الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوقيت الأمريكي لغياب الزرقاوي !

كاظم محمد

2006 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


مهرجان ضخم وقرع طبول واغاني صادحة وموسيقى صاخبة تُعزف البوب والروك ، والجاز ، والهيوة ، والهجع ، حتى اللمبادة كانت حاضرة، بالونات مزركشة ، سُحب اصطناعية ملونة تغطي سمائنا ، رؤساء (اعظم الدول) يهنئون العالم وشعوبهم وشعب العراق ، حكومة العراق (الدائمة) تفتتح وتدشن عهدها بقضاء منصبيها المحتلين على عدو ها وعدو (العالم المتحضر) ، خليل زادة ونوري المالكي وموفق الربيعي وفيق السامرائي ورامسفليد وبلير مستبشرين ويدعون الى نسيان الماضي والاخطاء والنظر الى امام ، الى المستقبل الواعد بعد مقتل الزرقاوي ، فهنيئآ لك يا شعب العراق !
هكذا بدا المشهد الاعلامي والسياسي اليوم على اثر الاعلان عن (النجاح العظيم) لقوات الاحتلال في (اصطياد) ابومصعب الزرقاي!، ان هذا المشهد وبالكثير من تفاصيله ، والتحضيرات التي سبقته تذكرنا بيوم اعلان القاء القبض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين .
ان مشهد الحالة العراقية ومأزومية وضع الاحتلال وحالة الاختناق السياسي الداخلي الذي تعيشه الادارة الامريكية والفشل المتوالي لمحطات مشروعها السياسي في العراق ، وتعثر بدائلها وخياراتها ، دفعها ويدفعها للبحث عن نجاح ، واختلاق انجاز ، اي انجاز حتى لو كان قتل رجل واحد ، ليحملوه كاهل فشلهم السابق ! ولينسبوا له اسباب (اخطائهم الكثيرة) ، وليعلقوا على شماعته اتساع وتعمق العنف الطائفي واغراق شوارع العراق بدماء ابناءه .

ان العراقيين يفقهون طبيعة الفصل الجديد من مسرحية الدم الجارية ، لقد كان قبل ايام حصار الضلوعية واقتحامها وابادة العديد من المدنيين الابرياء ، واليوم لازالت الرطبة محاصرة ويجري الاعداد لاقتحامها ، والرمادي تحاصر بالاف من الجنود الامريكان وعناصر المليشيات المسلحة ، اما مناطق في بغداد وما حولها ، فبدأت تشهد بما يسمى خطة امن بغداد لفك الطوق ، انها جرائم جديدة ستقترف ، بحق ابناء شعبنا ، والتي جاء توقيتها مع تشكيل حكومة الاحتلال الدائمة التي حملت معها اسباب فشلها واخفاقها منذ يومها الاول ، فكانت وبلا فخرٍ حكومة دائمة لعراق مؤقت وموقوت ، مؤقتآ بحالته ومشاهده الدموية ، وموقوتٍ بمرجل الغضب الشعبي ، المتصاعد بمقاومته والمقارع بمناهضته للاحتلال واحزابه ومريده من العراقيين .

لقد حُشرت ادارة الاحتلال وحكومتها مؤخرا ، بالكشف الاعلامي الواسع لبعض جرائم الاحتلال في حديثة والاسحاقي ، وقبلها في الفلوجة وسامراء وتلعفر ، واصبح الضغط السياسي الداخلي على ادارة بوش اكثر عمقآ ، وامست المطالبة بكشف حساب الحرب والاحتلال واسعة في اوساط اساطين السياسة الامريكية ، حتى بين الذين ايدوا الاحتلال من سياسيين ومفكري المؤسسات الراسمالية الاستراتيجية ، وازدادت بنفس الوقت نوعية وكمية اعمال المقاومة العسكرية الموجهة لعساكر المحتل ومواقعه ، ومع اقتراب انتخابات الكونغرس ، يجد اقطاب الجمهوريين وطغمة الحرب الحاكمة ، انفسهم في مأزق سياسي يستدعي نجاحآ ما وانجازآ مدوي ، حان وقت اعلانه ، بتمكنهم صدفة او بسبب معلومات استخباراتية من شخص الزرقاوي ، الذي وصم وتنظيمه من قبل الاحتلال واحزابه بانه المسؤول الاول عن قتل العراقيين ، وبقتله سيتغير مسار الحرب ، ويشهد العراق استقرارا نسبيا .

الثابت والمتحول في حسابات المحتلين واعوانهم :

من الواضح ان الاحتلال قد اعاد النظر بحساباته وهذه الاعادة لا تعني تراجع عن ثوابته التي ترتكز على مشروعه المعلن والذي يعاني اساسا من مازق بنيوي يصعب تجاوزه ، دون مضاعفات قد تؤدي الى انهيار المشروع باكمله ، ولم يعد ذلك سرا بعد ان استنجد بوش بحكماء واشنطن وعرافيها لمساعدته في ايجاد حلول تكتيكية مناسبة للانسدادت التي تعرقل استكمال المراحل اللاحقة منه ، كانت لقاءاته التشاورية والاستشارية التي جمعته مع عتات السياسة الاستراتيجية الامريكية وخبراؤها المتمرسين من امثال كيسنجر وبيكر وشولتس و اولوبرايت وباول ، ليس سرا ان الجميع متفق على ان اي تراجع استراتيجي يعني نكبة للسياسة الامريكية ليس في العراق والشرق الاوسط لوحدهما وانما في العالم اجمع ، وعليه اجمع الجميع على مواصلة الطريق نحو الهدف الذي يتحدد بالهيمنة على مصادر الطاقة الفعالة في العالم بطرق متنوعة، منها اقامة الشرق الاوسط الكبير الذي يضمن موقعا مزدوجا لاسرائيل تكون فيه كوكيل محلي للمالك الاول امريكا ! ويمنع اي تجاوز طاقوي للقوى المنافسة في السوق والتي قد تهدد الزعامة الامريكية على العالم،
ان هؤلاء ساعدوه ناصحين على اللعب الحذر في المجالات التي تتقبل التحول ولكن باليات تختلف عن التي استخدمتها ادارة بوش في البداية ، اليات لا ثبات فيها، وتكتيكات تناور وتحاور وتشتري وتبيع ، ان كانت في افغانستان او العراق ، وقد استجابت ادارة بوش لهذه النصائح لما لها من مردود داخلي وخارجي ، ففي الداخل تعطي انطباعا ان الادارة جادة في انهاء حالة التردي في الموقف الامريكي بالعراق تحديدا وهذا يخفف من وطئة الضغوط عليها ، اما خارجيا فانها باعترافها بالاخطاء الجانبية والظهور بمظهر النادم والتائب ، اضافة الى المرونة في سياسة العصا والجزرة مع المناهضين والمقاومين في العراق، مع المزيد من خلط الاوراق وتبريز البعد الطائفي والمناطقي ، كسبب عراقي داخلي لا تتحمل مسؤوليته امريكا ، بل بات وجودها واعادة انتشار قواتها وسحبها من المدن بقواعد خاصة بها على الارض العراقية هو صمام امان للعراق وشعبه من تسلط " الارهابيين" على الوضع في حالة الانسحاب الامريكي الكلي !
سيشهد العراق تحولات في تكتيك السياسة الامريكية في العراق ، يؤجج الانقسام العراقي ، ويبقي على امريكا كحامية مطلوبة لامن البلاد ووحدتها !؟
وعليه فأن غياب الزرقاوي وتوقيته هو متغير تكتيكي في تفاصيل الحدث العراقي ، يمنح لقوى الاحتلال جرعة مطاولة في صراع الارادات الجاري في العراق .
لكن رغم ذلك فأن القوى المناهضة والمقاومة بمختلف مشاربها ، ما زالت تمتلك زمام المبادرة في الصراع ، كونها تمتلك كل اسباب وجودها وشرعية قضيتها ، وهي انصع واقوى من ان تؤخذ على حين غرة ، مهما حصل من تناقضات وهجمات وغيابات والاعيب وتوقيتات مأذونة وغير مأذونة ، فحساب البيدر لا يطابق بالضرورة حساب الغلة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطرابات في الإمارات لليوم الثالث بسبب سوء الأحوال الجوية


.. -الرد على الرد-.. ماذا تجهز إسرائيل لطهران؟| #الظهيرة




.. بوتين..هل يراقب أم يساهم في صياغة مسارات التصعيد بين إسرائيل


.. سرايا القدس: رشقات صاروخية استهدفت المدن المحتلة ومستوطنات غ




.. أصوات من غزة| ظروف مأساوية يعيشها النازحون في العراء بقطاع غ