث عن "جلال ايوب" الرجل الجدع والشهم في زمن قلّ فيه الرجال وندرت فيه الحكمة..الصديق الوحيد الذي انقذني في تلك اللحظة التي وجدت فيها نفسي في محطة الشرطة تلك في التاسعة مساءً بعد ان قررت القبيلة فيها ان تشبعني ضرباً فقط لكوني امرأة تفكر وتحلم بعالم اجمل للجميع..تلك الساعة التي اغرقت فيها دموعي الهاتف ولم اجد رقماً واحداً لإنسان اثق به من كل قلبي الا انت
لست الانسانة الوحيدة التي مد لها جلال ايوب يد العون فمثلي كثيرات والكل يشهد بذلك.
جلال ايوب الإنسان المتنور المفكر والموسوعة المتنقلة والعقل الفذ الذي لا يتوقف عن التفكير والتحليل والذي كان اول من تجرأ على فتح نادٍ ليلي مختلط في حي ابي النواس_شارع الالمان في حيفا والذي ورغم كل الانتقادات استمر في مسيرته وبفضله اساساً تطور هذا الحي وتحول الى حي حياة وإزدهار اقتصادي وانفتاح وتقدمية حتى في طريقة العيش والسهر وكمحامٍ وايضا كإعلامي عربي لم تشهد البلاد مثله في اراضي ال48 على مدار سنوات.
في حلقات برامجه التي يعدّها ويقدمها بنفسه حاملاً معه حتى صندوق أغانيه الأجنبية الراقية من "الفيس بريسلي والبيتلز وكوين" وكل نجوم الروك آند رول الى نجوم الفن البديل والراب والفرق الرائعة التي أطلقت أعمالاً ممتازة رغم شح الميزانيات وندرة شركات الإنتاج في أراضي 48.
مثل فرقة ولعت وفرقة الشاطىء مثلاً..وهو البرنامج الوحيد الذي أعطى المنصة الحقيقية لمناقشة هذه الموسيقى وتقديمها للمستمع ملفوفةً بشريط ساتان كهدية وهو البرنامج الوحيد في كل الإذاعات العربية في اراضي ال48 الذي ناقش قضايا قتل النساء بذريعة "الشرف المزعوم" و نقد الأديان وفتح باب الحديث عن العلمانية بكل رقي دون فرض او هجوم على اي طرفٍ من الأطراف.
جلال الذي يؤمن بأن التغيير يبدأ بالحوار بين كل الأطراف وطرح الرأي والرأي الآخر وتحليل القضايا المجتمعية والسياسية وحتى الإقتصادية بمنطق وفكر حر وهو الباحث على الدوام عارضاً في كل مرةٍ المصادر خاصةً في عصر انتشار ال"فيك نيوز" وهو الإعلامي العربي الوحيد الذي تجرأ في برامجه على نقد أعمال أعضاء برلمان ووجوه سياسية ومجتمعية وصل البعض الى تقديسها وبدل ان يخدم هؤلاء جمهور ناخبيهم بات الجمهور يقدس الرمز والشخص كأنه نبي ومن هنا جاءت أهمية شعلة النور التي حملها جلال ايوب خاصة اننا نفتقد في كل الدول العربية تقريباً الى منظومةٍ نقديةٍ صريحة وربما ولهذا السبب تحديداً نجد ان الشرق في عصرنا الحالي متجمد على اشارة "مكانك قف".
جلال الذي تميز بجرأة حواره مع جمهور المستمعين في برنامجه "ملفات اليوم" ونشر الفكر التقدمي التنويري عبر برنامج "مسافر لبعيد" وهو المسافر بأمله الى البعيد حقا..الى هناك ..نحو عالمٍ أجمل يعيش فيه الكل بسلام..ال "هناك"المقصودة تماماً في اغنية جون لينون الشهيرة "تخيل"..
جلال الذي حاربوه أكثر من مرةٍ في الخفاء والعلن ورغم ذلك ظلّ محافظاً على رقيه وابتسامته الأسبوعية منتقلاً في كل سبت مع مستمعيه الى أحضان التاريخ في برنامجه "الزمن ينعاد" والذي يعتبر مرجعاً غنياً وغير معهود وليس للمعلومات فقط وإنما لنقاشه المغاير للمناهج الملقنة وفتح باب التفكير والتحليل بعيداً عن صدأ العقل والثقوب السوداء التي سحبت كل نور منذ تربى الطالب العربي على التلقين وحفظ المواد دون طرح الأسئلة..
جلال ايوب الذي ساهم في نشر المعرفة كدرب لنهضة الحضارة والأمم الذي لا نعرف نحن مستمعيه الموزعين في أكثر من دولةٍ حول العالم لماذا أوقفوا برامجه جميعاً دون سابق إنذار حتى دون ان يكون قادراً على توديع جمهوره المحب..ولا نعرف اذا كان هذا التوقيف مؤقتاً ام دائماً لكن كل الذي نعرفه ان صوت الحق والإنسانية سيجد بالتأكيد فضاء جديداً وبالتأكيد لن يكون فضاءً مقيداً وهشاً كمعظم الإذاعات والمحطات العربية .
أخبروا الإذاعة التي اوقفت برامج "جلال ايوب" بأمر من "فوق" ربما او "تحت" لا ادري..غير مهم..
المهم اخبروا ادارتها رجاءً انها لم تخسر إعلاميا مميزاً وحسب بل وخسرت متابعة آلاف المستمعين حول العالم دون ان تعلم..
علّمونا في أول دروس الإعلام ان الصحافة كلب حراسة الديمقراطية والسلطة الرابعة ..
كذبوا علينا ونحن صدّقنا الكذبة في عصرٍ بات فيه الإعلام " كلب اثر محشش" يلعق أحذية كل من هبّ ودب.
نحن مجانين يا صديقي اجل اقول لك ذلك ولكن ماذا تعني الحياة لولا الجنون ؟
دعنا نترك السيرك لهؤلاء "العقلاء" شتّان ببن من يهوى التوهج في حضن النجوم وبين من يعشق لعق الوحل والتراب.
امضِ الى قممك الجديدة يا صديقي وكلنا معك.
https://www.facebook.com/rozasinatra








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة