الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
رؤية جديدة في الأدب السياسي المقارن- جزء 1
عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي
(Abdulaziz Meslat)
2020 / 4 / 12
مواضيع وابحاث سياسية
"دراسة مقارنة في الفكر السياسي"
مما ينبغي لنا معرفته لتلافي اللبس في التعريف الاصطلاحي لمفهوم "الأدب السياسي المقارن" أنْ نشير بدءاً إلى مدلوله التاريخي....
فالأدب السياسي المقارن هو "أدب البحث السياسي الجديد" الذي يدرس مواطن التفاعل والتلاقي بين السياسة والآداب الأخرى في مضامينها المختلفة. في ماضيها وحاضرها, في حركتها وسكونها, في نظمها وممارساتها.
وما كان من ذاك اللقاء من تبادل حالات التأثير والتأثر في المحاور الرئيسة الكبرى أو العامة كالأجناس, والمذاهب الأدبية المختلفة الاتجاهات وتياراتها الفلسفية أم في شأن موضوعات- مواقف-شخوص معالجات الأدب المختلفة وكذلك فيما يخص أمور الصياغات الجمالية وجملة القواسم المشتركة أو المتشابهة متبادلة التأثير بين ألوان آداب الشعوب...
إنَّ الحدّ الفاصل بين الآداب يتمثل أساسا في اللغة بالمعنى الواسع للمصطلح وهي بالتحديد ما يجري قراءته ومعالجته في تناول حالة المقارنة في الأمر وفقاً لمنطق تعاقب الحدث والضرورات والواقائع المتناولة.. وهكذا فمن المفيد توكيد البعد التاريخي للأدب السياسي المقارن كشأن باقي الآداب الانسانية, لأنه يسلـّط الضوء على مصادر التيارات الفكرية والسياسية واتجاه الصراع السياسي في التاريخ وعلى مراحل تفاعله مع الآخر من الآداب المختلفة..
إذ أن ليس كلّ أدب سياسي هو أدب قومي بالضرورة, حيث أن اختلاف الادب السياسي المقارن هو ظاهرة تاريخية تراكمية لابد لها أن تلتقي مع الآداب العالمية الاخرى, تحمل تاريخاً من وقائع تبادل العلاقة إفادة واستفادة. على أنَّ منهج الأدب المقارن بكلّياته ليس ملزما بالخضوع رياضيا لمناهج الأدب والنقد ولكن تبقى هناك حالات التكامل بين تلك المناهج بالتأكيد.
وينبغي القول هنا لمزيد من إيضاح مفهوم الأدب السياسي المقارن أن نشير إلى أن أهميته لا تقف عند حدود دراسة التيارات والأنواع الأدبية والفكرية ومفرداتها من القضايا الإنسانية؛ إنَّما يمتد للكشف عن مواقع تأثر أدب بآخر بما هو أبعد وأعمق من قراءات عامة تعيد للذهن مسائل نمطية تتعلق بالشكل العام, والجدليات, وقضايا المصير, والاهداف, والمسائل التي قد تنشأ عن كل ما يمكن للفكر السياسي ان يثيره في عملية التأصيل المنهجي للادب السياسي والفكري المقارن...
حيث أن الموازنة الكيفية بين طرفين في أدبين مختلفين ليس لهما من علاقة تبادل تاثيرات المنطق الموضوعي, وهو أمر لا تقتضيه ابحاث الكثير من الباحثين المختصين في صلب الأدب المقارن العام الذي يرونه فقط في تركيزه على حالة التأثر والتأثير بين طرفين أدبيين. كما يقول د. مارتين مكفيري في موسوعته "أدب الفقه السياسي الجمعي" : " لايعدّ من الأدب المقارن في شيء ما يُعتقد أنه من مورثات الفكر الابستمولوجي للسياسة" [موسوعة "أدب الفقه السياسي الجمعي"، ص 104]...
فالمقارنة بين جان بول سارتر وملتون على الرغم من تشابه آرائهما ومكانتهما الاجتماعية ليست على وفق د. مارتين مكفير بأنها ذات قيمة تاريخية متبادلة.
ولا يجوز وفقاً لعناصر البحث والاستدلال التقيد بظاهرة التصنيف في مجال الأدب العام المقارن على ضوء الموروث الفكري للادب السياسي المقارن. حيث أن هنالك عناصر تختص بالأدب العام المقارن وطريقة نقده, ولا تتشابه في رصدها وتفاعلها مع الادب السياسي المقارن حيث لا تمتلك ارتباطا وثيقاً أو علاقة تفاعل بينهما...
والأدب السياسي المقارن وفق منظومة الرؤى التاريخية وارهاصاتها لا يدخل في إطاره النظري تلك الدراسات التي تبحث عن التشابه أو التقارب الناجم عن مصادفة تاريخية وموضوعية معينة أو وضع ما بعينه.
وهذا اللون من الأدب المقارن الجديد يحافظ بتشدد على موقفه من إبعاد كل تلك القراءات وعدم تبني أي دراسة إلا ما كان منها يملك خلفية تاريخية في التوالد بعضها من بعض والانتقال من أدب ما بلغة ما لآخر بلغة أخرى ومعالم تبادل التأثر والتأثير بادية في هذه الحالة من الانتقال.
ولكن تصدف ان هناك بعض الحقائق تبرهنها الدراسات اللاحقة منها ما يشير لتغير جدي في التناول وهو ما يفيد في معالجات أبعد من حدود الأدب المقارن بصفته التاريخية البحتة. ومنها ما يؤكد أهمية الربط البيني في المحتوي المقارن بين ما هو تاريخي وبين ما تجديدي في الأدب المعاصر وهي الصفة الاكثر محدودية في تلمسنا لواقع التجربة الادبية المقارنة للفكر السياسي ككل.
فالادب المقارن بعمومياته تؤديالى تُقدَّم في الأدب القومي الواحد سواء بوجود صلات تاريخية أم بعدم وجودها كالموازنة بين فكر كارل ماركس وبين كورني وفولتير في الأدب الفرنسي فتلك الموازنات بقيمتها التاريخية تظل في نطاق مادة تاريخ الأدب القومي فيما الأدب المقارن ميدانه دولي يربط بين الآداب العالمية المختلفة.
وهناك التأثر العكسي في فهم رؤى الآخر كأن يقف أديب ما بالضد من الرؤية السياسية والفكرية لأديب أو حركة أدبية مختلفة لدى لغة أو قومية أخرى, في هذا الموضع لا يمكننا ان نطلق على هذه الحالة (ادب سياسي مقارن) بمعنى الكلمة, بل لا بد من عملية بناء جذري على انقاض المتحولات الفكرية والسياسية والاخلاقية والاجتماعية الداخلة في عملية بناء مثل هذا الاتجاه من الادب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عشرات العسكريين السوريين في غارات إسرائيلية على حلب
.. بوليتيكو: البنتاغون في -محادثات مبكرة- لتمويل قوة حفظ سلام ف
.. رغم استمرار خطر الهجمات.. النازحون الفلسطينيون يريدون العودة
.. رئيس الأركان الأميركي: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبت
.. بحضور أوباما وكلينتون.. بايدن يجمع 25 مليون دولار لحملته الا