الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفيد المدعو سارس يعيدنا إلى الكتاب الورقي!

إبراهيم اليوسف

2020 / 4 / 16
الادب والفن


ثمة كثيرون، من الأصدقاء من حولنا، لطالما كنا نسألهم، منذ بدايات العقد الأول من الألفية الثالثة، عن الكتب الأخيرة، التي قرؤوها، ولطالما كانت أجوبتهم جميعاً، متشابهة، متناسخة، مكررة للمضمون، وللذرائع ذاتها التي صرنا نستظهرها:
لم نعد نقرأ؟
هذا الاعتراف الخطير قد يكون عادياً إن سمعناه، من بعض هؤلاء الذين لم يقرأوا يوماً ما، خلال عقود حيواتهم، خارج مناهجهم الدراسية، وكثيراً ما كانوا يندهشون من أمور هؤلاء الذين لا شغل لهم غير اقتناء الكتب، وقراءتها، وتبادلها، والحديث عن عناوينها ومضامينها، ومؤلفيها، وماعلاقتها باللحظة، أو الغد، أو حتى الأمس، بل عما فيها من معارف ومعلومات ثمينة، تكاد تتواجد حتى في الروايات، وليس أدل على ذلك رواية" الساعة الخامسة والعشرون لقسطنطين جيورجيو-مثلاً- التي تتحدث عن لحظة الانتقال إلى اللحظة الصناعية، وماتتركه من أسئلة عن تأثيرات ذلك على واقع وفكرالإنسان. هذه الرواية التي يمكن اعتبارها - وبعيداً عما فيها من عالم الحروب والمعتقلات والتعذيب وثقافة الكراهية - محاكية للحظة ولوجنا العالم الافتراضي، وهوما يمكن استقراؤه من قبل الناقد الحصيف، وهوما يقاس على أعمال أخرى كثيرة لكثيرين من الروائيين العالميين والمحليين، إلى درجة أن أعمالهم هذه، وبعيداً عن إثقالها المعلوماتي- تكاد تكون مرجعاً في التاريخ والاجتماع وحتى العلوم، وهومايمكن قبوله، إن كان ضمن إطارلعبة مشوقة، مفيدة، ناهيك عن بقية عناصرهذا العمل الإبداعي.
وإذا كنت قد تناولت شكلاً إبداعياً، فهناك- في المقابل- أشكال أخرى في مجال السرد الأدبي والشعر، ناهيك عن النقد، أوالدراسات والبحوث، بل والعلوم. كل هذه الأشكال والأجناس هي ممكنة السوح في عولمها من قبل القارىء، ولطالما كانت لها جاذبيتها، قبل أن ينقض عليها العالم الافتراضي ويتم استبدال الأداة القرائية التاريخية: القراءة، بماهو افتراضي، عبر الإبحار في العالم الأزرق، والاكتفاء بالرّذاذ المعلوماتي-غالباً- بدلاً عن الهطل المألوف، وإن كانت غوايات هذا الرذاذ الأزرق تقود إلى الغرق الذي يشطُّ بالمبحر في ذلك العالم البديل، بعيداً عن أسئلة لحظته، ويدخل في دوامة كبيرة، تجعله يكتفي بالصورة والماء الإلكتروني، بدلاً عن نكهة الحبر الذي لطالما كانت له غواياته!
وإذا كانت الدراسات والاستبيانات التي أجريت، من خلال سبر آراء شرائح كثيرة، من الناس، حول علاقتهم بالكتاب- ونحن هنا أمام العلاقة مع القراءة العريقة- توضح أن حالة اغتراب عظمى حدثت مع الكتاب، و إن القارىء الجديد المواظب على الإلكترونن في غياب الوعاء الورقي هوقارىء تقليدي، في الأصل، إذ ثمة ندرة من باتوا يقرؤون الكتاب الورقي، بل ومتون الكتب الورقية- إلكترونياً- على نحو مطول، ولعل الرواية تأتي في مقدمة الكتب المقروءة، ضمن دائرة القراءة، وذلك لأسباب عديدة، لامكان لشرحها هنا.
ما أريد أن أقوله، هوأننا، وضمن محيط الأسرة، بتنا في فترة الحجرالصحي نتبادل مالدينا من كتب ورقية، وبات أبناؤنا وبناتنا- الطلبة- الذي وجدوا هامشاً من الوقت، ولوبسيطاً- بسبب استمرار محاضراتهم وواجباتهم افتراضياً- باتوا يقبلون على قراءة هذه الكتب، وهو ما حدث مع أكثر من أسرة أعرفها، بل ثمة أصدقاء باتوا يسألوننا عن عناوين كتب ما، وكنت أمازحهم:
صفحات وأغلفة الكتب الورقية تحتفظ بفيروسات كورونا إلى وقت طويل!
وكأنني بكورونا، ومن ضمن مراجعاته المفتوحة، على الجهات كلها، والتي تعنى بالتفاصيل جميعها، بات يعنى بالكتاب الورقي، يشدنا إليه، لنملأ به أوقاتنا، ضمن هذه الفسحة المتلاطمة من الزمن، بعد أن وجد كثيرون من بيننا، لاسيما هؤلاء الذين ليس لديهم ما يملؤون به فراغهم، ليعيد بذلك الاعتبارإلى هذا الكتاب، بعد عقدين كاملين من هجرته!
ترى، هل ستترك هذه المحطة الفاصلة، بين مرحلتين من حياتنا: ماقبل كورونا ومابعدها، ونامل ألا تطول، أثرها، وتعيد للكتاب فعالية سحره، وجاذبيته التي تشدنا إليه، بل وتبهرنا به، وتجذبنا إليه، كما كنا نفعل من قبل، لاسيما إن شراء الكتاب، لايزال مستمراً، وإن بنسبة لاترتقي إلى المطلوب، ولعل من بين مشتري الكتاب من يتعاملون معه كقطع ديكورية ، نتيجة نوستالجيا إلى عصرالقراءة الورقية. عصرهيمنة الورق!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في