الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حقوق الانسان وعقوبات الله
طارق الهوا
2020 / 4 / 28كتابات ساخرة
العقوبات في الشريعة الاسلامية لها عدة أوجه منها القصاص والرجم والسجن والجلد، وبما أنها إلهية، كُتبت فيها ألوف من الكتب تبررها وتبين أهميتها والحكمة منها.
أي قارىء للتاريخ يعرف أن هذه العقوبات كانت قبل الاسلام، مثلها مثل الايمان بالله والصلوات الخمسة والاتجاه للكعبة للصلاة والحج إليها والشريعة الموسوية وغيرها، لكن إله القرآن اقتبسها من البشر ونسبها لنفسه بعدما طهرها من شوائبها، ودعا كل من كان يعتقد بها أو ينفذ عقوباتها إلى الإيمان الجديد الذي كان مجرد اجترار وصفته قريش بأنه "أساطير الاولين".
لا وجود لحقوق الملكية الفكرية عند إله القرآن كما يبدو، ولا حتى حرية الاختيار فقد أوحى لمديره التنفيذي على الارض بمخاطبة الاجيال من خلال موقف جمعه مع سادة قريش قال فيه حسب ما تذكر كتب السيرة: "تسمعون يامعشر قريش! أما والذي نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح".
كان حد الجلد من الحدود التي كُتب عنها مئات الكتب تشرح متى يتم تشديد هذه العقوبة، وما الحال عند عدم تحمل المحكوم عليه تنفيذ هذه العقوبة عليه، وهل يمكن إسقاطها عنه أم لا، ومن هم الذين لا يتحملون الجلد، ومكان الجلد وكيفيته، والتشهير وهو ركن مهم في الجلد، ووقت تنفيذ الجلد (غالبا بعد الصلاة لإله تطمئن بذكره القلوب) ونوع السوط المستخدم فيه، ومواضع الجلد، وكيفية جلد الرجال والنساء.
حد الجلد من حدود الله أساساً وموّجَه ضد محارمه التي نهى عن ارتكابها وانتهاكها، وورد في القرآن "تلك حدود الله فلا تقربوها. البقرة 186". هذا الامر يعني شرعاً أنها عقوبة مُقدّرة في الشرع لأجل حق الله. وقيل في كتب السيرة: عقوبة مُقدّرة شرعاً في معصية لتمنع من الوقوع في مثلها أو في مثل الذنب الذي شُرّع له العقاب.
وتستفيض أطنان الكتب التي نسخ مؤلفوها العاطلون عن العمل والتفكير عن بعضهم أن الحكمة من مشروعية الحدود هي زجر النفوس عن ارتكاب المعاصي والتعدي على حرمات الله سبحانه، فتتحقق الطمأنينة في الجماعة ويشيع الأمن بين أفرادها ويسود الاستقرار ويطيب العيش.
لم يتحدث أي كتاب عن إهدار كرامة الانسان بين قومه بعد تنفيذ حكم الجلد عليه، لأن فيها تطهيراً للعبد في الدنيا لحديث عبادة بن الصامت مرفوعاً في البيعة، وفيه "ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفّارته"، وحديث خزيمة بن ثابت مرفوعاً "من أصاب حداً أقيم عليه ذلك الحد، فهو كفّارة ذنبه".
الحدود كاملة شاملة يستحيل تعديلها أو إلغائها، فهي عند المسلمين إلهية، ورغم عدم إنسانية بعضها وبلطجة ممارستها*، فقد استعملها الخلفاء، طوال العصور وحتى عصر الخليفة أبو بكر البغدادي، لأسباب سياسية فهم جزء من المنظومة الإلهية وحرماتهم هي حرمات الله.
ألم يقل الرسول "السلطان ظل الله في الارض، فمن أكرمه أكرمه الله، ومن أهانه أهانه الله".
ما سبب هذا البحث المختصر عن الحدود خصوصاً الجلد؟
الانسانية والتحضّر
يبدو أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يدرك أن القرآن المدني يجب أن يدخل كتب التاريخ ويخرج من مستقبل المسلمين، للتعايش على كوكب يزيد سكانه عن سبعة مليارات نسمة. هذا هو التفسير المرجّح لما يتخذه هذه الأمير من خطوات بعضها لم يزل في نطاق السرية، وبعضها أخذ طريقه للعامة ففي أول رمضان (وكان العرب يصومونه لقرون قبل محمد ثم نسب إله القرآن صيامه لعبادته بعما طهره من الشوائب) ألغت السعودية عقوبة الجلد، حسب ما أعلنته المحكمة العليا في المملكة، وليس هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجاء في وثيقة للمحكمة التي أوردتها وكالة الأنباء الفرنسية أن القضاة يمكنهم "الاكتفاء بعقوبة السجن أو الغرامة أو بهما معا"، أو بعقوبة بديلة مثل "تقديم خدمات اجتماعية".
وأعلنت المحكمة العليا في السعودية إلغاء عقوبة الجلد بما "يتفق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان"، وكُتب في الوثيقة الصادرة عن المحكمة والتي لا تحمل تاريخا محددا "قررت المحكمة العليا في أبريل/نيسان 2020 إلغاء عقوبة الجلد من العقوبات التي يمكن أن يحكم بها القضاة".
وتفيد الوثيقة بأن هذا القرار يأتي في إطار "الإصلاحات والتطورات المتحققة في مجال حقوق الإنسان في المملكة التي جاءت بتوجيهات من الملك سلمان بن عبد العزيز وبإشراف ومتابعة مباشرتين من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان".
رأيي الشخصي جدا هو أن هذا القرار الذي وضع حداً من حدود الله على رفوف التاريخ، وفضّل صاحبه الإلتزام بتطورات حقوق الانسان الحديثة، جاء بتوجيهات وإشراف ومتابعة الأمير محمد بن سلمان نفسه، وتمنياتي أن يتخذ الامير الشاب خطوات أخرى تجعل المسلمين أقدر على التعايش مع المغضوب عليهم والضالين والكفار. فالامور الغيبية لا يجب أن تدمر تعددية المجتمعات التي لا مفر منها/ وقوانين وعقوبات مجتمع صحراء شبه الجزيرة منذ 1441 سنة يستحيل تطبيقها على كوكبنا اليوم.
*كل دول العالم ألغت علانية تنفيذ العقوبات خصوصاً عقوبة الاعدام ما عدا السعودية. كل بدو العالم وحتى سكانه البدائيين ألغوا عقوبة الرجم وقطع يد السارق ما عدا السعودية. وللإنصاف.. ما زالت علانية تنفيذ العقوبات هدف أي خليفة مثل البغدادي في العراق وسوريا وأبو مصعب البرناوي في نيجريا، وهدف أكثر من 62 منظمة تسعى للخلافة، وصنّفها العالم على أنها إرهابية.
أما البلطجة التي أعنيها فهي بلطجة علانية ممارسة عقوبة خاصة بصاحبها؛ ما علاقتي أنا بضرورة الذهاب إلى ساحة ما لمشاهدة إمرأة تُرجم والمشاركة في رجمها لأنال الثواب، أو بمشاهدة رجل يقطعوا يده لأنه سرق؟
العلاقة هي التنمّر وإشاعة الرعب في قلبي. أما المقرف في الموضوع فالادعاء أن وحشية التنفيذ هذه تشيع الطمأنينة في القلوب.
**بعد كتابة المقال قرأت في الاخبار "ذكرت هيئة حقوق الإنسان السعودية أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز أصدر أمرا ملكيا بشأن تنفيذ عقوبة الإعدام في المملكة، وحسب "رويترز" نقلت هيئة حقوق الإنسان السعودية عن أمر ملكي أن السعودية أنهت إعدام مرتكبي الجرائم وهم قُصّر.
وقال رئيس الهيئة عواد العواد في بيان "الأمر الملكي يعني أن أي شخص حُكم عليه بالإعدام في جرائم ارتكبها عندما كان قاصرا لم يعد يواجه الإعدام"، وأضاف العواد في بيانه أنه "بدلا من ذلك، سيتم الحكم بسجن الفرد مدة لا تزيد عن 10 سنوات في منشأة احتجاز للأحداث".
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح