الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة معاصرة في كتاب الجمهورية الفاضلة للكاتب ج. اتش.بوكلي

عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي

(Abdulaziz Meslat)

2020 / 4 / 18
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الجمهورية الفاضلة ! هو الكتاب الأكثر أهمية من وجهة نظري خلال الخمسة أعوام الماضية الذي حقق انتشاراً ملحوظاً في العديد من دور النشر العالمية!
الكتاب يستعرض أهمية دور الدساتير في مكافحة الفساد، ويضع هياكل جديدة وآليات عمل رشيدة للحكومات التي تسعى لمكافحة الفساد!
تبرز أهمية الطرح في مدى تعرض الكاتب العملاق ".ج اتش بوكلي"لحالات تدوير الزوايا في السياسة الأمريكية منذ عهد الرئيس ابراهام لينكولن، باعتباره أول من وضع إطار عملي نافذ لورقة مدنية قائمة على المساواة في الحقوق المدنية، واعتبرها الخطوة الاولى -اَي المساواة والعدالة- نحو تحقيق الاستقرار والازدهار الأخلاقي والتنمية.
مقدمة الكتاب تستعرض ما وصفه الكاتب "الولايات المتحدة الفاسدة" التي تحمي رؤساء مارقين مثل "دونالد ترامب" من التهرب عن استحقاقات القوانين الضريبية، وحماية الأجهزة الحكومية له في تهربه الضريبي، ومدى العجز الإداري المؤسسي لدى اجهزة العدالة في مراقبة ترامب والتحقيق معه ومضار هذا الاتجاه الحكومي العام من عدم تقييد أعمال الرئيس عبر اللجان القضائية والتشريعية في النواب ومجلس الشيوخ، ما جعل سياسات طويلة من مكافحة التمييز العنصري، ومحاربة الاستغلال والتربح غير المشروع، وغيرها من سياسات اعتبرها الكاتب تتصدى لمحاولات الضرر والإخلال بالتوازن الاجتماعي في المجتمع الأمريكي، من فقدان أهليتها الكاملة عبر إنتاج منظومة رأسمالية تتغول تبعاً للرأسمال السياسي "حسب وصف الكاتب".
مفهوم جديد في لغة السياسة أو في علم السياسة اسمه "الرأسمال السياسي" الذي يشكل تعثر ملحوظ في مسار الليبرالية الامريكية، والذي يعني صعوده لمفاهيم كلية جديدة في السياسة . تبرز تبعاً للمقولات النظرية الذي يستخدمها أنصار البنيوية الواقعية والتي أعاد إحيائها من جديد دونالد ترامب عبر خطابه للناخب الأمريكي، والذي على مايبدو انها تأخذ منحى الزخم الانتخابي في اعادة تقبل أوراقه الانتخابية في الشارع الأمريكي كقائد وزعيم وطني وليس كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.
يتناول الكاتب إشكالية معرفية ساهمت في بناء النظرية الواقعية منذ منتصف خمسينيات القرن المنصرم والتي أثرت بالمدارس الاخرى في العلاقات الدولية التي ساهمت في تشكيل النظام العالمي الجديد عبر ما يسمى "الفواعل غير الدولاتية " ، والتي شكّلت مستقبل العالم لاحقاً وانقساماته الأفقية الوطنية، والعمودية القطبية!
اعتبر الكاتب أن أمريكا دائما تدرك مدى حاجتها المتكررة الى إعادة إنتاج ما يسمى "الميكيافيلية" الواقعية، في منظومة علاقات متشكلة من الأطراف الفاعلة في رسم القدر السياسي والاقتصادي العالمي! وحدد ذلك بخط بياني منذ عهد الرئيس "ترومان" الذي كان يعتبر أن الشعبوية السياسية ستقود حتماً الى صناعة منافس جديد يدخل اللعبة على حساب الطرف الخاسر، وهذا ما وجده دونالد ترامب في أن هذا الطرح سيقوم مقام آلة الحسم بوجه طموحات الديمقراطيين في الداخل الأمريكي، لهذا وجد الرئيس ترامب ضالته في تشبيك نوعي جديد مع دول بالأساس تعتبرها النظريات البنيوية دول شعبوية "كروسيا" مثلاً، على حساب الدول التي شكل اقتصادها الداعم الأكبر للولايات المتحدة عبر التاريخ.
ومن الجدير بالأهمية في نفس المكان أن تقوم إلادارة الامريكية برفض كل ما ينتج عن الرئيس من ممارسات مع تقبلهم لسياساته أو "برامجه" عبر النظم الإجرائية، وتلك تشكل حالة معيارية تقود الى صناعة "شبح" زعاماتي جديد على حساب القيم الديمقراطية التي تبنتها امريكا إبان تكونها كدولة!
في هذا الكاتب بعض الإضاءات على مناقشات وحوارات أبرز قيادات الولايات المتحدة في الصفوف الإمامية من مختلف التيارات، يتفق معظمهم على أن "المبدأ الترامبي"، "امريكا أولاً" بقدر ما يضر بمصالح الولايات المتحدة، إلا أنه نافع ومفيد على المستوى غير المنظور لأنه يعي حقائق التحولات الجيوسياسية العالمية، ويعيد معها تأهيل سياسات تنسجم مع المعطيات الجديدة، وتتماشى مع إمكانية تحقيق تفرد قطبي من نوع آخر للولايات المتحدة في العالم!

كثير ما تناوله هذا الكتاب من رؤى واستنتاجات ونقاط تعطي الانطباع أن هناك مرحلة جديدة في الفكر السياسي سيتمخض عنها نظرية ومذهب جديد في العلاقات الدولية!
والأهم أنه يتناول بشكل مباشر حالات الفساد التي قد تقود الى خسارة المبدأ، وبالتالي خسارة "الربح" المتأتي عن هذا المبدأ!

كتاب رائع ينصح بقراءته!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. هل سيؤسس -الدعم السريع- دولة في د


.. صحف بريطانية: هل هذه آخر مأساة يتعرض لها المهاجرون غير الشرع




.. البنتاغون: لا تزال لدينا مخاوف بخصوص خطط إسرائيل لتنفيذ اجتي


.. مخاوف من تصعيد كبير في الجنوب اللبناني على وقع ارتفاع حدة ال




.. صوت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح مساعدات بقيمة 95 مليار دولار