الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بشرى سارة، كورونا سيرحل قريباً!!

فيصل الدابي

2020 / 4 / 30
كتابات ساخرة


الدنيا رمضان، فهيم وفهيمة كانا صائمين وهما محتجزان في الحجر الصحي المنزلي، فهيم كان يمارس عمله الخارجي من على البعد وهو قابع في المنزل وفهيمة كانت تمارس عملها المنزلي من على القرب في المطبخ، ومن وقتٍ لآخر كان فهيم يتمشى على ماكينة المشي ثم يعود ليمارس عمله في صمت، بعد انتهاء دوام العمل، اعتكف فهيم في الغرفة الخارجية وغرق في كآبة كورونية حادة، همس فهيم لنفسه وسرح في بنات وأولاد وشيوخ أفكاره وهمهم في حنق بالغ: الآن تعطل كل شئ، الآن تعطل بناء منزل الأحلام، تم الغاء امتحانات الاولاد، وتعطل السفر لقضاء الاجازة في مسقط الرأس والرجلين، وهذا كله بسبب المدعو كورونا!! وحتى الآن لا يلوح أي ضوء في نهاية النفق الكوروني المظلم، فما زالت الإجراءات الاحترازية المحلية والعالمية، كالحجر الصحي، منع التجمعات، ارتداء الكمامات، حظر التجول والتباعد الاجتماعي، سارية المفعول وما زالت تصدر تصريحات من منظمة الصحة العالمية مفادها أن كورونا سيستمر معنا لسنوات قادمة وأن انتاج لقاحات وعلاجات ناجعة ضد كورونا قد يستغرق عدة سنوات!
فجأةً، صاحت فهيمة بأعلى صوتها: فهيم، يا فهيم، بشرى سارة، خبر بملايين الدولارات هل سمعت بأسعد خبر عالمي في الوقت الراهن؟!
صاح فهيم منتفضاً: كلا لم أسمع اليوم سوى أخبار الاصابات والوفيات الكورونية، عن أي بشرى سارة تتحدثين يا فهيمة؟!
صاحت فهيمة بحماس: كورونا ابن الستين كلب سيرحل في القريب العاجل من العالم وأخبار الرحيل الكوروني منتشرة في جميع نشرات الأخبار التلفزيونية وفي كل المواقع الالكترونية وفي كافة مواقع التواصل الالكتروني كالفيس بوك والواتساب وتويتر وهلم جرا! جميع البشر في كل أنحاء الكرة الأرضية قد ابتهجوا بعد أن سمعوا وعلموا بهذا الخبر العالمي السعيد إلا أنت يا فهيم ولعلك أصبحت فعلاً آخر من يعلم!
استطردت فهيمة في ايراد تفاصيل البشرى السارة وقالت لفهيم: لقد تنبأت دراسة علمية عالمية اعدتها جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم بمواعيد انتهاء كورونا في العديد من الدول العربية والغربية استناداً إلى البيانات الرسمية المقدمة لها حول الإصابات ودورة حياة الفيروس في تلك الدول، وتؤكد نتائج الدراسة أن أزمة كورونا ستنتهي في معظم الدول العربية المشمولة بالبحث خلال شهري مايو ويونيو المقبلين، عدا الأردن ولبنان، حيث تشير النتائج إلى انتهاء كورونا فيهما بالفعل في 19 و22 من شهر أبريل، وأن مواعيد رحيل كورونا قد تم تحديدها بدقة فكورونا سيرحل من السودان يوم 4 مايو، الإمارات 15 مايو، مصر 20 مايو، الكويت 29 مايو، السعودية أول يونيو، البحرين 3 يونيو، وسيرحل كورونا من قطر في يوم 3 يوليو! أما في بعض دول العالم الأخرى فتتوقع الدراسة السنغافورية أن يرحل كورونا من ألمانيا في 30 أبريل، إسبانيا في أول مايو، فرنسا 3 مايو، إيطاليا 4 مايو، بريطانيا 9 مايو، الولايات المتحدة الأمريكية 9 مايو، إيران 10 مايو، تركيا 15 مايو وسيرحل كورونا من كندا في 16 مايو!! فلماذا يا فهيم لماذا لا نحتفل منذ الآن بانتهاء كابوس كورونا ؟!
ارتفعت قرون استشعار الشك في ذهن فهيم وعلق قائلاً: كلنا نتمنى أن يرحل الكورونا اليوم وليس غداً لكن هذا الكورونا، الذي أجبر جميع رجال ونساء العالم على لبس النقاب أو الكمامة بحيث لا يمكن الآن لأي انسان أن يشاهد أنف بشرية واحدة مكشوفة للهواء الطلق، هذا الكورونا يستحيل أن يرحل بهذه السهولة وبهذه السرعة!! ثم هناك عدة أشياء غير مفهومة في هذه الدراسة السنغافورية، فمثلاً لا يمكن وصف هذه الدراسة السنغافورية بالعالمية لأنها تجاهلت ثلاثة أرباع العالم فهي لم تورد أي بيانات عن دول أفريقيا، دول أمريكا الجنوبية، الهند، روسيا، استراليا، اليابان، كوريا والصين مسقط رأس كورونا نفسه، ولا يمكن وصف هذه الدراسة بالعلمية لأنها لم تستند إلى أي معطيات علمية احترافية متفق عليها بين العلماء بل يبدو أنها مجرد تخمينات حسابية مستندة إلى درجات حرارة صيفية!! ثم لماذا انطبق على أصحاب الدراسة السنغافوريين المثل القائل (باب النجار مخلع)؟! لماذا لم تحدد الدراسة موعد رحيل كورونا من سنغافورة نفسها، علماً بأن كورونا مازال يصيب ويقتل سكان سنغافورة وعلماً بأن لديهم دورة حياة فيروس كورونا؟! ثم أن كورونا ليس مثل مستأجرعقار من مالك يتم اجباره على الرحيل بالقوة الجبرية بموجب أمر قضائي تنفيذي حتى يقال إنه سيرحل بشكل نهائي يوم كذا ، فالفيروسات العجيبة، التي هي ليست جمادات وليست كائنات حية، قد تختفي ثم تظهر مجدداً ولا ترحل أبداً فالانفلونزا الموسمية، وهي بنت عم كورونا وتنتمي لنفس العائلة الفيروسية الكورونية، تذهب وتعود في موسم الشتاء ولا ترحل أبداً ولا علاج ناجع لها بل مجرد مسكنات تخفف معاناة دورة أعراضها الحتمية المزعجة ولا مصل يمنع الاصابة بها وهذا ما سيفعله السيد كورونا وهذا ما سيحدث مع الأعراض الكورونية المؤلمة ولذلك فان أي حديث عن اكتشاف علاجات ناجعة وامصال واقية من فيروس كورونا هو مجرد ضحك عالمي على ذقون محلية وهو يستهدف فقط الاستغلال التجاري العالمي لكورونا وتحقيق أرباح مليارية كبرى من جيوب مليارات البشر، ثم الم تسمعي بما حدث في جزيرة هوكايدو اليابانية؟! لقد نجحت جزيرة هوكايدو في احتواء الموجة الأولى من فيروس كورونا وسيطرت عليه وطردته عبر الباب لكن كورونا الثقيل عاد متسللاً عبر النافذة وتفشت الموجة الكورونية الثانية بشكل أكثر شراسة بعد رفع الحجر الصحي فتمت إعادة الحجر الصحي مرة أخرى وكأننا يا عمرو لا رحنا ولا جينا! ولهذا السبب بالذات بح صوت منظمة الصحة العالمية وهي تحذر من رفع الحجر الصحي بشكل متعجل، وأخيراً لماذا تجاهلت منظمة الصحة العالمية مخرجات هذه الدراسة السنغافورية وكأنها لم تسمع بها وكأن هذه الدراسة لم تصدر أبداً؟! ألا يدل ذلك التجاهل على عدم اقتناع منظمة الصحة العالمية بصحة هذه الدراسة وعدم اقرارها بعالميتها وعلميتها ؟!
ردت فهيمة ببرود: لقد كدت أن تحبطني بكلامك هذا يا فهيم لولا تمسكي بهذا الأمل السنغافوري الذي لا يملك العالم سواه الآن، لكن قل لي يا فهيم لماذا تركز فقط على النصف الفارغ من الكوب؟! لماذا لا نتفاءل بالخير حتى نجده؟! وماذا لو صدقت تنبؤات المنجمين السنغافوريين حتى لو افترضنا كذبهم؟! هل سمعت بتنبؤات الكاتبة الامريكية الراحلة سيلفيا براون فهي قد أوردت تنبؤات عجيبة في كتابها الصادر عام 2008 مفادها أنه بحلول عام 2020 سيظهر فجأة مرض شبيه بالالتهاب الرئوي يهاجم الرئتين ويلف الكرة الارضية كلها بسرعة ويقاوم كل المضادات الحيوية المعروفة ثم يختفي فجأة وبسرعة مثلما ظهر!! لقد حدث بالضبط نصف ما توقعته سيلفيا وليس من المستبعد حدوث النصف الآخر فالاستبصار الروحي غير المفهوم قد يهزم العلم المفهوم ويخرج لسانه للمنطق المعلوم ولا عزاء للانسان الذي يتشدق بالعلم والمنطق ويحاول أن يفهم كل شئ لكن دون جدوى!!
عقب فهيم بسخرية: حسناً يمكننا أن نتوقع أجمل التوقعات لكننا نظل دائماَ محكومين بقوانين الواقع التي قد لا تعجبنا أحياناً، لكن على أي حال لا مانع عندي من السماح لعقلي بالمشاركة في لعبة التوقعات الجميلة فيمكنني أيضاً أن أصدق أن كورونا قد قرر أن يحمل فيروساته البيضاوية ذات الرؤوس المسمارية على رأسه ويرحل من هذا العالم لكن بشرط أن يتحقق احتمالان لا ثالث لهما!
تساءلت فهيمة بفضول: ماهو الاحتمال الأول؟!
رد فهيم قائلاً: الاحتمال الأول هو أن يكون كورونا الذي قام لوحده بشن الحرب العالمية الثالثة ضد البشر قد استشعر دنو أجله وأحس بالهزيمة الساحقة التي تقترب منه بسرعة بسبب قوة الاجراءات الاحترازية المحلية والدولية الراهنة وبنجاعة بعض العلاجات البشرية الجديدة التي تستطيع أن تقضي نهائياً على كل الأمراض الفيروسية بما في ذلك صديقته الانفلونزا وتلغي قانون الموت بشكل نهائي بحيث يتمتع الناس بالخلود وهو الحلم الذي يعشقه كل البشر منذ قديم الزمان وكانت الفيروسات تمنعهم من تحقيقه، ولذلك استسلم كورونا مرغماً ورفع الراية البيضاء وجلس على مائدة المفاوضات مع الجامعة السنغافورية بصفتها الممثل الحصري للجنس البشري ومن ثم وقع برؤوس مساميره على معاهدة كورونا زيرو والتزم بموجبها كورونا بدون قيد أو شرط بأن يلملم عفشه وعدته ويرحل نهائياً من الكرة الأرضية في التواريخ المشار اليها أعلاه ولا يعود إليها أبداً!!
تساءلت فهيمة بامتعاض: وما هو الاحتمال الثاني ؟!
رد فهيم قائلاً : الاحتمال الثاني هو أن يكون كورونا المتبحر في فن الاحتيال والمتخصص في علم المراوغة قد مل من مهاجمة المدن البشرية وسئم من إيقاع الاصابات والوفيات بالبني آدميين والبنات حواوين فاتفق مع الجامعة السنغافورية على تقديم إقرار وتعهد مشفوع باليمن الكاذبة ينص على الآتي: بهذا أنا السيد كورونا، بطوعي واختياري وبحالتي المعتبرة قانوناً، أقر وأنا على اليمين بأنني قد صرفت النظر عن مهاجمة المدن والقرى البشرية في الوقت الراهن وأتعهد بموجب ذلك بعدم الانتشار في أي مكان في أي وقت فيما عدا القليل من الزيارات في فصل الشتاء حيث اعود مختلطاً مع صديقتي الانفلونزا والله على ما اقول شهيد!!
علق فهيم على احتماليه اللذين لا ثالث لهما بقوله: الاحتمال الأول مستحيل التحقق فاكتشاف علاج يمنع الموت ويقضي على الفيروسات التي تسببه هو المستحيل بعينه ورأسه وأذنيه وقد اضاع علماء الكيمياء القديمة اعمارهم في هم وغم وهم يبحثون عن وهم كبير اسموه اكسير الحياة او اكسير الخلود وهو مشروب خيالي توهموا أن الانسان اذا شربه فسوف يصبح خالداً ويعيش الى الأبد ويحيل الموت الى التقاعد المبكر الاجباري ولكن كلهم ماتوا وذهبت كل احلامهم ادراج الرياح، والآن يمكن القول إن كورونا مجرد موظف صغير يعمل في مؤسسة الموت الكونية الكبرى وهو ملزم باداء عمله الذي لا يحبه البشر وهو تنفيذ قانون الموت فالموت يقوم بأكبر وأعظم وظيفة في الحياة بوصفه المسوى العظيم بين جميع الناس فالكل يعيشون والكل يموتون والموت هو الموزع للأعمار والموارد والفرص للذين ذهبوا والحاضرين الآن والذين سيولدون غداً أما جنود جيش الفيروسات مثل كورونا فهم مجرد مساعدين صغار يقومون بأداء واجبهم لتنفيذ هذا المخطط الكوني الأعظم وربما لو مُنح كورونا ذرة من العقل فقد يصاب بفيروس عدم الفهم ويشعر بدهشة مكونة من مائة طابق من كل هذا الضجيج البشري الذي يتعالى بسبب قيام موظف صغير باداء عمله البسيط حسبما هو مطلوب منه ولو منح كورونا لساناً ناطقاً لربما صاح بامتعاض شديد: يا بشر لماذا كل هذه الجلبة الكبرى دعونا نؤدي عملنا بهدوء؟! أليس لوم أعدل العادلين وأسوى المساوين يمثل سلوكاً غير مفهوم ويشكل أكبر مفارقة بشرية على الإطلاق؟! ثم أن الواقع يثبت لنا أن الموت قد لا يحتاج لفيروسات ولا لحوادث مرورية ولا لأي أسباب لكي ينجز مهامه الكونية، فمثلاً هناك متلازمة الموت المفاجئ أثناء النوم التي حيرت كل الأطباء فقد ينام شاب قوي ولا يعاني من أي مرض ويموت أثناء نومه دون أي سبب مفهوم وهذا ما فجر النكتة السودانية التي مفادها أن حلفاوي سأل الناس عن سبب وفاة أحد الاشخاص فقيل له صدمته سيارة فغمغم الحلفاوي وقال: لماذا لم يأخذ المرحوم حذره قبل أن يعبر الطريق! في اليوم الثاني سأل الحلفاوي عن سبب وفاة مرحوم آخر فقيل له مات بسبب تليف كبدي فهمهم الحلفاوي وقال: لماذا قام المرحوم بشرب الخمر القاتلة! وفي اليوم الثالث رأى الحلفاوي جنازة فسأل الجمع الكريم عن سبب وفاة صاحبها فقيل له المرحوم شاب قوي وصحته عال العال وقد نام حياً وأصبح متوفياً فصاح الحلفاوي بفزع: (والله ده ذاتو الانحنا خايفين منو) ترجمة على الشريط (والله هذا بالذات ما نخشاه)!! إن السيد كورونا المنتمي لعائلة الفيروسات التاجية سوف يختفي ويعود مع فيروس الانفلونزا في موسم الشتاء وسيجبر البشر على التعايش معه مثلما يتعايشون مع الانفلونزا الأكثر خطراً من كورونا نفسه ولن يستطيع اكبر علماء الفيروسات أن يفرق بين العطسة الكورونية والعطسة الانفلونزية ولن يجد أي عاطس من يشمته حتى لو حمد الله لأن الجميع سيهربون من وجهه بسرعة البرق طلباً للسلامة والنجاة من الموت الكوروني المحتمل علماً بأن مجرد الشعور الهوسي بالخوف من الموت يسرق بهجة الحياة في اللحظة الراهنة وهذا الشعور البشري غير المفهوم في حد ذاته يشكل كوميديا سوداء تستوجب العبوس والضحك في ذات الوقت، فلماذا يا فهيمة لماذا لا نستمتع بالحياة رغم أنف الكورونا؟! لماذا لا نقوي اجهزة مناعتنا بالضحك بلا سبب حتى لو تم وصفنا بقلة الأدب؟! في تلك اللحظة انفجر فهيم ضاحكاً حتى بانت نواجزه وانتقلت فيروسات ضحكته العشوائية بسرعة إلى فهيمة فانفجرت ضاحكة بدورها وامتزجت الضحكتان وتحولتا الى قهقهة كورونية مدوية كسرت حاجز الصوت وجعلت سابع جار، المحتجز بمنزله بسبب قانون الحجر الصحي، يستيقظ من نومه ويقفز من سريره بسرعة ويصيح قائلاً: ما هذه القهقهة المدوية المرحة؟! لا افهم أي شئ ما الذي يحدث في الخارج يا بشر؟! هل تم الغاء قانون الحجر الصحي أم ماذا؟! اللهم اجعله خير!!

ب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصدمة علي وجوه الجميع.. حضور فني لافت في جنازة الفنان صلاح


.. السقا وحلمى ومنى زكي أول الحضور لجنازة الفنان الراحل صلاح ال




.. من مسقط رأس الفنان الراحل صلاح السعدني .. هنا كان بيجي مخصوص


.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..




.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما