الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيغور أم إيغود!!!

كوسلا ابشن

2020 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


الانظمة الاستعمارية عبر التاريخ إعتمدت في حملاتها الاحتلالية على آداتين فتاكتين لاخضاع الشعوب للاحتلال, أولها القوة العسكرية وثانيها القوة الايديولوجية, الاولى للإبادة البيولوجية والثانية للإبادة الهوياتية, وهذه الآخيرة, الشكل اللااخلاقي واللاانساني, من يدمر طبيعة البشر ويحولهم الى أعداء الذات البشرية الطبيعية, الى الذات المنسوخة في خدمة الناسخ.
يقول كارل ماركس" التاريخ يكرر نفسه مرتين,الاولى كمأساة والثانية كمهزلة". احتل الغزاة الاعراب بلاد ايمازيغن, فإرتكبوا مجازر دموية و مأساوية ( قتل, نهب, سبي ...) كانت أكثر وحشية ودموية واللاانسانية في تاريخ شمال افريقيا الممتد الى 300 الف سنة من وجود أسلاف ايمازيغن فوق هذه الارض. الاعمال الوحشية ومأساة ايمازيغن ما زالت تمجد من ورثة العقيدة الهمجية, تحت مزاعم نشر الاسلام وتستر عن الحملة البربرية التي حرقت اليابس والاخضر, لم تفرق بين رضيع وكهل ولا بين انسان و حيوان وزعتهم بين قتيل وسبي, حملة القضاء على القيم المادية والفكرية للامازيغ. الاهمية البالغة للسيف في الابادة البيولوجية لم يصل الى درجة الخطورة الذي لعبه العامل الايديولوجي في تدمير الهوية الثقافية والحضارية, من تزوير واختلاقات ومزاعيم في شكلها المهزلي , في ارجاع الاصول البشرية الى منطقة الغرب الاقضى للقارة الاسيوية اعتمادا على النظرية اليهودية ( الاساطير اليهودية) في الانساب البشرية, وعليها اعتمدت المسيحية في "علم" الانساب و من بعدها تبناها كتاب القرآن والشريعة المحمدية, وفي اعتقادي كانوا من خلفيات يهودية و مسيحية (فارسية وآرامية).
مع فترة الاثبات الوجودي امام تاريخية حضارات شعوب المنطقة, إلتجأ رواة الحكايات الاسطورية امثال المسعودي والطبري والكلبي وغيرهم لخلق الوجود الاسطوري لسكان الحجاز والنجد, (المعروفين في الادبيات الارامية واليهودية ب "أورابي أو ها أرابه" بمعنى البدو وليس الهوية القومية للقبائل الحجازية-النجدية), خلق النسب الزائف الذي لم يشمل فقط شعوب الغرب الآسيوي وانما جعله الحكواتيون يشمل كذلك حتى بلاد ايمازيغن البعيدة جغرافيا و قوميا, بالتالي أصبح الكل أعراب (من ابناء كنعان الاسطوري حفيد نوح (((العربي))) ومن سلالته الاسطورية تفرعت جميع شعوب العربية في الامتداد العالمي).
المهزلة المماثلة في وقتنا المعاصر بعد انهيار المنظومة الاسطورية للنسب الشرقي لايمازيغن بفضل علم الجينات الذي فند اسطورة النسب العربي للامازيغ, ظهرت هلوسات جديدة, ترجعنا الى مهزلة التخريصات الاولى, الامازيغ ليسوا سكان المغرب الاصليون, رغم ان المدرسة العروبية أشارت في بدايتها السلطوية الى جملة وحيدة و هي " سكان المغرب الاولون هم برابرة ابناء مازيغ" الجملة الوحيدة المذكورة, كانت في المرحلة الابتدائية. هذه الجملة قد تخلى عنها ابناء العروبة بالتبني, لينسجوا أساطير جديدة منها, ان سكان شمال افريقيا الاصليون هم من العرق الاسود, اما الامازيغ فهم من المهاجرين العرب.
أولا) علم الجينات دحض وفند اساطيرة العروبيون, بإختصار فالامازيغ حاملين للوصفة الوراثية: E1b1b1b
اما الوصفة الوراثية للعرب هي: J1
الاختلاف واضح لا غبار عنه.( لا الامازيغ من اصول عربية, ولا العرب من أصولا أمازيغية), وما تروجه الايديولوجية العروبية من اساطير ميتافيزيقية حول أصول ايمازيغن " الاعرابية", المراد منه البحث عن الشرعية الاخلاقية والطبيعية للاستعمار الاعرابي لبلاد ايمازيغن( بمعنى نحن كلنا من أصول واحدة, الاول سبق الثاني للهجرة الى شمال افريقيا), هذه التخريفات والاوهام كذبها العلم سواء العلم الجيني او الاركيولوجي والانتروبولوجي والاثنوغرافية واللغوي.
ثانيا) الجهلاء من مروجي الاساطير , إختلقوا بدعة جديدة تقول ان القارة الافريقية بلاد العرق الاسود ولهذا فالعرق الابيض (الامازيغ) هو دخيل على هذه القارة, الواهيين في الاساطير يؤمنون بعقاب الرب لحام وذريته عندما فضح عورة نوح, ونتيجة للعقاب ولد العرق الاسود الافريقي المهاجر من الشرق الاقصى الى افريقيا. هذه الاساطير الميتافيزيقية فقدت مصداقيتها في عصر العلوم التي تأكد ان المناخ من يلعب الدور الرئيسي بجانب الظروف المعيشية في تحديد الالوان البشرية وليس الخرافات العقائدية الميتافيزيقية.
موقع شمال افريقيا يتوسط بين الموقع الحر الجنوبي والموقع البارد الشمالي, موقع شمال افريقيا معتدل في مناخه وغني في موارده الطبيعية ( الظروف المعيشية) وهذا ما أثر في لون البشرة الميال كثيرا الى البياض, لون بشرة ايمازيغن, وكذا في مميزات أخرى وقد أشار ابن خلدون في المقدمة الى تأثير المناخ في ألوان البشر والتأثير في أحوالهم.
الصحراء الامازيغية تندرج كذلك في هذا الاطار, كانت قبل التغير المناخي الاخير غنية بمواردها المائية و بسهولها الخضراء و مواردها الحيوانية بمناخها المعتدل, وبهذا فبلاد ايمازيغن قبل التغير المناخي وما بعده لم تكن موطن للعرق الاسود الذي ظهر في مواقع المناخ الحر والجاف, إذا هذا العرق هو وافد على المنطقة في عصور متأخرة لاسباب مختلفة, إندمج في المجتمع الامازيغي وأصبح جزء منه والاعراب كذلك عنصر" وافد " على بلاد ايمازيغن, وهو غير مرغوب فيه لاسباب معروفة.
"...سكان المغرب الأصليين الذين هم الإيغور" هذه الهلوسة كتبها أحدهم, المراد منها إيجاد قوم آخر سبق الامازيغ الى شمال افريقيا (عقدة جديدة عند أبناء العروبة بالتبني إسمها عقدة ايمازيغن), في اعتقادي ان هذه الهلوسة البليدة لا يؤمن بها الا كاتبها.
للجهلاء عليهم معرفة ان الإيغور هم اثنية تركية مستقرة حاليا في منطقة شمال غرب الصين, تتمتع بالحكم الذاتي, مناطقهم الاصلية هي أسيا الصغرى مثل جميع القبائل التركية الأخرى, ولم يعرف عن الايغور انهم استوطنوا خارج آسيا.
أسلاف ايمازيغن يرجع تاريخهم الى 300 ألف سنة حسب ما أكتشف في موقع أثري بمنطقة إيغود بجبال الاطلس, وحمل بقايا الانسان المكتشف إسم المنطقة إيغود, ويظل أنسان إيغود ( هومو سابيان ) أقدم إنسان عاقل في تاريخ البشرية, الأكيد انه عاش في مجموعة أستقرت في المنطقة, كما قد كانت هناك مجموعات ( هومو سابيان) في اماكن أخري قريبة من ايغود او بعيدة عنه عاصرت مجموعة أيغورد, وهذه المجموعات مارست الصيد وقطف الثمار, وتفرقت في مجموعات استوطنت اراضي شمال افريقيا, وهذا ما أدلت عليه الحفريات الاثرية في موقع " أفري ن عمر" قرب مدينة أيت ناظور من اكتشاف بقايا عظمية ترجع الى 175 ألف سنة, هذا يأكد إستمرارية الحياة البشرية ( اسلاف ايمازيغن) في ارض شمال افريقيا, و بأعتباراسلاف ايمازيغن هم الاقدم في تاريخ البشريةو فقد يكونوا قد هاجروا نحو غرب أسيا (قبل 100 الف سنة و60 الف سنة ) ومنها إنتشروا في العالم.
العامل المناخي المعتدل وكثرة الموارد المائية والحيوانية ووفرة الاماكن الطبيعية المناسبة للعيش والتكاثر ( الغابات والكهوف) ساهم في تطوير اساليب حياة المجموعات وثقافتها المادية والفكرية, هذا التطور من انتج الحضارة المعروفة بالحضارة العطارية ما بين 40 الف سنة ق.م. الى 12ألف سنة ق.م. التي أكتشفت بدزاير وفي محيطها الواسع الممتد من ليبيا حتى المحيط الاطلسي, طور فيها الانسان العطار ادوات العمل والقنص, واستمرارية الوجود للانسان الإيغودي سيبدع احفاده أروع الوحات والجداريات التي زينت ارض ايمازيغن لقبل 12 ألف سنة ق.م. حتى اليوم, فالنقوشات الصخرية بأهغار و تيسيلي و جبال الاطلس الى صحراء ليبيا (فزان). يقول إميل هوفمان(Lexikon der steinzeit )
"التحف الحجرية من مختلف المستويات الثقافية من العصر الحجري والفن الصخري يكشف ان المنطقة كانت دائما آهلة بالسكان".
بعد الحضارة العطارية ستظهر الحضارة القفصية قبل 9 ألف سنة ( تانيست). وسيتم تطوير معارف الانتاج الزراعي و تدجين الحيوانات الأليفة من طرف الامازيغ قبل 6 ألف سنة وتطوير الثقافة المادية للعصر الحجري مثل السيراميك وصقل المواد الحجرية مثل الطاحونات الحجرية .
من الوجود الإيغودي الى الحضار العطارية والقفصية الى الحضارة الليبية والنوميدية والمورية الى احفادهم الحاليين الامازيغ (تحت الاستعمار الاستطاني العروبي), فالحياة البشرية ما زالت مستمرة فوق بلاد ايمازيغن منذ ظهور مجموعة إيغود قبل 300 الف سنة (أسلاف ايمازيغن) الى عصرنا الحالي, لم ينقطع النسل الامازيغي من الوجود والعطاء.
إيغود الجد الاول للأمة الامازيغية, والفرضيات الاسطورية حول الاصول تبقى وهمية وللاعلمية ولذا فالقوم الامازيغي كان منذ إيغود وسيظل أمازيغي الى الأبد وسكان شمال افريقيا الاصليون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تقديري للشعب الامازيغي
جمشيد ابراهيم ( 2020 / 4 / 13 - 19:30 )
بالضبط سيظل الامازيغي امازيغيا طالما هناك شعب امازيغي شجاع يعتز بهويته و وطنه - نحن بحاجة ماسة الى رفع الوعي الامازيغي عند الشابات و الشباب الامازيغ و الاهتمام باللغة الامازيغية و تعريف العالم بالهوية الامازيغية الحية
لكم مني كل الاحترام و التقدير و تمنياتي لكم بالتوفيق


2 - تحية للأخ جمشيد ابراهيم
كوسلا ابشن ( 2020 / 4 / 14 - 00:19 )
شكرا على المرور
الدفاع عن الهوية و الوطن قضية مقدسة , وعلى المناضلين الاحرار الواجب المقدس ليس التعريف بهويتهم القومية والاهتمام باللغة فقط بل الدفاع عنهما وتحريرهما من اغلال العبودية, وتحرير الارض من السيطرة الكولونيالية
مرة اخرى شكرا على الاهتمام بالنضال الامازيغي الحر

اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح