الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البحث عن الأصل

محمد أبو قمر

2020 / 4 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المدهش هو إنهم جميعهم بيقولوا إنهم وسطيون ، محدش فيهم بيقول إنه متطرف أو إرهابي أو حتي طائفي ، والمحير بشدة هو معني كلمة الوسطية ، ياتري هي بين إيه وإيه؟ ، المعروف إن التوسط بيكون بين شيئين ، بين طرفين ، وهو إما أن يكون شيئا مختلفا تماما عن الطرفين أي نقطة فاصلة بينهما ، وإما أن يكون نقطة التقاء بين الطرفين أي يتكون مما هو حسن ومقبول فيهما...... .
وزي ما هو واضح كده فإن الوسطية في الحالة الأولي ( النقطة الفاصلة ) تعني ابتكار شيء لا هو الطرف الأيمن ولا هو الطرف الأيسر ، وزي ما هو واضح أيضا فإن الوسطية في الحالة الثانية ( نقطة الالتفاء ) تعني ابتكار خلطة أو عجينة من الطرفين.
طيب ، إذا كانت الوسطية هي ( النقطة الفاصلة ) بين العقل والنقل ، فماذا يكون معناها علي وجه التحديد؟ .
هل يكون معني الوسطية في هذه الحالة هو العقل المنقول أو المنقول العقلاني؟؟؟!!!!
طيب ، إذا كانت الوسطية هي ( نقطة الالتقاء ) بين الانحراف والاعتدال ، فما هو كنه أو قوام هذه الخلطة أو هذه العجينة؟؟!!.
فهل يكون معني هذه الخلطة في هذه الحالة هو الانحراف الاعتدالي ، أو الاعتدال الانحرافي؟؟!!.
أنا لا أعرف سوي أنهم جميعهم يقولون إنهم وسطيون ، عقلانيون ، معتدلون ، يمثلون الاسلام الصحيح ، وده في الحقيقة أمر محير ، وأنا أرغب بشدة في التخلص من هذه الحيرة .
من صور الحيرة دي عندما يفتي الشيخ الشعراوي – مثلا - بجواز قتل تارك الصلاة ثم نري القتل المجاني الذي تمارسه داعش وغيرها من التنظيمات الجهادية في مصر وأنحاء أخري من العالم الاسلامي ، فمن هو الذي يمثل الوسطية في هذه الحالة؟؟!!، و عندما يكفر الشيخ سالم عبد الجليل أقباط مصر ثم تنفجر إحدي الكنائس بمن فيها من نساء وأطفال ، فهل من حق سالم عبد الجليل أو من فجر الكنيسة أن يتحدث عن الوسطية؟؟!! ، ثم أين هي الوسطية عندما تؤيد كل الآراء الفقهية كل ما يطرحه الاخوان عن الخلافة والتسيد علي العالم؟؟!!.
عندما نري كل هذه التناقضات ، وعندما يهرتل البعض بخصوص بناء الأهرامات ، وعندما يلقي البعض محاضرات خرافية شديدة البؤس تحت عنوان الإعجاز العلمي ، وعندما تتشابك الفتاوي التي تصدر من كل الأطراف حول تكريم المرأة مع الحط من قدرها في ذات الوقت ، عندما تتماهي آراء جميع الأطراف وتتداخل وتتشابه في موضوعات دينية تمس حياة الناس ومصائرها فإن الحيرة تتسع دائرتها ويبرز رغما عن أنوفنا سؤال مصيري عالي الصوت يصرخ في صدورنا بكل قوة : ألم يحن الوقت لكي يصمت جميع هؤلاء ويفسحوا المجال للناس كي يعودوا إلي إيمانهم الفطري الخالص لوجه الله؟؟!!.
إنك حين تدقق في الأمر ستكتشف أن أصل العلاقة الخاصة الدافئة الصافية بين الفرد الإنسان وخالقه قد تاه ، ضاع ، تفتت وتلاشي تحت ضغط هذا الكم من الهري والفتي الذي أعتقد أن ظاهره ديني لكنه معبأ ومحشو من كل الأطراف بلا استثناء بالأغراض السياسية المفضوحة ، لم تتلاشي هذه العلاقة الفطرية النقية وحسب وإنما تشابه الإيمان بالله مع الإيمان بالشيخ أو الإمام أو الأمير أو المرشد ، بل إن القناعات الدينية المختلفة بين المنتمين للاتجاهات أو للأفكار أو للجماعات المختلفة قد أفرزت شكوكا في إيمانات بعضهم البعض ، الأكثر إثارة للتعاسة من ذلك كله هو التشوه الأخلاقي والقيمي الذي أصبح من الظواهر المجتمعية المشينة التي يمارسها البعض دفاعا عن قناعاته الدينية كالاعتداء علي الخصوصية أو إطلاق أوصاف خارجة بذيئة علي من لا تلتزم بشروط الحشمة أو القيام بالتحرش إتقاء للمفسدة كما يقولون.
جميعهم يقولون إنهم وسطيون ، لكن البحث عن المعني الحقيقي لهذا المصطلح يبدو وكأنك تبحث عن حبة من السمسم وسط كومة هائلة من القش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد