الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف نقرأ فرجينيا وولف

بلال سمير الصدّر

2020 / 4 / 17
الادب والفن


كيف نقرأ فرجينيا وولف:
خطر على بالي هذا العنوان-كيف نقرأ فرجينيا وولف-بعد قراءتي لرواية الخائن لبول بيتي الحاصلة على جائزة مان بوكر الدولية لعام 2016،وكنت قد قرأت قبلها مباشرة رواية غرفة يعقوب لفرجينيا وولف،لكن ما هي العلاقة بين فرجينيا وولف وغرفة يعقوب تحديدا وبين الخائن...
رواية الخائن(بول بيتي) هي رواية محبطة بامتياز فيها تكرار مطول لتفاصيل لاتقدم ولا تؤخر على الحدث ولا بانبثاقه ولا تطوره،ومليئة جدا بالثرثرة بالاضافة الى قطع غير محدود بالجمل،وهو الأمر الذي يدفع القارئ الى التشوش مع شعوره بشيء من الصعوبة في القراءة،هذا من دون ان يشعر القارئ بالفضول الفني والتشويقي وهو الدافع الاساس لأكما ل القراءة...اي تحقيق عنصر المتعة
تميزت الرواية بشيء واحد فقط...حس السخرية العالي المبتكر والمبدع...يقول بول بيتي (مؤلف الرواية):
ان اضفاء صفة الهزل على الرواية فاجأ بيتي نفسه الذي قال أن مناقشة المظاهر الكوميدية في الرواية منع النقاد من مناقشة افكارها الجدية...
القطع في الجمل:هو انتقال الكاتب وبسرعة وفي سطر واحد من موضوع الى موضوع ثم يعود الى الموضوع الأول في السطر الذي يليه أو ربما في السطر نفسه الأمر الذي يعمل على التداخل في الاحداث مما يضفي التشويش أحيانا وصعوبة للفهم على القارئ...
إذا الرواية-والاحكام هنا معلقة وليست مطلقه ومنذ بداية المقال-هي ابتكار مبدع للهزل والسخرية...كوميديا سوداء للضحك على معاناة الانسان...
إذا ضاعت الفكرة الجدية في ثنايا الهزل...ضاع التكرار والقطع في الجمل في ثنايا الهزل وحصلت الرواية على الجائزة،وهذا أحالني فعلا الى فرجينيا وولف والرواية التي اشرنا اليها غرفة جيكوب.
قبل الاحالة دعونا نعرج قليلا على رواية شبق للكاتبة النمساوية الفريدة يلنيك الحاصلة هذه المرة على ارفع جائزة أدبية نوبل للآداب عام2004:
هل رواية شبق هي رواية برنوغرافية؟!
ان لم تكن الرواية المذكورة هي رواية بورنوغرافية –لأن المادة البورنوغرافية المرئية اصبحت مجانا فلاداعي للقراءة-فهي ذات بعد بورنوغرافي واضح عابقة بالبورنوغرافية وفي نفس الوقت ذات صبغة وجودية واضحة-قلت صبغة وجودية وليست نفسية-فهي تتحدث عن مدير يمارس اقسى انواع واشكال الممارسات الجنسية مع زوجته مع التنوع للوصول الى اكثر الاشياء قرفا في الجنس،والرجل يبدو كغول جنسي غير قابل للاشباع أبدا،والافضل ان يقرأ الرواية من اراد الاحاطة أكثر.
ومن ثم هذه المرأة المستهلكة جنسيا الدرجة العبودية التي تتعرف الى طالب لنصل الى مرحلة المجتمع البورنوغرافي...ولكن علينا التدقيق والتوضيح
عند يوسا في امتداح الخالة ودفاتر دون ريغوبيرتو....المجتمع هو مجتمع ديونيسي
ميلان كونديرا...المجتمع هو مجتمع اباحي
ولكن عند الكاتبة الفريدة يلنيك المجتمع هو مجتمع بورنوغرافي
هذه الرواية المتعبة الشاقة على النفس بحيث وصلت الى الشفاء حتى انهيتها،ما علاقتها بغرفة يعقوب؟
علينا ان ننوه ان وجودية شبق ليست موضوعنا،بل الموضوع هو العلاقة بينها وبين غرفة يعقوب وبين الادب الحداثي بشكل عام...
بالنسبة لفرجينيا وولف فنحن نتحدث عن الحداثة في السرد الأدبي والقرن العشرين هو قرن الحداثة الروائية...قرن البدعة السردية بامتياز
هناك اندريه بريتون وتقديس الحلم(السوريالية) ومن ثم هناك يوليسيس وتيار الوعي الروائي المبهم وهو المنهج الذي استخدمته فرجينيا وولف في كتاباتها مع اسقاط كلمة مبهم من الجملة السابقة التي تخص جيمس جويس(تيار الوعي الروائي المبهم)،كما اننا يجب ان نشير الى رجل بلاصفات لروبرت موزيل والبحث عن الزمن المفقود لمارسيل بروست ومن ثم ايضا الصخب والعنف لوليام فوكنر...ويوجين يونسكو وسرده المسرحي اللامعقول وايضا الواقعية السحرية بالنسبة لغابرييل غارسيا ماكيز وايزابيل اليندي
لكن ماذا عن صموئيل بيكيت...التداخل السردي مع اختصار واقتضاب وبتر اللغة...ثلاثية مالون يموت وبالاخص الجزء الأول من الثلاثية مالوي
اشرنا الى صموئيل بيكيت لأن التداخل في السرد عند الكاتبة كان شبيها جدا بالسرد عند بيكيت،أي ان رواية شبق هي تشكيل حداثي بورنوغرافي سردي وجودي...
كيف نقرأ فرجينيا وولف:
ولكن كيف نقرأ فرجينيا وولف وهي الكاتبة التي يجب ان لانمر عليها بسرعة وهي التي من الممكن ان تكون افضل من كتبت الرواية في التاريخ من النساء...
كالعادة،بالنسبة لفرجينيا وولف،فقراءة غرفة يعقوب بحاجة الى تركيز شديد وعدم مقاطعة للذهن أبدا
اسلوب فرجينيا يسافر بك الى ثلاثة بلدان في سطر واحد،وربما تتزوج الشخصية وتنفصل وتنجب في سطر واحد ايضا،وحدث ايضا عن عن عدم تسلسل السرد وتداخله المعقد بين الأزمنة الثلاث الحاضر والماضي والمستقبل وهو الذي دعيناه باسلوب أو تيار الوعي.
لايبدو لي على الاطلاق أن تميز فرجينيا وولف جاء من خلال الحدث أو القصة أو الموضوع،بل ان التميز في السرد هو بطل القصة بل بطل القرن العشرين الروائي برمته،وهنا اشير بسؤال:
هل يكتفي القارئ بمطالعة الاسلوب...؟
اي الغرق في هذا الاسلوب والانتقال الى النظر الى روعة السرد عوضا عن النظر الى الموضوع نفسه...
إذا كان القرن العشرين هو قرن الأدب المختلف،إذا لابد أن تكون ان تكون القراءة مختلفة
روايات فرجينيا وولف هي روايات سرد بالدرجة الأولى...أو روايات أسلوب وليست روايات موضوع حيث لايوجد هناك اي شيء ملفت للنظر في حياة يعقوب موضوع رواية غرفة يعقوب.
كنت قد حصلت على تجربة أفضل في القراءة مع فرجينيا وكانت هذه القراءة تخص الحدث مع الاسلوب في رواية مدام دالاوي،بينما اكتفيت في غرفة يعقوب بالنظر والاستمتاع بالاسلوب نفسه بعيدا عن أحداث الرواية التي لم افهم منها الشيء الكثير وهذا ليس عيبا أبدا.....
إذا اردنا ان نقرأ وولف بتمعن أكثر،فالموضوع بحاجة الى وقت طويل غير مجدي بالنسبة لمن اراد ان يستمتع أكثر بالتعرف على اساليب أدبية أخرى مخالفة للسائد...
فالنكتفي اذا بهذه القراءة...ونترك موضوع فرجينيا وولف الى اهل الاختصاص
بلال سمير الصدر
14/04/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد