الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لقصيدة -1/ تداعيات لزمن منفلت- لعبدالرحمان بكري(الجزء الثاني)

محمد هالي

2020 / 5 / 4
الادب والفن


اننا هنا نصطف عالقين في تداعيات الطموح و معيقاته، بين نظرية صائبة، و اخطاء تجسيدها على الواقع، بين عربدة مخللة بتداعي حر تفرزه خمارة تعج بالسكارى، يزمجرون اللوحة الاسمنتية، و ان كان التاريخ لا يسيره افراد، لكن لرمزية الفرد و كاريزمياته، ما يعلق "خيبات الاعذار المتراكمة" و ال "هزائم متوارثة" من مخلفات شخصيات اللوحة، جعلت التاريخ يسير بدون قيادات حقيقية تجسد خبرات النظريات على ارض الواقع يراها بكري هي السبب الرئيسي التي جعلت المجتمع يسير ب" عزائم برأس مقطوع" هكذا تختصر القصيدة المشاهد التي عرفها مجتمعنا بسخرية الاقدار، إنه تاريخ مشوه يجرنا الى مساومات كانت لها عواقب وخيمة على استمرار التخلف، و الانحطاط الى حدود الآن، هذا ما تجسده القصيدة من خلال مقطعها التالي:
"والنصف الثاني يتزمزم من بقايا جعة دامعة،
انغرزت أقلام الرصاص،
تشرِّحُ جسدي النحيف،
تهادن أحقيتي في تناوب مطبوخ،
على مقاربة الخنوع،
سحَّت دمائي من خدش صغير،
بأصابع يدي اليسرى،
أحصي تراجع عدد الموجات."
إن مكامن الخلل، و الهزائم التي توالت من مرحلة ما قبل عمر و المهدي الى حدود الآن، اختصرتها مشاهد المقطع أعلاه، ككل الخيبات السابقة تحت خاصية أنه لم يتغير أي شيء، و هذا ما تستجمعه سكونية بوجميع طيلة التاريخ الذي عشناه الى الآن من مرحلة ما قبل حكومة الخصخصة الرأسمالية مع السيد اليوسفي، الى حكومات السلفية المجسدة لصوت الفقيه بروح الدوائر الرأسمالية، التي أجهزت على ما تبقى من مكاسب استشهد من أجلها الكثير من أمثال المهدي و عمر، و هي تصلي علينا الآن صلوات الجنازة في عصر كورونا المتفشي في البلد، و لتعرية مرض أصاب ملهمي القبعة، و الاصلع، و رسائل السجن الى مقصلة العلاج، و مساءلة مكامن الأخطاء التي لازالت تستمع لأوتار بوجميع، و هو يدندن في مسامعنا، كلما أوحشتنا رقصات الحانة، التي اختارها بكري لتكون شاهدا على هذا الثبات، الذي اوقعنا فيه التاريخ المبتور من كل الجوانب.
"الحانة تطفح بصخب السكارى،
تنتشي على إيقاع كل الأغاني،
انتبهت لدمي السائل،
المرأة الجالسة خلف الكونتوار،
مدتني منديلا ورقيا،
أوقف به لهفتي النائمة،
في جسد مقموع،
أومأ لها جرحي ،
على خدها الناعم المكشوف ،
أتفحص سيرة نبوءة ضائعة،
كانت توعدتني بقرابين الانتصار..


ان هذا المجتمع الصغير، الذي يعج بصخب الحياة، و هي لا تخلو من تموسقات أصبحت تثري مسامع جيل جديد، أوقعته في سكر أبدي، تغطيه خصائص اللهو المتواصلة بدون انقطاع، أو لنقل أنه مرض عضال، أصاب زخم سياسة التدجين المفبركة من طرف صيد الرأسماليين، الذين يتاجرون في كل شيء، حتى في كيفية السيطرة على أدمغة الشباب، و هم يعرضون تجارتهم بأعثى مسرحيات التمثيل، و الصور، لعل ارقاها وضع جسد المرأة كحلة تجارية، من أجل بيع قنينة ماء لزبناء كرام، انه سكر الترسانة الاعلامية للإمبريالية المغلفة بتموجات محلية، من خلال برامج التفاهة، لهو في الحقيقة انحطاط ثقافي هجين، تختلط فيه الموت بالحياة، تدجنه لوائح من العربدة الاجتماعية، في واقع مقيت لا يبشر بخير، خصوصا أنه يسير بدون معارضة و هو يزحف "برأس مقطوع" في صخب اجتماعي يشبه الحانة، و أفرادها السكارى العظام:
"الحانة تطفح بصخب السكارى،
تنتشي على إيقاع كل الأغاني"
بهذا يكون افراد المجتمع، الكل يطرب الجزء، أو العكس، كل طرف على منواله الخاص، في ظل هذا الوضع السيئ لازالت هناك حياة، ترنم انكسار الكأس، الذي يعرب عن مرحلتين الشاقتين عرفهما المغرب حسب القصيدة، كانت الفئات الهشة اجتماعيا تعقد عليهما آمالا كبيرة، قبل أن يتبين لها أنهما مجرد صيحات في واد، تقاسمتا ادوارا لتجسيد التصالح الطبقي، بين طبقة اجتماعية تستحوذ على كل شيء، و أخرى لا تملك سوى قوة عملها بدون جدوى، و المتمثلتين في وصول الطبقة الوسطي الى ما يشبه قرارات التسيير في حكومة التناوب بزعامة اليوسفي، اذ سرعان ما سقطت في براثن صندوق النقد الدولي، و البنك العالمي، أي سقطت في الدوائر الامبريالية، التي شرعت في السطو على خيرات البلاد عن طريق سياسة الخصخصة، و حكومة أخرى تشبهها، و إن عملت على دغدغة العواطف بشعائر دينية، لا تخلو من إيمان في السطو على ما تبقى من منافع لطبقة المقهورين، هذا الترنم يظهر فيما يلي:

انتبهت لدمي السائل،
المرأة الجالسة خلف الكونتوار،
مدتني منديلا ورقيا،
أوقف به لهفتي النائمة،
في جسد مقموع،
أومأ لها جرحي ،
على خدها الناعم المكشوف
ان هذا الدم المتدفق من مرحلتين مفصلتين في تاريخ المغرب، يجسد هنا استمرار التخلف، و الانحطاط، بدون معارضة حقيقية، تجسد بالفعل صد الطوفان الرأسمالي الذي يزحف على كل شيء، و هو يزيد يوما بعد يوم عن تفريخ العطالة، و العمل الهش كسياسة التعاقد مثلا، مما يجعل سياسة العهر لا تستطيع علاج ما هو فاسد أصلا، مع احترامي لمرأة الكونتوار الموظفة بعناية في المشهد، و التي بدت هنا ممرضة لداء يشبه كورونا، نتيجة عهر تفجر مباشرة بعد سقوط الكأس في كافة تشظياته المختلفة، و هذا ما يوضحه المقطع السبق أعلاه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با