الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
العنف ضد المرأة في مجتمعات الفضيلة
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
2020 / 4 / 14
ملف يوم المرأة العالمي 2021: التصاعد المرعب في جرائم العنف الأسري في ظل تداعيات وباء كورونا وسبل مواجهتها
العنف الأجتماعي وهنا أركز على كلمة (أجتماعي) تحديدا لأفرق بينه وبين التنمر الذكوري ضد النساء والأطفال ما هو إلا ثقافة أجتماعية راسخه عززها الإيمان الديني بأن المرأة عورة، قد تتعرض الكثير من النساء لعنف ما من اخل الأسرة أو خارجها كالتحرش الجنسي مثلا أو التمييز في المعاملة، وحتى النظر إلى أن وجود المرأة في المجتمع ليس أكثر من حاجة بيولوجية متعلقة بالجنس أو الأستعباد المنزلي، كل هذه الأشكال من العنف الأجتماعي مردها ثقافة متغلغلة بالوجدان القيمي عند الرجل بدرجة عالية وبتركيز على مبدأ التميز والقوة، هذا لا يعني أن نسبة عالية جدا من النساء لا يمارسنه هذه الثقافة بل وحتى يدافعن عنها، لأنهن يعتقدن أن إنكار وجود فروق في التشكيل والتكيف الجسدي البيولوجي إنما مرده وسببه علة لا بد أن تحترم، لذا فكل أشكال العنف المبني على الثقافة والأعراف والقيم لا يعد تنمرا أو عنف مرتبط بقاعدة الفعل وردة الفعل ومحصور دائما في حالات فردية.
إذا العنف الأجتماعي أكثر شمولية ورسوخا من التنمر الفردي، بل أحيانا يكون التنمر عكسيا يمارس من الأنثى ضد الذكر وأحيانا من الأم ضد أطفالها وهذا مرتبط بعوامل نفسية وبيئية لا يمكن جمعها تحت مسمى ظاهرة أجتماعية كما في العنف الأجتماعي ضد المرأة، مناسبة هذا الكلام مرتبط بإزدياد حالات العنف الأجتماعي في عموم المجتمعات الإنسانية تحت ظل هيمنة هستيريا الكورونا، وما فرضته من فرص عديدة من حدوث إحتكاكات شبه يومية ومستمرة بين الرجال والنساء سواء أكانوا أزواجا أو اباء أو حتى على مستوى علاقة الأخوة، فالتقارب الأجتماعي الإجباري التي رافق حدوث الجانحة وإرغام الناس بالقوة على التجمع في أماكن محدودة ولمدة قد تبدو طويلة، مع الضغوط الأقتصادية على الجميع وخاصة طبقة أو شريحة اللا ثابتي الدخل، أثرت في مستويات التنافس النفسي والوقوع تحت وهم الظلم الأجتماعي والتفقير المتعمد.
هنا لا نتوقع في مثل هذه الحالات إلا مزيدا من توتر العلاقات الأسرية وحتى العلاقات الطبيعية بين الرجل والمرأة عموما وتحت أي عنوان، نعود فيها إل أفتتاحية البحث حيث ذكرنا أن أساس هذه الثقافة الذكورية هو مبدأ المرأة عورة، العورة هنا لها مدلول أخلاقي كما لها مدلول نفسي وأخر مرتبط لا إراديا بالوعي العميق عند الرجل أن العورة في زمن العوز والفقر تشكل تهديدا لأمن الرجل الأجتماعي، فيزداد تحسسه وينفعل تبع لذلك مع أي فعل قد يفسر بأنه مخالف للقاعدة العرفية الأجتماعية المحاصرة لوعيه، فيكون متأهبا مستفزا على الدوام لمواجهة أو محاولة عدم التعرض لمثل هذا الموقف، قد يكون إنشغال الناس بالعمل وتفرقهم إلا ما ندر هو واحد من أسباب عدم تحسس الرجل في المجتمع البشري عموما من الكثير من الحالات التي قد تتعرض لها المرأة بمفهوم العورة النفسي، لذا يمكن تجاوزها أو حتى عدم التأثر بها، لكن مع هذا التقارب الأجتماعي الجبري وعدم وجود مشاغل حقيقية لأفراد المجتمع تعوض الاختلال في البرنامج الطبيعي لحياة أفراده يزيد من حالات الأفراط التحسسي ضد النساء وخاصة في الأسر الغير ناجحة أو التي تتعرض بين الفينة والفينة إلى أهتزازات أو ردات فعل على سلوكيات محددة.
هذا العامل النفسي الضاغط بفعل عوامل أقتصادية وثقافة راسخة دون وجود أستراتيجيات لحماية المرأة وصيانة وجودها، وتقصير مجتمعي وقيمي ديني أو أخلاقي للتخفيف من تفاعلات ثقافة النقص والعورة، كلها تفاعلت بأتجاه زيادة مفاعيل ردة الفعل وبروز قوي لظاهرة العنف الأجتماعي ضد المرأة، وساعد في ذلك التواصل الإعلامي على المستوى فضاءات مواقع التواصل، التي وجدت فرصة مهمة للأشتغال بها ومن خلالها بين مؤيد للعنف ومعارض، وحتى هذا التباين ليس حقيقيا فكثيرا من معارضيه ولأسباب نفسية أو فكرية أو حتى دعائية سياسية أو أجتماعية يمارسون المعارضة والنقد من خلال الكتابة والنشر وهم في واقعهم يمارسون شكلا من أشكال هذه الظاهرة ولدينا أمثال واقعية تؤكد هذا الأستنتاج والرؤيا.
على المستوى التنظيمي في أطار الدولة ومؤسساتها وقانونا وحتى على مستوى الدستور هناك أهتمام بمسألة أحترام المرأة من جانبين، أولا كونها إنسان مجرد محترم الحقوق والحريات وأن لا يمارس ضده أو ما يمس كرامته ووجوده وصحته، ومرة كعنصر موصوف ومحدد يذكر فيها أن حماية وصيانة المرأة والأسرة مقدمة ذا أولوية عليا لصيانة المجتمع وحفظ أمنه وأستقراره، لكن هذه الأمور قد تجد لها وقعا ووجودا في دفتي النصوص فقط وأما العناوين السياسية مثل وجود وزارة كاملة بكوادرها وطاقاتها وأختصاصها شؤون المرأة، وهناك أيضا مستشارات لرئيس الحكومة لشؤون المرأة وحتى مؤسسات أمنية متخصصة مثل الشرطة المجتمعية، كل هذا الحضور لم ينجح في التقليل من أثر ثقافة العنف ضد النساء، ولم تنجح الدولة كسلطة وكمنظم للعلاقات في تغيير الرؤيا هذه لأنها ومع كل ما ذكرنا ما زال المتحكم في العقل السياسي والقانوني والقضائي هو الفاعل الأجتماعي العشائري والديني المؤمن بأن المرأة عورة حتى لو كانت سيدة القوم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. ألمانيا تسمح بالحشيش -للترفيه- ودول عربية -طمعانة- في أرباحه
.. بسبب حرب غزة..متظاهرون يقاطعون كلمة بايدن | الأخبار
.. قصف وحصار إسرائيلي على غزة.. الجوع يقتل الغزيين أيضا
.. لماذا قرر نتنياهو إعادة إرسال الوفد الإسرائيلي إلى واشنطن؟
.. هيئة البث الإسرائيلية: أهالي الجنود المحتجزين في غزة يجتمعون