الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأمور اتضحت ولا لبس فيها

مشعل يسار
كاتب وباحث ومترجم وشاعر

(M.yammine)

2020 / 4 / 12
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ما يجري ليس سوى تمرينة أخيرة على كيفية إخضاع الشعوب بترويعها مع بدء احتدام أزمة نظام رأس المال المالي العالمي المبني على المضاربات ولعبة البورصة وترهيب الدول لنشلها وعلى الضرائب الإضافية بخلاف الرأسمالية الكلاسيكية المبنية على حركة السوق وفائض القيمة واستغلال العمال من ضمن قانون الربح الرأسمالي. ولكن هذا لا يعني البتة التخلي عن قانون الربح كأساس لأي نظام استغلالي رأسمالي.
الدولة العميقة المتخفية في الولايات المتحدة (دولة غولدن ساكس) والمهيمنة عليها كمطية تستخدمها في حربها العالمية من أجل الهيمنة على العالم كله، أي إنشاء إمبراطورية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين العالمية هذه المرة وزعت سلاحها البيولوجي الفيروسي في الصين بداية ثم في إيران الوحيدة العاصية عليها في منطقة الشرق الأوسط المنكوبة المنهوبة وفي إيطاليا المتعاونة مع الصين مؤخرا رغم أنف الناتو المستخدم كأداة للهيمنة على القارة العجوز.
الصين هلعت من الفيروس لأنها عرفت أنها المستهدفة الأولى كوليد للرأسمالية بقيادة الحزب الشيوعي، أي كوليد سفاح غير شرعي كبر أكثر من اللازم وبدأ يستقل عن والديه ويلعب لعبته الخاصة في هذه الحياة المضطربة من جراء الصراعات الأبدية. ومن هنا كان ذاك الذعر الذي تملّكها وتجنيد كل الطاقات لرد السلاح الجرثومي غير المعروف والسريع الانتقال من شخص إلى شخص. ومع ذلك لم تفقد وعيها الرأسمالي فاشترت الشركات الغربية الخائفة من نتائج الوباء والموجودة في أراضيها بالهردبيلة أي بالسعر البخس. وكانت تلك بروفة لما سيحصل الآن على الصعيد العالمي من شراء قلة متمولة للسوق المنهارة.
لامعروفية ضرر هذا الفيروس ولدت هذا الذعر الذي انتقلت عدواه إلى البلدان الأخرى وألهبتها وسعّرتها خصوصا وسائل الإعلام العالمية المهيمنة عليها احتكارات الحكومة العالمية للدولة العميقة لتحول بجبروتها الإعلامي التزويري الفيروس بسرعة إلى وباء قاتل وكأنه الطاعون.
تلقفت كل الدول الرأسمالية باستثناء قلة ضئيلة منها هذه اللعبة وأخذت كل واحدة منها تلعبها كما تقتضي مصالحها، لا سيما مصلحتها في لجم التحركات الشعبية التي افترضت عن حق أنها ستحصل قريبا جدا مع تعمق أزمة الرأسمالية الحديثة لتذكرنا بأزمة الكساد الكبرى في ثلاثينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة وتأثيرها على غيرها من البلدان.
إن الرأسمالية المالية الحديثة المتعاونة مع البيرقراطية الخادمة والحامية لها ولنظامها أظهرت أنها رأسمالية نهب وتشليح وفساد بامتياز. لنأخذ لبنان مثلاً على صغره. فإثر انتهاء الحرب الأهلية جاء رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري كممثل للنيوليبرالية وكان سباقا إلى إفراغ خزينة الدولة اللبنانية بواسطة الألاعيب المالية المختلفة وعلى رأسها رفع نسبة الفوائد. وهو كان من شرّع التسيب المالي فدرب كل الطقم السياسي والبنكي على كيفية نهب ما يأتي إلى الخزينة من الضرائب والاستدانات من مؤتمرات باريس المرقمة ومن مساعدات للبنان مقابل امتصاصه اللاجئين من سوريا والعراق وغيرهما إثر الحروب التي شنتها الولايات المتحدة ولواحيقها الأوروبيون الهرمون. وحين حل موعد مؤتمر باريس-4 المعروف بمؤتمر "سيدر" كانت الرأسمالية الأميركية قد بدأت اعتماد استراتيجية جديدة مع بداية رئاسة ترامب هي شن هجوم على الحلفاء والخصوم على السواء لأجل المحافظة على الهيمنة على العالم ومنافسة التنين الصيني. فكان تشليح ومحاولة تشليح السعودية وكوريا الجنوبية واليابان وأوروبا، وفرض العقوبات التجارية على الصين وروسيا. وكان على صعيد لبنان قطع دابر مؤتمر سيدر وإغلاق صنبور المساعدة المالية الجديدة له. فانهار الاقتصاد اللبناني المبني على أعمدة النظام البنكي الذي طالما امتدحه الاقتصاديون بأنه لا يحرق ولا يغرق كبيت من كرتون. غرق بين ليلة وضحاها وسرق أصحاب البنوك والساسة الفاسدون الذين كانوا ينهبون من كل قرض باريسي حصة الأسد بالتكافل والتضامن مع هذه البنوك التي كانت تمول بقاء الدولة على قيد الحياة.
هذه الأزمة التي افتعلها التدخل الأميركي لأجل عدم إعطاء لبنان جرعة قروض جديدة ليبقى اقتصاده معوّماً وعلى قيد الحياة بعدما برطلت المافيا الحاكمة اللبنانيين طويلا بفتات الموائد، فتكونت طبقة وسطى عريضة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة حمت نظام النهب النيوليبرالي، هي التي جعلت فئات واسعة من هذه الطبقة الوسطى التي بدأت عربة أشغالها تتوقف تنهض إلى الحراك المتحكم به أميركيا. وقد شارك حتى الشيوعيون فيه ببراءة المبتدئ نظرا لتوقهم التاريخي إلى إسقاط هذا النظام واستغلال الحراك لمحاولة النهوض مجددا إلى الثورة بعد الشعور بعجز مزمن رافق الانهيار السوفياتي وبعد التحول إلى شعارات برجوازية بحتة غير ثورية تعبر عن أضغاث أحلام.
لكن راس المال المتمثل خاصة في البنوك وفي السياسيين الكبار الفاسدين برمتهم، لا خوفا من الحراك إياه بل تحسبا للأزمة العالمية الآتية، أخذ يهرب بإيداعات المواطنين حين توقفت الواردات الخارجية إلى أماكن أكثر أماناً فامتنع عن تسليمهم مدخراتهم أو شحّدهم جزءا ضئيلا منها بالقطّارة تداركاً لغضبهم.
وجاء فيروس كورونا الذي افتعلته الدولة العميقة على الأرجح، وإن لم تفتعله هي فقد افتعلت تلك العربدة العالمية التي رافقته ولا تزال إلى الآن. فالوباء هذا إعلامي صرف، والهدف منه اتخاذ إجراءات من جانب كل الحكومات تعتمد على خوف المواطنين وتجعلهم يقبلون أي انكفاء وانعزال طوعاً وأي إجراءات زجرية من جانب الحكومات بزعم منع انتشار الوباء أي تجعلهم يتقبلون الإفلاسات الأتية والنهب الواقع لكل مدخراتهم وانضمامهم إلى جيش البروليتاريا العاطل نصفها عن العمل والباحث كالكلب الجائع عن لقمة العيش في ظل شتاء رأسمالي قارس.
فالكورونا ليس سوى ذاك البوق الذي تنفخ فيه الرأسمالية المعاصرة منذرة الفئات الوسطى خاصة والناس عموما بأن عليهم أن يخضعوا للأمر الواقع الجديد ألا وهو نسيان ماضيهم المشرق ولو قليلا والاستعداد لدخول نفق العوز والفاقة فيما لا 1% يملك ثروات العالم، بل واحد بالألف يملك هذه الثروات. وعلى من لا يقبل بهذا أن يلتحق برحلة المريخ ذهابا بلا إياب، تلك التي أطلق الدعاية لها منذ فترة أيلون ماسك.
هذه العربدة العالمية لن ينقذ الشعوب منها إلا ثورات اشتراكية جديدة أكثر التصاقا بفكرة ماركس حول دكتاتورية الببروليتاريا التي تخلت عنها الأحزاب المسماة نفسها شيوعية منذ ستة عقود تقريبا من السنين تعيد الاعتبار لتأميم الثروات وإنشاء نظام اشتراكي يهتم لا بالربح وتجميع الثروة في أيدي قلة ضئيلة من المجتمع، بل بانتهاج سياسة لصالح المجتمع ككل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا