الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدوى العاطفية سبيلا لتعزيز الطاقة الايجابية في حياتنا

عبدالقادربشيربيرداود

2020 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


استطاعت مواقع التواصل الاجتماعي – الـ(فيس بوك) نموذجاً - أن تجمع مهام هيئة التحرير، والرقيب الصحفي في شخص واحد، ومنحته كامل الصلاحيات دون رقيب أو التزام بالقوانين والقواعد المرعية في الإعلام التقليدي، متجاوزاً به كل قيود التجريم الالكتروني في التعبير والنشر، حتى نشأ جيل لا يبالي بالتداعيات والآثار السلبية لذلك؛ متجاهلاً وقعه على المزاج العام، والصحة النفسية في حياتنا الواقعية.
لا ننكر جهلنا، وقلة حيلتنا عندما خضنا غمار هذا الجديد المتطور من النشاطات الالكترونية، بل وتقاعسنا دون وعي مسبق لمواكبته والسعي لتطوير أدواتنا؛ حتى وقعنا في فخ جهل مآلاته، وقصَّرنا - دون عمد - في توظيفه لخدمة البلاد والعباد، لأن الجاهل بعلم لا يُنتظر أكـُله، ولا تونع ثماره. ولم نعِ لفرط سعادتنا بهذه الأنشطة الإلكترونية الافتراضية آثارها على المزاج العام، وبعض مفاصل حياتنا في عالم الواقع، غير آبهين ببلايين المستخدمين على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم وغاياتهم المقصودة، واستراتيجياتهم المخيفة لتوظيف هذه المواقع الافتراضية منطلقين من فنون العدوى العاطفية التي وظفوا لها فيالق من الجنود الالكترونية لاستغلال التعليقات وتسجيل الإعجاب، وتحليل الأحداث الساخنة وفق عقلياتهم، لعلمهم بأن ذلك التواجد الذكي ما هو إلا نتائج ذلك التوظيف المعمق لفنون العدوى العاطفية من خلال شحذ العواطف لما يسوقون لأن العواطف على الرغم من كونها غير مرئية فأنها تصيب كما لو كانت فيروس.
على ذكر الفيروس وما أحدثه (كورونا) من تداعيات وآثار مدمرة على حياتنا كبشر على كوكب الأرض؛ بغض النظر عن جانبه العلمي الذي هو شأن العلماء والمجموعة الطبية؛ كيف استطاع أن يقلقنا، ويجعلنا ندخل (إنذار/ ج) حتى مع أنفسنا، ناهيك عن الأهل والأصدقاء؟ بل وشل الحياة وعطل كل مرافق الدولة إلا من تم استثناءه بحسب تعليمات خلايا الأزمة في كل أنحاء العالم. فعندما كانت المنشورات الإيجابية تقل بحقه (كورونا)، وتنشر الأخبار غير السارة والمخيفة؛ كعدد الإصابات والوفيَات، وتجدد أنواعه وتلويثه البيئة؛ كان يحدث تأثيرا سلبياً مماثلاً في كلمات ومشاعر المتواجدين الذين يقرؤنه في الفيس بوك، وكان العكس أيضاً صحيح، عند ذكر انحسار المرض وعدد المتعافين، وخلو بعض المحافظات من الإصابات.
إن عدوى المشاعر تجاوز عالم الافتراض من خلال الشبكة العنكبوتية إلى عالم الواقع لا محال، فالتعامل مع أناس سعداء يجلب السعادة والسرور والاطمئنان، أما التعامل مع المحبطين ومن سكن اليأس قلبه فيشبه غرس سيف مليء بالأوبئة؛ ينقل عدوى الاكتئاب. حتى من يتعرضون لمشاعر سعادة الآخرين يصيبهم الإحباط، وينتج تأثير اجتماعي عكسي عليهم.
الأمثلة كثيرة، ومتعددة الأوجه بين السلب والإيجاب فيما يخص العدوى العاطفية، فهذا (ترامب) الرئيس خير من وظف العدوى العاطفية قبل وبعد الانتخابات الرئاسية في أمريكا، حين رفع شعار من ثلاث كلمات (سوف نبني العالم) فوصل دوي هذه الكلمات المعدودات إلى ملايين البشر، ففعلت فعلتها، وظل الجمهور الأمريكي وفياً ومعجباً برئيسه، يعيش مشاعر القوة وبناء العالم، وفي واقع الأمر يطرد ما يقارب الستة آلاف عائلة من شققهم، بسبب عجزهم عن تسديد بدل الإيجار! وبرغم كون النظام الأمريكي نظاماً استكبارياً يتلاعب بمشاعر البلايين من البشر داخل وخارج أمريكا؛ فهو بلد الشر وافتعال الأزمات، نظام ينشر الكذب والإيديولوجيات المنحرفة والمتطرفة.
أين مؤسساتنا الإعلامية، ومعاهد الدراسات العليا وكل الواجهات ذات العلاقة؛ من إجراء الدراسات المستفيضة حول الاستفادة من (العدوى العاطفية)، وكيفية توظيفها لتعزيز الطاقات الإيجابية لدى أبناء شعبنا الأبي، حراس المحبة والعطاء القدسي؟ علماً أن تاريخنا الإسلامي والإنساني في عراق الحضارة؛ وهي من أقدم الحضارات في العالم، حضارة وادي الرافدين الزاخر بكل مخرجات العدوى العاطفية؛ من محبة وأخوة وتسامح واحترام الآخر المختلف، وتوقير الأديان ورجالاتها.
من جهة أخرى، علينا أن لا نستهين بهذه المواقع الإلكترونية الإفتراضية ومخرجاتها، ونترك شبابنا يموجون في بحار التيه وعدوى المشاعر العاطفية السلبية، وعدوى فيروس الاكتئاب ومجموعة الأمراض السيكوماتية الشائعة - للأسف - بين بعض شبابنا غير المنضبط عاطفياً، لأن ما ينشر على هذه المواقع له تاثير مخيف إلا ما رحم ربي، كونها لعبت وبكل قذارة دوراً رئيساً في إثارة الفتن والنعرات، وعملت على تقوية أدوات التطرف في العالم... وللحديث بقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط


.. جيش الاحتلال يعلن إصابة 4 جنود خلال اشتباكات مع مقاومين في ط




.. بيان للحشد الشعبي العراقي: انفجار بمقر للحشد في قاعدة كالسو