الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية جديدة في الأدب السياسي المقارن- جزء 2

عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي

(Abdulaziz Meslat)

2020 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


نشأة الأدب السياسي المقارن

لقد نضج الادب المقارن بشكل عام على ضوء نظريات اجتهادية, ونقدية وأسس ومرتكزات مهمة لدراسات الفكر والتاريخ والحركات الاجتماعية عامة عبر التاريخ, وتكاملت الآداب بشكلها المقارن استناداً الى ما حددته الهوية الفكرية العامة للادب بشكله الانساني.
والادب السياسي هو ذلك النوع من الادب الذي شكّل احدث انواع الأدب المقارن بمنهجه الفكري الصحيح الذي اسس من خلالها مدرسة تحاكي تاريخ الصراعت المختلفة عقائدياً وفكرياً وسياسياً منطلقة من التاريخ نفسه في تحديد مادة هذا الادب الجديد.
لقد كان لظهور الادب السياسي المقارن بوصفه علماَ جذور وظواهر تمثلت أولا بتحقق حالات التبادل الفكري – المعرفي بين الآداب العالمية.
وأقدم ظواهر تبادل التأثير هذا تمثلت في دراسة أثر الأدب الأغريقي بالاداب الاخرى كالروماني مثلاً [ونذكّر هنا بأنَّ الانكسار العسكري أمام وجود حضاري يمنحه الطاقة للتأثير الثقافي كما حصل قبل ذلك في حضارة أكد وسومر التاريخية التي اسهمت بإبداعها الثقافي عالمياً على الرغم من التقهقر العسكري. وتشير الوقائع التاريخية أن البابليين أبقوا على استخدام اللغة السومرية في الحياة العامة بكل تفاصيلها لـ 500 عام وتابعوا لـ 500 عام آخر مستخدمين إياها على المستوى الرسمي] .
ونجد أنَّ روما مدينة لأثينا في فلسفتها وإبداعها. ومن هنا ظهرت نظرية المحاكاة عند النقاد اللاتينيين في عصر النهضة الأوروبي.
ولقد أكد هوراس 85-08 ق.م.هذا الأمر.. فيما خطا بعده كانتليان 35-96 م بمادة فكرية أثرت في النقاد عندما وضعت للمحاكاة قواعد عامة.
وفي القرون الوسطى 395-1453 م توحدت بعض اتجاهات الادب لحساب العامل الديني حيث اللاتينية لغة الأدب والكنيسة معا.
ولكن بمجيء عصر النهضة التفت الأوروبيون مجددا لتراثهم اليوناني الروماني (اللاتيني) بمساعدة الترجمات المختلفة فعاد أدب عصر النهضة إلى نظرية المحاكاة وبالتحديد إلى ما ساد الأدبين اليوناني - اللاتيني من عناية بالإنسان ومشكلاته واقعاً بديلا للرؤى الميتافيزيقية لأدب القرون الوسطى.

هل هناك حاجة أدب سياسي مقارن

الأحداث السياسية لا تتوقف بمجرياتها صعوداً وهبوطاً بين مدّ وانحسار. وتوثق الأدوات الاعلامية بشكل متواصل القرارات التي يتخذها صناعها، والقوانين التي تصدرها وتتداولها مؤسساتها التشريعية، والقضايا التي تبت فيها المحاكم، والأنشطة التي تقوم بها الأحزاب والقوى والجمعيات الاهلية، والعلاقات بين هؤلاء الفاعلين. كما تشكل هذه القضايا مادة هامة في النقاشات العمومية سواء في المجال العام أو الافتراضي وعلى مستوى ممارسات الحياة اليومية. وفي نفس الوقت، فإن الانتاج في حقل علم السياسة هو أيضا لا يتوقف، نتابعه في النتاجات المتواصلة للاصدرات المختلة بفروع علم السياسية، وفي الندوات التي تنظمها الجمعيات المعنية بهذه التخصصات، وفي الأبحاث التي تقيمها مراكز البحث حول قضايا السياسة، وفي الدروس التي يتلقاها طلبة العلوم السياسية في جلّ جامعات العالم.
ويرتبط هذا الإنتاج بصناعة هامة وكبيرة استحالت بشكلها العلمي – المعرفي الى إشكالية علمية ومعرفية جديدة اطلق عليها في مفهوم العلوم النظرية ((الأدب السياسي المقارن)) وهذا الادب يعتبر اليوم العمود الفقري في اساسيات علم السياسية.
إن سؤالنا هنا، هل هناك حاجة إلى علم سياسة يدعو إلى البحث في العلاقة بين السياسة كفعل، والسياسة كعلم؟
إن الجواب التلقائي الأول عن هذا السؤال، والذي لم يتوقف العديد من علماء السياسة في الدفاع عنه هو أن علم السياسة يضمن فعلا سياسيا أرتقائياً "بمعنى تراكمياً"، سواء كان الأمر يتعلق بالسياسات العامة للدول أم بالسياسات المنشأية "الوضعية" كسنّ الدساتير او تشريع القوانين او خلافه.
عندما كان علماء السياسة الأمريكيون الأوائل يسعون للحصول على موارد مالية من مجلس الشيوخ الامريكي ومن الكونغريس بعيد الحرب العالمية الثانية لتمويل اكقامة اكاديميات خاصة بالعلوم السياسية كتخصص مستقل عن باقي الفروع الأكاديمية، كانوا يؤكدون الحاجة إلى هذا التخصص لكي يمد صانع القرار في دولة تحولت بعد الحرب العالمية الثانية إلى دولة عظمى، بمعرفة قواعد الفقه السياسي المقارن, وادراك قوانين السلوك السياسي العام والتي تسمح بمعرفة ليس الحاضر فقط، بل وبتنبئ المستقبل، وتهييء صانع القرار بالمعرفة التي تسمح له باتخاذ القرارت المناسبة للأوضاع التي يعرفها بشكل أفضل عن طريق علم السياسة.
وفي مقلب آخر ومختلف، فقد كانت الأطروحة الماركسية والنظريات الشيوعية التي تمخضت عنها تعتبر "إن اعتناق الشيوعية لا يعني فقط التسليم بنظرية مادية تعطي العقيدة المادية الجديدة في الدول التي تسعى لبناء منظومة فكر مادي – سياسي ثوري دورا في إدارة عملية الصراع الديالكتيكي, بل كانت تركز على اهمية البعد العلمي في ذلك من خلال تعميق مفهوم العلم الى جانب الثورة, فكانت نظرية الثورة العلمية هي منتج ماركسي شيوعي قبل ان تكون نتاج الثورة الصناعية الاوربية. حيث كان علم السياسة في الفكر الشيوعي غاية في الأهمية تطبيق تلك النظرية في الحياة اليومية الى جانب كونه محرك دفع اساسي في صراع الطبقات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي