الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعون كامو في زمن الكورونا

زياد ملكوش
كاتب

(Ziyad Malkosh)

2020 / 4 / 23
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


قرات في الاسبوع الماضي رواية ( الطاعون ) لالبير كامو بترجمة د. سهيل ادريس ، وكنت قد قراتها اول مرة قبل اكثر من خمسين عاما ، وقد نسيت من كان المترجم ولا استطيع العودة للكتاب فقد وزعت معظم كتبي قبل هجرتي لامريكا . طبعا من المفهوم ان الوضع الحالي من حيث انشار وباء الكورونا والعزلة الاجتماعية التي نعيشها هي ما دفعني لاعادة القراءة ودفع الكثيرون غيري كذلك فقد تم اعادة طباعة هذه الرواية في انجلترا وايطاليا وبالطبع فرنسا بعد اكثر من 73عاما من نشرها للمرة الاولى حيث نالت نجاحا كبيرا .

تدور احداث الرواية في مدينة وهران/ الجزائر عندما كانت تحت الاحتلال الفرنسي التي اقام فيها كامو بعض الوقت وهو كما هومعلوم وُلد في الجزائر، وكان اغلبية سكان هذه المدينة حينها من الاسبان والفرنسييين بينما كان العرب الاقل نسبة وهذا يذكرنا بالمدن العربية في فلسطين التي احتلها الصهيونيون وغيروا اسمائها واصبحوا غالبية فيها . بالكاد تم ذكر سكان المدينة العرب في الاحداث باستثناء ان الصحفي في الرواية كان يريد ان يعمل تحقيقا حول ظروف حياة العرب وان شخصا قتل عربيا على الشاطيء ، ويذكرنا ذلك بميرسو في رواية اخرى لكامو ( الغريب ) حيث يقتل عربيا على الشاطيء لسبب تافه . وهذا ايضا يدفعنا للتساءل عن موقف كامو من الاحتلال فالطاعون في الرواية قد يرمز الى الشر الذي كان متمثلا في النازيون عندالاحتلال الالماني لفرنسا في الحرب العالمية الثانية حيث شارك كامي في المقاومة بينما لم يحرك ساكنا لاحتلال بلاده للجزائر ومعروف ما كان قد قاله انه إن خُير بين امه والعدالة فسيختار امه ، بعكس صديقه اللدود سارتر الذي وقف مع الجزائريون وادان بلده فرنساكما وقف مع كل القضايا العادلة في العالم باستثناء القضية الاعدل وهي الفلسطينية .

يظهر الطاعون فجاة ويبدأ في الانتشار بسرعة ويزداد اعداد الموتى منه يوميا .تُغلق المدينة ويمنع الدخول والخروج منها وتبدأ عزلة وعزل فيها . يقوم الطبيب ريو / الشخصية الرئيسية والراوي / بالاهتمام بالمرضى وعلاجهم بدون ان يهمل مرضاه الآخرين ويساعده عدد من المتطوعين الذين تعرف عليهم مؤخرا كما تنشأ بينه وبينهم علاقة تصل الى الصداقة مع احدهم . الجميع يتبادلون الخواطر والافكار وكلهم يكافحون الوباء القاتل حتى في الحالات المحسومة لصالح الموت : العدو المجهول المخيف . هنا يصارع الانسان الشر والمجهول حتى لو لم يكن امل في الخلاص . تظهر فلسفة كامو الوجودية / إن صح التعبير / بعبث الحياة وحيرة الانسان ولكن بمثابرته ايضاعلى الكفاح ( التمرد ) ، ويظهر سيزيف وهو يحمل الصخرة الى اعلى الجبل ، لكنها تسقط فيعاود حملها وهكذا .ومع ان كامو احتج لماذا كانوا يعدونه مع الوجوديين وهو ليس كذلك . وانا اظن انه لم يكن وجوديا فنظرته الى الوجود تختلف عن نظرة الوجوديين ككيرجارد وسارتر الذين يرون ان الحياة بلا معنى لكن الانسان هو من يحدد ماهية نفسه بعد وجوده فهو حر واختياره حر لذا فهو مسؤول باختياره لنفسه وللانسانية . كامو يرى ان الانسان وجد في حياة هي بلا معنى الا العبث الذي لا مفر منه إلا بالتمرد عليه .

ينحسر الطاعون اخيرا وتبدا وهران في العودة الى الحياة الطبيعية ولكن زوجة الطبيب تموت من مرض لا نعلمه وهي التي كانت قد غادرت المدينة قبل ظهور الطاعون للذهاب الى مصح ويشعر ريو انه كان بإكانه انقاذها لوبقيت معه . يموت ايضا صديق ريو الذي كافح المرض معه بعد ان بدأ بالاختفاء . ويموت الكاهن الذي كان يعتقد ان الوباء هو امتحان اوعقاب للخطاة ، لكنه يُصدم عند حضور احتضار طفل تعذب قبل ان يفارق الحياة فهذا الطفل بريء وبدون خطايا.

كانت هذه بعض الخواطر عن رواية الطاعون التي تذكر اجواءها بالوضع الآن في ظل تفشي وباء الكورونا اوالاصح كوفيد- 19 . من ناحية فنية اظن ان رواية الغريب اجمل فالطاعون تبدو كانها فلسفة في ثوب رواية بينما العكس بالنسبة للغريب .

الطاعون اختفى منذ زمن طويل وكان حين يظهر يحصد ملايين الضحايا مع انه يظهر احيانا في بعض البلاد الافريقية ، ولكن يتم احتواءه بسرعة عن طريق عزل المصابين واعطائهم مضادات حيوية مناسبة تقتل البكتيريا المسببة . الكورونا فيروس جديدخطير ولحد الآن لا يوجد له دواء اومصل او لقاح ولا علاج إلا بالاجرءات الوقائية والعزل الذي نحن فيه الآن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي