الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قضية التراث

سيف الدولة عطا الشيخ

2020 / 5 / 1
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


[email protected]
1-----------3
البحث في التراث هو بحث في الذاكرة سواء أكانت فردية أم جمعية, إنه بحث في تشكيل وتفاعل هذه الذاكرة. أما مداخل هذا البحث فهو الواقع القائم والذي من خلاله يمكن العثور على البنيات المتبقية من الماضي أو تلك المكتسبة من واقع الحياة المعاشة إضافة لما يتسرب من ثقافات متواصلة من مواقع أخرى. الواقع دائماً وإلى حدٍ ما منكشف أمامنا وتكمن الصعوبة في العثور على العناصر الدخيلة أو تلك المتحركة من التراث؛ وهنا بالضبط تظهر صعوبة البحث, ومن ثم تتكون قضية التراث.
في واقعنا الحاضر يسيطر مفهوم التراث على كامل السلطة المعرفية؛ وهذا شيء طبيعي. أما غير الطبيعي أن يكون هذا التراث هو المانع للوعي والمعرفة المنتجة للعلم والتحول الثقافي. وهذا الأمر من أساسيات القضية التي يجب بحثها. عليه سيكون هذا المقال وما يتبعه بحث في هذا الكائن المرعب والذي يقف حائلاً أمام أي فكرٍ جديد أو حتى أدنى نقد له.
سنبدأ بالباحث د. حسن حنفي وبالذات في كتابيه ( التراث والتجديد؛ ونشير إليه بالحرف ج, ودراسات فلسفية؛ ونشير إليه بالحرف س)؛ ومن خلال التقابل بين الكتابين نحاول أن نعثر على الرؤية المميزة لقضية التراث؛ أما في شأن موقفه من الغرب سيكون المصدر كتابه (قضايا في الفكر الغربي المعاصر؛ ونشير إليه بالحرف غ)
بداية يحدد " د. حسن حنفي " ثلاث حقول بمثابة مواقف للبحث في التراث, وهي: الموقف من التراث القديم, والموقف من الواقع الذي نعيشه, والموقف من التراث الغربي.
الموقف من التراث القديم:
في تعريفه للتراث يقول د. حنفي بأنه (كل ما وصل إلينا داخل الحضارة السائدة)11 ج. وعلى هذا التعريف يكون التراث "قضية موروث" وفي نفس الوقت قضية معطى حاضر على عديد من المستويات"11ج أما هذا الحضور فيحدده بالاستجابة الذهنية ( لأجيال سابقة إزاء أحداث عصر مضى, ويكشف عن صراع القوى الغالبة على تراث المغلوب)19س. إذن ما وصلنا من تراث يرتبط بالقوة المهيمنة, وهذا القول يعرّض حقيقة ما وصل إلى الشك في معظم عناصره, وعليه يتوجب الفحص الدقيق. غير أن د.حنفي, وفي توجهه نحو تحديد التراث المطلوب يفرق ما بين الحديث عن التراث والحديث عن الدين إذ أنهما ليسا عنصراً واحداً ( فالتراث حضارة, والحضارة ناشئة بفعل الزمان والمكان, وكل ما في التراث ليس في الدين, وكل ما في الدين ليس في التراث)20ج. وتقريباً تعني الحضارة هنا الثقافة إذ بها تتشكل الخبرة الذهنية المكتسبة. ولتخليص الدين من الثقافة يوضح د.حنفي قائلاً: ( أن التجسيم والتشبيه ظهر في التراث ولم يظهر في الدين وظهر الجبر في التراث ولم يظهر في الدين, وظهرت دعوات في التراث إلى الخضوع والاستكانة والرضا والقناعة والخوف ولم تظهر في الدين)20ج. ولتأكيد هذا الفصل يقول د.حنفي أن التراث(إن هو إلاّ عطاء زماني أو مكاني يحمل في طياته كل شيء)20ج. من هنا تبدأ المغالطة والاضطراب ما بين التراث والدين, وإذا كان التراث هو الثقافة الكلية لزمن مضى وخبرة مكتسبة للزمن الحاضر, فإن يكون الدين؟ وعن أي تراث يكون البحث.
بعد إشكالية التراث والدين ندخل مع د.حنفي إلى إشكالية الدين والإسلام, فبمثل ما خرج من التراث هناك وأبعده عن الدين يحاول هنا الخروج من "لفظ إسلامية كوصف للحضارة لأنه لفظ ديني" ذلك أن "القضية حضارية بالأصالة تفرض أسلوبها العلمي" مبرراً أن "أمثال هذه الألفاظ الدينية لا تدل على أي معنى, بل تعني وصفاً حضارياً صرفاً, أي الحضارة التي نشأت حول الإسلام باعتباره معطى تاريخياً وليس باعتباره ديناً"؛ وفجأة يستدرك د. حنفي شبح الوحي فيشير إلى أن الوصف الحضاري للدين لا يعني إنكاراً للوحي 20ج. فالإسلام واقعة حضارية حدثت في التاريخ وبهمنا ما نشأ منه كحضارة, وليس مصدر من أين أتى, تهمنا حضارته بعد حدوثه بالفعل 20ج وهكذا خرج الوحي كمصدر خارجي بالفعل وأصبح عنصراً كامناً بالقوة داخل مكونات الثقافة ومن هذه المنطقة تتصاعد مفاهيم الحضارة, غير أن الأمر لا يستمر بهذه المثالية المتعالية؛ فالدكتور يبحث عن مكان للوحي الذي هو-- خارج الزمانية البشرية-- في الإسلام كحضارة, مثلما هو أصل ومصدر للدين, غير أن هذا التوجه يهدد لا زمانية الوحي ويرمي به داخل تحولات الوعي المكتسب من الطبيعة المحيطة ونوعية السياسة الممارسة في إدارة المصالح. هنا يتشابه الأمر باختلاط الدين مع الدولة.للخروج من هذا المأزق والسير في فصل الإسلام عن الدين يوضح د.حنفي أن ( التراث إسلامي ونحن مسلمون, والنسبة تشير إلى الحضارة أكثر مما تشير إلى الدين, ونعني أننا والتراث من منطقة حضارية معينة كما يعيش الغربي في تراث مسيحي ولا يكون مسيحياً أو كما يعيش الهندي في تراث هندي ولا يكون هندوكياً وبوذياً)21ج. ولكن لم يقل د. حنفي يمكن أن نعيش في حضارة إسلامية ولا نكون مسلمين مثلما كان سابقاً والذي يماثل اليوم أننا نعيش في حضارة رأسمالية مؤسسة على البروتستانتية ونحن مسلمون؛ وربما كان الإخفاء لهذه العبارة يعود إلى أن د.حنفي لا يتقبل فكرة أن الحضارة الإسلامية التي كانت قد سادت تلاشت داخل حقل العلمانية المسيحية؛ بل إنه وبذات الأسلوب الخطابي الوعظي يقف على منصة الشمولية ليعلن ( أن التراث هو الدين الإسلامي, فهو الأعم ولأشمل من التراث العربي, أبدعه العرب وغير العرب _ ليس غير المسلمين _ ومكتوب باللغة العربية وباللغات الإسلامية, والقران مكتوب بلغة العرب ولكن الإسلام لكافة الشعوب, والحضارة إسلامية والعلوم إسلامية) 52س. لم يوضح د. حنفي تلك اللغات الإسلامية. بالرغم من الفصل بين لغة القرآن ولغة الإسلام يعود د. حنفي ليؤكد أن القرآن العربي هو أصل بنية الحضارة الإسلامية, وهو مصدر المعرفة وكل العلوم المنتجة هي إسلامية, وعليه تتشكل مادة التراث على النحو الآتي:
1- الكتب المقدسة في ديانات التوحيد التي خرجت من إبراهيم: العهد القديم والعهد الجديد والقرآن, خاصة بالنسبة للشعوب العربية والأوربية 54س. بهذا وعلى حسب مقولة أن الإسلام يجِّبُ ما قبله وناسخ لما سبق من كتب, تدخل الشعوب الأوروبية مشاركة في مادة التراث مع العرب.
2- المادة الثانية من التراث تشير إلى "العلوم الدينية أو كما يسميها القدماء العلوم النقلية التي بدأت حول هذه الكتب المقدسة لضبطها وقراءتها وتفسيرها وتقنيتها وتمثلها, مثل علوم القرآن والحديث والتفسير والفقه والسيرة 54س . وهنا تخرج أوروبا من التراث الإسلامي.
3- المادة الثالثة, تتلخص في " الأمثال العامية والأدب الشعبي وكتب السيرة والملاحم التي ما زالت الشعوب تستشهد بها وتأخذ منها معايير للسلوك ونمازج لحياة البطولة والوفاء 56س. وبالرغم من أن هذه المادة الثالثة هي من إبداعات الثقافة والتي على أساسها يتم إنتاج أي نص سمعي شفاهي, إلاّ أن د. حنفي يضعها في أخر مواد التراث, ومع ذلك تلتقي مع الإدراك السمعي للقرآن وكما يقول أن الناس يسمعونها ( سماعهم للقرآن وياهتزون للاثنين إعجاباً وطرباً) 56س. وهكذا, وبعد صعود المادة الأساس لمصادر التراث إلى مصافي العلوم يهبط إلى عموم الفنون الثقافية لا توازياً وإنما اندماج يجد تبريره عند "حنفي" كبنية لتأسيس الحضارة على الأصول الدينية, مثل أساطير اليونان وفي الإنجيل بالنسبة للحضارة الأوروبية, والتوراة بالنسبة للتراث اليهودي, وكتاب الموتى في الأساطير المصرية, وقوانين حمو رابي ... ووصايا كونفوشيوس ...وكذلك القران والسنة بالنسبة للحضارة الإسلامية.132 ج. ومع أن معظم هذه الحضارات سادت ثم بادت, أو ما تبقى منها وبتحولات الواقع تغيرت صورة المفاهيم المتناسبة مع الوعي الحديث. إلاّ أن الحضارة الإسلامية ما زالت هي هي متجمدة في منطقة مجهولة, وهذا ما يتحسر عليه د. حنفي قائلاً: ( أننا ما زلنا نحن في واقعنا المعاصر يتمركز فكرنا القومي على الله, ولم تتطور المكتسبات الإنسانية في تراثنا القديم, بالرغم مما نحن فيه من مآسي الإنسان التي كان يمكن أن تجعله محوراً أساسياً في فكرنا القديم) 145 ج. وهنا نذكر د. حنفي بقوله أن الشعوب التراثية لا يمكن أن يتغير شيء في الواقع ما لم يتغير في الوعي أولاً, ولتأكيد هذه اليسارية الأفلاطوني يوضح د. حنفي ( أن أبنيتنا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كلها تقوم بالأساس على أبنيتنا النفسية وقوالبنا الذهنية وتصوراتنا للعالم)31 س. هكذا وبعد دوران وعظي ظهرت صورة الإنسان المهتزة اهتزاز الواقع نفسه.


الموقف من الواقع:
يتحرك " د. حسن حنفي" من خلال واقعين, الأول ذلك الذي أنتج تفسيرات التراث المحددة بالكتاب والسنة. وواقع آخر هو نتاج تلك التفسيرات. الأول, وبما أنه يمثل الماضي الذي أتى تفسيراً لمادة التراث, فهو بالنسبة للواقع القائم يمثل التراث المفترض تجديده. أما الواقع الثاني, فهو يمثل حال الأمة القائم والحامل للتراث المُفسَّر على حسب شعور السلف وليس على شعوره الحاضر مما يعني أن إنسان الواقع الثاني هو واقع بلا شعور خاص به وإنما يقوم بتوظيف الشعور الغائب وذلك من ممارسة الحياة التراثية كما أرادها السلف. في اعتقادي أن اضطراب مفهوم هذا النوع من الشعور هو الذي دفع د.حنفي لربط الشعور الغائب مع الشعور الشاهد (المُغيب) في تفاعل وجداني للوعي بمادة التراث الديني المتمثل في الكتاب والسنة؛ ومن ثم يمكن بناء الواقع التراثي المفترض. وطالما أن الشعور قد أوصل البحث إلى هذا الاندماج, فيمكن بذلك أن يكون هو المنفذ إلى نفسية الأمة وكما يرى د. حنفي, أن المدخل لواقع الأمة لا يكون إلا من خلال الشعور, ذلك أن الماضي والحاضر كلاهما معاشان داخل هذا الوعاء. وعليه يصبح وصف الشعور هو في نفس الوقت وصف للمخزون النفسي المتراكم من الموروث في تفاعله مع الواقع الحاضر, إسقاط من الماضي على الحاضر16 ج. ( فالتراث حي يفعل في الناس ويوجه سلوكهم, وبالتالي يكون تجديد التراث هو وصف لسلوك الجماهير وتغييره لصالح قضية التغير الاجتماعي)16 ج. يتدرج د.حنفي صاعداً من مخزون النفس الشعوري متجهاً إلى العقل من أجل أن ( تحليل التراث هو في نفس الوقت تحليل لعقليتنا المعاصرة وبيان أسباب معوقاتها, وتحليل عقليتنا المعاصرة هو في نفس الوقت تحليل للتراث)14-15 ج. هكذا, وكلما حاولنا أن نجد منفذاً لإخراج الإنسان من الدوائر التراثية, يجتهد "حنفي", في إسقاطه داخل الجُب الماضوي. فالرجل يريد سحب الحاضر إلى الماضي إلى درجة اختفاء الحاضر داخل المتاهة, ومن ثم يكون الكل امتداد للتاريخ الوهمي؛ فهو يرى, وبما أن ( التراث يشير إلى الماضي والتجديد يشير إلى الحاضر, فإن قضية التراث والتجديد هي قضية التجانس في الزمان, وربط الماضي بالحاضر, وإيجاد وحدة التاريخ)17 ج. هكذا يكتمل التلاشي؛ وتأكيداً لذلك ينبهنا د.حنفي أنه وعندما يقول ( روح العصر أو احتياجات العصر أو واقعنا المعاصر, فإننا لا نشير إلى جماعة بشرية تنتمي إلى جنس معين؛ فالبشر لا تُصنف إلى أجناس أو بيولوجية)19 ج. من الظاهر أن الباحث "د. حنفي" يحاول البعد عن تهمة المادية, فهو دائماً ما يحافظ على اليسارية الدينية المرتبطة بالمثال الأفلاطوني,وعليه فإن واقعنا الذي يشير إليه ليس إلاّ (أبنية نفسية وأوضاع اجتماعية, وهذه الأبنية والأوضاع هي التي تحدد الهوية)19ج. ولهذه السيولة الشمولية فأنه يرى من السخف البحث عن هوية فرعونية أو قبطية أو عربية أو إسلامية 19ج. وهكذا تذوب الهوية التاريخية وعلى ضوئها يختفي الإنسان نفسه؛ ومع ذلك يذهب د. حنفي, للبحث عن التراث في الشعور الغائب. وعندما لا يجد ما حدده كمواد للتراث إلاّ في إطار الفنون الشعبية يتجه هذه المرة إلى أصل التراث في واقع مختلف علّه يجد ما يستحق التجديد؛ ولعلاقتنا بالإستشراق الأوروبي يكون الغرب هو الوجهة. وهنا يصطدم البحث بإنتاج العقلانية المعاصرة.
الموقف من التراث الغربي:
ينطلق د. حنفي, من نقد العقل في التراث الإسلامي القديم, موضحاً أن هذا العقل الموروث من السلف كانت مهمته تبرير الدين, على الأقل في علم أصول الدين, وفي علوم الحكمة. وأن العقل لم يستقل على الإطلاق ولم يُوجه نحو الواقع وهو " طرفه الأصيل "14ج. إذن, لم ولن تكن هناك أي حاجة إلى هذا العقل التبريري. بعد هذا الإقصاء النظري يخطو الباحث نحو الواقع ومن خلاله يمكن كما يرى, أن تتم عملية تجديد علوم الأصول الحكمة الخاص بالواقع الفقهي, أما الواقع المعاش فهو ليس له إلاّ الرقص في فنونه الدينية والشعبية. وفي ظني أن السبب في إقصاء الواقع المعاش في أنه لا يحتمل مفاهيم الفلسفة وبالذات تلك العقلانية والتي تأسست أصلاً على إقصاء الآخر. بعد هذا الإعدام الواضح لإنسان هذا الواقع يبدأ د. حنفي, وعلى طريقة ديكارت بوضع " كل شيء موضع التساؤل من جديد" ما عدا الوحي أي الأصل الأساس للتراث بل هو ( الموضوع الأساسي لجميع العلوم, فالحضارة الإسلامية ما هي إلاّ محاولة لعرض فكري منهجي لهذا الوحي في مرحلة معينة ولبيئة ثقافية معينة, وتحت ملابسات محددة)129ج. وبالرغم من هذا التخصيص والتحديد والحصر في الدائرة المُغلقة, فإن د. حنفي, يحاول إعادة البناء عكساً للغرب. فإذا كان التجديد هناك أقام نهضته على الهدم و (الابتعاد عن التراث اليوناني الروماني والتراث اليهودي المسيحي)120 ج. وذلك من أجل إثبات الهوية الأُوروبية والتحرر من سيادة القدماء", فإن التجديد هنا يجب أن يتحرك من السيادة, ذلك أنها هي الخاصية المميزة لحضارة الوحي الإسلامي. فأوروبا وبعد هدمها للوحي وبناء شخصيتها من معطيات واقعها اتجهت وفي سبيل تحديد كينونتها أن ظهرت القوميات والتي بدورها أدت إلى ظهور الكائن البشري متسائلا عن حقيقة وجوده. فكان " الكوجيتو" الديكارتي تتويجاً لهذا الانتصار, وكما يقول د. حنفي نفسه أن " الكوجيتو" " أعظم مكسب للفلسفة الحديثة, فهو إثبات لوجود " الأنا" من حيث هو فكر, ولذلك كانت نتائجه حاسمة في تاريخ نهضات الشعوب وجعل الفكر مرادفاً للوجود 24غ. ومع ذلك, وحتى لا يفلت الإنسان الأوروبي نفسه من قبضة الوحي, لم يجد د. حنفي إلاّ أن يقذف صراع الشك واليقين الذي أدى إلى ظهور الذات الديكارتية, داخل علوم الأصول ليصبح الكوجيتو " مقدمة لوجود الله, وظهر الله على أنه مضمون الذات وجوهرها وبذلك وضع ديكارت الإنسان في علاقة مع الله وليس مع العالم"24غ. ولم ينشغل الباحث بالصراعات والإسقاطات ما بين الذات الإنسانية والذات البشرية؛ ولكنه مهتم في التعالي والصعود نحو السماء مصدر الوحي والتراث.
بهذا الإقصاء الانطولوجي والصعود إلى المثالية الأفلاطونية يكون ( العقل عند ديكارت مبرراً للإيمان, وبالتالي يمكن أن يقال أن العصور الحديثة بدأت إيمانية ... كما كان الحال في الإصلاح الديني عند لوثر)24غ. ولا يتوقف الإسقاط, بل يذهب د. حنفي وكما يشاء, إلى إعادة بناء المسيحية الأفلاطونية, أو العودة إلى مقولة سقراط " أعرف نفسك بنفسك", وأخيراً إلى عبارة المسيح: " ماذا لو كسبت العالم وخسرت نفسك"24غ. هكذا يصل د. حنفي إلى مبدأ التجديد من خارج البيئة متذرعاً أن ما صار في أوروبا من عقلانية كان قد سبقهم بها علماء المسلمين؛ فالعقل عند المعتزلة كان هو السابق عل النقل" إضافة إلى نظرية التأويل عند الفلاسفة خاصة عند ابن رشد. إذن, وبمثل ما كان العقل في تراثنا القديم مبرراً وخادماً للدين, فإن ديكارت نفسه لم يخرج عن ذات الدائرة التبريرية. بهذا الإسقاط المتبادل ما بين التراثين نصل مع د. حنفي إلى أن أصل التراث هو السماء وكل ما حاول السقوط إلى الأرض على التجديد أن يتحرك لإعادة الانتعاش والصعود به إلى هناك. أما هنا فليس للإنسان إلى أن يشقى إلى حين العثور على وجوده الواقعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام