الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرات في الشخصيه العراقيه: الوصوليه 12

أياد الزهيري

2020 / 4 / 11
المجتمع المدني


الوصوليه سلوك يبديه الفرد لغرض نيل هدف معين لا يستطيع تحقيقه عبر الطرق المشروعه , أن الوصولي لم تتوفر غالباً فيه الشروط الذي تؤهله لتبوء المكانه الوظيفيه أو الأعتباريه التي يسعى للفوز بها. كما أن الوصولي هو شخصيه نرجسيه تركز دوماً على أن تكون في مقدمة الصفوف , وفي القمه في السلم التراتبي سواء كان أجتماعياً أو وظيفياً , ولو رجعنا الى الحلقات السابقه لوجدنا أن هذه الرغبه تتعلق مع رغبات أخرى وخاصه صفة التفاخر والتغالب التي يتصف بها البدوي . كما أن الشخصيه الوصوليه تتسم بالأنتهازيه والنفعيه أي ميكيافيليه بأمتياز ,أي يسلك صاحبها كل الطرق التي توصله لما يرنو اليه من أهداف بغض النظر عن الوسيله , فتراه يتوخى مبدأ (الغايه تبرر الوسيله) وهذا سلوك برغماتي لا يلزم صاحبه أي مبدأ أخلاقي أو عرفي في سلوكه الحياتي , فتراه أنتهازي المنهج , يؤمن بالمحسوبيه والمنسوبيه , وهي صفه ضاربة الجذور في مجتمعنا , حتى أن أمتداداتها تتصل بفترة الحكم العثماني للعراق, كما يكون الوصولي يمتاز بالغش , ويتعاطى الرشوه , ولا يهمه ما يقال عنه أجتماعياً , نزق في مواقف, ولين الى حد التذلل في مواقف أخرى , رخيص النفس , ذليل الى حد الأنبطاح أمام من يلبي له مبتغاه, كما أنه أنسان لا يتمتع بالولاء , وهناك الكثير من المصاديق في واقعنا الأجتماعي الذي يؤكد هذا السلوك الممقوت ,فترى الكثير ممن بدل ولاءه بسرعه مذهله وخاصه في أوقات التغيرات الساسيه , فالكثير من البعثيين أصبحوا أسلاميين , وكثير من الشيوعين أصبحوا بعثيين , وكثير من القوميين ومن المنتمين للحزب الوطني الديمقراطي أنخرطوا في صفوف الحرس القومي , وهناك الكثير من الشواهد ما يؤكد التغير بالولاءات لأسباب وصوليه , وهذا السلوك معروف جداً في الأوساط العراقيه وما حركة تغير الولاءات للمرشحين فيما بين الكتل السياسيه الا أوضح دليل على ذلك , فتراه يتقلب في أنتماءاته , ويتمتع بحركه سريعه في نزع جلده ليرتدي جلد مغاير , فتراه كالحرباء تغير جلدها عند كل بيئه تحل بها , أي له سلوك نفاقي واضح . هذه الصفه تأخذ مدى واسع وتنتعش في البيئات التي تحكمها حكومات دكتاتوريه , والتي يتخذها البعض كسلوك دفاعي ولكن مع مرور الزمن تتحول الى حاله سلوكيه عامه وثابته , وهذه الصفه هي التي وضحها الدكتور علي الوردي وأنبرى الى توضيح أسبابها في المجتمع العراقي , والتي لا داعي لشرحها هنا ومن يريد الأطلاع عليها فالرجل شرحها بأسهاب في مؤلفاته .
الوصوليه سلوك خطر لأن صاحبه يتصف بعدم الأنتماء , سواء كان لمبدأ أو وطن , فهو سائب المباديء وليس له وطن ينتمي اليه , فهو لا ينتمي الا لنفسه , ونحن في هذه الأيام رأينا الكثير ممن عرض نفسه للبيع مقابل الفوز بالمال والسلطه , وهناك من قتل وأجرم في سبيل سرقة منصب حكومي , وهنا لا أحتاج أن أسوق أدله لأثبات هذه الظاهره , فأكثر ما يحدث من جرام وأنتهاكات لم يكن هاجسها الوطن ولا العرض بل التسلق فقط الى القمه والفوز بأمتيازات هذه القمه.
أن غياب الرجل المناسب في المكان المناسب هو بسبب ظاهرة الوصوليه المستفحله في مجتمعنا , لأن هؤلاء لا يتعاملون الا بلغة المصالح , فتراهم لا يقربون أحد الا من يتبادلون معه المصلحه , فهم لا يؤمنون بالجداره والكفاءه , ولا المهاره , ولا الأمانه , بل فقط بالفائده . مرض الوصوليه هو من دمر بلدنا , وهو من أضاع حقوق الناس , وهو سبب التلكيء بالمشاريع , وهو سبب تعطل مصالح الناس , وهو سبب الفساد الأداري , وهو السبب الرئيسي في تعطل النشاط الأقتصادي والعلمي بالبلد , لأن القائمين والماسكين بمفاصل البلد جاءوا بسبب ظاهرة الوصوليه المستفحله في وسطنا الأجتماعي والسياسي . أنظروا الى رؤساء الدوائر , هل تتوفر فيهم الكفاءه والمهنيه والأمانه المطلوبه لشغل ذلك المنصب ؟ أم كان سلم الوصوليه هو الفاعل في ذلك . فالوصوليه كالشوك لا تجني منها الا الألم . والدمار , لأن ممارسها لا يشغله الا نفسه , فكل شيء يهون عليه في سبيل تحقيق مآربه الخاصه (أنا ومن بعدي الطوفان)., في حين المخلصون تكون المناصب في نظرهم أمانه , وعبئ ثقيل ,في حين تكون في عين الوصولي مجرد أمتياز . هذا الأمر يقودنا الى موقف علي بن أبي طالب (ع) من الخلافه حين عُرضت عليه , وقال حينها دعوني أن أكون لكم وزير خير من أكون عليكم أمير . وهذا ليس بالغريب عليه خاصه وهو باب مدينة العلم رسول الله حين قال لمن طلب منه منصباً (أَنا لا نستعين على عملنا بمن يُريده). أنه هاجس الأمانه وثقلها الكبير وومسؤليتها الجسيمه على من يتحملها . من المهم التأكيد على أمر مهم وهو أن ما نعرضه ليس من باب جلد الذات , ولا من باب التندر , أو الكراهيه ولكن من باب التشخيص لحاله مرضيه عصفت بمجتمعنا العراقي وخاصه في سنوات ما بعد السقوط 2003م التي أطلقت وبسبب الأنفلات الأمني , وفقدان الضوابط القانونيه والعرفيه كل ما هو مكبوت في النفسيه العراقيه . نقولها بلا مجامله ومن دافع الحرص على المعالجه لا غير , حتى لا نكون كالنعامه التي تخفي رأسها لكي لا ترى الخطر , وهي لا تعلم أن الخطر قاب قوسين أو أدنى منها. أن الوضوح والشجاعه في تشخيص ذلك من أول الأوليات , فلنأخذ مدينتي السماوه , التي عبث بها العابثون ودمرها الوصوليون
حتى باتت كأجداث نخل خاويه والسبب هو دافع الوصوليه التي أبتغاها رؤساء الكتل السياسيه لنيل أكبر عدد من المقاعد في البرلمان بأعتباره الطريق المتاح للتسلق الى أعلى هرم السلطه , هذا العمل هو من جعلهم يتجهون الى العشائر , ويقربوا أبناءها بغض النظر عن مؤهلاتهم , وهل هي كافيه أم لا لشغل المناصب , وعند تبوء هؤلاء ,تفعلت الوصوليه الى أقصى درجاتها , وأتت بأبناء العشائر بقضهم وقضيضهم بفعل مبدأ (العمومه والخؤله ) حتى شغل دوائر الدوله جيش من الأميين والفاشلين , فترنح الجهاز الحكومي وفقد فعاليته وقل عطاءه الى أقصى درجه ,بل وبدأ التخريب الى أقصى درجاته وأوسع مدياته . فالتعين أصبح بالواسطه وليس بمعايير الكفاءه والشهاده والأقدميه , وحصيلة ذلك أصبحت المدينه قريه , بكل ما تعني الكلمه من معنى , فالذي يخطط لها ويحكمها هو المضيف لا دوائر الدوله .أن شيوع ثقافة الرجل المناسب في المكان المناسب , وأعتبار مبدأ الوصوليه مبداً رخيصاً وممقوتاً أجتماعياً ودينياً , مع العمل على وضع المعايير العلميه في أنتخاب الأشخاص لتبوء مقاعد العمل ,هو السبيل الوحيد للقضاء على هذا الداء المدمر والمميت لحياة الشعوب والبلدان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب