الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف تقوم آلة الأخبار المزيفة في الصين بإعادة كتابة تاريخ وباء الكورونا؟ روبرت بوكسوال

سلمى بالحاج مبروك

2020 / 4 / 22
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


تحرير روبرت بوكسوال
ترجمة الباحثة سلمى بلحاج مبروك
انتشرت مشاركة لتغريدة في التويتر للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية على مقال يلقي باللوم على الولايات المتحدة بوصفها المتسببة بإصابة ووهان بفيروس كورونا و قد تم اطُّلاع على هذه التغريدة 160 مليون مرة خلال ساعات. فمن أين أتت هذه القصة؟
حتى الآن فإن التاريخ المبكر لفيروس الكورونا معروف جيدًا وإن لم يكن واضحًا في تفاصيله فقد تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في مكان ما حول ووهان في مقاطعة هوبي ثم يبدو أنه دخل سوق الجملة في هوانان الخاص بالمأكولات البحرية حيث أصيب أشخاص آخرون. لاحظ الأطباء في ووهان لأول مرة فيروس الكورونا الجديد في شهر ديسمبر وبدأوا في تبادل التحذيرات العاجلة. شرعت السلطات الحكومية المحلية في إسكاتهم فتم اعتقال بعضهم وأجبروا على التوقيع على وثائق تعترف بارتكابهم مخالفات.

وفي الوقت نفسه، ذهب مسؤولو ووهان إلى العمل كالمعتاد ومن بينها مأدبة مأساوية احتفالا بالسنة القمرية الجديدة حضرتها حوالي أربعين ألف أسرة. سرعان ما أصيب العديد من الآلاف حول ووهان ومات المئات بمن في ذلك طبيب العيون لي ون ليانغ الذي عوقب لمحاولته إطلاق صفارة الإنذار. في حين تغرد على التويتر وسائل الإعلام الحكومية الصينية بانتظام الدعاية وما يصفه الكثيرون بـ "الأخبار المزيفة" فعلى موقع تويتر لدى "غلوبال تايمز" مليون وسبعمائة ألف متابع و "شينخوا الصين نيوز" تملك اثني عشر مليون متابع و"بيبلز نيوز " تملك سبع مليون متابع و"تشيانا ديلي" تملك 4.3 مليون وشبكة التلفزيون العالمية الصينية تمتلك 14 متابع...
كان لدى "تشاو ليجيان" المتحدث الرسمي ونائب المدير العام لقسم الإعلام بوزارة الخارجية حوالي مائتي ألف متابع عندما غرد برابط أحد مواقع نظريات المؤامرة يزعم أن فالولايات المتحدة هي مسؤولة عن الفيروس.. تفشي الوباء كانت من أولى مهام العلماء وعلى الأطباء حتى أثناء كفاحهم لإنقاذ الأرواح تحديد مصدره. هذا أمر بالغ الأهمية في البحث عن الأدوية لمكافحة فيروس ولقاح لمنع انتشاره.
في الرابع و العشرين من يناير نُشر مقال مشترك حرره تسع وعشرون طبيبا صينيا وعالما في مجلة "لانسيت" إحدى المجلات الطبية الرائدة في العالم. شارك المؤلفون نتائجهم من دراسة قد أجريت على مرضى يشتبه في إصابتهم بفيروس الكورونا المستجد وتم إدخالهم إلى مستشفى ووهان. وقال التقرير إنه بحلول الثاني من يناير كان واحد وأربعون منهم قد "تم تأكيدهم مختبريًا" على أنهم مصابون بالفيروس وأن ثلثي المصابين "كانوا موجودين بسوق هوانان.
يبدو أن النتائج تدعم الأدلة القصصية على أن مصدر الفيروس هو السوق الذي أغلقه مسؤولو المدينة في الأول من يناير. وكثيراً ما كررت السلطات الصينية هذا الأمر ونشرته على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية و أعطت مقالة "لانسيت" صبغة علمية لهذه الرواية.
ثم أشارت دراسة أخرى في التاسع عشر من فبراير - نُشرت هذه المرة على موقع "تشاينا كسيف" وهو موقع مفتوح للتوزيع يستخدمه الباحثون العلميون - إلى أن السوق لم يكن على الأرجح نقطة الصفر للفيروس بل تم "استيراده" من خارج الصين. أُعدّت هذه الدراسة من قبل فريق من العلماء من مؤسسات عدة كحديقة نباتات "شيشو انغباننا" الاستوائية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة جنوب الصين الزراعية والمعهد الصيني لأبحاث الدماغ و تمت مراجعتها في واحد و عشرون فبراير. لم تقترح أي نسخة من الدراسة أن فيروس كورونا نشأ خارج الصين. لكن آلة الأخبار المزيفة بدأت تعمل على قدم و ساق.
في الثالث و العشرين من فبراير أعاد موقع "بيبولز دايلي" باللغة الإنجليزية طباعة مقالة من جريدة "جلوبال تايمز" في الثاني و العشرين من فبراير بعنوان "تقرير تلفزيوني ياباني يثير اعتقادات صينية التي تتكهن أن فيروس كورونا نشأ في الولايات المتحدة". بدأ مقال "جلوبال تايمز" الأصلي الذي لم يعد متاحًا على الإنترنت بعبارة : إثارة المخاوف والتخمينات في الصين من أن فيروس الكورونا الجديد قد نشأ على تراب الولايات المتحدة.
"أشار التقرير الذي أعدته شركة" أساهي تي في "اليابانية إلى أن الحكومة الأمريكية ربما فشلت في إدراك مدى تفشي الفيروس على أرضها" و تابع المقال: "أثارت القصة نظريات مؤامرة مختلفة على الفضاء الإلكتروني الصيني."
نشر مستخدم موقع التواصل الاجتماعي ويبو الصيني على تويتر قائلا:" انعقدت الألعاب العسكرية العالمية في ووهان في شهر أكتوبر وربما جلب المندوبون الأمريكيون حينها فيروس الكورونا إلى ووهان وحدثت بعض الطفرات الجينية على هذا الفيروس مما جعله أكثر فتكًا وعدوى و تسبب في تفشي واسع النطاق هذا العام."
وأشار أستاذ العلاقات الدولية في جامعة " فودان " ومقرها " شانغهاي " إلى أن علماء الفيروسات العالميين يعملون على تتبع أصل الفيروس بما في ذلك وكالات الاستخبارات. يُشجع مستخدمو الإنترنت على المشاركة بنشاط في المناقشات ولكن يفضل [هكذا] بطريقة عقلانية."
يبدو أن مقال "جلوبال تايمز" الأصلي قد تم استبداله بواحد آخر حول رفض المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية لتقرير" أساهي تي في ". ففي الرابع من مارس تم استخدام صحيفة "بيبلز تايمز" لهذا المقال كأساس لمقطع نشر على موقع المؤامرة "جلوبال ريسرش " بعنوان "فيروس كورونا الصيني: تحديث صادم. هل نشأ الفيروس في الولايات المتحدة؟ " دفعت أول مقالتين على هذا الموقع الإلكتروني بتشاو بتدوينة تغريدة على التويتر بعد تسعة أيام هذه التدوينة تشير إلى أن الجيش الأمريكي هو من جلب الفيروس إلى ووهان .
يبدأ مقال الرابع من مارس بهذه الادعاءات : "سرعان ما سيطرت وسائل الإعلام الغربية على الأحداث ووضعت الرواية الرسمية لتفشي فيروس كورونا الجديد الذي بدا أنه بدأ في الصين مدعية أنه قد نشأ مع الحيوانات في سوق رطبة في ووهان."
يتغافل هذا المقال المذكور أعلاه عن بعض الحقائق البارزة منها أن وسائل الإعلام التي تهيمن عليها دولة الصين قد "عرضت هذه الرواية الرسمية" و أن الصحفيين تلقوها من الحكومة الصينية و قد أشارت غالبية الأدلة في الأيام الأولى من تفشي المرض إلى سوق ووهان بما في ذلك مقالة "لانسيت" التي كتبها تسع و عشرون طبيبًا صينيًا .
و يتابع مقال "جلوبال ريسيرش ما يلي: "في الواقع كان أصل الفيروس غير معروف لفترة طويلة ولكن يبدو من الأرجح الآن وفقًا لتقارير صينية ويابانية إلى أن الفيروس نشأ في مكان آخر من مواقع متعددة لكنه بدأ ينتشر على نطاق واسع فقط بعد إدخاله إلى السوق ... علاوة على ذلك يبدو أن الفيروس لم ينشأ في الصين ووفقًا لتقارير في وسائل الإعلام اليابانية وغيرها ربما نشأ في الولايات المتحدة ."
يعرض المقال بعد ذلك عنوانًا فرعيًا يؤدي إلى تهويل "قد يكون منشأً الوباء في الولايات المتحدة" إلى "الباحثون الصينيون يستنتجون الفيروس الذي نشأ خارج الصين". وفي النهاية استشهد المقال بتقريرين - مقال 22 فبراير في "جلوبال تايمز" ومقال 23 فبراير في " سي جي تي أن " - يستشهد كلاهما بدراسة عن موقع العلوم " تشاينا كسيف" الذي لا يشير إطلاقا إلى أن الفيروس نشأ خارج الصين.
لكن موقع "جلوبل ريسيرش" أراد من القراء استخلاص النتيجة التي توصل هو إليها وبالتالي خلق بعض النقاط لتبدو مترابطة: "السلطات الطبية الصينية - و" وكالات المخابرات "- ثم أجرى بعد ذلك بحثًا سريعًا وواسع النطاق عن أصل الفيروس و جمع ما يقرب من مائة عينة من جينوم الفيروس من اثني عشر دولة مختلفة في القارات الأربعة محددا جميع الأصناف والطفرات. خلال هذا البحث حدد الموقع أن تفشي الفيروس قد بدأ قبل ذلك بكثير ربما في نوفمبر بعد وقت قصير من ألعاب ووهان العسكرية." ثم توصّل إلى نفس الاستنتاجات المستقلة التي توصل إليها الباحثون اليابانيون - بأن الفيروس لم يبدأ في الصين ولكن تم إدخاله من الخارج". لكن لم يكن هذا "استنتاج" العلماء الذين نشروا أبحاثهم على موقع " تشاينا كسيف".
بعد ذلك نقل موقع " جلوبال ريسرش " قصة السابع و العشرين من فبراير المذكورة في جريدة "كزنهونات" استحضر فيها البطل الوطني الصيني الطبيب " تشونغ نانشان " الذي قاد المعركة لاحتواء متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الناتجة عن فيروس كورونا سارس في عام 2003. قال هذا المختص الكبير في الأمراض الصدرية في الصين في السابع و العشرين من يناير : ..." على الرغم من أن فيروس الكورونا اكتشف لأول مرة في الصين فهذا لا يعني أنه نشأ من الصين ".يترجم "جلوبال ريسرش " ما قيل لقرائه: "لكن هذا الفيروس أصبح صينيا بمجرد أنه نشأ في مكان آخر و في بلد آخر ".
لم يذكر الطبيب تشونغ ذلك ولا حتى جريدة " كزنهونات "والباحثون اليابانيون الذين نسب لهم موقع "جلوبال ريسرش" هم علماء وهميون. يوجد مرجع وحيد لمصدر ياباني هو: "في فبراير 2020 زعم تقرير ّ أساهي تي في " اليابانية (الورقية والتلفزيونية) أن فيروس الكورونا نشأ في الولايات المتحدة لا الصين ..."
لا يقدم موقع "جلوبال ريسرش" أي إحالة مرجعة ل" أساهي تي في" بل فقط رابط لمقال الثالث و العشرين من فبراير في جريدة " بيبلز دايلي " والتي لا تحتوي أيضًا على رابط "أساهي تي في " ولكنه كان بمثابة إعادة نسخ لرواية "جلوبال تايمز" والتي يبدو أنه تم تنقيحها في الثاني و العشرين من فبراير...
بالعودة "على محركات البحث " عن " أخبار أساهي عن فيروس الكورونا الذي نشأ في الولايات المتحدة" في الفترة من الأوّل إلى التاسع والعشرين فبراير عن عدم وجود رابط إلى أي مقال من هذا النوع ل"أساهي". كما أن البحث في موقع أساهي الإخباري، الذي يعرض ستمائة وثمانية وثمانون مقالاً يحتوي على كلمة "فيروس الكورونا" حتى الرابع من مارس لا يحتوي على أي معلومة تحيل على نشأة فايروس كورونا في الولايات المتحدة.
تشير "جلوبال ريسرش" أيضًا إلى كلمة "جامعة فودان" المذكورة في جريدة "جلوبال تايمز": "ذكر [البروفيسور] أن علماء الفيروسات العالميين" بما في ذلك وكالات الاستخبارات " كانوا يتتبعون أصل الفيروس كما أن الحكومة الصينية لم تغلق باب هذا الأمر وذكر التقرير الإخباري: "يتم تشجيع مستخدمي الإنترنت للمشاركة بنشاط في المناقشات ولكن يفضل ذلك أن يكون بطريقة عقلانية.
يعد هذا الكلام ذا مغزى إذا تعلق الأمر بالصين فإذا كانت التقارير هراء فإن الحكومة ستعلن ذلك بوضوح وتطلب من الناس عدم نشر شائعات كاذبة.
الجزء الأخير من الدليل في مقال الرابع من مارس من موقع "جلوبال ريسرش" بعنوان "عالم الفيروسات التايواني يقترح أن فيروس الكورونا نشأ في الولايات المتحدة"، ويتضمن فيديو لبرنامج تلفزيوني من تايوان سمي " هذا ليس خبر" و فيه لقطات شاشة لرجل يلقي محاضرة بقلم لايز ملون حول أصول الفيروس. تزعم المقالة أن "الرجل الموجود في الفيديو هو عالِم الفيروسات وعالم الأدوية الذي أجرى بحثًا طويلاً ومفصلاً عن مصدر الفيروس.
الرجل في الفيديو - الذي لم يذكر التقرير اسمه - ليس طبيبًا وعالم فيروسات على الإطلاق بل هو سياسي من الحزب الجديد المؤيد لبكين وعضو في مجلس مدينة "تايبيه" والذي كان قبل دخوله السياسة أستاذًا في علم الأدوية بدوام كامل في عام 2002.
يبدأ مقطع الفيديو بمقدمة من رجل في طاقم طائرة يتحدث عن الصين وروسيا والمنشقين الجورجيين الذين يحملون أسرار الحرب البيولوجية الأمريكية والبعوض والخفافيش التي طورتها الولايات المتحدة لأغراض شيطانية. أثناء حديثه يتم تمرير الأحرف الأرجواني بحجم التابلويد على طول الجزء السفلي من الشاشة حيث تتخللها علامات استفهام وعلامات تعجب والاختصار الإنجليزي الوحيد الذي يعرفه كل منظري المؤامرة في جميع أنحاء
العالم : سي أي أي .
أنهي أداءه بتحليل عام 1981 يزعم أنه تم تنفيذه من قبل الجيش الأمريكي أظهر انجذاب الجيش الأمريكي ودافعي الضرائب الأمريكيين لحرب الحشرات فخمسون في المائة من مدينة يبلغ عدد سكانها مليون و مائتي ألف شخص يمكن محوها في جثة تتكلف 29 سنتا .
بعد ذلك يشير "الرجل في الفيديو" إلى أنه عندما كان رجل من طاقم الطائرة يتحدث بلغة الجيوبوليتيك على الحرب الباردة التي فيها يخشى الكل الكل ويكره الكل الكل لكنه هو أي الشخص الموجود في الفيديو موجود فقط لمناقشة العلوم ثم يلوح بمؤشر بإصبعه ليشير إلى مخططات بدوائر متعددة الألوان. عندما يصل إلى الرسم البياني الأكثر تعقيدًا إلى الشاشة يطمئن مضيفة البرنامج "العرض التالي سيوضح الأمر تمامًا..
كان هذا "دليل الخبراء" لشركة جلوبالز ريسرش"ّ من تايوان. ويتابع المقال دونما تردد: "ذكر الطبيب التايواني أن تفشي الفيروس بدأ في وقت أبكر مما كان متوقعًا قائلاً:" يجب أن ننظر في سبتمبر من عام 2019.
ذكر حالة في سبتمبر من عام 2019 حين سافر بعض اليابانيين إلى هاواي وعادوا إلى منازلهم وهم أناس لم يسبق لهم زيارة الصين. كان ذلك قبل شهرين من إعلان أول الإصابة بفيروس الكورونا في الصين وبعد أن أغلق مركز السيطرة على الأمراض مختبر " فورت ديتريك" للأسلحة البيولوجية فجأة بشكل كامل بدعوى أن المرافق كانت غير كافية للوقاية من مسببات الأمراض."
إدراج مختبر "فورت ديتريك" للأسلحة البيولوجية التابع للجيش الأمريكي هو مرجع صلب من براعة المختصين نظريات المؤامرة. لم يذكر "الرجل في الفيديو" فورت ديتريك أبدا - على عكس جلوبال ريسيرش التي ذكرت ذلك في محاولة واضحة لربط المسافرين اليابانيين "المتخصصين في الفيروسات" التايوانيين الذين زاروا هاواي في سبتمبر بمختبر أسلحة بيولوجية بالجيش الأمريكي.
لم يتم إغلاق منشأة "فورت ديتريك "فجأة وبالكامل" - فقد توقفت عن البحث في منتصف يوليو (وليس في سبتمبر). وكيف أن أحد أكثر الفيروسات المعدية في التاريخ كالكورونا سافر من ماريلاند إلى هاواي على مدى ستة إلى ثمانية أسابيع دون أن تترك أي أثر للمرض أو الوفاة ولم يتم الحديث بواسطة موقع جلوبال ريسرش.
... ثم ختم المقال بإدراج ستة متفشيات للأوبئة في أعوام 2018 و 2019 و 2020 التي "تسببت في أمراض" الناس والدجاج والخنازير و فتكت بها في الصين. يتضمن كل منها ملاحظات مثل "تحتاج الصين إلى شراء المنتجات الزراعية الأمريكية" مما يشير إلى أنها كجزء من الحرب التجارية قامت الولايات المتحدة بإطلاق العنان لمسببات الأمراض في البر الرئيسي لأكثر من عامين من أجل جعل الصين تشتري كل ما هو أمريكي.
وباختصار فإن مقال الرابع من مارس يستحضر كمنكهات بطل البر الرئيسي الطبيب تشونغ و كل من "المواطن الياباني" و "المواطن التايواني" - وهما حليفان أميركيان دون أي داع للكذب - ويضيف "وكالة المخابرات المركزية سي أي أي" ومختبر أبحاث الأسلحة البيولوجية المتسربة الأمريكية. كل الأدلة المذكورة هي مستقلة عن بعضها البعض حتى لو بدأت أنها متقاربة. ولعل الأكثر إثارة للإعجاب على الإطلاق أن ينتج المؤلف ما يقارب من 2000 كلمة تهاجم أمريكا ولم تكن إحداها هي "ترامب".
في الخامس من مارس غرّد تشاو دون أن يذكر مقالة "جلوبال ريسرش" في الرابع من مارس أو أي من المقالات الإعلامية الصينية الأساسية الآتي: "تم العثور على الحالات المؤكدة لفيروس الكورونا لأول مرة في الصين لكن أصلها ليس بالضرورة صينيا. ما زلنا نبحث عن هذا الأصل ". وفي الحادي عشر من مارس نشر" جلوبال ريسرش" متابعا: "فيروس الكورونا: مزيد من الأدلة على أن الفيروس نشأ في الولايات المتحدة".
بدأت القصة بمراجعة مقال الرابع من مارس فتحوّل فيه مذيعي أساهي تي في اليابانيين الذين لا يوجد أي أثر لهم في الواقع و "الرجل في الفيديو" إلى "علماء الأوبئة وعلماء الصيدلة اليابانيين والتايوانيين الذين قرروا أن الفيروس التاجي الجديد يمكن أن يكون نشأ في الولايات المتحدة". لقد أصبح ذلك "الرجل الذي ظهر في الفيديو" الآن أيضًا "طبيبًا" و "عالمًا".
وذكّر الموقع كما فعل سابقا بنسب حالة الصفر لفيروس كورونا بالولايات المتحدة الأمريكية مشيرا:" قبل ذلك مباشرة أغلق مركز السيطرة على الأمراض كليًا المعمل الحيوي الرئيسي للجيش الأمريكي في "فورت ديتريك" بولاية ماريلاند بسبب عدم وجود ضمانات ضد تسرب الأمراض وإصدار أمر التوقف لكامل الجيش".
والدليل على هذا نشر "جلوبال ريسرش " لقطة لعنوان صحيفة "نيويورك تايمز" في الخامس من أغسطس "تم إيقاف أبحاث الجراثيم القاتلة في معمل الجيش -الأمريكي- بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة دفعت مشاكل التخلص من المواد الخطرة الحكومة إلى تعليق الأبحاث في مركز الدفاع البيولوجي الرائد في الجيش ".
في الواقع لم تذكر مقالة "نيويورك تايمز" أن المركز قد "أغلق بالكامل". وقد أفادت أن تسعمائة شخص يعملون في المنشأة و "على الرغم من تعليق العديد من المشاريع [المتحدثة باسم المنشأة] قالت إن العلماء والموظفين الآخرين يواصلون العمل وليس فقط على وكلاء محددين". أشارت كل من صحيفة "نيويورك تايمز" والصحيفة المحلية التي أبلغت لأول مرة عن توقف البحث إلى أنه لم يهرب أي من مسببات الأمراض من المنشأة.
تتواصل رواية " جلوبال ريسرش" في الحادي عشر من مارس كالتالي: لدينا كذلك مواطنون يابانيون مصابون منذ سبتمبر 2019 في "هاواي" أشخاص لم يذهبوا أبدا إلى الصين حدثت هذه العدوى على الأراضي الأمريكية قبل فترة طويلة من تفشي المرض في ووهان ولكن بعد فترة وجيزة فقط من الإغلاق حصن "ديتريك".
لذلك كان هناك في أكتوبر إكمال رحلة التآمر على "وسائل التواصل الاجتماعي الصيني" حول "رياضيين" أجانب أو أفراد آخرين يزورون ووهان للمشاركة في الألعاب العسكرية العالمية. قام عالم الأخبار المزيف بإعادة كتابة سيناريو أصل فيروس الكورونا: لم يكن بسبب حدوث كارثة طبيعية في مكان ما في ووهان أو حولها كما يعتقد علماء العالم ولكن إلى أسلحة بيولوجية جلبها الجيش الأمريكي إلى ووهان.
ثم ظهر مقال آخر على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية ذكر كل ما ورد أعلاه وأضاف المزيد من التفاصيل. وذكرت في جزء منها أن خمسة رياضيين "أجانب" أو أفراد آخرين زاروا ووهان للمشاركة في الألعاب العسكرية العالمية (18-27 أكتوبر 2019) تم نقلهم إلى المستشفى في ووهان بسبب إصابة غير محددة ".
بدأت هذه المقالة الأخرى هي مدونة على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية تم تحديدها فقط بواسطة رمز الاستجابة السريعة كالتالي: "نظرًا لوجود العديد من الكلاب الأمريكية مؤخرًا في مقابل سلامة حسابي [يجب أن أكتب]" بعض البلدان "أو" بلد م "[عند الإشارة إلى أمريكا]".
إن صفحة المدونة الرئيسية التي بدا أنها في طور الإنجاز و لم تعد موجودة في شبكة بالإنترنت أعادت رسكلة الكثير من محتوى مقال 4 مارس المكتوب في جلوبال سيرش مضيفًا إشارات للأخبار المحلية حول أفراد الجيش الأمريكي في ووهان لألعاب أكتوبر العسكرية الذين تم نقلهم إلى المستشفى.
وفقًا لجلوبال سيرش: "يفسر المقال بشكل أكثر وضوحًا أن نسخة ووهان من الفيروس كان يمكن أن تأتي فقط من الولايات المتحدة لأنه ما يسمونه" فرعًا "لم يكن من الممكن إنشاؤه أولاً لأنه لن يكون له" بذور ". كان يجب أن تكون مجموعة متنوعة جديدة من "الجذع" الأصلي وهذا الجذع موجود فقط في الولايات المتحدة. "
لذلك كان هناك في أكتوبر منشورًا على "وسائل التواصل الاجتماعي الصيني" عن الرياضيين "الأجانب" أو غيرهم من الأفراد الذين يزورون ووهان للمشاركة في الألعاب العسكرية العالمية والتي أكملت رحلة التآمر. قام عالم الأخبار المزيف بإعادة كتابة أصل فيروس الكورونا: لم يكن ذلك بسبب حدوث كارثي طبيعي في مكان ما في ووهان أو حولها ، كما يعتقد علماء العالم ، ولكن إلى أسلحة بيولوجية أحضرها الجيش الأمريكي إلى ووهان.
في نهاية مقال الحادي عشر من مارس عاد موقع "جلوبل ريسرش" بعجلة الزمن إلى يناير مستشهدا بمقالين في مجلة "ساينس" للحصول على "دليل" إضافي على مؤامرتها - لم تذكر أي منهما أن أصل الفيروس كما قالت جلوبال ريسيرش "ليس من ووهان ”- ربط القوس حول حزمة زاو ستوجه قريبًا إلى مئات الآلاف ، الذين سيحيلونها إلى مئات الملايين.
في صباح يوم الثالث من مارس قام المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية "زاو" بتغريد روابط لمقالات بحث عالمية: "هذه المقالة مهمة جدًا لكل واحد منا. يرجى قراءتها وإعادة مشاركتها. فيروس الكورونا: دليل إضافي على أن الفيروس نشأ في الولايات المتحدة. قد يكون من المفيد قراءة هذه المقالة السابقة للحصول على خلفية: الصين فيروس كورونا خبر جديد مثير للصدمة. هل الفيروس ... "
أكمل "زاو" قائلا "يستغرق الأمر بضع دقائق لقراءة مقال آخر. هذا أمر مثير للدهشة لدرجة أنه غيّر الكثير من الأشياء التي كنت أؤمن بها. الرجاء مشاركة هذا لإعلام المزيد من الناس بذلك. فيروس كورونا الصيني: تحديث صادم. هل نشأ الفيروس في الولايات المتحدة؟ - البحث العالمي: سرعان ما وضعت وسائل الإعلام الغربية السرد الرسمي لتفشي وباء كورونا الذي بدا أنه بدأ في الصين...
في وقت متأخر من بعد الظهر ذكرت صحيفة ساوث "تشاينا مورنينج بوست" أن موضوع الهاشتاج "أرسل تشاو ليجيان خمس تغريدات متتالية يستجوب فيها الولايات المتحدة" تمت مشاهدة هذا الهاشتاج أكثر من 4.7 مليون مرة على الموقع الاجتماعي "ويبو". بعد اثنتي عشرة ساعة ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه شوهدت أكثر من 160 مليون مرة.
زاد عدد متابعي زاو على التويتر من مائتي ألف متابع إلى أكثر من نصف مليون متابع . حملت وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم قصصًا عن تغريداته مما جعلها أمام ملايين القراء الآخرين والذين لم يراهم معظمهم على التويتر أو ويبو. لقد انتشرت أخبار الفيروسات المزيفة.
في أكتوبر لاحظت لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ في السطر الأول من تقريرها حول استخدام روسيا لوسائل التواصل الاجتماعي للتدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 أن "حرب المعلومات [مصممة] لكي تنشر المعلومات المضللة والانقسام المجتمعي". حققت تغريدات تشاو كلاهما. كان التضليل واضحًا. التفكير النقدي المعلق سيصدق الكثير من الناس الادعاء بأن الجيش الأمريكي زرع فيروس الكورونا في ووهان ؛ حتى أكثر سيريد أن يكون صحيحًا.
عندما بدأ الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو وآخرون القتال مرة أخرى بصوت عالٍ ومتكرر باسم فيروس الكورونا "الفيروس الصيني" ازداد الانقسام الاجتماعي في الولايات المتحدة ... اتهمت وسائل الإعلام ترامب بأنه عنصري ويكره الأجانب ويحرض على المزيد تجاه الأمريكيين الصينيين. كل هذا أدى أن يقول ترامب إلى أن يكرر موقفه بصوت أعلى.
يتساءل المرء إلى متى ستستمر واشنطن في خوض حرب المعلومات ضد بكين بذراع واحدة مقيدة خلف ظهرها. تتمتع وسائل الإعلام الصينية بتشغيل مجاني موفر من الولايات المتحدة بما في ذلك على تويتر. الولايات المتحدة ليس لديها مثل هذه الحرية في الصين.
لم يتوقع بعض النقاد في الأسابيع القليلة الماضية أن فيروس الكورونا سيبيد العولمة أو حتى "الحياة كما نعرفها". يبدو هذا مستبعدًا نظرًا لطبيعة ذكريات الناس على المدى القصير ومدى "الحياة كما نعرفها" المربحة للكثيرين. لكن بالنظر إلى الأذى الذي تسببت فيه تغريدات تشاو فقد تكون أيام بكين على موقع التويتر أياما معدودة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE