الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة السودانية بين مطرقة الثورة ووسندان الإصلاح تاملات في كتاب اصلاح اجتماعي ام ثورة لروزا لوكسمبرغ

محمد الحسن المك

2020 / 5 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


‏"إن الهدف النهائي للاشتراكية هو العامل الحاسم الذي يميز الحركة الاشتراكية الديموقراطية عن الديموقراطية البرجوازية ‏وعن الراديكالية البرجوازية، إنه العامل الوحيد الذي يحول الحركة العمالية كلها من جهد غير مجد لتصليح النظام الرأسمالي ‏إلى نضال طبقي ضد هذا النظام بغية القضاء عليه، وهذا ما يجعل التساؤل «إصلاح أم ثورة؟» وهو يعادل بالنسبة للاشتراكية ‏الديموقراطية التساؤل التالي: «أن تكون أو لا تكون؟»، وينبغي على كل عضو في الحزب أن يفهم بوضوح أن المشادة لا ‏تدور حول هذه الوسيلة النضالية أو تلك، أو حول استعمال هذه التاكتيكات أو تلك، بل هي تدور حول وجود الحركة الاشتراكية ‏الديموقراطية ذاته"‏‎.‎‏ ‏
روزا لوكسمبورج
منذ نجاح الجماهير في كسر إرادة سلطة الراسمالية الطفيلية في السودان ونجاحها في الوصول الي قلعتها الرئيسية وحصارها في ‏اعتصام القيادة العامة، اصبح وجود هذه الطبقة ولأول مرة مهددا ليس في نفوذها السياسي او الاجتماعي فحسب بل امتد هذا التهديد ‏الي وجودها المادي نفسه، ففي ذلك الاعتصام تمكنت الجماهير الثورية من تشخيص بيت الداء بدقة وباغتت أعداءها الطبقيين ‏باستهداف اهم أدوات القمع والسيطرة الرئيسية التي ظلت هذه الطبقة تعتمد عليها لزمن طويل.‏
يقول سمير امين في كتابه ثورة مصر: تقتضي فنون الحرب ان يختار كل محارب ميدان القتال الأكثر مناسبة له في حالة الهجوم ‏وان يفرض ذلك الميدان علي الخصم بحيث يضطر لاتخاذ موقف الدفاع. وتسري نفس القاعدة علي السياسة سواءاً علي المستوي ‏الوطني او العالمي.‏
ولاننا امام عدو ذكي ويمتلك جميع أدوات التشويش وخداع الجماهير فقد نشطت آلته الدعائية واذرعه داخل جميع مؤسسات ‏المجتمع السوداني في اكبر حملة للتشويش الهادف الي حرف الحركة الجماهيرية عن ميدان قتالها الأساسي المفضي الي تحقيق ‏الهدف الرئيسي من المعركة والمتمثل في اسقاط النظام وتصفية جميع مواقع نفوذه. ولتحقيق هذا الهدف عمدت قوي الثورة ‏المضادة الي افتعال معارك جانبية وغير حقيقية، تماما كما في غرفة المرايا والتي تتعدد فيها الصور للجسم الواحد فيصعب بذلك ‏أصابه الهدف او كما في حالة بناء المجسمات الوهمية التي تهدف الي اجتذاب العدو بعيداً عن مواقعه الحقيقية. ‏
ان الجماهير في نضالها ضد اعدائها الطبقيين تسعي الي تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بما يكفل لها الحرية في التعبير عن ‏ذاتها وتقرير مصيرها (حرية سلام وعدالة)، وكما هو متفق عليه فان جميع هذه الأهداف هي اهداف أخلاقية في المقام الأول ‏وبالتالي فان الاخلاق هي ميدان الحرب الرئيسي الذي عملت قوي الراسمالية الطفيلية علي افسادة وذلك عبر بناء كمائن أخلاقية ‏تعمل علي اجتذاب جموع الثوريات والثوريين اليها ليلقوا حتفهم فيها، واهم هذه الكمائن الأخلاقية هي:‏
‏1.‏ تزييف طبيعة الثورة ‏
ان الثورات ليست فعل يقوم به الجميع ضد لا احد، بل هي فعل تقوم به الغالبية الساحقة ضد اقلية قليلة جدا ولكنها ‏مسطيرة جدا، ولأنها اقلية قليلة جدا نجدها دائما كل ما لاحت لها الهزيمة سارعت الي رفع شعارات العمل المشترك ‏وإرساء تقاليد العمل الجماعي علي اسنة رماح المعركة وبالتالي تتحول ساحة المعركة الي منتدي للتفاكر والعمل ‏المشترك وتتحول تكتيكات المعركة الي مساجلات كلامية وفلسفية حول المناهج والأدوات وهو ما لايستقيم اثناء ‏المعركة. محصلة هذا الوضع ان الجماهير الثورية سوف تلقي باسلحتها وتنخرط في مشادات حول الوسائل والتكتيكات ‏علي حد وصف روزا لوكسمبورغ.‏
‏2.‏ الواقعية السياسية وتبرير الردة
ان الردة لم تكن يوماً انحرافاً قابلاً للإصلاح، والتحالف مع القوي التي تعمل علي قطع الطريق امام تطور المد الثوري ‏تحت غطاء العمل المشترك هو بمثابة الانتقال الي معسكر الأعداء، نحن نعمل مع الخصوم السياسيين وبل نتحالف معهم ‏تكتيكياً في بعض الأحيان ولكن يأتي ذلك موقعنا المستقل عنها والمنحاز في نفس الوقت الي القوي الثورية، ان التحالف ‏مع القوي غير الثورية ينبغي ان يكون هدفه الدفع بعجلة الثورة الي االامام وبالتالي فالقبول بمبدأ تعطيل مسيرة الجماهير ‏الثورية بحجة الحفاظ علي وحدة تحالفاتنا السياسية هو امر غير مطروح علي الطاولة، بل هو ردة وانتقال لمعسكر ‏الأعداء وهو احد اهم الوسائل المعروفة لتشتيت انتباه الحركة الجماهيرية عن أهدافها عبر الابتزاز الرخيص اما بتنازل ‏القوي الثورية عن ثوريتها او انفراط عقد التحالف والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الخصوص ماذا تبقي للقوي الثورية ‏اذا تنازلت عن ثوريتها وفيم التحالف أصلاً....؟ (راجع لينين .. ما العمل).‏

‏3.‏ عدمية الخط الثوري
‏"‏‎ ‎أيمكن أن تكون الاشتراكية الديموقراطية ضد الإصلاحات؟ هل يمكننا أن نعارض الإصلاحات الاجتماعية بالثورة الاجتماعية، ‏أي بتحويل النظام القائم: هدفنا النهائي؟ كلا بالتأكيد. فالنضال اليومي من أجل الإصلاحات، ومن أجل تحسين وضع العمال ضمن ‏إطار النظام الاجتماعي القائم، ومن أجل المؤسسات الديموقراطية هو سبيل الاشتراكية الديموقراطية الوحيد إلى خوض الحرب ‏الطبقية البروليتارية باتجاه الهدف النهائي"‏
روزا لوكسمبورغ في مقدمة الكتاب

يسعي الأعداء الطبقيون علي الدوام الي تصوير القوي الثورية باعتبارها قوة هدامة وان نشاطها سوف يقود حتماً الي التشطي ‏والتقسيم وان الطريق الأمثل امام الجماهير الثورية هو قبول الواقع علي ماهو عليه مع محاولة تحسين شروطه، وتلك هي واحدة ‏من الكمائن الخطيرة التي تنصب في طريق أي حركة جماهيرية ثورية، فالاصلاح الذي تنشده القوي الثورية هو في جوهره نشاط ‏يومي ثوري ذو هدف واضح ومحدد وهو العمل علي تحسين أوضاع الطبقات المسحوقة بما يفضي الي امتلاكها أدوات افضل ‏لانتزاع حقوقها كاملة في خاتمة المطاف، اما الإصلاح الذي تعمل القوي الراسمالية المسيطرة جاهدة لاقناع الجماهير به هو عبارة ‏عن عملية دائرية بلا هدف او كما وصفته روزا لوكسمبوج اقتباساً من اقوال برنشتاين (الهدف النهائي، مهما يكن، ليس شيئا، ‏والحركة كل شيء)، وبالتالي تجد الحركة الجماهيرية نفسها في حالة نشاط يومي دائب ومحموم ولكن بلا هدف ولا نتائج ملموسة ‏تماماً كحال الحركة الجماهيرية اليوم والتي نجدها في حالة حراك ثوري محموم ومرهق ولكن العائد منه ضعيف جدا والسبب في ‏ذلك الخوف من انهدام المعبد فوق رؤوس الجميع وهو الكمين الذي تسعي دائماً القوي المعادية للثورة الي جر الجماهير الثورية ‏اليه فحينما تغيب عن الثوريين أهدافهم الثورية فانهم سوف يتحولون الي ثوريين بلا نظرية ثورية وبالتالي يتحقق احد اهم شروط ‏الهزيمة للقوي الثورية.‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتساع رقعة الاحتجاجات في الجامعات الأمريكية للمطالبة بوقف فو


.. فريق تطوعي يذكر بأسماء الأطفال الذين استشهدوا في حرب غزة




.. المرصد الأورومتوسطي يُحذّر من اتساع رقعة الأمراض المعدية في


.. رغم إغلاق بوابات جامعة كولومبيا بالأقفال.. لليوم السابع على




.. أخبار الصباح | مجلس الشيوخ الأميركي يقر إرسال مساعدات لإسرائ