الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الپيشمرگة وحصر السلاح بيد الدولة

ضياء الشكرجي

2020 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


كلنا، نحن الداعين إلى إصلاح العملية السياسية إصلاحا شاملا وجذريا، نجعل مطلب حصر السلاح بيد الدولة كواحدة من أولى أولوياتنا، ونطالب دائما بحل جميع الميليشيات، ونزع السلاح منها ومن العشائر وغيرها. ودائما يأتينا السؤال المشروع جدا، وماذا عن الپيشمرگة، ألا يفترض أن يشملها مبدأ حصر السلاح بيد الدولة؟
من حيث المبدأ، وبدون الالتفات إلى عدد من الخصوصيات التي سأذكر بعضها، من البديهي جدا شمول الپيشمرگة بمبدأ حصر السلاح بيد الدولة. لكن يا ترى ما الذي يدعو إلى استثناء الپيشمرگة من هذه البديهية، ما زالت بديهية؟ إذ لا توجد أي دولة اتحادية، يحق لأحد أقاليمها امتلاك جيش خاص به، فالدفاع والخارجية والاقتصاد من صلاحيات السلطة الاتحادية حصرا.
لكن هناك خصوصيات لحالتنا في العراق، فيما يتعلق الأمر حصرا بإقليم كردستان، مما لا يجوز تطبيقه بأي حال من الأحوال على أي إقليم اتحادي آخر، يؤسس في المستقبل. هذه الخصوصيات كما أراها هي كالآتي:
1. الپيشمرگة، شاء من شاء منا، وأبى من أبى، أقرت دستوريا. سيقال لكننا ندعو إلى تعديل الدستور، في الكثير من مواده وبنوده، فلم لا يشمل التعديل إلغاء المادة ذات العلاقة؟ وهنا أجيب إذا كان ثمة تعديل، حتى لو كان حقا من حيث المبدأ، سيؤدي إلى أزمة، قد تصل إلى درجة تهديد السلم في البلد، فيجب التوقف كثيرا، قبل التفكير بإجراء ذلك التعديل.
2. هذا الشذوذ، وهو بحق شذود، عن الحالة الطبيعية للدول الفيدرالية، بامتلاك إقليم من أقاليمها جيشا خاصا به، أصبح بالنسبة لكرد العراق، ومنذ 1991، حقا مكتسبا، ولا يجوز وفق جميع القوانين الرجوع عن الحق المكتسب، فهذه قاعدة قانونية ثابتة، لا يمكن تجاوزها.
3. بعيدا عن تقييمنا لأحزاب السلطة في كردستان، وملاحظاتنا المشروعة على أدائها، سواء على مستوى الإقليم، أو على المستوى الاتحادي، ومشاركة هذه الأحزاب، لاسيما الحزبين الأكبرين الأحزاب الشيعسلاموية والسنية المسؤولية في تأسيس دولة المكونات، بدلا من دولة المواطنة، فإن للكرد مبرراتهم، كشعب، ولا تعنينا الأحزاب الكردية؛ تلك المبررات التي لا يجوز الإغماض عنها، بعدم استطاعتهم منح الثقة التامة للسلطة في بغداد، بسبب تجاربهم مع كل الأنظمة التي مرت على العراق، وبسبب هواجس لديهم لها أسبابها، مما يمكن أن يضمره الكثير من سياسيي الشيعة والسنة من عرب العراق من نزعة شوفينية، ولذا فأزمة الثقة التي لها مبرراتها الحقيقية، وليست المدعاة، تدعو الكرد لتمسكهم بقوات الپيشمرگة.
هل يعني ذلك التسليم بهذا الأمر الواقع من الحالة الشاذة، دون التفكير بثمة حل يرضي ويطمئن الطرفين؟
إذا ما كانت هناك في بغداد وفي سلطة الإقليم على حد سواء أحزاب ديمقراطية حقا، وعلمانية، ومؤمنة بحقوق الإنسان، وبمبدأ حق تقرير المصير، وبمبادئ الدولة الحديثة، وإذا استطاعت هذه الأحزاب أن تعيد تجسير الثقة بين بغداد وأربيل، فليس من المستحيل التوصل إلى حل لهذه القضية، التي لا تخلو أبدا من تعقيدات، ولا أدعي امتلاك كلمة السر، أو ما يسمى بالپاسوورد، للحل، سوى ذكر مبادئ يجب الالتزام بها، يمكن سردها كالآتي:
1. تحلي القوى السياسية في الجانبين بالإيمان الحقيقي بالديمقراطية وشروطها.
2. تخلي سياسيي السلطة الاتحادية كليا عن أي نزعة تختزن قدرا ولو ضئيلا من الحس العنصري، من قبيل التطلع إلى تأكيد عروبة العراق، أو أي شيء من هذا القبيل.
3. وضع القوى السياسية الكردية المفاوضة مصلحة الكرد، وحقوق الأقليات الدينية والقومية في كردستان، ومصلحة عموم الشعب العراقي، نصب أعينها، وعدم التطلع إلى تحقيق مصالح حزبية، أو مجد شخصي.
4. إيمان سياسيي السلطة الاتحادية المفاوضين بخصوصية كرد العراق، وعدم النظر إليهم في ضوء نسبة نفوسهم إلى عموم نفوس العراق، بل بكونهم يمثلون جزءً من أمة كردية كبيرة، لها مقومات تأسيس كيانها المستقل، حرمت كقومية وحيدة في المنطقة من هذا الحق، وبالتالي الانطلاق من هذه الحقيقة، والإقرار بخصوية الشعب الكردي في العراق، مما ليس للشرائح القومية أو الدينية الأخرى، ولو إن لتلك الشرائح حقوقها، مع فارق، والتي يجب أن تكفلها الدولة كليا من دون انتقاص.
5. تخلي السياسيين الكرد عن المبالغة في النزعة القومية، ففرق بين المطالبة المشروعة بالحقوق القومية، وبين الاستغراق أكثر مما يفرضها الدفاع عن تلك الحقوق، في الحسّ القومي.
6. التزام السياسيين على الجانبين بمبادئ الحداثة، وعلى رأسها المواطنة، والعدالة، والمساواة، والابتعاد عن الوقوع في الأنانية الجمعية أو المكونية، سواء العربية أو الكردية، واعتماد القاعدة الأخلاقية «خير الشعوب التي تحب للشعوب، الأخرى ما تحب لنفسها، وتكره للشعوب الأخرى، ما تكره لنفسها».
7. النظر إلى أن الشعب العراقي بجميع قومياته وأديانه ومذاهبه وثقافاته وعقائده كشعب واحد، وإلى جانب ذلك إن هناك حقيقة داخل هذا الشعب، ألا هي وجود ما يمكن نعته بالشعب الكردي، والعمل على التوفيق بين الحقيقيتين، حتى يأتي زمان تتجذر لدى الجيمع ثقافة المواطنة العراقية، في طريق اعتماد ثقافة المواطنة الكونية، التي تتجه الإنسانية نحوها، دون تذويب الخصوصيات.
وأعترف إن هذه الشروط مستحيل توفيرها في الظرف الراهن، ما لم نحقق إصلاحا شاملا في كل العراق، بكردستانه وبقية محافظاته، ذلك على صعيد الأحزاب السياسية، وعلى صعيد السلطات الثلاث، اتحاديا وفي الإقليم، وعلى صعيد تصحيح المسيرة الديمقراطية، وإزالة كل التشويهات، التي كانت عاملا أساسيا لانطلاق ثورة تشرين، وكذلك على صعيد الثقافة المجتمعية، ومنها تجذير ثقافة المواطنة، والعدل، والمساواة، والحرية، والالتزام بمبادئ الديمقراطية. دون أن يعني ذلك الانتظار حتى بلوغ الحالة المثالية مما ذكرت، فكل شيء في عالم الإنسان يبقى نسبيا، أن نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح، وحققنا من ذلك نسبة يعتد بها؟
20/04/2020








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت