الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار حزيران

ساطع راجي

2020 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


العلاقة مع الولايات المتحدة هي أكثر الملفات احراجا للقوى السياسية الشيعية الكبرى التي تريد بقاء حالة "الزواج السري" بين الطرفين الى ما لانهاية، إذ تعتبر هذه القوى ان كلفة التحول الى علاقة علنية واضحة باهضة ليست فقط بسبب ظروف العلاقة النظيرة مع ايران بل لأن الخروج الى العلن يحرم القوى الشيعية من هامش مناور كبير في ادارة الملفات السياسية ومنهج الحكم وتشكيل التحالفات، بل ان بعض القوى الشيعية صارت تكرر لعبة التوازن التي استخدمها رؤساء عرب مثل المصري حسني مبارك واليمني علي عبدالله صالح، اي لعبة ابتزاز الامريكان عبر التخويف بالجماعات الاكثر تطرفا، لكن الجماعات هذه المرة شيعية شقيقة وليست السلفية او الاخوان المسلمون.
نمط "الزواج السري" ضيع معالم الاتفاقات العراقية الامريكية ولم يعد واضحا مفهوم "اتفاقية الاطار الستراتيجي" التي تزامنت مع اتفاقية الانسحاب الامريكي من العراق، إذ يتحدث المسؤولون العراقيون والامريكيون عن اتفاقية الاطار بجانب واحد يخص ما تقدمه واشنطن للعراق، وكلا الطرفين يرفضان الحديث عن المقابل العراقي، لتكون الاتفاقية بذلك جزءا من ميثاق "الزواج السري" بين الطرفين ويبدو ان الامريكان حينها تفهموا احراجات القوى الشيعية ولذلك لم تخرج الاتفاقية بصيغة الحقوق والواجبات المتبادلة وهو ما ترفضه ادارة ترامب اليوم ولذلك دعت الى حوار ثنائي جديد ينطلق أواسط حزيران المقبل قال عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أنه "سيناقش قضايا استراتيجية تهم البلدين، من بينها مستقبل وجود القوات الأميركية على الأراضي العراقية"، الدعوة للحوار أوصلها السفير الامريكي في بغداد ماثيو تولر لرئيس حكومة تصريف الاعمال عادل عبدالمهدي الذي "رحب بفتح حوار استراتيجي بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، بما يحقق المصالح المتبادلة" عبدالمهدي تحدث لاحقا عن الموضوع خلال اجتماع لمجلس الامن الوطني العراقي خصص لمناقشة الحوار المرتقب وقال أن "محور العلاقات بين البلدين يجب ان يتم بشكل ودي وليس عدائيا، ولمصلحة العراق والولايات المتحدة كشريك وصديق ومن أجل حفظ مصالح المنطقة والعالم"، لكن الطبيعي ان الحوار يتم بين حكومتين كاملتي الصلاحيات وهذا ما لايتوفر في حكومة عبدالمهدي المستقيلة، ومن الواضح ان واشنطن لا ترغب باجراء هكذا حوار مع حكومة يرأسها عبدالمهدي واللافت ان اجتماع مجلس الامن الوطني عقد في الثامن من نيسان بينما تم بصيغة درامية تجاوز تكليف عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة الجديدة وتكليف مصطفى الكاظمي الموصوف بقربه من الامريكان يوم 9 نيسان بالمهمة ربما ليحقق ما وصفه عبدالمهدي بالشكل "الودي وليس العدائي" بين الطرفين وهو ما تريده ايران أيضا ولم تكتف بالتعبير عنه بلقاء أمين المجلس القومي الإيراني علي شمخاني مع رئيس جهاز الاستخبارات الوطني العراقي مصطفى الكاظمي قبل تكليفه بشهر بل أضافت اليه ما قاله السفير الايراني السابق في العراق حسن كاظمي قمي يوم 18 نيسان لوكالة تسنيم الايرانية "أعتقد أن الحوار الاستراتيجي الجديد لن يحدث إلا إذا كان الأمريكيون يسعون إلى وجود جيد في العراق، وهذا ممكن إذا كفت واشنطن يدها عن أهدافها غير المشروعة، لتكون قادرة على إقامة علاقة جيدة" والاهداف غير المشروعة تشير غالبا الى استخدام العراق ضد ايران.
ما يتبقى هو مدى قدرة القوى العراقية على استيعاب المرحلة المهمة لتحدد بوضوح ما تريده من علاقات عراقية امريكية ثابتة وعلنية، وهذا الوضوح هو أكبر اعداء القوى الشيعية ليس فقط في ملف العلاقة مع واشنطن بل في كل ملف وخطوة فهي مدمنة على الغموض والتلاعب بالكلمات والتنصل عن المسؤولية في أي قرار، في مقابل شريكين هما الكرد والسنة يعلنان بوضوح رغبتهما بعلاقة استثنائية مع واشنطن رغم ان زعماء وساسة الطرفين يرتبطان بعلاقات وثيقة مع طهران التي صار غموض وتذبذب اصدقائها من الساسة الشيعة في العراق أكثر إرهاقا لها من صراحة أشد خصومها عداوة.
الفرقاء الشيعة في العراق يحاولون التملص من مواجهة ملف العلاقة مع امريكا بدرجة الوضوح العالية التي تريدها ادارة ترامب ولذلك يراهنون مجددا على عامل الوقت لكن وكما في كل مرة فهو ليس في صالحهم، نحن مقبلون على انتخابات رئاسة امريكية إذا فاز بها ترامب فهو سيستأنف تجاوزه كل بروتكولات التعامل بين الدول، ذلك التجاوز الذي أعلنه سافرا بعملية المطار وقتل القياديين العراقي والايراني وأما إذا خسر ترامب السباق فإن بديله هو جو بايدن المرشح الديمقراطي والنائب السابق للرئيس اوباما الذي ترك ملف العراق بين يديه وبايدن هو صاحب المشروع المعروف الداعي الى تقسيم العراق الى ثلاث كيانات ومن الواضح اي هذه الكيانات سيكون في مواجهة صريحة مع واشنطن وقتها، بمعنى ان كلا الرجلين يتبنيان مواقف حادة تجاه الوضع العراقي فيما تفتقر القوى العراقية وخاصة الشيعية الى اي قرار او رؤية متماسكة للتعامل مع ملف العلاقات بالولايات المتحدة التي يبدو انها استعدت جيدا ومبكرا للحوار المرتقب بتشكيل وفدها الذي سيترأسه وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل، إضافة إلى مسؤولين كبار من وزارتي الدفاع والخزانة الأميركية، ووكالة الاستخبارات المركزية وجهات أخرى" وهو يرغب بوفد عراقي مماثل مع ملاحظة ان " يعبر عن كل المكونات العراقية، فضلاً عن ممثلين من إقليم كردستان"، فهل إستعد العراق؟!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ساعدت كوريا الشمالية إيران بهجومها الأخير على إسرائيل؟ |


.. مسلسل يكشف كيفية تورط شاب إسباني في اعتداءات قطارات مدريد في




.. واشنطن تؤكد إرسال صواريخ -أتاكمس- بعيدة المدى لأوكرانيا


.. ماكرون يدعو إلى أوروبا مستقلة أمنيا ودبلوماسيا




.. من غزة| 6 أيام في حصار الشفاء