الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان ماركس أبا تقليديا ؟

سعيد العليمى

2020 / 4 / 18
الارشيف الماركسي


ترجمة سعيد العليمى
مقدمة
إقترح على الصديق آرام كركوكى ترجمة هذه الرسائل التى لم أصادفها خلال إطلاعى على مؤلفات ماركس . ويبدو فيها ماركس الأب معبرا عن بعض آراءه فى الحب والجنس والتقاليد بمناسبة عينية هى علاقة ابنته لاورا بمن سيصبح زوجها فى المستقبل وأحد قادة الشيوعية الفرنسية وهو بول لافارج . لقد تعرض ماركس لظروف مالية قاسية نزلت به فى احيان كثيرة الى حد العيش ماتحت حد الكفاف . فى وقت لم تكن فيه المرأة غير البروليتارية الكادحة قد نزلت ميدان العمل . كما أن الحركة النسائية الثورية كانت تطرح اولى براعمها الباكرة . وعلى ذلك فلابد من قراءة وفهم الموقف فى الرسائل فى السياق العينى المحدد . فلم يكن ماركس بصدد ابداء رأى فى قضايا الحب والجنس والتقاليد مجردة وانما فى علاقة بول ولاورا فى وقت وسياق محددين . وجدير بالذكر ان نشير الى انهما اى بول لافارج ولاورا ماركس قد عاشا حياة نضالية حافلة . وقد كان للأول بعض الاسهامات النظرية تجلت فى كتابات حول " من اين تأتى الافكار المجردة " و " تطور الاممية " و " النزعة العاطفية البورجوازية " و " الحق فى الكسل " وغيرها الكثير . وكان قد قرر بالإتفاق مع لاورا ان ينهيا حياتهما اذا مابلغا سن السبعين قبل ان يفقدا حسهما بالحياة وحتى لايصبحان عبئا على احد . وقد فعلا ذلك فى الموعد الذى حدداه . وفى 3 ديسمبر 1911 وقف لينين على قبر بول ولاورا وعبر عن احترامه لبول لافارج " بوصفه رجلا ممن اتصفوا بالنبوغ والعمق فى الدعوة للأفكار الماركسية " و " بشخص لافارج يتحد فى اذهان العمال الاشتراكيين الديموقراطيين الروس عهدان " العهد الذى هبت فيه شبيبة فرنسا الثورية والعمال الفرنسويون باسم الافكار الجمهورية للانقضاض على الامبراطورية ، وذلك العهد الذى قامت فيه البروليتاريا الفرنسية تحت قيادة الماركسيين بنضال طبقى حازم ضد النظام البورجوازى برمته ، استعدادا للمعركة الاخيرة ضد البورجوازية فى سبيل الاشتراكية ." ( خطاب القى باسم ح ع ا د ر اثناء دفن بول ولاورا لافارج – الاعمال المختارة فى عشر مجلدات – المجلد الثالث ص ص 544 – 545 ) .

من خطاب إلى بول لافارج ( فى لندن ) – بالفرنسية فى الأصل –
لندن ،13 أغسطس ، 1866
عزيزى لافارج :
إسمح لى بإبداء الملاحظات الآتية :
1 - إذا أردت أن تستمر فى الإتصال بكريمتى ( لاورا ) فلابد ان تكف عن سلوكك ب " التغزل " بها . فأنت تعلم جيدا انه ليس هناك وعد بالزواج بعد ، وما يزال الأمر إحتمالا . وحتى لو كنت خطيبها من الناحية الرسمية ، فلاتنس أن هناك أمورا كثيرة معلقة ترتبط بالموضوع . ان عادة العلاقة الحميمة للغاية غير ملائمة هنا بما يغنى عن الذكر حيث يتعين على المحبين أن يعيشا هنا متسمان بالطهر فى نفس المكان لفترة قد تطول بالضرورة تحت إغراءات قوية . وخلال حقبة جيولوجية إستغرقت أسبوعا ، لاحظت التغير فى سلوكك مصدوما . وفى رأيى ، يتم التعبير عن الحب الحقيقى بالتحفظ ، وبالتواضع ، بل وحتى بالخجل من جانب المحب إزاء محبوبه ، وليس بتطرفات مزاجية أو تودد سابق لأوانه لأبعد حد . حين تطلق مزاجك الكريولى ( يقصد ماركس دماءك الحارة حيث تشير لفظة الكريولى للشخص الفرنسى المختلط عرقيا بالأسبانى أو الزنجى – المترجم العربى )، فإننى أعتبر أن من واجبى أن أقف بين مزاجك وبين ابنتى بحسي الصحى السليم . إن لم تكن قادرا على إظهار حبك لها فى شكل يتفق مع أعراف لندن فمن المنصوح به أن تحبها من بعد . وليس على أن أسترسل أكثر .
2 – وقبل أن تستقر علاقتك بلاورا تحديدا ، فلابد أن تتضح لى تماما أحوالك الإقتصادية . إبنتى تعتقد أننى أعلم عن أمورك . وهى مخطئة فى ذلك . فأنا لم أتحدث فى هذه الأشياء لأنه فى رأيى انه كان واجبك انت ان تقوم بالمبادرة . أنت تعلم أننى ضحيت بكل ثروتى من أجل النضال الثورى . ولست آسفا على ذلك . على النقيض تماما . اذا كان على ان ابدأ حياتى من جديد فسوف افعل نفس مافعلت . ولكننى لم اكن لأتزوج . وبقدر إستطاعتى فإننى أريد أن أحمى إبنتى من نفس الصخور التى تحطمت عليها حياة أمها . وبما أن هذه المسألة لم تكن لتصل أبدا الى هذا الحد الا بسبب سلبيتى ( ضعف من جانبى ! ) وبدون الأثرالذى كان لصداقتى لك على موقف ابنتى ، فإن مسؤولية شخصية ثقيلة تقع على عاتقى . وفيما يتعلق بظروفك الحالية ، بنوع المعلومات التى لم اسع اليها وانما تناهت الى مصادفة فهى ليست مطمئنة . ولكن دعنا نترك ذلك . بالنسبة لوضعك العام ، فما أعلمه أنك مازلت طالبا ، وبسبب حادثة لييج ( 1 ) فإن مسارك المهنى فى فرنسا قد تحطم جزئيا ، كما أنك مازلت تفتقر لمعرفة اللغة الانجليزية – وهو شرط لازم لتأقلمك فى انجلترا – وان فرصك كلها اشكالية فى افضل الاحوال . وقد تبين لى من ملاحظتك انك لست مجتهدا بطبيعتك ، بالرغم من النشاط الحماسي العرضى ونواياك الطيبة . فى ظل هذه الظروف فانك مضطر للإعتماد على الآخرين لمساعدتك فى انشاء حياة مشتركة مع ابنتى .وانا لااعرف شيئا عن اسرتك . وحتى ان كانوا يعيشون حياة هانئة ، فلايعنى هذا انهم مستعدون لأن يتحملوا أية تضحيات من اجلك . اننى لااعرف حتى كيف يشعرون بشأن زواجك المقترح . من الضرورى بالنسبة لى واكرر ، ان يتوفر لى توضيح ايجابى لكل هذه الاسئلة ( 2 ) . ويتبقى ، لواقعى صريح مثلك الا يتوقع منى ان اتصرف بشكل مثالى حينما يتعلق الامر بمستقبل ابنتى . ووضعى مثلك يريد ان يقضى على الشعر ، لن يرغب فى ان يصنع شعرا على حساب طفلتى .
3 – حتى استبق اى تفسير زائف لهذه الرسالة الفت انتباهك الى حقيقة انه – اذا ماشعرت باغواء فى ان تتزوج اليوم – فانك لن تنجح . فسوف ترفض ابنتى . وانا سوف احتج . كان عليك ان تنجز شيئا فى الحياة قبل ان تفكر فى الزواج ، وسوف يتطلب هذا فترة اختبار طويلة لك وللاورا .
4 – سوف اقدر لك ان بقيت هذه الرسالة سرا بيننا . واننى لفى انتظار ردك .
كليا لك
كارل ماركس
هوامش
1 – حضر لافارج فى اكتوبر 1865مؤتمرا عالميا للطلاب فى مدينة لييج ، وبسببه اوقف هو وجملة من الطلاب عن الدراسة فى الجامعات الفرنسية .
2- انظر الرسالة التالية ، من ماركس لانجلز ، 23 اغسطس 1866 حول قبول لاورا كعروس لبول .
الرسالة الثانية
الى فردريك انجلز ( فى مانشستر )
لندن ، 23 اغسطس ، 1866
عزيزى فرد :
اليوم بضع كلمات فقط . جرى ترتيب الامر مع لافارج ( 1 ) الى حد ان الرجل العجوز ( 2 ) كتب الى من بوردو ، طالبا منى منح لقب الخاطب لابنه وقد صرح لى بملاءة وضعه الاقتصادى . وبعيدا عن ذلك ، فقد تم الإتفاق على ان يجتاز لافارج الشاب امتحان الدكتوراة فى لندن ثم فى باريس قبل ان يفكر فى الزواج . وها قد سوينا الأمر . ولكنى اخبرت الكريولى ( المقصود بول المندفع ذو الدم الحار – المترجم العربى ) امس انه ان لم يكن بمقدوره ان يتحكم فى نفسه وفق قواعد السلوك الانجليزية فإن لاورا سوف تسرحه بلا صخب اضافى ( 3 ) وهو ماينبغى ان يدركه تماما . او لن يتمخض عن الامر شئ . انه شاب جيد لاقصى حد ، ولكنه طفل مدلل ، وله طبيعة طفولية .
لقد صرحت لاورا انه قبل ان تخطب رسميا فلابد من ان تحصل على موافقتك .
هنا وهناك تظهر بدايات بثور جديدة وسرعان ماتختفى ، ولكنها تجبرنى على ان احدد ساعات عملى .
خالص تحياتى الى ليزى ( 4 )
سلام
لك
كارل ماركس
هوامش
1 – خطوبة بول لافارج للاورا ماركس . فى 13 اغسطس 1866 ، كتب ماركس الى انجلز : " لقد كتبت اليوم رسالة طويلة بالفرنسية حيث اخبرته اننى لابد وان اتلقى معلومات ايجابية عن حالته الاقتصادية قبل ان تتواصل الامور ( مع لاورا ) اوان تتطور اكثر ."
2 –فرانسوا لافارج هو والد بول
3 – انظر الرسالة الاولى ، من ماركس الى لافارج ، 13 اغسطس ( وليس 22 اغسطس كما يصرح ماركس ) 1866 .
4 – ليديا بيرنز
الرسالة الثالثة
الى لاورا ماركس ( فى هاستينجز )
لندن ، 28 اغسطس ، 1866
عزيزتى كاكادو
تلقيت خطابك ، ولم يكن غير مفتوح ، مادام كان عليه ان يمر خلال اصابع ايدى الامبراطور ( 1 )
لقد كان رأيى دائما انه حتى تعطى " تعليمك "اللمسات الاخيرة فمازلت فى حاجة لمدرسة داخلية . سوف تكون غاية فى الفائدة .
( لقد تركنى الفارس ذو الوجه الحزين فى ركن بيته ) 2 . وقد ارتعش قلبه الى حد كبير قبل ذلك ، وقد بدا انه يحتمل انفصاله عنى بلامبالاة بطولية بالاحرى .
امنياتى الطيبة الى جينى . 3
ارفق طيه 5 جنيهات ، وسوف ارسل الباقى الاسبوع الثانى .
العجوز ، المتواضع لك
سوف تبدأ ماما حملتها الخاصة غدا او بعد غد . كانت هناك حاجة لدفعة كبرى حتى تنطلق .
هوامش
1 – اسم تدليل لزوجته
2 – بول لافارج
3 – الإبنة جينى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماركس
عامر سليم ( 2020 / 4 / 18 - 06:05 )
بعيداً عن عبقرية ماركس , تبقى شخصيته صعبه ومعقده وعصيه على الفهم وسبر أغوارها.
فالرجل عاقر الخمر وكان اشبه بالمتشرد والمتسول في منفاه بلندن , وخان زوجته مع خادمته وحملت منه وتنكر لطفله ولم يعترف به! ( تروتسكي ايضاً خان زوجته مع الرسامه - كاهلو- زوجة الفنان المكسيكي - ريفيرا- الذي كان يستضيفه في بيته لحمايته من مخابرات ستالين!) .
شكراً للأستاذ العليمي على هذه الترجمه التي كشفت جانباً آخر من غرابة هذه الشخصيه التي شغلت الناس وملئت الدنيا.

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس


.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم




.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟


.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة




.. الشرطة الأرمينية تطرد المتظاهرين وسياراتهم من الطريق بعد حصا