الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكليات الاهلية العراقية

عبد الحسين العطواني

2020 / 4 / 29
المجتمع المدني


الكليات الاهليه


لاشك ان من اولويات التعليم العالي التحرك في تسارع مستمر على طريق التطوير والبحث العلمي وضمن تخطيط منهجي وبأسلوب اداري مميز لتصميم اطر المستقبل وصناعته من خلال تنفيذ الافعال والخطوات المبرمجة زمنيا واستخدامها في رفع مستوى العملية التعليمية ، وتغيير ايقاعها الانتاجي ، لكونها تعتمد اولا واخيرا على نتاج النشاط الذهني والمعرفي والمعلوماتي الذي يستند الى رؤى استشرافية والى اهداف ذات معطيات استراتيجية واخلاقية ، من اجل مواكبة التطورالمتسارع في النقل المعرفي والتقني .
مقابل ذلك يلاحظ ان هناك تراكمات الهزال الفكري والاكاديمي والروحي تتناسل في الكليات الاهلية وتتخذ لها صورا من الضعف التنظيمي والتخطيطي ، ومن الاحجام عن التفاعل المجتمعي , ومن محدودية التأثير والمساهمة العلمية والتطويرية ، بهذا العدد الهائل من الكليات الاهلية التي تفتقرمعظمعا الى الكثيرمن قواعد واصول ومعاييرقيام مؤسسات التعليم العالي ، سواء من حيث سعة الموقع ، او كفاءة الكوادر التدريسية المتفرغة , او من حيث توافر المعدات والمستلزمات والمختبرات التعليمة المستخدمة كوسائل ايضاح ، وغيرها من متطلبات التدريس الجامعي .
وبسبب هذا الفشل الاداري والفكري والجمود الاكاديمي فقد اخفقت هذه الكليات من تطويرالدارسين من خلال تزويدهم بالمعرفة والمهارة الاكاديمية التي ترفع من مستواهم المعرفي والمهاري ، وبقيت سابحة في فلك مايسمى (بالنظام الاستثماري) والى سلطته المالية وهيمنته التنظيمية ووصاياه الفكرية ، ولهذا استوردت كل مظاهر التخلف والتبعية من محيطها الخارجي ، فسيطرت عليها اساليب الديكتاتورية والاستبداد, والبيروقراطية والتخبط اللامعرفي، الناتج عن عدم تمتع (تجار العلم) بالمهارات الفنية والنفسية والذهنية الضرورية لاعتماد الاساليب العلمية والاكاديمية ، او انه ناتج عن عدم ادراكهم او تجاهلهم او عدم مبالاتهم للعواقب الوخيمة والاضرار التي ستقع من جراء ذلك السلوك على المجتمع وتحد من تطوره .
لذلك اصبحت مجرد مؤسسات لافراز منتجات نمطية او تكرارية من الدفعات الطلابية غير الصالحة وغير القابلة للالتحاق النوعي بعملية الانتاج في المجتمع والمفتقدة الى عنصرالقيمة المضافة في تحريك العجلة وفي طبيعة منتجاتها ، كما ان ذلك العجز جعل منها مؤسسات تسويقية لافكار ونظريات وابتكارات بالية او قديمة ، او غير مجربة ، او غير قابلة للتطبيق العملي والممارسة الميدانية , بحيث عشعشت محدودية القدرة او تسيس المؤسسة في عقول القائمين على هذه الكليات الى الحد الذي جعلهم يجعلون منها مؤسسات غير قادرة على انتاج مخرجات بشرية تكتسب مستويات من المهارة ، او ابداعات علمية مبتكرة , اوكأقل تقدير انتاج مخرجات معرفية متواضعة, بل انها ظلت غير قادرة على تطبيق النظريات والمبادئ التي تدرسها ذاتيا على نفسها الى المدى الذي يمكنها من تطوير اجهزتها وانظمتها الاكاديمية والادارية لتواكب في مستواها اي جامعة حكومية عادية .
ومن هنا فقد تدنت جودت انتاجها بسبب التركيزفي مخرجاتها على الكم على حساب الكيف ، وتفشت فيها كل مظاهر المحابات والوساطة وتفكك العلاقات الانسانية بين افرادها ، بل وصل الامرللبعض منها منح شهادات دون استحاق سواء بضغوط معينة ، او بمكاسب اخرى ، حيث يمثل المستثمر فيها قمة هرمها بغض النظر عن مؤهلاته الادارية ومستواه العلمي او تجربته الاكاديمية، ووفقا لهذه الاوضاع البائسة ، سجلت هذه المؤسسات فشلها الذريع في صياغة الافكار التطويرية والابتكارات الابداعية متناسية رسالتها العلمية والحضارية ومسؤولياتها المجتمعية ، ليكون همها منصبا نحو ترتيب دفاترها المحاسبية في تغطية تكاليفها المالية وبيانات ارباحها الخيالية ، مستغلة ممن لا يجدوا طريقا او منفذا بديلا لاكمال دراساتهم الجامعية ، سوى الطريق المؤدي الى هذه الكليات ، فتحولت الى مؤسسات تجارية شديدة الجشع , وقامت بفرض رسوم دراسية عالية لاتتناسب في المستوى الكيفي والكمي مع العائد المعرفي الذي يتلقاه الطالب ، وبأجور بخسة وغير منصفة لاغلب الكوادر طالتدريسية والموظفين، ومرتفعة للبعض الاخر دون مرعاة لاي من المستوى، او الكفاءة ، او التخصص ، يرافقها وجود مجموعة من المتلازمات التأثييرية في كيفية صرف وتحديد استحقاقات واجور الاساتذة بحيث تجد هذه المتلازمات تخضع حينا للعلاقات ,وتخضع حينا اخر للمتغيرات الاقتصادية التي تحركها اطماع البشر او طموحاتهم ، وفي جميع الاحوال تظل تلك المتلازمات التأثيرية في الانحيازخاضعة في سياق قيم الباطل ، ومايترتب على هذا الانحيازمن محاباة الظلم واهدار الحقوق والاضرار بالمصالح , والاخلال بالتوازنات النفسية والاجتماعية , وقمع الطاقات والاستعدادات والدوافع الايجابية والجنوح بالاساتذه نحو الاختناقات الاجتماعية بسب الفروق الحاصلة في كمية الاجور، او تأخيرتسليمها ، اوتخفيضها ، واحيانا قطعها نهائيا لاشهر بمررات مفتعلة تتنافى مع الالتزامات التعاقدية وبعيدة عن الاعتبارات الانسانية ، بوصفها مصدر اساسي لمعيشة معظم الذين اجبرتهم الظروف للعمل في هذه الكليات .
ومن جانب آخر ترى ان الجرعات التعليمية التي يتلقاها الطلبة لم تكن مناسبة ولا كافية لامتلاك المستوى العلمي والتحصيل الذي يؤهلها للانخراط الفوري في برامج استكمال دراساتهم العليا في الجامعات الحكومية ، وبهذه الرؤية او الاصح بهذا العمى الفكري والوظيفي لم تمتلك تلك الكليات ايا من ابجديات الجسارة العلمية والاكاديمية الضرورية لتبادر من تأهيل اي نموذج او مشروع طموح للنهضة يمكن ان يصنع انسان الغد الذي يمتلك عقلية التغيير وادواته ونفسيته باعتبارها اسلحة تغييرية سيستخدمها في اداء واجبه العطائي تجاه مجتمعه ، لان العلم والمعرفة هما وقود اي طفرة او نقلة حضارية , وبدون هذا لمخزون التراكمي الكبير والمتنوع والمتناهمي فأن اي حركة تغييرية للنهوض او اساسيات اي تجربة تطويرية للتقدم الحضاري ستكون محاولة مبتورة البدايات ومفتقدة لابسط اساسياتها ، وستصبح غير مؤكدة النتائج او هي اقرب لان يكون فشلها نهاية محتومة .
ووفقا لهذه الاوضاع البائسة تكون هذه المؤسسات قد سجلت فشلها الذريع في تنمية المجتمع وتقدمه ، لذلك يمكن القول بأن وجودها لايزيد المجتمع الا تخلفا وذبولا وانحدارا ، كونها عجزت عن المحافظة على شكلها التقليدي وعن وظيفتها العلمية كمؤسسات اكاديمية تدريسية ، وحصرت نفسها في دائرة تخرج اعداد هائلة من حاملي شهادات التعليم الجامعي ، واذا استدعت الضرورات ان يكون لها وجودا , او حضورا فأن وجودها او حضورها. فهو وجودا باهتا ، وغير مؤثرا او غير متفاعل او غير مواكب ، ومغلفا بالترويج الاعلامي ، ولكي يعطي العلم اهميته ومكانته البنائية والتطويرية على سلم الاولويات البشرية ، ويؤكد ضرورة اكتسابه واحلاله مكان الجهل بدأ من قاعدة الهرم الاجتماعي الى قمته التي تمثلها قيادتها العليا كشرط اساس من شروط اهليتها لتلك القيادة ، لذلك يتطلب اعادة النظر من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اقرار مشروعات الكليت الاهلية وايجاد البديل الرسمي لها وان تطلبت الحاجة الملحة لابقاء القليل منها يجب ان تخضع الى الاعتبارات الاتية :
اولا: لاليات ولمنهجيات ولنتائج البحث العلمي ودراسة الجدوى ومخزونات المعلومات والبيانات التأريخية,وللتخطيط الاستراتيجي نتيجة استشراف المستقبل ، وبناء على مقتضيات الحاجة والمصلحة العامة بعيدا عن التأثيرات السلطوية والعلاقات النفعية التي كانت سببا رئيسا في استحصال الموافقات الرسمية لاستحداث اغلب هذه الكليات .
ثانيا : التقيد والخضوع التام بالمسؤليات الوظيفية والاعداد اللازمة لادارة الاقسام ، ومهام الوصف الوظيفي , والتزام الكليات بالتعليمات والاوامر الصادرة من وزارة التعليم العالي في جميع النواحي ، لا لعبودية التعليمات والقرارات ( المزاجية ) الصادرة من المستثمر ، ومن بينها ظاهرة استفزاز التدريسيين وتهديدهم بألغاء اوامر تعينهم عند آي مطالبة تبدر بشأن مستحقاتهم الشهرية .
ثالثا : مراقبة مستمرة من قبل لجان تشكل من قبل وزارة التعليم العالي يتم تغيرها شهريا ولاضير ان تكن من الكليات الحكومية بشكل دوري، تقوم بزيارات موقعية وباوقات متفاوتة للوقوف على انسيابية التعليم ، وعدد ساعات التدريس ، وآلية تحديد رواتب الاساتذة والعاملين وموعد تسليمها, وعدد الطلبة المتواصلين بالدراسة ، لاسيما سكان المحافظات الاخرى ، والمناهج التي تدرس ، وطريقة الاختبارات المعتمدة ، ومدى توظيف الاختصاصات التدريسية مع الواقع الفعلي لاقسام الكلية ، وعدم الاكتفاء بالتقارير والاجتماعات المركزية التي تعقد في الوزارة لرؤساء مجالس الادارات في الكليات او من يمثلهم والذين غاليا ما يعطون الصورة المثلى لكلياتهم بعيدا عن الحقيقة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا


.. الأمم المتحدة ومجلس أوروبا يدعوان بريطانيا للعودة عن قرار تر




.. بدء ترحيل اللاجئين من بريطانيا إلى رواندا ينتظر مصادقة الملك


.. الأمم المتحدة تدعو بريطانيا لمراجعة قرار ترحيل المهاجرين إلى




.. هل واشنطن جادة بشأن حل الدولتين بعد رفضها عضوية فلسطين بالأم