الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فكرة الدولة !

حسن مدبولى

2020 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


خلق الله الانسان حاملا بين جانبيه شيئان متناقضان هما فضيلة الخير، ورذيلة الشر، وذلك لحكمة يعلمها الخالق وحده سبحانه وتعالى ، ولو ان هذا الانسان كان كائنا نورانيا يمشى على الارض بلا رذائل أو خطايا، لما احتاجت البشرية الى الرسل والأنبياء ولا الأديان ،ولا إلى خلق وإختراع فكرة الدولة، ،فالدولة كفكرة وكتطبيق تعتبر شيئا هاما جدا كأى اختراع انسانى آخر مفيد ، لكن الاختلاف الجوهرى بين الدولة والإختراعات الأخرى المفيدة هو ان تلك الاختراعات تعتبر فى غالبيتها العظمى جمادا فرديا أصم مملوكا يتحكم فيه الإنسان او المالك ويسيره كيفما أراد فيستمتع بخيراته وله مطلق الحرية( على الأقل من الناحية النظرية) فى التخلص منه إن إستفحلت جوانبه السلبية على إيجابياته ، أما الدولة فهى كائن خرافى عملاق حى تم إختراعه ليحيط ويحتوى دائرة واسعة تتعايش فيها مجموعات من البشر، هذه المجموعات البشرية سلمت لذلك الكائن مقاليد ومفاتيح حريتها بل وحياتها بالكامل، مقابل قيام ذلك الكائن بحماية الأمن والامان والقيم الأخلاقية، وتنظيم سبل العيش والاقتصاد والصحة والتعليم والدفاع ، وذلك باستخدام آليات قسرية متعددة تتدخل بموجبها الدولة فى كافة تفاصيل الحياة اليومية الصغيرة والكبيرة لمواطنيها ،حتى وصل الامر الى التدخل فى تنظيم سير الناس فى الطرقات وفى كسب العيش وطريقة تبادل المنافع والزواج والانفصال وتراخيص وشهادات الولادة و الموت ، والمحاكمات للمخطئين، بل و أحيانا التحكم فى المشاعر الانسانية و تحديد كيفية التفكير والعبادة، كل ذلك بهدف معلن هو تحقيق سيادة العدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص والأمن والأمان لكل المواطنين،المشكلة الكبرى ان هذا الكائن العملاق الحى(الدولة) هو الآخر ليس كائنا نورانيا مثاليا ، فهو إختراع له خصوصية البشر فقد يكون خيرا عادلا تارة ، بينما قد يجنح إلى أقصى درجات الشر والبغى فى الكثير من الاحيان مثله مثل الإنسان، ومن ثم فقد تكون الدولة عادلة تضمن الحقوق وتحقق المساواة وتردع الظلم وتحقق الأمن فى أماكن وفى أزمنة وبين تجمع إنسانى معين ، وقد تكون مخلوقا شريرا مجرما كاذبا أفاقا قاتلا أيضا فى أماكن وأزمنة وتجمعات أخرى ، ومع إن البشر فى حال اجرامهم الفردى قد يجدون فى العقاب الدنيوى أو الحساب الدينى أو الوازع الأخلاقى رادعا مانعا فى حال نزوعهم للإنحراف ، إلا أن الدولة بحكم ما تمتلكه من سلطات مطلقة وقوة غاشمة ، لا يحدها أو يوقف انحرافها سوى توافر آلية منتظمة تتدخل بقوة وفى الوقت المناسب للحد من تسلطها و غيها وتشبثها بالأخطاء والجرائم ، فإن إنعدمت تلك الآلية أو شوهت أو باتت مجرد صورة ديكورية ، فإن الدولة تتحول بكل بساطة إلى مسخ متوحش يبطش ويقتل وينهب ويكذب ويعز ويذل ويزيف ويخون ويبيع أيضا،وتتعامل مع مواطنيها ومن أوجدوها كمجموعة من العبيد لا غير ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة