الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصرُ بين مصيرين ...

طارق حجي
(Tarek Heggy)

2020 / 5 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ نصف قرنٍ ، بدأ الرئيسُ المؤمن أنور السادات المشروعَ الساداتي/السعودي/الأمريكي/الإخواني لتحويلِ المجتمع المصري لما وصل له اليوم ، أيٍّ لمجتمعٍ ينقسم مسلموه لأربع مجموعات : مجموعة أولى تضم المسلمين غير المتدينين. ومجموعة ثانية تضم المسلمين المتدينين دون أن تكون هناك أيّ قواسم مشتركة بينهم وفكر الإخوان. ومجموعة ثالثة تضم المسلمين المتدينين والذين وإن كانوا ليسوا إخواناً إلاّ أنهم توجد عدة قواسم مشتركة بينهم وبين فكر الإخوان. ومجموعة رابعة تضم الإخوان والسلفيين وآخرين ينتمون لجماعات أخرى تفرعت من الإخوان أو من السلفيين. وأغلب الظن أنه لا توجد أية جهة فى مِصْرَ أو خارجها تستطيع (على أُسسٍ علميةٍ) تحديد حجم كل مجموعةٍ من هذه المجموعات الأربع. ولكن يمكن للمتابعِ المعني بالشأنِ المصري أن يعتقد أن المجموعةَ الرابعة لا يمكن أن تضم أكثر من ٢٠٪؜. وهذه الصورة رغم رماديتها ، إلاَّ أنها لا تدعو لليأس. فنحن أمام ٨٠٪؜ من مسلمي مصر أي قرابة ٦٥ مليون مصرياً يمكن (نظرياً) جذبهم أو جذب معظمهم لمفاهيم الدولة المدنية بجهود تعليمية وثقافية وإعلامية وعن طريق خطاب ديني منقح ومتصالح مع العقل والعلم. وأظنُ أن جذب ٨٠٪؜ من هؤلاء (أي ٥٢ مليون مصرياً) هو هدف قابل للتحقيق إذا توفرت "الرؤية" ووضعت "السياسات" الكفيلة بتحقيق الرؤية. و ٥٢ مليون مصرياً يُضاف لهم ما يقرب من عشرين مليون مسيحياً ، سيشكلون أغلبيةً ستكون ظهيراً قوياً للدولةِ المدنيةِ ومفاهيمِها ، وفى ذات الوقت سيشكلون درعاً لحمايةِ مصرَ من إحتمالِ وصولِ الإخوانِ لحكمِ مصرَ فى أية مرحلةٍ أو مراحلٍ مستقبليةٍ. ولكن ! تكوين هذا "الظهير الشعبي للدولة المدنية" يلزمه تضافر جهود كبيرة وتعاون عارم من وبين القيادة السياسية وقيادات مؤسسات التعليم والإعلام والثقافة و منابر الخطاب الديني. والشك (كل الشك) هو فى مشاركة منابر الخطاب الديني التابعة للأزهر وللأوقاف بقياداتها الحالية فى هذا الجهد. فمعظم هذه القيادات إما إخوانية أو تشترك مع الإخوان فى رفض ومناهضة الدولة المدنية ومفاهيمها. ورغم الصعوبة النسبية لتغيير القيادات الرجعية الحالية فى المؤسسات الأزهرية والأوقاف ، فإنها "مهمة حتمية" لأن البديل هو أن تصل مصرُ لحال مستعصية نكون فيها أمام شعبين مصريين ، بكل ما تعنيه كلمةُ "شعبين" : شعبٌ إختار أن يعيش فى القرن الحادى والعشرين ، وشعبٌ إختار أو سيق لأن يعيش فيما قبل العصور الوسطى. والوصول لإنقسام المصريين لشعبين هو واقع يناسب الإخوان (وباقي جماعات الإسلام السياسي) لأبعدِ حدٍ. كما أنه يناسب الأخطبوط ثلاثي الأرجل (تركيا وقطر والتنظيم الدولي للإخوان) الذى هو اليوم العدو الإستراتيجي الأول لمصرَ التى إنبثقت من ثورة ٣٠ يونيه ٢٠١٣. وجدير بالذكر ، أن مسرح السياسات الدولية هو الأنسب لطرح وتنفيذ الرؤية المذكورة. فبمحاذاة إنشغال كل اللاعبين الكبار الأساس بواقعٍ إستثنائي ، فإن الإدارة الأمريكية الحالية تختلف كلية عن إدارة أوباما/هيلاري كلينتون التى كان إيصال الإخوان لحكم مصر (وغيرها) من أهم أولوياتها. ورغم أن الدولة العميقة فى الولايات المتحدة رفضت أن يُعلن الرئيس ترمپ أن الإخوان هم جماعة إرهابية ، فإن ترمپ يتصرف على أساس أن الإخوان جماعة إرهابية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مسأله نضوج
احمد حسين ( 2020 / 5 / 8 - 02:06 )
انا اعتقد مع الاسف ان الشعب المصرى بشكل عام لم يصل بعد الى مرحله النضوج الثقافى والفكرى والمجتمعى اللازم للتخلص من الوصايه الدينيه الجامده والفكر الميتافيزيقى البدوى المتزمت والذى يرزح تحته منذ قرون وقرون , الاشكاليه هنا فى القياده السياسيه الفاسده المجرمه والقاصره عقليا التى تريد شعب جاهل ومتخلف لكى يسهل التحكم فيه وقيادته مثل قطيع النعاج , القياده السياسيه تعلم تماما ان نضوج الشعب ليس فى صالحها ابدا لانه فى هذه الحاله سوف ينقلب السحر على الساحر , القياده او عصابه اللواءات الحاكمه سواء كانوا جيش او شرطه يعتبروا مصر عزبه لهم يسرقوا ويهبروا ويعربدوا ويبلطجوا حلال زلال لهم وواضح انهم فى شراكه وبزنس مع الازهر والتيار الاسلامى لكى يحقنوا الشعب بالمسكن السماوى لكى يتم تخديره وان يكون مطيع وذليل وعبد ولكن فى حاله اذا فتح اى فرد فمه واعترض يكون مصيره الاعتقال والسجن والتعذيب وربما القتل ( يحدث هذا كثيرا ) , هذه هى معضله مصر المأسويه


2 - رؤية مخالفة
هانى شاكر ( 2020 / 5 / 10 - 03:35 )

رؤية مخالفة
___

الدكتور حجى قامة عالية فى المجتمع المصرى ... على يديه تعلمنا الكثير فى الثقافة و التاريخ و السياسة ...

و ندين له نحن صفوة المغتربين الذين صاروا قادة ناجحين و مشهورين على المستوى العالمى ( الدكتور محمد العريان كمثال ) ... بأنه مهد الطريق للنوابغ من المصريين أن نثق بأنفسنا و قدراتنا ان نتبوأ اماكن الصدارة و الريادة فى العالم

لذلك اثق ان صدره يتسع لطرح موازى / مخالف لطرحه


حكمنا حثالة البشر ( فاروق ، ناصر ، السادات ، ابو ريالة ، ابو زبيبة ، و ابو جلمبو ) فافقرونا و اذلونا و باعونا للأخوان و السلفيين و تركونا نتكاثر كالحشرات .. وصرنا بلا ثمن و بلا قيمه

شيوخ البترول ( يتزوجون ) بناتنا المراهقات ب 500 دولار للموسم .. و جنرلاتنا يستخدمون اولادنا المراهقين للعمل بالسخرة مجانا فى مزارعهم و قصورهم ( مجندين ب 300 جنيه اى 15 دولار فى الشهر ) ...

من أين نبدأ؟

الحل يحتاج الى 100 عام .. تدريجيا و سلميا .. ينزل فيها التعداد من 100 مليون الى 15 مليون .. ، .. و حجم الفساد من 100 % الى 20 % .. ، .. و يتم فصل الدين عن الحكم و الحياة العامة

....

اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على