الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالح خانم - الجزء الثاني .

ميشيل زهرة

2020 / 5 / 4
الادب والفن


مصالح خانم ..لم تُحيّر الشارع الذي تسكنه فقط ..إنما حيرت المدينة بأكملها ..!! مَنْ مِنَ السكان لم يرها في كل يوم تدفع عربة أطفال فارغة في شوارع المدينة مسرعة الخطى و كأنها تأخرت عن طفلها في روضة ما ، أو عند مربية ما ..! رغم أنها لم تنجب يوما كما قالت : ( إني سأموت في حسرة طفل ..! ) بعض من يهتم بشأنها من طلاب الكليات الذين يمرون من شارعها ، و يمرون على شرفتها أحيانا ، فسروا الأمر ، أنها تتخيل أن في العربة طفلا لها ، و قد سمعوها تكلمه أحيانا . أو هذا ما خيل لهم..! و بعضهم قال : إنها تدفع هذه العربة لكي تخفي الحدّبة التي في أعلى ظهرها .. وقيل أن آلاما مبرحة في أسفل ظهرها تؤرق ليلها و نهارها ، لذلك تستخدمها كعكاز ، بدلا من أن تعلن شيخوختها المبكرة ..!
الأمر الذي كان عصيا على التفسير زيارتها اليومية إلى رئيس البلدية ، في مكتبه لتلقي تحية الصباح عليه ..و على كل موظفي المكاتب في البناء ..! و لن تنسى رئيس المخفر الذي كان يجلس مع المختار الذي همس في أذن الشرطي همسات لها إيماءات جنسية ، مما جعل بريقا في عيني رئيس الخفر ، و توردا في وجنتيه يظهر..و لم يَخف الأمر على مصالح خانم في تلك اللحظة الحاسمة من الغليان الحيواني لرئيس المخفر ، و المختار ، فتطلب ما تريد لأنها تعرف أن المطلوب سيلبى حالا ، بسحر عينيها الفاتنتين ، و التي تجيد استخدام نظراتهما بطريقة مذهلة ..! كأن تقول في لحظة التوهج الشبق لمن يقابلها : ( الدنيا مطانح ..تخيل أن أبا فلان لم يقبل أن يقرضني ( مبلغا من المال ) عليه اللعنة ما أقل مروءته ..! و عندما يُثار الشبق ، و يختلط باستفزازها .. يمد المستفَزّ يده إلى جيبه قائلا : كم تريدين يا مصالح خانم ..ما عرفتي أن تطلبين الدبس إلا من مؤخرة النمس ..!!؟؟؟ قاصدا الرجل الذي لم يقرضها . و تقهقه مصالح خانم بضحكة خجولة بعد أن تضع يدها على فمها من فوق النقاب ..! لكن لعلاقتها مع أغلب المثقفين ، أمر غامض ..! و خاصة مع أولئك الذين كانوا يطرحون الطبقية ، ويقفون ضد الخيانات للوطن ، و للشعب ، و الطبقة الكادحة ..! لكن ثمة من كان منهم يفهم طبيعة مصالح خانم الروحية ، و الجسدية ، فيرى في عينيها الجميلتين في نظر الناس ، منتهى القبح ..! و لا يخشى أن يجاهر بأن تحت النقاب وحش مفترس تخفيه لكي تُمرّر مصالحها مع الأعيان ، و عامة الناس ..و لم تكن غافلة عن هؤلاء الفاهمين لأعماقها النفسية ، فتعمل على إغرائهم ، و قد أسقطت أغلبهم بتأثير عينيها فتبعوها إلى شرفتها .. و هناك يكفي أن يمرّ أحد الناس ، لتفتعل مزاحا مشبوها مع من يجالسها و يشرب قهوتها المرّة ..كأن تمد يدها إلى شعره ، و ترفع صوتها : ما أجمل شعرك يا عزيزي ..!!!!
فلم يبقى إلا أن يذهب من شاهد الظاهرة ، إلى أقرانه ليسرّ لهم أن فلان قد وقع في شباك صاحبتنا ( مصالح خانم ) ..!!! و لأن ذلك يحدث كثيرا ، فقد ضمر أحد رواد شرفتها ، أن يمازحها مستندا إلى معلومات قد سمعها في المدينة ..فذهب مع صديق له لزيارتها ، في الوقت الذي كانت ثمة إشاعة قوية تنتشر في المدينة : إن داعش ستدخل المدينة قريبا..! و عندما تساءلت مصالح خانم بخوف : متى سيحصل ذلك ..؟؟ أجابها الرجل في القريب العاجل كما يقال .! و لكي يطمئنها فقد قال لها ..و ما يضرك يا مصالح خانم إذا دخلت داعش ..؟؟ هؤلاء القوم ، من قوانينهم ألا تبقى أرملة بلا زواج ..يلزمون أحد الرجال بها ، ، لكي لا ينتشر الفسق بين الناس ..!! تخيلي أن يزفك أحد الدواعش إلى نفسه عروسا .. ومن يدري ، ربما تسحر عيناك الأمير الداعشي ، فينتقيك زوجة و يهم بك في بيتك ..! و عندما تساءلت مصالح خانم عن معنى كلمة ( يهمّ بك ) و عرفت المعنى ملأت عينيها ابتسامة غامرة ..! و مدت يدها تحت النقاب ، كأنها تسأل نفسها : هل يقبلني ذلك الأمير الداعشي كما أنا تحت النقاب ..؟؟؟؟ و تأمل خيرا بما سيأتي من الزمن الداعشي..! و تتساءل : كل الأرامل ، حتى القبيحات منهم ..؟؟ و عندما كان رد الرجل : نعم كلهن ..لأن من العار عليهم أن تنام امرأة بلا ذكر ..ليست النساء فقط ..بل حتى الذكور سيكون لهم من داعش نصيب ..فهم شواذ يحبون الغلمان ..! و هل لا يفرقون بين الذكر و الانثى ..؟؟ سألت مصالح خانم ..! و عندما كان جواب ضيفها : نعم ..! و قد أكد الآخر صدق صاحبه ..! مسحة تفاؤل غمرت ما ظهر من وجهها ..! و راحت تحلم بأمير داعشي قادم ، يضمها إلى حريمه ، و هذا ما جعلها في صباح اليوم التالي تقف في وسط الشارع ، لتعلن بأعلى صوتها ، و هي تصفع مؤخرتها : اللعنة على كل ذكور هذا الشارع ..ما فيهم من يبلّ الرّيق بنقطة ماء ..! و قد شوهدت تلبس حجابا كاملا يغطي حتى العينين ..!!
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء


.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في




.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و