الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عشتار الفصول:10199 زمن الرحيل إلى التيه ،فلا تتأخر أيّها الغريب..

اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.

(Ishak Alkomi)

2020 / 4 / 17
الادب والفن


.
وشموا جسده ،بحناء من بلاد العجم ،ألبسوه الخوف منديلاً، بعدما أوثقوه، بكلّ الكنايات ، والأحجية، والخُرافات، ورتبوا ،له عُرساً، بدون قمر، ولا نجوم ملوك أرضه ، النهر الذي جفّ ما عاد يُغني ،مواويله الحزينة، كان كالشمس ،يشرق كلّ صباح، ورغم أنهُ يُحضر طقوسه التي توارثها عن أجداده، وينتظر من المحيطين به أن يفرحوا معه وبه ،غير أنهم لايعبثون بكل آلامه ولا حتى ببقايا أحذيته العتيقة، التي علقها على جدار ياخور بقرتهم ،مع فدان والده. كشاهدٍ على وحشيتهم.
ينظر كلّ صباح، إلى الوجوه العابرة بيته، كلهم يحلمون، بأملٍ ليس له نهاية ً، سواه لايعرفُ إلاّ الحزن، يعبر تيهاً أرضه التي جمرّ فيها عشقه الأبدي. ليس لكلّ الطيور أغانيها التي تشده هو يحس ويرى بقايا خنجرٍ لأبيه، شده على بقايا جسده النحيل، ينظر إلى فوق، أسئلة عديدة لانعرف معانيها ،كالنار التي توقظ لليل عهرهُ وكالماء للعابرين صحراء تتسع فيها المفازات العارية، والموحشة من كلّ آثار الحياة، غير أنه لم يعد ،كما كان ..للطريق وجهته، وللغريب عيونه الذابلة والعاشقة، ومن يعشق الزيزفون لا يُغادر أشجاره! ، ومن يُرتل أغانيه على دروبه الترابية ،لن يظل كما الماء الذي يجري عبر قناة للري هناك..هو الحلم لو أراد أن يحبل بكلّ أمانيه، لكنه الغريبُ الذي ماعاد إلا مشاريعا للسفر، والتيه.
جميلة ٌ هي المرأة، التي عانقته ،قبل أن يتزوج البؤس وينخرط في صفوف ذاك القدوّاد الذي مات في شوارع باريس. من علمه، أن يُناشد سارتر وهيدجر وكامو؟!! كان كشيخ البحر همنغواي ، لايعبث بالموج ،ولا بالأسماك الكبيرة. قاربٌ هو. والراحلون سبايا قد ظُلموا، وخافوا وبترت شفاههم ،والذين أغتصبتْ عفتهم ،كما أغتصبوا عفة الحمام،لا ، ليس من رجاء يحتوي الأرض، تشتعلُ تحت أقدامهم ،لكنه لاينحني ، رغم الريح، والعواصف.كتب على سفرٍ أراه بين يديه:
يرقصون ،لا ترقص، يفرحون، لاتفرح، يزرعون لاتنثر سوى الغبار في عيونهم، إياك أن تؤجل همسهم للغد، فهم كالأفاعي ،حكماء لكن سمهم قاتل، الجبال التي غادرتها لاتعد إليها، فالذائاب توحشت، إياك وإياك أن تحلم معهم ،وترقص معهم،هم الذين رتبوا آخر الرحيل لكَ ولأبناء جدتكَ، وهم الذين اجتاحوا بهمجيتهم

بيوت أهلك..وأوصيك أن تتعلم دروساً في الرياضيات،وأعلم أنكَ لاتُجيد (ثابت لابلانك)( ولا الهندسة الفراغية ،ولا أخر التطورات التي توصل إليها علماء الفيزياء.. فجدول الضرب خطأ تعلمتهُ، والصلاة في الفجر، كفر وزندقة، والرأفة ،ذُل وحقارة، كن إنسانا، لاتكن كالملاك، فالملائكة لهم عوالمهم.وأريد ،أن أقول لك أمراً خطيرا ...تزوج أكثر من واحدة، ولا تكتب كتاب امراة عبرها الرجال من قبلكَ، وحياتك ،يا صديقي رحلة عرجاء ،بقايا تتناثر كما أمانيك، ففي شبابك كن متزنا، أفعل ما يشتهيه قلبك، وتحقق مما يريده عقلك، فإن وازنت بين العقل والقلب، فلك الفضاء،أما لو تمسكت بما تلته عليك جدتك، فقد فاتك كلّ شيء في الحياة،حتى الرجاء...وستبكي عندها ياصديقي دون أن يأتيك الرب بما يُشبع عندك الجوع، ولا العطش ولا حتى السراب.. تعلم أن البحر يأتيك في الغيوم ، فلا تؤجل الفرح للغد، لا تفرح قبل مواسم البكر، ولا توقظ في انثى مشاعر للفرح ،لأنها ستتمرد عليك، عاصر نهديها لثماً، وشفتيها كما الرضيع ، من يدري قد يكون الرحيل الأبدي دونما تعلم، ؟!!هي الحياة. ألم تعلمكَ أن ليس كلّ شيء هو لكَ ؟!!!، وتعلم من الهندسة طريق الخطوط ، والنقطة ، والمسافة،والنقلة وتذكر معي صديقنا المخلوع الفيلسوف اليوناني زينون، وأرشدك إلى أجدادنا البابليين، والآشوريين، والأكاديين ،والآراميين والفينيقيين السوريين فهم أس الحضارات، وهم منبع العلوم والمنارات ،ولا تحلم ، فالحلم آخر المعجزات ،إن لم تتوصل لما قدمته، من فرض ،وطلب ،ولم يأتيكَ البرهان، تعلم أن تغسل لكلّ شيء بقاياه، ولا تفرح ،بالكروم التي ستعتصر خمورها،لأنها لاتعنيك سوى المناظر العابرة، أنت مجرد حلم ،ويتلاشى، فلا تتأخر، في رسم معالم كينوتك، وجوهرك. المتمردون وحدهم يخلقون، إضافات إبداعية، المتمردون ،العارفون، هم وحدهم ،عليك بمرافقتهم، أما تلك الأنثى المتمردة ناكرة الجميل التي باعتك جسدها وكل ماتملكه ، التي جاءت لكي تعبر فلا تعبرها قبل أن تغرسه في أحشائها لتظل عاهرةً من بعدك، لاتتعلم الطيبة ،والسذاجة، بدون أن تستقي من بئرها.إياك ثم إياك ،أن لاتكسر وصيتي ، لأنك لو لم تكسر وصيتي ،لن تتقدم، الخوف وحده، كان الجدار العازل بين الألوهة، والبشر.تمرد فليس في الأرض من إله ،غير التمر يخلق لك سمعة، ورهبةً، لاتخف، من النيران ،ولا من برد الصقيع، إزرع في كلّ اتجاهات الأرض، وتعلم لغة واحدةً، لا تكن غيرأنتَ،هؤلاء الذين يحملون ألسنة كالعسل هم الأفاعي ، فاحذرهم ، واحذر الخبثاء ، وأخطرهم اللئيم الذي لو تمكن منك لن ترى نفسك...إياك أن تتذكر ما قلته لكَ أو تردده أمام الآخرين، تعلمه بينك وبين نفسك. سألتقيك في المرات القادمة ، في الربيع القادم ، سأتيك مع عشتار الفصول في ثوب آخر فلا تخف..أنا معك إلى الأبد، ستحملني في خلاياك، ومع قوافل دمك، وربما أردتَ تقليدي فلك ماتشاء لأنني إله ذاكرتكَ ، ستخاف مني، وأنتَ لوحدكَ، ستهمس إنه المبدع الأول وأنا السارق، من قال لكَ بأنكَ لست سارقاً، أنتَ لص وأعرفُ ذلك...الآن الآن ستتوهج من حروفي وتنطلق لترسم قصيدة كما أنا...لا تتأخر ، أنا المحيط وأنت مجرد غيمة عابرة ، لاتخف أنا معكَ إلى الأبد...….
اسحق قومي....
ألمانيا/17/4/2017م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا