الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولوجيا-

طلال الربيعي

2020 / 5 / 6
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


ثوماس بيكيتي Thomas Piketty بروفسور في كلية باريس للاقتصاد, ومؤلفه "رأس المال في القرن الحادي والعشرين", قد احدث ضجة كبيرة في كافة انحاء العالم, وقارنه العديد بكتاب رأس المال لكارل ماركس.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=416302
ومؤلفه الجديد هو "رأس المال والآيديولوجيا "
Capital and Ideology
https://www.amazon.com/Capital-Ideology-Thomas-Piketty/dp/067424768X

فريديريك لوردون Frédéric Lordon (من مواليد عام 1962) اقتصادي وفيلسوف فرنسي ، مدير الأبحاث في المركز الوطني للبحوث العلمية والسياسة الاوربية في باريس. يركز عمله على مزج فلسفة سبينوزا ونهجها في العلوم الاجتماعية لخلق إطار نظري جديد يسمى "هيكلية العواطف". نشر لوردون مؤخرًا كتابا بعنوان
Willing Slaves of Capital: Marx and Spinoza

في 31 يناير 2020، في Bourse du travail في باريس ، ناقش فريديريك لوردون مع توماس بيكيتي كتابه "رأس المال والآيديولوجيا" ، بدعوة من Les Amis de L’Humanité. النص التالي هو الخطاب الافتتاحي لفريديريك لوردون ، مع الحد الأدنى من المراجعات. ترجم من من الفرنسية الى الانجليزية من قبل ديفيد فيرنب. واقوم بترجمته ادناه الى العربية.
‘Why are you acting the Marxist? Frédéric Lordon on Thomas Piketty’s Capital and Ideology
https://www.versobooks.com/blogs/4683-why-are-you-acting-the-marxist-frederic-lordon-on-thomas-piketty-s-capital-and-ideology
--------
رأس المال والآيديولوجيا ؟ لذا دعنا ننتقل بهذا الترتيب ، بدءًا من "رأس المال". ما يثير الدهشة هو أنك ما زلت لا تملك مفهوما لهذا. تتمسك بـ "الملكية" ، لكن الملكية ليست رأس مال ... الملكية بحد ذاتها ليست رأسمالية. ميداس لم يكن رأسماليا (ميداس كان ملك "فريجيا" او الجزء الغربي من الاناضول في الاسطورة الاغريقية وكان قادرا على تحويل كل ما يلمسه إلى ذهب. ط.ا) ، لم يكن لويس الرابع عشر رأسماليًا (لويس الرابع عشر كان ملك فرنسا 1638 - 1715. ط.ا)- وكانوا بالكاد فقراء! عندما تفكر في النسخ التاريخية المتتالية لـ "الملكية" ، فإنك تترك نفسك محاصرًا في استمرارية اسمية كاذبة تدينك بـ "تعريف" معيب للرأسمالية.

إليك التعريف الذي تقدمه: الرأسمالية هي "امتداد الملكية إلى عصر الصناعة الكبيرة والمالية الدولية". من خلال الفشل في توضيح مما يتكون هذا "التمديد" ، يصبح تعريفك دائريًا. بالنسبة لـ "الصناعة واسعة النطاق" هو ​--------​--------الشكل الرأسمالي للإنتاج ( رأس المال ، الفصل الاول, 15). تعريفك دائري لأنك تحدد الرأسمالية بمصطلح رأسمالي بالفعل. لا توجد عشرات الطرق للخروج من هذا المأزق ، هناك طريقة واحدة أعطانا إياها ماركس، لأن ماركس فقط هو الذي أعطانا مفهوم الرأسمالية والرأسمال ، من خلال تعريف رأس المال كعلاقة اجتماعية. علاقة اجتماعية تتكون من ثلاثة أشياء: 1) فصل العمال عن وسائل الإنتاج ، أي عن الملكية بالمعنى الدقيق للكلمة ؛ ولكن أيضًا: 2) فصل العمال عن المُنتج ؛ وأخيرًا ، وربما الأهم: 3) مهمة تحقيق الربح ، أي استخدام وسائل الإنتاج والقوة العاملة بهدف التراكم المربح ، وتثبيت الاسعار غير المحدود.

كل هذا هو ما يجعل الماكنة رأس مال. أن "رأس مال" ليس صفة جوهرية للأشياء. إنها نتاج علاقات اجتماعية للرأسمالية التي تجعل من الماكنة رأس مال ، وهي ليست بأي حال من الأحوال رأس مال بحد ذاتها. على سبيل المثال، فرن الخبز في المخبز التعاوني في مونتريل ليس رأس مال ، لأنه يتم إدراجه في العلاقات الاجتماعية التعاونية وغير المأجورة. من ناحية أخرى، فإن فرن الخبز نفسه في المخبز الصناعي هو رأس مال. نفس فرن الخبز. رأس المال هنا ، ليس رأس مال هناك. إن رأس المال ليس صفة جوهرية للأشياء.

لذا ، لدينا ذلك. إنه تحسن عن كتابك لعام 2014. ترى الآن أن الملكية تحمل معها قضايا السلطة. هذا جيد جدا. لكنه لا يزال إنجازًا عمره حوالي قرن ونصف ... منذ عام 2014 ، ومرة ​--------​--------أخرى بعد هذا الكتاب ، لا يمكنني التخلص من نفس الشعور بالدهشة في انك لم تقرأ ماركس ، على الأقل كتاباته حول الاقتصاد - لقد اعترفت انت بذلك بصراحة في مقابلة مع New Republic في عام 2015 - ليس لديك مفهوما لرأس المال ، لكنك تواصل وضع Capital بأحرف كبيرة على أغلفة كتبك ...

سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن هذه مجرد قضايا مفاهيمية ليس لها أهمية أخرى: فهي تحدد العواقب السياسية. على سبيل المثال ، حول مقترحاتك "للتغلب على الرأسمالية" من خلال ما تسميه "الاشتراكية التشاركية". بقدر ما تؤخذ هذه الكلمات على محمل الجد ، فإن "اشتراكيتك التشاركية" لا تحقق بأي شكل من الأشكال أي نوع من التغلب على الرأسمالية. إذا كان العزم المشترك على النمط الألماني - من المحتمل أن يدرك الرأسماليون الألمان ذلك - ونحن كذلك.

هذه هي المشكلة: خطابك للتغلب على الرأسمالية يبقى مشفرًا في القواعد الأساسية للرأسمالية. لذلك ليس في الحصيلة أي "تغلب". ماذا أعني هنا بـ "القواعد الأساسية للرأسمالية"؟ لا اعني، في الوقت الحالي ، قواعدها الهيكلية كتكوين للعلاقات الاجتماعية ، ولكن قواعدها الديناميكية العملية ، وبشكل أكثر دقة مسألة المقدمة. المشكلة هنا هي أنه ، من أجل الإنتاج ، يجب أن يكون المرء قد حصل اولا على وسائل الإنتاج والآلات والسلع الوسيطة ، وبالتالي يكون قادرًا على التمويل في المقدمة قبل أي انتاج.

مرجعي الثقافي ربما يكون أقل تميزًا من مرجعك. أفكر هنا في فيلم Les 400 coups لفرنسوا تروفو ، حيث يخطط أنطوان دويسنيل ، الفتى الهارب الذي يحاول جعل نفسه مستقلاً ، مع صديق لتأسيس شركة صغيرة - ولكن من أين تأتي الأموال؟ ينتهي الشريكان بسرقة آلة كاتبة الأب لبيعها مقابل الأموال التي يحتاجون إليها - وهو توضيح ممتاز لما هو التراكم البدائي، سلب او نهب (في هذه الحالة سرقة) يجعل من الممكن تجاوز عقبة تراكم رأس المال.
(الفيلم بالإنكليزية هو The 400 Blows
https://www.imdb.com/video/vi3485646617?playlistId=tt0053198&ref_=tt_ov_vi
ويعتبر من افصل الافلام التي انتجتها السينما الفرنسية وحاز على العديد من الجوائز وهو نوع من شبه السيرة الذاتية لمخرج الفيلم François Truffaut المولود في عام 1932 والمتوفي في عام 1984. وينتمي الفيلم الى ما يسمى الموجة الجديدة, اي مقاطع متقفزة, مشاهد متجمدة ومن النوع الخام, والحوار الوجودي. ط.ا).

لكن النقطة الأساسية تكمن في التعبير المبهر ل أنطوان دويسنال ، الذي يقول كل شيء عن مشكلة الُمقدمة : "كما تعلم ، إنها مسألة مال أولاً". الآن, ما هو الجواب الرأسمالي على "مشكلة المقدمة"؟ إنها المدخولات المالية الخاصة ، والمعروفة أيضًا باسم الأسهم. بمجرد أن تقول هذا ، يتم فهم الباقي. تحدد المدخلات المالية على الفور طبيعة تحقيق الربح للممتلكات: فأنت توفر المال ، ولكن يجب أن يعطي المال عائدًا! خلاف ذلك ، لماذا تساهم به؟

انت تقول إن العلاقة بين الأموال الخاصة والملكية التي تجني أرباحًا أوسع من ذلك. وتستند إلى عمل جوليا كاجي في طريقة جديدة لتمويل وسائل الإعلام. لكن أولاً ، لا أعتقد أن مثالها صحيحا ، والأهم من ذلك, حتى لو حدث ذلك ، لا أعتقد أنه يمكن تعميمه. عندما نسأل القلة عن أسباب استثمارهم في وسائل الإعلام ، نحن نعلم جيدًا نوع التبرير المهذب الذي يقدمونه : المساهمة في نشاط الصحافة الحرة ، ودعم الديمقراطية ، وما إلى ذلك ، وبعبارة أخرى ، عمليات مثالية لغسيل رمزي . ولكن أصبح ذلك ممكنًا بسبب تصوير أنفسهم - مهما كان ذلك زائفا - بكونهم اصحاب "قضية عظيمة". مثل ممولي السلع الثقافية ورعاة الفنون الأخرىن.
(الترجمة الانكليزية لكتاب جوليا كاجي بالفرنسية متوفرة في
Saving the media : capitalism, crowdfunding, and democracy / Julia Cage
https://books.google.at/books?id=hIbPCwAAQBAJ&pg=PT2&lpg=PT2&dq=english+translation++Julia+Cag%C3%A9,+Sauver+les+m%C3%A9dia.+Capitalisme,+financement+participative+et+d%C3%A9mocratie+(Seuil+2015).&source=bl&ots=b6qaqbnUkx&sig=ACfU3U3AnJwppNe7lOnhDwf7MDibu4h9Aw&hl=de&sa=X&ved=2ahUKEwiow52gmJvpAhWCUhUIHbWqDPsQ6AEwA3oECAoQAQ#v=onepage&q=english%20translation%20%20Julia%20Cag%C3%A9%2C%20Sauver%20les%20m%C3%A9dia.%20Capitalisme%2C%20financement%20participative%20et%20d%C3%A9mocratie%20(Seuil%202015).&f=false
ط.ا)

لكن هذا الاحتمال لا يمكن أن يمتد ليشمل الشركات العادية. تخيل ، على سبيل المثال ، شركة تصنيع ، لا أعرف ماذا ، هراسة البطاطس أو الكراسي القابلة للطي. من وجهة نظر القيمة الرمزية المضافة ، يترك ذلك شيئًا مطلوبًا. ما الذي سنعرضه على راعي التمويل كمقابل؟ أن نأخذ نصيحته حول بيئة العمل في هراسة البطاطس؟ على لون مساند الكراسي القابلة للطي؟ تكون المساهمة المالية جديرة بالاهتمام فقط إذا كان بإمكانها توقع شكل أو آخر من العوائد: إما المالية الكلاسيكية أو السياسية (على سبيل المثال ، من خلال شراء وسيلة إعلامية ، للحصول على أداة مؤثرة أو رمزية) ، وإذا لم يكن هناك مقابل ، فلن تكون هناك مساهمة. ما علينا أن نتخلص منه هو هذه المساهمة المالية ، التي هي قلب الرأسمالية. طالما أنك تحافظ على هذا المنطق ، فلن تتغلب على أي شيء (لن تتغلب على الرأسمالية. ط.ا) - في أفضل الأحوال ستخفف (من الرأسمالية. ط.ا) ، لكنك لن تتغلب على أي شيء.

ومقترحك سيكون اقل اهمية عندما يكون هو توسيع ملكية الشغيلىة. ملكية الشغيلة للأسهم هي الهدف الاهم للبورصة. ليس من أجل لا شيء أنه منذ نهاية التسعينات ، أطلقت جميع الشركات الرائدة خطط الملكية المشاركة للشغيلة - من المؤكد أنها لا تزعجها كثيرًا ، بل إنها تصب في مصلحتها الخاصة. في الواقع ، تعد ملكية الشغيلة للاسهم عملية احتيال ضخمة... بحق الشغيلة.

اولا لأنها تعرضهم لخطر عدم تنويع استثماراتهم ؛ يتم استثمار مدخراتهم بالكامل في أسهم الشركة ... ثم لأنها عملية أيديولوجية مميزة للليبرالية الجديدة ، والتي تحاول باستمرار إخفاء صورة العامل كمنتج واستبدالها باشخاص المستهلك والمساهم ، والنظر في المواقف حصريا من وجهة نظرها. وأخيرًا ، لأن ملكية العمال للاسهم هي آلية لكسر الوحدة السياسية للعاملين بأجر. هذا صحيح بشكل خاص في الشركات الكبيرة التي لديها عدد من مواقع الإنتاج. إذا أغلقَتْ رينو ، على سبيل المثال ، موقع كليون الخاص بها ، فان عاملي الشركة في Flins و Sandouville سوف سيكونون على ما يرام. سيحفاظون على وظائفهم وسترتفع حصصهم كما يفعلون في كل مرة تنفّذ فيها الشركة خطة تسريح العمال...

على الرغم من أنك لا تقول الكثير عن رأس المال بشكل دقيق ، إلا أنك تقول الكثير عن الآيديولوجيا . لديك الكثير لتقوله عنها في هذا الكتاب ، ولكن بطريقة مدهشة للغاية. الشيء الأكثر إثارة للدهشة هو الطريقة التي تعبر بها عن نفسك ، المليئة بالحماس ، عن أحد أشهر موضوعات العلوم الاجتماعية في القرن والنصف الماضيين. وأنت تطلق النار دون دعم من مرجع واحد ، دون ذكر مؤلف واحد! في مقدمتك ، هناك قسم عن "المصادر المستخدمة في هذا الكتاب: عدم المساواة والإيديولوجيا" ، وهو مكرس أولاً للبيانات الإحصائية والتاريخية - بشكل غير مفاجئ ، هذا قسم دسم بالمعلومات للغاية - ثم تنتقل إلى "الإيديولوجيا".

ولكن كل ما نجده هنا هو (الاقتصادي النيوليبرالي. ط.ا ) Hayek و Trump و Wall Street Journal و Financial Times وبعض الروايات. بينما ... هل تعلم أنه ، على الرغم من كونها قديمًة ، نجد سمات لمشكلة الإيديولوجية الموجودة بالفعل في جمهورية أفلاطون؟ أنه في القرن الثامن عشر ، كتب رجل يدعى جان جاك (روسو .ط.ا) خطابًا حول أصل وأسس عدم المساواة بين البشر؟ يمكننا أيضًا الاستشهاد بماركس وإنجلز ، اللذان أعتقد أنهما كتبا شيئًا مثل الإيديولوجية الألمانية ، يمكننا التحدث عن التقليد الماركسي بأكمله ، أو مدرسة فرانكفورت ، أو ماكس ويبر ، وأخيرًا عن بورديو (عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي Pierre Bourdieu الذي كتب عن امور مثل السلطة الخفية وديناميكيتها, 1932 -2002, .ط.ا)، لأنه على وجه التحديد لا يستخدم مفهوم الإيديولوجيا ، واستبداله بمفهوم "العنف الرمزي" ، وبالتالي تجاوز إشكالية الإيديولوجيا مع الحفاظ عليها. لكن لا يوجد شيء . إنه أمر مزعج للغاية (انك لم تشر الى كل هذه المصادر. ط.ا)

أما بالنسبة للمضمون: فكل ما تفعله هو اقتراح منعطف إضافي في التذبذب المستمر منذ قرن من الزمان بين الموقف المادي (لا يملك الناس سوى أفكار وضعهم المادي) والموقف المثالي (الأفكار مستقلة و تتحكم بالعالم). هنا تعكس ببساطة التأكيد المادي بالعودة إلى الموقف المثالي القديم. ولكن ربما يجب أن تبدأ برؤية أن الموقف المثالي هو فوق كل شيء أيديولوجية منتجي الأيديولوجية. "الأفكار تقود العالم" هي الإيديولوجية التلقائية لمنتجي الأفكار التافهة. (أقول هذا بدون معنى أن أكون مزعجًا على الإطلاق: أشير إلى إنتاج السلع الصغيرة لماركس ، وبصفتي منتجًا للأيديولوجيا الصغيرة ، فأنا في نفس القارب.) ومن ثم ليس من الصعب مواصلة لعب لعبة الاحصنة الدائرة merry-go-round المتهالكة . كان بإمكانك على الأقل بذل جهد لتجاوزها.

باية وسيلة؟ على سبيل المثال بقول هذا: افكار الناس تتأثر بمشاعرهم. إنهم يكونون أفكارهم حول ما يحدث لهم ، حول تجاربهم. من بين هذه التأثيرات ، هناك تأثيرات مادية. وبما أن هذه مشتركة بين طبقات الوجود المادي ، فإن لهذا الجزء ، إلى هذا الحد ، يتملك الأفراد أفكار طبقتهم. ومع ذلك ، فإن الأفكار الطبقية لا تستنفد جميع أفكارهم - كما أدرك الماركسيون بشكل مؤلم في عام 1914 ، عندما قامت البروليتاريا الفرنسية والألمانية ، اللتان كانتا من المفترض أن تقفا متضامنة على أساس عضويتهما في الطبقة المشتركة ، بدلاً من ذلك حارب افرادهما بعضهم البعض في مذبحة قومية شوفينية.

لذا: تتحرك الافكار بدفع الأفكار ، والتي يستجيب بعضها للتصميم حسب الظروف المادية ، والبعض الآخر لاتخاذ قرارات ذات طبيعة أخرى. هناك تواجد مشترك لهذه التحديدات في رؤوس (وأجسام) الأشخاص ، ربما تكون عدائية ، وفي الحالة الفعلية فقط نرى النتيجة - مشروطة ، مشروطة بظروف اجتماعية تاريخية شاملة. هذا هو السبب في أن جملة مثل - وأنا أقتبس - "الصراع السياسي قبل كل شيء يتعلق بالإيديولوجية وليس الطبقة" لا معنى له بالنسبة لي. ولسبب وجيه: فهو يضع مصطلحات ليست مستقلة في علاقة معارضة. في "الإيديولوجيا" هناك مواد و طبقة ومكونات أخرى.

بالإضافة إلى ذلك ، إذا كانت الأفكار "أيديولوجية" وليست "طبقات" ، أخشى أن تكون أطروحتك الخاصة ضعيفة. لأن إيديولوجية اللحظة ، كما تقول ، هي "الملكية". لكن أولئك الذين يتحدون هذا ... هم من غير المالكين. و فكرة "غير المالكين" تبدو كتحديد طبقي.

اسمحوا لي أن ألخص بإيجاز - في الواقع ، مع سؤال. لماذا أنت حريص جدًا على إعطاء نفسك مظهرًا ماركسيًا عندما لا يكون هناك شيئا ماركسيا في عملك؟ دعني أكون واضحًا ، ليست لدي مشكلة في حد ذاتها في ألا تكون ماركسيًا ولا تكتب كتبًا ماركسية - باستثناء بالطبع عندما يتعلق الأمر بالحديث عن رأس المال ... المشكلة هي في التظاهر بأنك ماركسي عندما يكون واضحًا انك لست ماركسيا . هنا أتذكر تعبيرًا إنجليزيًا ، من الواضح أنه غير قابل للترجمة : " تتظاهر! to pay lip service ". بمعنى أن الكلمات تخرج من الفم ولكن لا تعبر عن أي فكرة متسقة تتوافق معها بطريقة ذات معنى - الكلمات تحلق في الهواء ، إذا أردت. لذا أسألك مرة أخرى: لماذا تتصرف وكأنك ماركسي؟

بشكل عام ، يترك الجزء النظري من كتابك انطباعًا غريبًا للغاية. بطريقة ما ، تخبرنا: "بعد بحث شامل ، اكتشفت هذا: غالبًا ما يتم تقديم التفاوتات (عدم المساواة. ط.ا) على أنها طبيعية ، ولكن هذا غير صحيح: يتم إنتاج التفاوتات اجتماعيًا ودعمها من خلال خطاب تبرير مخصص أسميه إيديولوجيا". بالطبع هذا ليس خطأ. لكنه يذكرني بفيزيائي سيخبرنا - في عام 2019: ``بعد بحث مكثف ، اكتشفت أن الأجسام تسقط للأسفل تحت تأثير قوة أسميها الجاذبية ، ثم يكتب الفيزيائي لدينا كتابًا كبيرًا عن ميكانيكا نيوتن و يكتب على غلافه "نظرية النسبية العامة". لذلك لا ، هذا ليس صحيحًا. لا يسمح لنا بذلك. أقول هذا من وجهة نظر معايير المجال الأكاديمي ، التي تنظم إنتاج العبارات العلمية ، والتي تفرض التزامات معينة. تجبرنا هذه المعايير على عدم تقديم شيء كاكتشاف في حين انه تم اكتشافه منذ فترة طويلة جدًا. إنهم (الاكاديميون .ط.ا) يُلزموننا ، على الأقل، بالاعتراف بالعمل الذي سبقنا. إنهم يجبروننا على عدم تمرير شيء على أنه ليس كذلك.

يجب أن أخبرك أنني مندهش باستمرار من استقبال كتابك ، خاصة في المجال الأكاديمي ، حيث حصل على تقييم الاهمال . الصمت. لا أحد قال أي شيء. من ناحيتي - أنا أقدم لك تجربة فكرية - أعتقد أنه لم يكن بإمكانك كتابة كتاب مثل هذا في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي - لكان سيحقق فشلا ذريعا... لأن تلك كانت سنوات ذات كثافة فكرية وسياسية عالية ، قرأ الناس كثيرا ، كانوا مثقفين جدا ... وكان الجو ماركسي جدا. لذا لما كنت تجرأت على نشر مثل هذا الكتاب. في الواقع ، لم تكن لتريد ذلك. لأنه ، في نفس الجو الفكري مثل أي شخص آخر ، ما كانت الفكرة لتتشكل.

ما قلته للتو لا يستنفد الرأي الذي يمكن أن يُعطى بحق كتابك. هناك ثلاثة أشياء تعرضت لها بشكل خاص وأود أن أقولها.

أولاً ، من الواضح أن نطاق عملك الإحصائي مثير للإعجاب أكثر من أي وقت مضى. اللوحات الجدارية التاريخية تكتسب أبعادًا هائلة. لقد اعتدنا على هذا ، ولكن في كل مرة نعجب به أكثر فأكثر.

ثانيًا ، هناك توقيت مناسب لتداخلك في الوضع الاقتصادي. بالنسبة لباحث مثلك ، قادم من أين أتيت ، يبدء الحديث عن أشياء مثل هذه - حتى لو كان ذلك فقط للتحدث! - امر مرحب به للغاية. لقد قمت ببناء رأس مال رمزي كبير ، وتنفقه ، وتلتزم به - على عكس هؤلاء المكتنزين الصغار الذين لا يمكنهم الحصول على ما يكفي منه ، ويستمرون في التصرف بشكل مناسب من أجل الحصول على الميدالية التالية ، والجائزة التالية ، وما إلى ذلك . أنت تفتح الصندوق (صندق البندورا في الاسطورة الاغريقية والمحتوي على كل الاشياء التي قد تؤثر سلبا على الناس . ط.ا.).

اخيرًا وليس آخرًا: لقد قطعت انت شوطًا كبيرًا على مر السنين ، لكنك لا تخفي شيئًا من هذا. فحص الافكار هو الشيء الأقل مشاركة في العالم الأكاديمي ، حيث يقضي العاملون معظم الوقت في التفاوض حول المنعطفات-الانقلاب على افكارهم السابقة ، على أمل ألا يُظهروا الانقلاب. سمعت أنك تقول أنك كتبت أو قلت هذا أو ذاك مرة، وعند التفكير مرة أخرى الآن فلن تكتب نفس الأشياء. يجب أن يكون تغيير تفكير المرء هو الأكثر طبيعية ، بل والأكثر ضرورة ، للمثقف. علاوة على ذلك ، تقول ذلك ، بدون لف او دوران ، دعنا نقول ، بعض أخطاء الماضي. أجد هذا مثيرا للإعجاب حقا. يمكنك التعداد على أصابع يد هؤلاء المثقفين القادرين على قول هذا الشيء البسيط: "لقد ارتكبت خطأ". هذا لا يأخذ أي شيء مما قلته من قبل ، لكن يسعدني أن أختتم بهذه الملاحظة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا نعرف عن انفجارات أصفهان حتى الآن؟


.. دوي انفجارات في إيران والإعلام الأمريكي يتحدث عن ضربة إسرائي




.. الهند: نحو مليار ناخب وأكثر من مليون مركز اقتراع.. انتخابات


.. غموض يكتنف طبيعة الرد الإسرائيلي على إيران




.. شرطة نيويورك تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتعتقل طلابا محتجين عل