الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مقدمة رئيسية في فلسفة التكوين السياسي, ومنهج التحول
عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي
(Abdulaziz Meslat)
2020 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية
أولاً- مدخل أساسي:
الطبيعة المعرفية نفسها تشكل العمق البنيوي في الفهم المرجعي لفلسفات التكوين المعاصرة.
وعليه يشكل بناء التكوين الفلسفي للفكر السياسي نمطاً تحولياً جديداً يستمد طبيعته المعرفية من واقع التجربة ومفهوم التحول. فبالنظر الى الطبيعة غير الثابتة للمجتمع الانساني في مراحل تحوله الاخيرة سياسياً واقتصاديا وثقافياً, وتماشياً مع منطق التعددية, وتنوع الرأي والحجج , تأتي الفلسفة المعرفية للتكوين السياسي ملبية لتلك الحاجة، لا من خلال مضامين الأطر العلمية فحسب, بل في مفهوم التطارح الفلسفي, والنقدية المعرفية ذاتها. وبتلك الصورة فإن فلسفة التكوين المعرفي للسياسة تستجيب لسؤال مزدوج يتعلق بتكوين الوعي الذي يقبل الاندماج بالبنية المعرفية المتمخضة عن ناتج العلاقات الكمية بين كل التجارب المتراكمة عن الطبيعة الإشكالية للمعرفة من جهة , وتمكين المجتمع من تأصيل الرأي الفلسفي ضمن حركة نقدية موضوعية بعيداً عن الانطباع التضادي المغالي في اللامنطق, وما الى ذلك من الظواهر الطارئة.
فالحاجة الى منهج بحثي جديد إضافة إلى إيجاد قاعدة توازن نوعي بين عمليات التشكيل الفكري لثقافة التكوين الفلسفي للسياسة تحتاج إلى شرائحية قطبية من المعطيات الحيوية التي تؤطر مفهوم الهدف وفق القواعد السلوكية المحددة لطبيعة التحولات هذه في الفكر الفلسفي نفسه. وبالتالي لا نحتاج الى منطق "سد الحاجة" في بحثنا عن شروط إنتاج معدلات التكوين الفلسفي ذاته, بل نحتاج الى مدرسة فكرية جديدة في استقراء وتقديم هذا النوع من التخصص، انسجاما مع الضغط الاجتماعي في الطلب على فهم عملية التحول بشكل علمي ومعرفي. وانعاشاً لمقتضى التكوين الفلسفي للسياسة وتطويره وفهم البعد الزمني والاجتماعي لاهمية تناوله في البحث والاستقصاء وتأكيداً على دور البيئة الثقافية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية الراعية والحاضنة له لا بد من الولوج الى ركائز وأسس موضوعية في تحديد ماهية هذا التكوين الفلسفي الجديد للسياسة في ظل التحولات المختلفة, وطبيعة اتصاله بالواقع الموضوعي على الارض وصلته بالموضوع الاجتماعي للمجتمع الإنساني بشكل عام .
ثانياً- المنطق في السياسة:
"النقدوية الفكرية ظاهرة فكر وممارسة"
لا بد من التأكيد على الميل العلمي لنقد الفكر المثالي في تجربة المنطق الابستمولوجي في فلسفة التكوين السياسي "التقليدية" التي عملت على ايجادها قوى وتيارات ومدارس سياسية حددت آنذاك مفهوماً معرفياً للفلسفة قائماً على منطق الضرورة, متبنياً قانون القوة كشكل من أشكال هذا الاتجاه.
ففي السياسة وحدها, لا يخضع الفكر النقدي الى منطق تجريبي, وهذا ما يشكل مادة علمية نقدية عميقة, وعملية متسلسلة لصناعة الأحداث على مدار العصور قابلة للنقاش والدحض لمجرد التساؤل "ما هو التكوين الفلسفي للسياسة". وما دأبت عليه التساؤلات في مسائل البناء السياسى وتنوعت توجهاتها بتنوع الشرح والطرح يخضع لمعياريّ النقد التحليلي وبناء المعطيات.
وإن أهم مظهر من مظاهر الاطلاقية العلمية هي في تمكين الوعي المعرفي من ارتداء كسوة العلم والاستنتاج والتدليل، فمجرد التفكير بالطبيعة البنيوية والمعرفية الدلالية لمادة فلسفية مرتبطة ارتباط بنيوي – عضوي بواقع الموجودات المجتمعية, هو تفكير بالبحث عن أصول وأسباب وشروط ودوافع واهداف معينة, وهذا ما يشكل قاعدة أي تيار معرفي – ثقافي علمي جديد.
ولتجنب الخوض في الاطلاقية الشمولية للظاهرة نفسها, ينبغي اقتران الشكل بالمضمون, بمعنى أن تتم عملية الاقتران وفق جدلية فلسفية بسيطة لا تخضع لقانون التركيب المادي للمنطق.
نحن بالطبع لا نريد "التفكير بالتفكير" بقدر ما نريد العمل على المقدمات الموضوعية الصحيحة للوصول إلى نتائج قيمة ومفيدة للدوافع والنتائج بآن معاً.
ثالثاً- تطور النهج في الصيغة والبنية:
تسود الادعاءات المعرفية بقيمة تطور المضمون البنيوي -لظاهرة التحول- الذي يحدد شكل وتوجه صيغة التشكل النوعي للظاهرة نفسها.
ومن هنا يقوم المعيار الدلالي بتنويع مصادر الشرح وفقاً للظروف والمتغيرات التي تطرأ على العملية التحليلية نفسها.
حيث إننا نجد في معظم الظروف التاريخية – ثقافياً واجتماعياً - التي سادت فترة "التحرر الوطني الأول" علاقة تكاملية بين الفقه السياسي بتنوع مصادره وبين الممارسة الشعائرية لظاهرة النقدوية الفكرية "المهاتما غاندي والشيخ رشيد رضا" مثال منهجي واضح.
حيث اعتبر آنذاك الفقه السياسي هو الأساس المادي الذي تتشكل عليه عجينة التحول الاجتماعي فكراً وممارسة.
الفرق بين النظرية والتطبيق انها اعادت انتاج الشروط والكيفيات التي قامت عليها الثورات الفكرية التي سادت مرحلة هامة من أبرز المراحل التاريخية اهمية في تطور النظم الفكرية للفقه السياسي والذي حددت على ضوئها جملة حقائق اصّلت لواقع ثقافي شامل وجديد شكل قطعاً عضوياً مع ما يعرف بظاهرة "الانتقال" من الفكر الكنسي اللاهوتي إلى الفكر النقدوي التطارحي التي أسست له المدرسة الحديثة في الفكر السياسي المعاصر والتي اتخذت منحى اكاديمياً ومنهجياً جديداً في لغة العلوم الوضعية الاخرى التي اعطتها الدلالات بعداً ثقافياً مستمداً من الفقه السياسي الكلاسيكي ذاته والذي جاء نتاج مخاض طويل وصراع مرير بين الهوية الثقافية لمنهج التحولات اللاهوتية – الدينية للفكر الاجتماعي والسياسي, وبين الحالة الراهنة آنذاك لغة واصطلاحاً.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الأدميرال ميغويز: قدراتنا الدفاعية تسمح بالتصدي للأسلحة التي
.. صدامات بين الشرطة وإسرائيليين عند معبر كرم أبو سالم
.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية ليلية تستهدف مناطق في مدينة ر
.. احتجاجات حرب غزة تقاطع حفل تبرعات للرئيس بايدن
.. ضربات إسرائيلية على مدينة حلب تسفر عن مقتل 38 شخصا من بينهم