الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف الأسري في العراق وغياب القانون المناهض...كفى عنفا

عادل عبد الزهرة شبيب

2020 / 4 / 18
ملف يوم المرأة العالمي 2021: التصاعد المرعب في جرائم العنف الأسري في ظل تداعيات وباء كورونا وسبل مواجهتها



أشارت العديد من التقارير المثيرة للقلق الى ارتفاع في حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري في جميع انحاء العراق خاصة مع تزايد التوتر بين افراد الأسرة بسبب الحجر المنزلي الاجباري بفعل جائحة كورونا . مما لفت ذلك بعثة الأمم المتحدة في العراق ( يونامي ) حيث اصدرت بيانا لها في السادس عشر من نيسان / ابريل 2020 عبرت فيه عن قلقها من ارتفاع وتيرة العنف الأسري في ظل الفيروس الفتاك , مع نشر العديد من التقارير عن حالات العنف التي برزت مؤخرا في العراق والتي منها اغتصاب امرأة من ذوي الاحتياجات الخاصة في كركوك , واعتداء زوجي وانتحار امرأة جراء العنف الأسري وحرق زوج لزوجته وقيام امرأة بإشعال النار بنفسها لنفس السبب وتكبيل احد الآباء لابنته بالسلاسل لأكثر من ثلاثة اسابيع واذية النفس بسبب الاساءة الزوجية المتكررة والتحرش الجنسي بقاصر , وغيرها من الجرائم ذات الصلة. علما ان مثل هذه الجرائم تكثر في الريف بشكل خاص وكذلك في المدن العراقي بسبب سيادة العادات والتقاليد العشائرية البالية التي تنظر للمرأة بأنها عورة ناقصة عقل .
ان زيادة مثل هذه الجرائم يثير القلق ويسلط الضوء على الضرورة الملحة لقيام البرلمان العراقي بتشريع قانون مناهضة العنف الأسري . وقد دعت الأمم المتحدة في العراق السلطات الى ضمان استمرار السلطة القضائية في ملاحقة المعتدين وزيادة الاستثمار في خدمات الخط الساخن والخدمات عبر الانترنت الداعمة للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي ودعم دور منظمات المجتمع المدني وابقاء ابواب الملاذات الآمنة مفتوحة للنساء الهاربات من العنف ومعاقبة أي نوع من انواع العنف الأسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي . ودعت المنظمة الدولية السلطات العراقية لجعل حماية النساء والأطفال احدى ابرز اولويات الخطة الوطنية للاستجابة لجائحة كورونا. وان من شأن اقرار قانون مناهضة العنف الأسري في العراق ان يضمن محاسبة مرتكبي جرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي بما فيها اولئك مسببي الأحداث البشعة التي حدثت مؤخرا في مدن العراق المختلفة .
ان العنف ضد النساء والفتيات جريمة لا تغتفر ويجب ان لا تمر دون عقاب صارم , فنساء العراق يستحققن الأفضل .
ان العنف ضد المرأة لا يزال يعتبر مشكلة منتشرة في انحاء العالم المختلفة , ولهذه الغاية فقد اصدرت الأمم المتحدة قرارها المرقم 104 / 48 الذي يؤسس الطريق نحو عالم خال من العنف ضد المرأة بكل انواعه . وتشير الأمم المتحدة الى انه لا يزال 37 بلدا في العالم يعفي مرتكبي الاغتصاب من المحاكمة , وان 49 بلدا لا توجد فيها قوانين تحمي النساء من العنف المنزلي . وقد اطلق الاتحاد الاوربي والأمم المتحدة في عام 2017 مبادرة تسليط الضوء على القضاء على جميع اشكال العنف ضد النساء والفتيات الهادفة الى رفع الوعي حول هذه المسألة مما يتماشى مع خطة التنمية المستدامة لعام 2030. كما اختارت الأمم المتحدة يوم 25 تشرين الثاني يوما عالميا لمناهضة العنف ضد المرأة , وجاء الاختيار على اثر الاغتيال الوحشي عام 1960 للأخوات الثلاثة ( ميرابال ) الناشطات السياسيات في جمهورية ( الدومنيكان ) بناء على اوامر الحاكم الدومينيكي ( رافاييل ترخيو ) , ودعت المنظمة الدولية الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية لتنظيم فعاليات في اليوم الدولي المخصص للتعريف بهذه المشكلة والعمل على منعها مما يمهد الطريق نحو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات .
تعريف العنف ضد النساء :
يمكن تعريف العنف ضد النساء بأنه مصطلح يستخدم بشكل عام للاشارة الى أي افعال عنيفة تمارس بشكل متعمد او بشكل استثنائي تجاه النساء , وهو سلوك عنيف متعمد موجه نحو المرأة ويأخذ عدة اشكال سواء كانت معنوية او جسدية . وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة هو السلوك الممارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبية الجنسية مما يؤدي الى معاناة واذى يلحق المرأة في الجوانب الجسدية والنفسية ويعد التهديد بأي شكل من الأشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة والعامة من ممارسات العنف ضد المرأة .
ان العنف ضد المرأة هو انتهاك واضح وصريح لحقوق الانسان حيث يمنعها ذلك من التمتع بحقوقها الكاملة , اضافة الى عواقبه الخطيرة التي لا تقتصر على المرأة فقط وانما تؤثر في المجتمع بأكمله لما يترتب عليه من آثار اجتماعية واقتصادية خطيرة .
أسباب العنف ضد المرأة :
1. الدوافع الاجتماعية: والتي تشمل تدني مستوى التعليم وتفشي الجهل بين افراد المجتمع .
2. الدوافع النفسية : وتعود الى العوامل النفسية التي تشكلت لدى الأفراد مرتكبي العنف ضد المرأة في الصغر , او يرجع الى تعرض هؤلاء للإيذاء بأي شكل من الأشكال في طفولتهم من الوالدين او الأخوة الكبار , او وجودهم في بيئة اسرية تنتشر فيها حالات تعنيف الأبوين او اعتداء الب على الأم , الى جانب اضطرابات الشخصية التي قد تؤدي الى خلق شخصية معادية للمجتمع .
3. الدوافع الاقتصادية , والتي تعد من اكثر دوافع العنف ضد المرأة , ويعود سبب ذلك الى الضغوطات الاقتصادية التي تعاني منها شريحة واسعة من المجتمع وتدني المستويات المعيشية وتفشي البطالة والفقر حيث تشكل هذه العوامل مجتمعة ضغوطات نفسية كبيرة على معيلي الأسرة.
4. العادات والتقاليد العشائرية البالية التي تعتبر المرأة عورة ناقصة عقل وانها تحتل المرتبة الثانية بعد الرجل وليست مساوية له .
انواع العنف ضد المرأة :
لا ينحصر العنف ضد المرأة في شكل واحد بل يأخذ عدة اشكال منها : العنف الجسدي والعنف النفسي والعنف الجنسي والعنف الاقتصادي..
آثار العنف ضد المرأة :
للعنف ضد المرأة آثار خطيرة لا تقتصر على المرأة فقط بل تمتد لتشمل اسرتها المحيطة والمجتمع ومن ابرزها : الآثار الصحية والآثار النفسية والآثار الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية .
موقف العراق من العنف ضد المرأة :
لا يوجد في العراق قانون لمناهضة العنف الأسري والعنف ضد المرأة مما دعا الأمم المتحدة الى دعوة البرلمان العراقي للإسراع في اقرار قانون مناهضة العنف الأسري بعد ارتفاع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري في جميع انحاء البلاد . حيث ان مثل هذا الأمر لا يعتبر من اولويات الحكومة وبرلمانها بقدر اهتمامهم بالامتيازات والمكاسب والمغانم التي يحصلون عليها من السلطة .
اما بالنسبة الى قانون العقوبات العراقي فهو لم ينصف المرأة العراقية فقد تضمن العديد من النصوص القانونية المجحفة بحق المرأة العراقية حيث قوامة للرجل على المرأة وهناك تمييز واضح في القانون بين الرجل والمرأة في حالة ارتكاب الأفعال المخالفة للقانون . فالمادة ( 41 ) من القانون نصت على : (( لا جريمة اذا وقع الفعل استعمالا لحق مقرر بمقتضى القانون ويعتبر استعمالا للحق : 1- تأديب الزوج لزوجته ,وتأديب الآباء والمعلمين ومن في حكمهم الأولاد القصر في حدود ما هو مقرر شرعا او قانونا او عرفا .)).. فهذه المادة قد منحت الزوج حقا بنص القانون يخوله فيها استخدام الضرب في عملية التأديب ويعتبره سببا من اسباب الإباحة وحقا للزوج يستخدمه حين يوجب الأمر ذلك , علما ان محتوى هذا النص يتعارض مع نص المادة (3 ) من قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي( اعتبر الزواج عقدا بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته تكوين الحياة المشتركة والنسل ). .. ولم يتضمن العقد اباحة استعمال الضرب والعنف ضد المرأة . كما ان استعمال العنف الأسري يتعارض واحكام المادة ( 29 ) من الدستور العراقي التي نصت الفقرة ( رابعا ) منها على : (( تمنع كل اشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع .)) , وتشكل ايضا انتهاكا للمادة ( 7 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على : (( لا يجوز اخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة او العقوبة القاسية او الغير انسانية او التي تحط بالكرامة )) .
واليوم العراق بحاجة ماسة الى الغاء النصوص القانونية التي تتعارض مع حقوق الانسان وكرامته وتضمن للمرأة احترام كرامتها ولا بد من الغاء المادة ( 41 ) من قانون العقوبات العراقي بل المطلوب الغاء كل القانون وتشريع قانون جديد يتناسب مع التطورات في العراق والعالم يحترم فيه المرأة والانسان عموما ويصون كرامته . ولكن من يفعل ذلك في ظل نهج المحاصصة الطائفية المتبع وفي ظل النزاعات بين القوى السياسية المتنفذة حول المناصب الوزارية وغنائم العراق وتقسيم الكعكة ؟؟؟
وفيما يتعلق بالموقف من المرأة في العراق فقد اكد برنامج الحزب الشيوعي العراقي المقر من المؤتمر الوطني العاشر للحزب على :( ايلاء قضية المرأة ومكانتها داخل العائلة وفي المجتمع اهتماما مميزا على الصعيدين الوطني والاجتماعي ووضع استراتيجية وطنية شاملة بجانب تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة لتمكين المرأة من ممارسة حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة وبما يضمن مشاركتها النشيطة في جميع المؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية وفي منظمات المجتمع المدني وفي بناء دولة عصرية .وأكد ايضا على الارتقاء بالمرأة الريفية اجتماعيا وثقافيا وتقديم الدعم لنضال المرأة ومنظماتها من اجل الغاء اية تشريعات تنتهك حقوقها وازالة اية قيود تحول دون اقامة منظماتها المستقلة وممارسة نشاطها الديمقراطي بحرية .وضمان مساواة المرأة مع الرجل في الاجور قانونا وفعلا في جميع القطاعات الاقتصادية وضمان حق النساء العاملات في حماية الامومة والطفولة وتكافؤ الفرص امام النساء في ميادين العمل كافة والحفاظ على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المعدل والعمل على تطويره والغاء المادة ( 41 ) من الدستور العراقي التي نصت على : (( العراقيون احرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم او مذاهبهم او معتقداتهم او اختياراتهم , وينظم ذلك بقانون )) , وضمان التزام الدولة العراقية بالدستور وبجميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة والطفل وتكريس ذلك في القوانين ذات العلاقة مع تفعيل التشريعات والاجراءات التي تمنع الاتجار بالنساء والاطفال واصدار قانون مناهضة العنف الاسري)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار