الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعلان صادم...من الله

ماجدة منصور

2020 / 4 / 20
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات



منذ أن ضربت السيدة المبجلة ، كورونا، كوكبنا المبتلي بي و بكم إلاَ أنها تزورني يوميا..للإستراحة في رحاب منزلي العامر بما لذَ و طاب فهي و لسبب لا أدري جوهره قد أحبتني و صادقتني و باحت لي بكل أسرارها مجتمعة...أي وحق آلهة قريش جميعها.
لا أخفيكم القول بأني قد أحببتها ايضا و قررت الصداقة معا فما أجمل أن تصادق كورونا...عدوة البشرية جمعاء!!
من المدهش أن تصادق فيروس قد أجمعت البشرية على معاداته فلربما كورونا تحتاج صديقة ما!! من يدري!! فمن الجائز أنها قد سئمت عزلتها في حناجر الخفافيش التي تعيش في الظلام أبد الدهر و أنها قد سئمت وجودها في الكهوف و المغاور و قررت
العيش جنبا لجنب بجوار البشر في الضوء و النور...و على عيني و عينك يا تاجر.
من جهتي أنا: فها أنا أعلن لكم بأنني قد قررت قبول صداقة كورونا لي الآن الآن و الى أبد الدهر فكورونا بحاجة كي تخرج من عزلتها الأبدية...فهي بلا صديق أو أنيس أو وليف...ما أقسى أن تكون مثل كورونا...متوحد...متوحش...مغترب....مستفرس...
لا يدري بك أحد!!!
فكرت قليلا و عرفت أن كورونا، صديقتي الجديدة، تشبهني في أمور شتى...فهي إنعزالية تحب العزلة مثلي، وإنتقائية تماما مثلي، و هي عادلة مثلي فالناس عندها سواسية كأسنان المشط لا تُفرق بعضهم عن بعض فلا فضل لعربي أو أعجمي...أسود أو أبيض
ولا عبد عن حر...إلا بالعقل!!
اي و حق عشتار.و

كورونا....صديقتي الجديدة....لا تفرق بين البشر فهي قد تصيب الغفير و الإجير...و سوًاق الحمير، فهي حرة...جامحة...جائحة...ثورية...منفلتة من الزمان و المكان...أناركية...علمانية...عالمية....عابرة للقارات...متحدية للقرارات...غنية بنفسها...مكتفية بوجودها
...مقتنعة بمهمتها...صارمة بعدالتها...قوية بإصابتها...متمردة بطباعها...صعبة بقراراتها...عاشقة لحريتها...مؤمنة بمهامها...هي كورونا خارج السيطرة...فهي كلمة حق بزمن الباطل و العهر و الطغيان.
هي كورونا التي تكره كل الأنظمة الشمولية و الرأسمالية و الثيوقراطية لأنها تكره مظاهر تجمعاتكم و تمقت طقوسكم الدينية و السياسية و الحزبية لأنها تُدرك جيدا أن البشر لا يجتمعون إلاٌ على ضلال و لا يتفرقون إلاُ بضرب النعال..أي و الله.
قلت لكم أن هناك إجتماع يومي...بيني و بين السيدة كورونا و هي تعلمني عن موعد زيارتها لي بكل تحضر و أدب.
في الليلة الفائتة أعلمتني بأنها ستتأخر قليلا لأن لديها جولة سريعة في تركيا وروسيا و إيران...فلها مع ملالي إيران ثأر قديم.
إنتظرتها بحب و ود و جهزت لها النبيذ المفضل لديها...فذوقها عالي جدا بإختيار مشروباتها المفضلة.
أعددت لها ما فاض بي الله من نعمه الكثيرة و أدرت إسطوانات الموسيقى كي استمع لشوبان و باخ و باقي الزعران المنفلتين من بؤس إله البشر.
بعد تأخر دام لمدة ساعة زمنية /مما تعدون/ أطلت عليً كورونا متوهجة كشمس....مشعة كإله إغريقي قد خرج لتوه من معركة منتصرة...متعطرة بعطر الأرض المنسية...منتشية بفرح الطفل المهجور...متمردة كيسوع...وكان القمر يعكس ظل الله على
تكوينها الدائري الفريد و رأيت صولجان العدالة يتوج رأسها الرائع...
ببساطة كنت مرتاحة لزيارتها المباركة.
قدمت لها خمرتها المفضلة و أنا أرتعش بفرحتي و أتنشق سعادتي و أسعد بوجودي الى جوارها...ففي صحبتها تختفي الأسئلة و تصبح هي سيدة اللحظة.
إرتشفت قطرات الخمرة بسرعة غريبة و كأنها كانت تشتاق لتلك الخمر المقدسة..ثم بعدها إنفلت لسانها كالعادة ،، أدركت هذا حين إنتفضت عروق رأسها الأرجوانية الجميلة....
قلت في نفسي: كم هي بهية تلك الكورونا
بعد أول كأس إستدارت بحركة دائرية مدهشة...سريعة....خاطفة....حتى بدت كشمس متوهجة قبل إنفجارها الأخير...بدت كنجم عملاق يشع في سماء عهرنا و قهرنا و بؤسنا و شقائنا و جهلنا و أمراضنا وقالت لي ببهاء المعتزلة و كبرياء المتصوفة و ثقة
العارف بالله ...الآتي:
إسمعي جيدا أيتها الإمرأة المتزمنة بعهر الزمان و المكان: لقد كنت في إجتماع طارئ و عاجل مع الله.
أصابتني الدهشة و أخذ مني العجب كل مأخذ...و نظرت فجأة بمرآتي التي تزين غرفة الضيوف فرأيت وجهي قد إزداد حمرة...و توهجت عيناي البنيتان بألوان قوس قزح...و إرتجفت شفتاي...و هاهي دقات قلبي تتسارع كالعادة حين تواجه المواقف الصعبة
و سألتها :
ماذا قال لك الله؟؟
قالت لي: لقد أعلن الله إستقالته الآن و ربما سيعلن لكم عن تقاعده مستقبلا.
و تابعت قائلة: لقد كلًفني الله بإجتثاث كل الأنظمة الرأسمالية و الشمولية و الدينية من عالمكم الذي ضجً من كم طمعكم و جشعكم و حقدكم و إجرامكم و تلوثكم و عهركم و نفاقكم و ضعفكم و غباءكم و غيابكم...فأنتم قد غبتم عنه و لم تدركوا جوهره وغايته
في كل أحقاب الزمن...و لحقتم كل مارق و نعقتم وراء كل ناعق و جعلتم أرذال الناس حكامكم و من شريعة الملوك و الكهنة دستوركم...فجعلتم كل قبيح....جميل....و نصبتم مجرميكم و أفاقيكم و عرصاتكم و أصاغركم....حكام عليكم!!! فلم وجودي إذا؟؟
تابعت صديقتي كورونا قائلة: لقد قبلت إستقالة الله و ها أنا الآن أعلن لكم أني هنا الآن كي أجثث كل نجاستكم فواجبي الذي عاهدت نفسي به مقدسا فأنا هنا كي أفضح كل الزيف الذي أحاطكم به سياسيكم و رجال دينكم المخبولين بفروج العذارى و سيقان النسوان


إن الله مستقيل الآن...و أنا سيدة عالمكم...غصبا عنكم....فسوف أزيل ممالك من مواقعها و أمحي دولا من مكانتها و أجعل أكابر ناسكم...أصاغرهم....و أرفع أصاغركم...كي يصبحوا أكابركم....سوف أعلمكم العدل و الأدب و التواضع والخجل و الإستقامة
وسوف أقلب عاليكم واطيكم....يا ولاد الصرماية العتيقة.
أي و الله: هكذا قالت السيدة المبجلة كورونا.
إن الله قد أعلن تقاعده من عالمكم الذي ملئتموه ظلما و قهرا و خروبا.
بئس عالم هو عالمكم
و بئس تعاليم هي تعاليمكم ( إليكم أوجه كلامي يا من تدًعون أنكم رجال الله)
الله بريئ منكم و كورونا ستتكفل بالباقي.
على كورونا الإتكال.
أنهت كورونا حديثها معي بسرعة و إنصرفت دون إستئذان.,..هذا هو طبعها.
رجعت لنفسي و أمسكت بجهاز اللاتوب خاصتي و قررت إخباركم عن حديث كورونا المقتضب معي و من ثَم أدركت أن لساني هو لسان معظم الشعوب المقهورة تحت صرامي العسكر و رجال الدين فها أنا أتكلم إليكم الآن بصراحة أكثر مما ينبغي..
و لكن من هو الذي يحدد لي ( ما ينبغي) في زمن الكورونا؟؟؟
ها هو صبري قد نفذ مني و أنا متأهبة للجنوح و الفرار من نذالتكم جميعا...كلكن على بعض فإن طبعي هو طبع الطيور و ها هو وقتكم الآن...الآن الآن و ليس غدا...كي تزحزحوا كل الحواجز و تسقطوا أحجار الدومينو و تهدوا كل الأوثان الدينية و السياسية
من أجل عودة إنسانيتكم المفقودة من جديد... فالإنسانية ليست هبة يهديها لكم رجل دين زبالة أو حاكم قاتل حرامي ...فإذ كان الله قد إستقال من عالمنا فذلك لأنه قد قرف من جهلنا و خوفنا و جبننا الذي توارثناه كابر عن كابر.
الله قد إستقال كي نستفيق من خرافاتنا.
كورونا و أنا قد قررنا أن أبلغكم تلك الإستقالة و ها نحن نحمل الأمانة الصعبة على أكتافنا الرياضية....نجرجرها في أروقة معابدكم المتعفنة و صالونات سياسيكم القتلة و أزقة بؤسكم و عذابكم و أنفاق قهركم المقيم فوق صدوركم التواقة لأكسجين الله و نقول لكم و
بالفم الملآن....لقد إستقال الله....وهو قد حلَ عنكم فمتى تحللوا عنه انتم ايضا؟؟
لنأخذ المسؤولية لمحاربة أمراضنا و تخلفنا لأن الله قد قرف و زهق مننا جميعا....
من جهتي أنا:
لقد قبلت بإستقالة الله بكل حب و سرور و بهجة لأنه قد حان الوقت كي نتحمل مسؤولية كل مصائبنا و نوائبنا بأنفسنا.
هنا أقف
للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بشكل طريف فهد يفشل في معرفة مثل مصري ????


.. إسرائيل وإيران.. الضربات كشفت حقيقة قدرات الجيشين




.. سيناريو يوم القيامة النووي.. بين إيران وإسرائيل | #ملف_اليوم


.. المدفعية الإسرائيلية تطلق قذائف من الجليل الأعلى على محيط بل




.. كتائب القسام تستهدف جرافة عسكرية بقذيفة -الياسين 105- وسط قط