الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحيل المناضل الكبير ضد الابرتهايد والعنصرية دنيس غولدبرغ

محمد بركة

2020 / 5 / 3
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



يقوم الصديق والكاتب الصحفي المعروف جدعون ليفي في مقاله في صحيفة "هآرتس اليوم 3 أيار 2020 (ننشره مترجما في موقع "الاتحاد") بلفتة رائعة وبتأدية التحية لرجل عظيم رحل عن الدنيا قبل أيام.

الحقيقة انني لم اعلم بوفاة القيادي الكبير في المؤتمر الوطني الافريقي المناضل الكبير دنيس غولدبرغ قبل قراءة مقال جدعون.



لقد تعرفت على اسم دنيس غولدبرغ لأول مرة عندما اطلق سراحه من سجون الابرتهايد في العام 1985، يومها لفتت انتباهي بشكل خاص إجابته على سؤال لأحد الصحفيين: ما الذي ادهشك في عالم الحرية بعد ٢٢عاما في غياهب سجون الابرتهايد؟

لقد كانت إجابته غاية في البساطة والعمق والإنسانية: ما لفت نظري انني أرى أطفالاً لأول مرة منذ 22 عاما.

دنيس غولدبرغ ينحدر من أبوين ليتوانيين ويهوديين هاجرا الى بريطانيا في منتصف القرن قبل الماضي وقاما بالانتساب للحزب الشيوعي هناك.

انتقلت العائلة لاحقا الى كيب تاون في جنوب افريقيا حيث تحول بيتهم الى ملتقى لناس من مختلف الأعراق في تحدٍ كبير للعنصرية السائدة هناك.

دنيس غولدبرغ انضم للحزب الشيوعي في جنوب افريقيا وكان من أصغر القياديين لدى تأسيس المؤتمر الوطني الافريقي بقيادة القائد البطل نلسون مانديلا في النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي.



درس غولدبرغ الهندسة المدنية وناضل في البداية في اطار العمل النقابي بعد ذلك جرى فصله من عمله في السكك الحديدية وذلك مع ارتفاع منسوب الاضطهاد والملاحقة التي مورست من نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا حيث جرى سنّ قوانين مناهضة لكل ما هو انساني وديمقراطي.

لقد قاد استفحال الاضطهاد العنصري المؤتمر الوطني الافريقي الى تبني الكفاح المسلح والذي كان يهدف الى ضعضعة مواطن قوة النظام دون المسّ بالأرواح حسب ما اقرته لوائح المؤتمر آنذاك.

غولدبرغ لعب دورا هاما في قيادة وإدارة الكفاح المسلح ضد نظام الابرتهايد.

في تموز من العام 1963 القى البوليس السري للنظام القبض على عدد من قيادات المؤتمر الوطني الافريقي ومن بينهم كان مانديلا وغولدبرغ وجوفان مبيكي وغيرهم. وطلبت النيابة انزال عقوبة الإعدام بحق المناضلين.



عرض غولدبرغ على رفاقه بواسطة محاميه ان يتحمل هو المسؤولية وحيدا امام محكمة الابرتهايد بالقول انه قاد وخطط عمليات المقاومة خلافا لقرارات المؤتمر الوطني الافريقي وكان ذلك بهدف حماية نلسون مانديلا.

الا ان رفاقه رفضوا عرضه هذا، وحكمت المحكمة عليه وعلى عدد من زملاءه بأربعة مؤبدات وكان عمره آنذاك 31 عاما وكان اصغر المحكومين.

يروى ان والدته لم تسمع قرار القاضي عندما نطق بالحكم وصاحت: دنيس، ماذا هذا، ماذا قال القاضي؟

فأجابها ابنها: "الحياة، الحياة شيءٌ رائع".

في بدايات تصدع نظام الابرتهايد جرى اطلاق سراحه في العام 1985 وارسل الى إسرائيل لكونه يهوديا ثم ما لبث ان غادرها وقد قال وقتها ان إسرائيل هي جنوب افريقيا الشرق الأوسط وان الحل هو واحد في كلتيهما: دولة واحدة وحقوق متساوية.

انتقل بعد اطلاق سراحه للعيش لعدة سنوات في لندن وواصل عمله ضد الابرتهايد في مكتب المؤتمر الوطني الافريقي في لندن وبعد سقوط الابرتهايد قام فيها بمشاريع اجتماعية لتحصيل الحقوق والحياة الكريمة للسود في بريطانيا.

عاد دنيس الى جنوب افريقيا في العام 2004 ليعمل مستشارا لوزير المياه والغابات آنذاك روني كاسريليس.

في العام 1994 سقط نظام الابرتهايد وتولى رئاسة البلاد الرئيس نلسون مانديلا بعد الانتخابات الديموقراطية الأولى.

كان لي شرف لقاء الرئيس مانديلا في مؤتمر الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا في نيسان 1995، الى جانب لقاء عدد من الرموز التاريخية للنضال والتضحية ضد العنصرية مثل نائب وزير الدفاع ووزير المخابرات آنذاك في حكومة مانديلا الأولى، الرفيق الرائع روني كاسريلس وهو يهودي أيضا وكان صاحب مآثر نضالية كبيرة في المقاومة والتي ساهمت في تقويض نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا.



الحقيقة انني لم اتعرف على دنيس غولدبرغ لكنني اقتفيت اخباره منذ تصريحه اللافت حول دهشته الطفولية برؤية الأطفال في العام 1985 لأول مرة بعد 22 عاما.

انتمى غولدبرغ عرقيا الى "الصفوة" الحاكمة وصاحبة الامتيازات الاستثنائية في جنوب افريقيا بحكم كونه ابيض ويهودي (علما ان الجالية اليهودية كانت داعمة قوية للنظام العنصري وان الدولة اليهودية كانت حليفة النظام الأولى في العالم) الا انه اختار ان يقف في معسكر الثورة والحرية والمقاومة وكان مستعدا لدفع ايّ ثمن، بما في ذلك حياته، من اجل الحرية والعدالة والمساواة.

في 29 نيسان 2020 توفي دنيس غولدبرغ عن عمر ناهز 87 عاما .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيارة تحاول دهس أحد المتظاهرين الإسرائيليين في تل أبيب


.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in




.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو


.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا




.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي