الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترجمة وتحقيق الآشوريون الجدد للبروفيسور جون، ج4

موفق نيسكو
(Mowafak Nisko)

2020 / 4 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتبع ج3

لقد افترض النساطرة أنفسهم أنهم أحفاد الآشوريين القدماء ووجدوا لهم مدافعاً كبيرا هو الدكتور وليم ويكرام في البعثة الأنكليكانية الذي كتب لهم بعد الحرب العالمية الأولى، كتاب الآشوريون وجيرانهم، وكتاب وحليفنا الصغير، ومن خلاله شاع اسم الآشورية حيث اطلع العالم على المأساة التي حلَّت بأحفاد شلمنصر [68]، وخلال مرحلة بين الحربين العالميتين سمع العالم كثيراً عن هؤلاء الآشوريين الجدد من خلال الصحف والمنتديات وعصبة الأمم، وبدأ النساطرة تدريجيا يطلقون على أنفسهم بلغتم السورث (أي السريانية) اسم (Aturaye الآشوريين)، وقبل ذلك كان النساطرة يدعون أنفسهم دائماً (سريان، Suraye) وكان أمرا طبيعياً بالنسبة لهم التحدث عن أنفسهم كسريان، ولا يزال السريان الأرثوذكس إلى الآن يُسَمُّون أنفسهم بهذا الاسم (Suroyo السريان)، ولأن النساطرة كانوا يُسَمُّون أنفسم (Syrians، Suraye، سريان) فقد بذلوا جهوداً مضنية لإثبات أن كلمة (Suraye السريان) هي شكل من أشكال كلمة (Ashuraye الآشورية)، وأن المصطلحين مترادفين وكأنهم كانواا قد خسروا الحرف الأول A الذي كان موجوداً في أصل الكلمة ولكنه لم يكن يُنطق، فتم إضافة حرف A لتصبح (ASuraya آسورَيَا) لتعني (Ashuraya الآشوريين) كما هي بالعبرية والأكدية، وكذلك لتعني (Aturaya أثوريين) كما هو اسمهم في الآرامية (السريانية)، والتي يستخدمها الشعب عادةً.

إن الحكومة العراقية في مسعاها لحرمان هؤلاء الأقلية من ربطهم بنسب الآشوريين القدماء، تستخدم لهم اسم (Athuri أثوري)، لكن هذه الأقلية تفضل استخدام اسم (Ashuriyin آشوريين)، وهي الصيغة التي لم يستخدموها هم أنفسهم من قبل، ويقول ولفهوت هنري: إن الآشوريين رتَّبوا هذه الفرضية والعبقرية البارعة جداً لتسهيل المطالبة بحقوق قومية (على اعتبار أنهم أحفاد الآشوريين القدماء)، ويُشار إلى أنه بالرغم من أنه باللغة الأرمنية هناك تمثل وتقارب بين أسم السريان (سوريا) والآشوريين ووجود حرف A للاثنين، فقد فرَّقت اللغة الأرمنية دائماً وبوضوح بين صيغة: (Asoric-Asori المستعملة لسوريا والسريان)، وبين (Asorestan-Asorestantc i، التي تعني آشور وآشوريين) [69]، وعلاوة على ذلك حتى إذا كان اسم السريان مُشتقًا من آشور، فهذا لا يعني أن شعب وثقافة السريان (سوريا الجغرافية) مطابقاً لسكان جغرافية بلاد آشور [70] ، فقبل تلك الفرضية الخاسرة كتب المطران توما أودو في قاموس، كنز اللغة السريانية، عن فرضية فقدان حرف A من الكلمة اليونانية معتبراً أن اليونان غيروا كلمة (Atur أثور في الآرامية) إلى آسور لتصبح تدريجياً (سور) وفي نهاية المطاف (سوريا، سوريَيَا-سورَايَا)، وإذا كان هذا الافتراض معقولا، فينبغي أن نتذكر أنه حتى في السريانية الكلاسيكية، يتم التمييز دائماً بين مفردتي (Suryaya السريان) وكلمة (Aturaya الأثوريين)، وفي اللغة اليونانية اسم آشور هو ترجمة من العبرية والأكدية التي وردت في العهد القديم لتعني اسم آشور الجغرافي حصراً، دون الأراضي التي غزاها الآشوريين، والاسم الجغرافي التوراتي لسوريا هو آرام، بينما Athur هو الاسم الجغرافي لآشور بالآرامية [71].

غالباً استشهد هيرودوتس خطأً بأسماء القوم، فساوى بين (آشور) مع (سوريا)، مشيراً أن الشعب الذي يدعوه اليونانيين السريان يُسَمِّيه الآخرين (الغرباء) الآشوريين، لكن مع ذلك فهيرودوتس نفسه يُفرِّق دائماً بين المصطلحين، وتشير أبحاث راندولف هيلم أن هيرودوتس وبأمانة ميَّزَ باستمرار بين سوريا وآشور واستخدم المفردتان بشكل مستقل عن بعضها البعض، حيث كتب أن السوريين هم سكان بلاد الشام الساحلية، بما في ذلك شمال سوريا، فينيقيا، وبلاد الفلسطينيين، ولم يستخدم أبداً اسم سوريا على بلاد ما بين النهرين، وسَمَّى بلاد ما بين النهرين دائماً آشور وسكانها آشوريين [72].

لقد جادل البعض أن علماء الآشوريين القدماء والنساطرة الحاليين يشبهان بعضهما البعض، فقبل أن يدَّعي ويكرام بفرضيته القائلة أن النساطرة هم آشوريون بالدم [73]، فقد لاحظ فليتشر أن أولئك الذين درسوا بعناية منحوتات لآشوريين القدماء وقارنوها مع سكان العصر الحديث في سهل نينوى، بالكاد يفشلون في تتبع الملامح القوية للتقارب بين الملوك الملثمين، والكهنة في الأيام الأولى والفلاحين المسيحيين في سهل الموصل [74]، وقبل فليتشر، لم يجد أشيل غرانت صعوبة في القول أن النساطرة هم أحفاد القبائل العشرة الإسرائيلية المفقودة، فقد أشار إلى أن خصوصية المسيحيين النساطرة تشبه إلى حد كبير خصوصية يهود البلد الذي يسكنون فيه [75]، إضافةً إلى كون ميزات وعادات وممارسات الآشوريين القدماء غريبة عن نساطرة اليوم الذين يشاركهم في التقارب عدد كبير من الشرقيين، فويكرام وغرانت حاولا أن يثبتا أن الكثير من الناس في المنطقة يشبهون اليهود والنساطرة في الملامح، لكن ليس كل النساطرة يشتركون في السمات المادية نفسها، كما لاحظ كل من فليتشر وويكرام.

دليل آخر على من يجادل أن المسيحيين الناطقين باللغة الآرامية هم من نسل الآشوريين القدماء وأن لغة الشعبين هي نفسها، كما كتب لايارد أن النساطرة يتحدثون بلغة أسلافهم الآشوريين [76]، وهو رأي أعرب عنه مساعد لايارد نفسه الناطق باللغة الآرامية، هرمزد رسام قائلاً: أن الآشوريين القدماء تحدثوا اللغة الآرامية دائماً وأنهم لا يزالون يفعلون ذلك، وقد رأينا للتو أن الآشوريين القدماء لم يتحدثوا دائماً اللغة الآرامية، بل كانت لغتهم الأم هي الأكدية، وهي لغة اللوحات المسمارية الشهيرة والآثار التي ساعد رسام نفسه في التنقيب فيها[77].
------------------------------

الهوامش
[68] ماكلين وبراون، ص6، وكوكلي، ص147 مقتبساً من ماكلين قوله: حقاً وبقدر ما أعرف ليس هناك أي دليل على أن السريان لديهم أية علاقة مع الآشوريين القدماء، لكن واحداً من عدد قليل من الأنكليكان استخدم مصطلح الآشورية، وهو رئيس أساقفة كانتربري بنسون، ولكن هذه كانت بدعة من نيافة، وليس لأحد آخر غيره. انظر أيضاً فييه 1965م، ص149-151.
[69] Heinrichs في ص106-7، وببساطة يُسَمَّي هذه الفرضية "الساذجة"، حيث يُشار في اللغة الأرمنية بكلمة (Asori) لشعب سوريا الجغرافية والآراميين أينما وجدوا، والكاتب يُعبِّر عن امتنانه للدكتور Avedis k. Sanjian أستاذ الدراسات الأرمنية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس الذي أكَّد قراءته لهذه المصطلحات في رسالته المؤرخة 10 أكتوبر 1994م. انظر أيضاً Norayr de Byzance (Dictionnaire francaisarmenien، قاموس فرنسي أرمني)، القسطنطينية 1884م، تحت عنوان (Assyrie، Syrien، Syriaque، الآشوريين، السريان، السريانية)، وأيضاً W. Mulkhasyantch S. (Armenian Etymological Dictionary، قاموس الاشتقاقات الارمنية، يريفان، 1944م، ج1 ص236)، وانظر K. Surmelian Avadikian .G ،Avkerian (Dictionary of Armenian Language، قاموس اللغة الأرمنية، فينيسيا 1836م، ج1 ص314). وانظر M. Falla Castlefranchi "كلمة أرمينيا" Encyclopedia of the Early Church، موسوعة الكنيسة المبكرة ج5، 1 ص79). وانظر Frederick C. Conybeare (Armenian Language and Literature، اللغة الأرمنية وآدابها في الطبعة 11 لدائرة المعارف البريطانية)، وفي أواخر القرن السادس عشر أشار شرف خان البدليسي إلى النساطرة، هناك كفار مسيحيين اسمهم Ashuri، آشوري، وافتراض أنهم أرمن، انظر الشرفنامة، باللغة الفارسية، القاهرة، ص130-132.
(نيسكو: مع أن كلمة آشوري تأتي بمعنى همجي، طاغي (قريبة من كافر) في الأدب السرياني، لكن البدليسي فعلاً اختلط عليه الأمر ولم يقصد السريان النساطرة، بل قبيلة أرمنية، فقال ص292 طبعة 1860م: (أسوري من قوم سيديافان)، وسيديافان սետավեան، هي عشيرة أرمنية، ومعلوم أن أغلب الأسماء الأرمنية تنتهي (يان) اغاجان، بوغصيان..إلخ، ومقاطعة سيديافان أرمنية تقع قرب أرض روم شمال حكاري هي اليوم مقاطعة تركية لها عدة أسماء: Belendzhik،Sadivn ،Sadvan ،Şadivan ،Şadvan، وكلمة آسوري սարը، أرمنية معناها الجبل، الجبلي، وتُنطقSary ، وهي مشتقة من كلمة الأرمنية جبل սար، وتُنطق Sar، فكلمة آسوري معناها عشيرة سيديافان الجبيلية الأرمنية، وكلمة آشور نفسها ليست سامية، بل ربما أرمنية معناها، الجبل، ولا توجد صيغة آشور في اللغة العربية ولا السريانية، مطلقاً، بل أثور، فقط، لذلك الحكومة العراقية تستعمل الصيغة العربية فقط).
:[70] Heinrichs، ص102-103، 104.، n 9. ومعروف أن علماء الساميات يرون أن السريان والآشوريين هم من أصول مختلفة تماماً، على الرغم أنه لا يزال لمؤرخي المستقبل إثبات صحة ذلك. انظر Rosenthal s، روزنتال، (Diearamäistische Forschung، البحوث الآرامية)، نولدكه، منشورات ليدن، 1939م، ص3، n1.
[71] هذا الخلط بين المصطلحات تم التطرق له في مقال بعنوان (آشور وسوريا، المترادفات) من ريتشارد فراي في مجلة الدراسات الشرقية المقاربة، ج51. ن. 4، أكتوبر 1992م، ص281-285، وطُبع المقال في مجلة الدراسات الأكاديمية الآشورية، أعقبها رد من كاتب هذه السطور (جون جوزيف) بعنوان (آشور وسوريا، المترادفات)، انظر Jaas، ج11ن. 2، 1997م، ص30-34. للمزيد عن موقف توما أودو من الموضوع، انظر Heinrichs، ص103. (نيسكو: سنترجم رده على فراي أيضاً). ملاحظة مهمة: المطران أودو في قاموسه لم يقل مطلقاً إن اسم سوريا والسريان مُشتق من آشور، بل أكَّد أن السريان هم الآراميون ص10، وهنا أضاف شخص مجهول باسم (المدقق ܡܬܪܨܢܐ) نصاً مزوَّراً في الهامش، أن اسم سوريا من آشور، ثم أدرج الفكرة المطران منا في قاموسه سنة 1900م، وأثبتنا ذلك في فصل: (كيف أخطأ المطران أوجين منا فأدرجَ في قاموسه كلمة آسورَيَا (ܐܣܘܪܝܐ السريانية المُخترعة سنة 1897م)، وقد أعاد المطران عيسى جيجك طبع القاموس سنة 1986م بدون النص المزور.
[72] انظر تاريخ هيرودوتس كتاب 7 ص63. و(The Geographical Connotations of the Toponym Assyria in the Achaemenid Period، الدلالات الجغرافية لاسم آشور في الفترة الأخمينية(، ورقة قُدمت في الاجتماع 190 للجمعية الأمريكية الشرقية في سان فرانسيسكو، أبريل 1980م. انظر له أيضاً (Greeks in the Neo-Assyrian Levant and Assyria in Early Greek Writers، الإغريق في الآشورية الحديثة الشرقية (الشام) وآشور في الكتابات اليونانية المبكرة)، أطروحة دكتوراه، جامعة بنسلفانيا، 1980م، ص27-41، انظر أيضاً تاريخ هيرودوتس كتاب1 ص105، و2 ص106، لأرنولد توينبي، الذي أوضح أيضاً أن (Syrioi، السريان) هم الناس الذين شملهم هيرودوتس في كتابه الخامس الذين دفعوا الجزية من ساكني فينيقيا والمقاطعة المُسَمَّىاة فلسطين وسوريا جنباً إلى جنب مع قبرص، ويؤكد توينبي أن السريان ليسوا من شعب آشور الذي يضم بابل وهي المنطقة التاسعة من قائمته، دراسة التاريخ 1954م، مج7، ص654، ن.1. انظر أيضاً جورج راولنصون، تاريخ هيرودوتس، نشر مانويل كونروف، نيويورك، 1956م، 2، ص115. راجع أيضاً اوديشو، (The Sound System of Modern Assyrian، النظام الصوتي في الآشورية الحديثة، مرجع سابق في ص8-9.d.
[73] ويكرام، (The Assyrians and their Neighbors، الآشوريون وجيرانهم)، لندن 1929م، ص167.
[74] Fletcher، فليتشر، مصدر سابق، ص188.
[75] غرانت، نسطور، ص223. في مراجعته لكتاب غرانت، قدَّم الباحث إدوارد روبنسون حجة قوية ضد فرضية غرانت في مستودع الكتاب المقدس الأمريكي، 6 ،1841م، 454-482. 7 ، 1842م، 26-68. انظر أيضاً آنسورث ج2 ص256-271. راجع أيضاً الموسوعة اليهودية تحت عنوان، إسرائيل جوزيف بنيامين (المعروف باسم بنيامين الثاني) حيث وبصرف النظر عن غرانت وبعده ببضع سنوات فقط، كتب بنيامين الثاني عن تقليد شعبي قديم كان بين عوائل النساطرة من أصل يهودي. A.J. وقد لاحظت ماكلين أن العديد من اليهود في شرق تركيا وبلاد فارس لديهم لغة قريبة تماماً من اللهجة الآرامية التي يتحدث بها النساطرة. وفي معرض حديثه عن سكان منطقة جيلو في هكاري، كتب أن الناس هناك مختلفون جداً في المظهر والشخصية عن معظم السريان الآخرين، كونهم يهوداً أكثر. انظر قواعده، مرجع السابق، ص13. وفي كتابه البارز (The Jews in Babylonia، اليهود في بابل)، كتب يعقوب نوسنر أنه أُعجب كثيرا بحجج غرانت أن أصل النساطرة في أربيل هم من شمال إسرائيل، انظر ج5، 3، ص15-31، 339n. ومن أجل دراسة لليهود في أيام غرانت في كوردستان، انظر W.J. Fischel، فيشيل (The Jews of Kurdistan, a Hundred Years Ago, a traveller s record، يهود كوردستان منذ مائة عام)، سجل الرحلات، الدراسات الاجتماعية اليهودية 1944م، ص195-226. وللحصول على تفاصيل حول الأصل اليهودي للمسيحيين السريان عموماً، انظر أدناه، ص 36-38.
[76] نينوى، ج1، 203.
[77] رسام (Biblical Nationalities، قوميات الكتاب المقدس أو القوميات التوراتية)، ص178، 371، وللحصول على تفاصيل حول آرامية الآشوريين، انظر، ص11-12، 27-29
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبعه ج5








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟


.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني




.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح


.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي




.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي