الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلوم الإنسانية في مقارباتها المعرفية -النقدوية التاريخية- ج1

عبد العزيز المسلط
سياسي وباحث اكاديمي

(Abdulaziz Meslat)

2020 / 4 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


مـقدمة لا بد منها‎ ‎

لقد ظهر في النصف الاخير من القرن الثامن عشر كوكبة من الفلاسفة والمفكرين الذين مهدت فلسفاتهم الطريق لقيام الثوره الصناعيه التي ارست للمجتمع الاوربي ركائز التطور والتقدم بعد التخبط الذي ساد في اوربا قرون طويله رافقته احداثا داميه من العنف والتفتت, ‎إضافة إلى ‏سيطرة رجال الدين (الكنيسة) و(الاقطاع الزراعي من ملاك الأراضي)‎ ‎والحروب‎ ‎الأهلية الدائرة بين أفراد المجتمع في اوربا.
وقد تنبه اولئك الفلاسفه الى ضرورة اعادة قراءة طبيعة مجتمعاتهم ودراستها, وفهم جذور المشاكل التي تغص بها تلك المجتمعات, حتى يتسنى لهم امكانية اجتراح الحلول ومعالجة امراض المجتمعات الاوربيه, وفهم ما يحصل بداخلها. ومن هنا انطلقت قاطرة الاهتمام بدراسة البنيه التاريخيه للمجتمات الاوربيه من خلال مساحات معرفيه جديده قوامها العلم والاطلاع.
وقد برع العديد من الفلاسفه في وضع مناهج بحث علمي استندت الى فهم خصائص التطور الطبيعي للمجتمعات وآلياته انطلاقا من تشريح البنيه الاجتماعيه التي ادى تعمق المفكرين والفلاسفه الاجتماعيين في محاولة تفكيك شيفرتها الى ثوره كينونيه عظيمه اعتبرتها المعرفه الانسانيه علما جدليا هاما في سياق العلوم الانسانيه عبر التاريخ.
وقد حقق ما عرف لاحقا "بسوسيولوجيا الاجتماع البشري" الى انطلاقة العديد من العلوم المعرفيه بصبغتها الانسانيه كعلم التطور السكاني (ديمغرافيا الاجتماع السكاني), وعلم القانون, والعلاقات الاجتماعيه, وعلم السياسه الذي ارست قواعده (العلاقه المحرمه) كما قال عنها الفقيه النمساوي الاصل غيرهارد فان غلين , بين علم التاريخ وعلم القانون والاخلاق. وعلوم اخرى تجلت عبر سيرورات مخاض معرفي طويل.
وقد حرض هذا النوع من العلوم شكلا من اشكال الولاده القيصريه لموضوعات حداثويه بالغه التعقيد والدقه, ما ادى الى تأسيس فقه العلوم المقارن الذي التزم بقواعد النظريه التاريخيه استطرادا.
ومن هذا الجانب كانت محاولات بعض المفكرين واسهاماتهم الفكريه, كانت رائزا نوعيا, ومسلكا معرفيا, يمثل انطلاقة علم جديد قوامه المعرفه المنتميه الى العقل المعرفي, العقل الذي يهب انصاره الطريق الى الحقيقه, ويهديهم سواء السبيل.
ولم تكن الظروف والمناخات الاجتماعيه والثقافيه آنذاك باطرها العامة تساعد في فهم خصائص الطبيعة الموضوعية لطروحات علمية سبقت زمانها بعقود, من أجل تهيأة المعطيات المعرفيه وأدواتها لشحن محركات الدفع المعرفي لتلك العلوم الإنسانية التي اعتمدت سياقات جدلية مؤثره في العقل المعرفي الذي أنتج قواعد كثيرة ومبادئ هامة قامت عليها قيم المجتمعات المعرفية.
وقد اصبحت تلك المعارف ركيزة ثابتة ذات دواع ملحة من أجل التنمية المستقلة التي برزت الرغبة التاريخية في تطوير أدواتها وشروطها كحاجة ضرورية من حاجات تطور المجتمعات المعاصرة ونهوضها.
وقد استخلص العلماء والفلاسفة فكرة تطور القوانين الاجتماعية من مفاهيم التنمية تلك التي قدمت لمفهوم العدالة الاجتماعيه شكلا جديدا من أشكال التطور الاجتماعي للدول.
فكانت العدالة الإجتماعية هي المضمون الإنساني والحقيقة النوعية الصرفة لفكرة التنمية الانسانية بشقيها الذاتي والموضوعي.
ولا يخفى علينا أن الفلسفة القائلة بإسناد مفهوم العدالة الاجتماعيه إلى نظرية التطور البشري, قد أصابت بعض ما نادت به, بالشكل الذي يجسد عمليا نضال الفلاسفة والمفكرين والفقهاء من أجل تحرير المعرفة من أدواتها الزمانية والمكانية, وبالتالي العمل على بلورة خاصية جديدة لفكرة العدالة الإجتماعية التي أجابت عليها معظم التيارات الفلسفية كل حسب رؤيته الفلسفية الدلالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. شبكة -أي بي سي- عن مسؤول أميركي: إسرائيل أصابت موقعا


.. وزراءُ خارجية دول مجموعة السبع المجتمعون في إيطاليا يتفقون




.. النيران تستعر بين إسرائيل وحزب الله.. فهل يصبح لبنان ساحة ال


.. عاجل.. إغلاق المجال الجوي الإيراني أمام الجميع باستثناء القو




.. بينهم نساء ومسنون.. العثور جثامين نحو 30 شهيد مدفونين في مشف