الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثمة ما يقال في تصحيح سرديات الهوية العراقية.

كامل الدلفي

2020 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الجهود الفردية التي يبذلها باحثون، أو مثقفون عراقيون يمتازون بالعبور النوعي، والتجذر النظري تلعب دورا محدودا في تصحيح المسارات المقلوبة في الثقافة العامة السائدة، أو في مستقرات اللاوعي الجمعي عن تلك السرديات الاصطناعية القسرية التي رُكبت تاريخياً بدلاً عن المسار الطبيعي لفهم الذات العراقية العامة، والتي اختفى بموجبها الساكن الأصلي لبلاد النهرين تحت ذلك الزعم، وتحولت هوية السكان من أصليين إلى مهاجرين يدافعون عن أصولهم الافتراضية، مرة كعرب اقحاح من يثرب، أو من اليمن، أو الشام، وأخرى يستنكرون اصولاً افتراضية قُصد منها الإساءة لهم، سواء من الهند، أو أفريقيا ، كزط، أو إنج، أو كركة، أو غجر، أو سواها، بحسب فرضيات تمويهية كتبها مؤرخو الفتح، وطمست حقائقاً دامغة في صيرورة التحولات العرقية، واللغوية، والدينية، والثقافية للكينونة الرافدينية من السومرية، والاكادية، والبابلية، والاشورية، والإرامية، وحتي مصبها الأخير في المحتوى، والشكل العربيين القائمين حاليا، كنسبة تمثل مايقارب 87%من السكان يستكمل بالتنوع المشكل لل 13% الأخرى.
ان الدفاع عن أصالة هوية السكان، ومحدودية الملتحقين إليهم بتعاقب الهجرات، أمر على غاية من الأهمية لكنه على غاية من الصعوبة والتعقيد، ولا يستقيم بالجهود الفردية المتناثرة إنما بفعل مؤسسات العقل العراقي بمجمله، واطلاق لحظات صحوة وجودية للدولة العراقية في تحقيق هدف يكاد يبز في أهميته اي هدف غيره.. وقد كتب الصديق عبد الجبار خضير لوعة جديدة في هذا السياق سعرتها في احشائه كتابة نشرت اخيرا في مقال لمثقف عراقي إسلامي ليبرالي موهوم بسرديات الفتح، فقد تخيل هذا الواهم الضليل بأن الشعب العراقي بقضه وقضيضه جاء مهاجرا إلى هذا السهل الطيني..لله دره، ما أوهمه؟
لكنه محق في وهمه!
بينما يمارس الان دور المثقف التنويري
المدافع عن الحريات و حق الاختلاف وسرديات الخطاب الأوروبي المترجمة بكاملها ،
كمفكر إسلامي مختلف، ربط
إسلامه بالديمقراطية. واللي أن كلا المظومتين الفكريتين الإسلامية والأوروبية لاتمنحانه فرصة العودة إلى تاريخ ما قبل الغزو المترتب على أيديهما وتلمس حقائقه..
حين اقترح مجلس الحكم في العام 2003 تصميم نموذج لعلم عراقي جديد.. تقدم فيلسوف العمارة الراحل رفعت الجادرجي الذي غادر الحياة قبل يومين، تاركا للإنسانية والعراق تراثا نظريا وتطبيقيا تنحني امامه القامات المهمة. تقدم الجادرجي بتصميم لعلم عراقي مفارق لجميع النسخ السائدة منذ تأسيس الدولة العراقية حتى العام 2003..
لقد استوحي التصميم والألوان وعناصر العمل من البيئة العراقية الخالصة.. لكن الفكرة أثارت جدلا عارما وصاخبا وصلت إلى حرق العلم النموذج في الساحات، فقد اتهم التصميم بأنه تهميش مقصود لهوية العراق، و تناغم جلي مع العلم الإسرائيلي.. ما هو السر الكامن في هذا التصميم الفني الذي استفز الرأي العام العراقي والعربي والإسلامي..
انها عبقرية العودة إلى الجذور العراقية.. التي تحرر العراق من قبضة الفكر السياسي القومي والديني، ورفع عنه وصايا النجوم الخضراء والمستطيلات الثلاث وكسر سردية (سلى الرماح العوالي عن ماعلينا. :
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُنا، خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا)..
فلن تفلح الجهود الانفرادية وان كانت بمستوى عبقري كابداع رفعت الجادرجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر