الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ّ العلوم الإنسانية في مقارباتها المعرفية -النقدوية التاريخية- ج2

عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي

(Abdulaziz Meslat)

2020 / 4 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


(الفكر الدلالي, ومخرجات القياس الجمعي)

عند تقديمنا لمثل هذه الاطروحات المعرفية, لا بد لنا من التركيز على أهمية الطرح "الصيغي" الذي يخدم اهدافنا المعرفيه, ويجنبنا الغرق في تفاصيل العموميات الشكلية للطروحات الاكاديمية.
ما يعني أن مثل هذا الطرح قد يخرج ضعيفا ومفككا بشكله "الجشتلتي", وينكر علينا الخوض بصلب "النظرية" التي يشكل مثل هذا الطرح رؤيتها العلميه والمعرفيه, ويساهم في تأطيرها "كلمة مفتاحية" تزيل عنه غمامة اللغة الإعتقادية تارة, وتنتجه تارات كثيره شكلا أيقونيا في برامج المعرفة الحديثه.
ومما لا شك فيه أننا امام تحد كبير, بل تحديات جمة, تاريخية, علمية, مفصليه, بنيوية نواجهها باسلوب غير نمطي او تقليدي " كلاسيكي" مثلما أدت أساليب بعض الفلاسفة وفي مقدمتهم (أبوالنصر الفارابي) إلى تغليب الخطاب الكهنوتي على " البنيوية" المعرفيه عندما طرح الاشكالية التاريخية لعلم الاجتماع البشري انطلاقا من القيم المعرفية للعصر (الارسطوي), وبالتالي نسج قضايا المجتمع الاساسية في مختزلات ثلاثة (السياسة-الاجتماع-الدين), وتلك المختزلات لم تنفذ الى باقي العصور التي تلت مرحلة (المعلم الثاني ابو النصر الفارابي) بسبب افتقاده للمنهج الفلسفي في تناوله للمحددات العامه والرئيسيه لتطور علم الاجتماع البشري.
وما كتابه "أهل المدينة الفاضلة" إلا إعادة قراءة نقدية, ومراجعة وتقييم لمفهوم المثالية المادية, والعنصر الوجودي, فقد قام بنظرة خجولة لإعادة تقسيم اطروحته الى قسمين أساسيين : الأول في مناقشة الأساس الفلسفي للمدينة الفاضلة أو المجتمع المثالي الذي حدد صفاته الأساسية وطبيعته وكيفية الوصول إليه. والثاني في تناول موضوع الحاجة إلى الاجتماع البشري ، وتحديد تلك الحاجة التي تتجسد في قوامها المادي وكمالها المعنوي عبر المنتج الديني, وهو بذلك أيضا لم يشذ عن أرسطو في أن ينشد من رصيد حكمته, ولم ينفك من أن ينقل عن أرسطو فكرة "الإنسان المدني" , حيث التأثر بأثر تاريخي رجعي بأفكار أفلاطون الداعية إلى ضرورة تكوين مجتمع مثالي يتجسد في "جمهورية المثل العليا", متناسيا الضرورات التحليلية التي لم يأتي عليها "الفارابي" في تحليل حقيقة الاجتماع البشري, وأصل نشوء المجتمع والدولة, كما صنع (أبن خلدون), وأكتفى فقط بالناحية التحقيقية التاريخية في تصنيف المجتمعات البشرية وأسس ومقومات المدينة الفاضلة وصفات قائدها.

إن الفكر الإجتماعي عند (الفارابية) لم يتناول حقيقة التطور الاجتماعية من حيث الاشتراطات التكميلية لسبل وآليات التطور التاريخي لفكرة الإنتقال "التغريد النمطي" عند " الخلدونية المعاصرة, التي ورثها (هربرت سبنسر) في رسالته العالميه " الرجل ضد الدولة" الذي قدم فيها النمط الفلسفي الرؤيوي الحديث لمفهوم الانتقال والارتقاء الليبرالي للمجتمعات ذات النشأة المدنية, على غرار " الداروينية الاجتماعية" التي صاحبت في تأسيسها لنظرية علم الاجتماع المعاصر, الكثير من الجدل الدلالي لعناصر (النمو السكاني, ظاهرة الدولة, الأمة التاريخية, الحالة النمطية لفكرة القومية, الخ.....), ما اقتضى الجري وراء تأصيل تاريخي لعلم جديد بصرف النظر عن طبيعة وشكل وأهمية الأطروحة التاريخية لفكرة الاجتماع السكاني.
إن الاشكالية التاريخيه في دراسة الفكر الاجتماعي عند (الفارابي) تقودنا إلى موضوعات رئيسية تتمثل في:
1- حقيقة الاجتماع البشري ذاته.
2- خصائص البحث ومنهجيته.
3- التصنيف الديني للمجتمعات البشرية عند (الفارابي).
إن حاجة البحث عن حقيقة الاجتماع البشري عند (الفارابي) إنما هو الاستدلال الشرطي عن بيان الحاجة إلى الاجتماع البشري, أي حاجة الفرد الإجتماعي (الإنسان) إلى إشباع متطلباته الأساسية والاجتماعية والروحية.
وبذلك لم تسعفنا نظريات (المعلم الثاني) في دورة إنتاج الأنماط التاريخيه للمجتمعات البشريه, في إيجاد الحلقة المفقودة في هذه الدورة الإنتاجية.
وبالتالي فنحن نقول أن ما قامت به (العلوم الإجتماعية السبنسرية) شكلت الميزان الضروري والتاريخي لقيام إطار معرفي - فلسفي لمفهوم الاجتماع البشري.
حيث اعتمدت النظرية السبنسرية في تناولها لصياغة مفاهيم العلوم الإجتماعية الى مقدمات أساسية قامت على الأركان التالية:
‏ أولا: موضوع علم‎ ‎الاجتماع:
يفيدنا هذا النوع من الموضوعات في البحث في نشوء وتطور الوحدات الاجتماعية. ابتداءا من الأسرة, التي ترعى‎ ‎الفرد ‏وتقوم بنشأته, وصولا الى النظام السياسي الذي ينظم أمور المجتمع والدولة, ويضبط العلاقات الإنسانيه, ‏والأفعال الاجتماعية, ،والنظام السياسي ودوره في وضع وتعزيز المعايير والقيم, وغير ذلك من‎ ‎المؤسسات والنظم الاجتماعية‎, انتهاءا بعقد الشراكة السياسي والاجتماعي بين الافراد الاجتماعيين وما عرف تاريخيا "بالدولة".‎
‏ثانيا: وحدة‎ ‎التحليل القياسي:
إن أهمية دراسة عمليات التغير وتطور المجتمعات الإنسانية. يجعلنا نعمل في تناول‎ ‎تطور المجتمع "‏قياسا" بتطور الكائنات الحية(النظرية العضوية), فالمجتمع الإنساني,‎ ‎كما هو ‏الحال في الكائنات الحية, تتطور من الأشكال البسيطة إلى الأشكال الأكثر‎ ‎تعقيدا ومن أشكال على درجة متدنية من التباين البنائي والوظيفي وتقسيم العمل, إلى ‏مجتمعات‎ ‎معقدة البناء, تقوم على التخصص, أما الوجه الآخر لعملية التطور ‏فأساسه الصفة والنشاط‎ ‎المميز للنمط.
ثالثا: العدالة الوظيفية:
وقد أعتمدت مقابسات تاريخية كثيرة في معرض طرحها عند الاشكاليين, والوجوديين, والماديين.
حيت تناولتها تيارات فلسفية كبيره وعديده.
ولم تزل موجات فلسفية وفكرية هامة تبحث في هذا الشكل البنائي والإنساني للمجتمعات البشرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا والفلسطينين.. هل تؤدي المساعدات وفرص العمل لتحسين ال


.. فهودي قرر ما ياكل لعند ما يجيه ا?سد التيك توك ????




.. سيلايا.. أخطر مدينة في المكسيك ومسرح لحرب دامية تشنها العصاب


.. محمد جوهر: عندما يتلاقى الفن والعمارة في وصف الإسكندرية




.. الجيش الإسرائيلي يقول إنه بدأ تنفيذ -عملية هجومية- على جنوب