الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الاستعمار بالمحاصصة إلى فوضى المناطق الأمنية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


هذا عنوان مقتبس من كلام للفيلسوف الفرنسي آلان باديو ( Alain Badiou ) ، أضعه لمقاربة عن الأوضاع في الشرق الأوسط على ضوء تحليل الفيلسوف المذكور للأزمة التي أوصل إليها النظام الرأسمالي الليبرالي في مرحلة العولمة بداية من سنوات 1980 في سياق صيرورة ستفضي على الأرجح إلى حرب بين القوى الامبريالية المتنافسة فيما بينها من أجل احتلال مواقع استراتيجية تمكنها من ممارسة أوسع نفوذ على المستوى العالمي . تحسن الإشارة في هذه الصدد إلى أن الحروب المتكررة و المتنقلة في الشرق الأوسط تذكرنا بحسب Badiou بالمعارك التي كانت تجري في منطقة البلقان قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914 ـ 1918 .
من المعروف أن الدول العظمي ( فرنسا و إنكلترا ، و هي دول رأسمالية ) توصلت بموجب اتفاقية سايكس بيكو 1916 ، إلى تفاهم على اقتسام بلدان الشرق العربي فيما بينها ، على نسق مؤتمر الدول الأوروبية في برلين في 1884 ـ 1885 من أجل وضع قواعد تلتزم بها هذه الدول في عملية استعمار القارة الأفريقية .
و لكن عندما لا يكون التوافق ممكنا تتفاقم حدة المنازعة بين الدول الامبريالية إلى حد الحرب التي هي " في صميم الامبريالية كما يأتي الغيم الكثيف بالعاصفة " . و من الطبيعي في هذا السياق أن تعدد القوى الامبريالية ، واختلاف نظمها ، من شأنهما أن يعرقلا أو يمنعا أحيانا ، هذا التوافق فتشتعل الحروب المحلية الدامية و المدمرة في البلدان التي تحتل موقعا استراتيجيا على رقعة الشطرنج العالمية أو التي توجد فيها مناطق تزخر بالمعادن و النفط و غير ذلك من المواد الأولية .
ليس من حاجة إلى أن نطيل في الحديث عن أدوات الحروب المحلية ، فلقد عرفها الناس جيدا في العراق و سورية و لبنان و ليبيا و اليمن و الجزائر في العقود الثلاثة الأخيرة ، على شكل جماعات كبيرة العدد ،حسنة التنظيم و التسليح ، انضوى تحت لوائها عناصر محلية و مرتزقة جاؤوا من بلدان مجاورة ، لقتال الدولة الوطنية ، المنهكة و المتيبسة جهلا و مرضا ، بهدف أسقاطها و ليس إصلاحها ، بعد إعلانها " دولة غير شرعية " ، بدعم من الجهات التي تقدم السلاح و المال و ترسم الخطة .
أما الغاية من هذه الحروب , و هي في رأي Badiou مقدمات لحرب بين القوى الامبريالية نفسها ، هي كما يقول أيضا ، نشر الفوضى و الدمار على نطاق واسع في البلاد ، باستثناء مناطق تبقى تحت سيطرة الجماعات المتمردة و رعاية الدولة الامبريالية بحجة أن هذه الأخيرة اكتسبت حق الشفعة من خلال مساهمتها في إلغاء الدولة غير الشرعية . بكلام آخر إن الهدف الأساس من الحروب الامبريالية بالوكالة ، هو استبدال " الدولة غير الشرعية " كون وجودها لا يلائم مصالح الدولة الامبريالية ، بدويلة في " منطقة " أو مناطق تسمى " آمنة أو أمنية " ، لأنها تحتوي على مناجم الأورانيوم ، أو آبار النفط و الغاز! أو تتوافر فيها شروط الإنتاج الزراعي و الغذائي الضروري من أجل إحياء المجتمع الوطني الذي مزقته الحروب . الأمثلة على ذلك كثيرة ، منها احتلال الإسرائيليين للجولان السوري كونه خزانا للمياه بالإضافة إلى محاولاتهم المتكررة في السنوات الأخيرة الهادفة إلى إيجاد " منطقة آمنة " جنوب نهر الليطاني . و لا بد من التذكير أيضا بأن الأميركيين موجودون في الجزيرة السورية وفي العراق و في ليبيا يحرسون أبار النفط وسط الحروب .
ولكن القسمة عندما لا تكون بالتراضي تشجع على الحرب جشعا و ضغينة . تقود الحروب الأمبريالية المحلية في نهاية المطاف إلى حرب كبرى بين القوى الامبريالية !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال