الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا بين جانبين .. مشرق ومعتم

رائد شفيق توفيق
ِ Journalist and writer

(Raid Shafeeq Tawfeeq)

2020 / 5 / 9
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


يرى الكثير من الناس ان السفر برا اكثر امنا من السفر بالطائرة مع ان حوادث السفر برا اضعاف حوادث السفر جوا وهذا سببه ان الناس شاهدو افلاما عديدة عن حوادث الطائرات ؛ كذلك هو الحال مع الامراض وما تسببه من وفيات اذ ان من يتوفون بالامراض اكثر بمعدل 18 ضعفا من الذين يتوفون بالحوادث ، كما ان الذين يتوفون بمرض الربو اكثر بمعدل 20 ضعفا من الذين يتوفون بالاعاصير ، ذلك هو الحال مع فايروس كورونا الذي اعطانا صورة حقيقية لكل ذلك لما سببه من ازمات وكوارث على كافة الصعد في عموم كوكب الارض ، مع ان هناك الكثير من الامراض الاخرى اكثر خطورة من هذا الفايروس وتسبب وفيات اكثر ، لماذا ؟ لان ماتوفر لنا من معلومات عن هذا الفايروس محدود لكننا لاندرك المعلومات الاخرى التي تمكننا من تفاديه او حتى ايجاد عقار يحد
من انتشاره او يقضي عليه ؛ فقد اجتاح هذا الفايروس المعروف بـ (19 COVID ) العالم بأسره حتى بلغت اعداد المصابين والوفيات جراءه مئات الألاف هذا هو المعلن ولعل الواقع اسوأ بكثير، كما وانه اثر سلبا وبشكل كبير على اقتصاديات دول العالم اجمع ، اما الدول النفطية فإنها لا تكاد تصحو من هول الصدمة فالخسائر لم تخطر على بال وحسابات اي منها وحال الدول احادية المورد الاقتصادي التي تعتمد على النفط فقط في اقتصادها فلا شك ان تأثير ذلك يمثل لها كارثة بكل معنى الكلمة ، لان من نتائج تسونامي هذا الفيروس هو ايقاف المعامل والمصانع وتوقف استعمال السيارات والطائرات بنسبة تكاد
تصل الى 100% ما أدى إلى امتلاء جميع الخزانات النفطية في العالم وانهيار أسعار النفط والعزوف عن شراءه .
من جانب اخر طفت الى السطح تقارير علمية نشرت قبل نحو 47 عاما كانت قد حذرت من مغبة التمادي في اهمال بيئة كوكب الارض لانها ستؤدي الى نهاية العالم ! فقد نشرت هيئة الإذاعة الأسترالية تقريرا في19/08/2018 أعده باحثون في السبعينيات لتعطي البشرية فرصة للاستعداد لهذا الحدث وشيك الوقوع وفقا للتقرير؛ اذ قال خبراء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عام 1973 بمساعدة كمبيوتر عملاق ، أن نهاية العالم ستكون في عام 2040 ، وأعادت هيئة الإذاعة الأسترالية نشر التقرير القديم الذي أعده باحثو المعهد العريق بمساعدة برنامج اسمه (One World) باستخدام واحد من أكبر الحواسيب في العالم في تلك الفترة في أستراليا ؛ اذ أظهرت النتائج النهائية من هذا الحاسوب العملاق ، الاتجاهات المستقبلية المتوقعة عبر رسم بياني لمواضيع مختلفة ، بما في ذلك مستويات التلوث والنمو السكاني وتوافر الموارد الطبيعية ونوعية الحياة على الأرض ؛ ويتوقع باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن العالم لم يعد قادرا على الحفاظ على هذه المستويات لفترة طويلة جدا ، وذكر التقرير الذي صدر عام 1973 أنه في نحو عام 2020،
ستصبح حالة كوكب الأرض حرجة للغاية وإذا لم نفعل شيئا حيال ذلك ، فإن نوعية الحياة ستنخفض إلى الصفر وسيبدأ التلوث شديد الخطورة بقتل الناس ، وهذا بدوره سيؤدي إلى انخفاض عدد السكان الى أقل مما كانو عليه عام 1900 وفي ما بين عامي 2040 ــ 2050، ستنتهي الحياة المتحضرة كما نعرفها على هذا الكوكب .
الى ذلك أشار (دانييل روثمان) أستاذ الجيوفيزياء بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا(MIT) إلى أن الكون غير قادر على التكيف مع الارتفاع السريع للكاربون، مرجحا ألا تتسبب الانبعاثات الحالية من الكاربون بفناء الكون ، إلا إذا ارتفع حجم ما يطلق منها في المحيطات إلى (310 Gigaten (كيكاطن ؛ وتقدر الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، أن النشاط البشري سيضيف {300 ــ 500 Gigaten{كيكاطن من ثاني أكسيد الكاربون إلى المحيطات بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين ، مما تقدم يتضح لنا ان فايروس كورونا برغم الكارثة الصحية التي سببها للعالم الا نه كان سببا في اعادة الحياة الى كوكبنا والى كافة الاحياء التي تعيش عليه بعد ان دمره بني البشر بحروبهم واسلحتهم الذرية والكيميائية ؛ فهل هو رد فعل الطبيعة لاعادة الحياة الى هذا الكوكب ؟! ومع ذك لم ينجح تسونامي (كورونا) هذا في تطهير قلوب البشر اذ ما زال الكثير منهم يحاول ان يستثمره ماديا ومعنويا برغم انه ممكن ان يميته ، فقد اخذ تجار الموت باستثمار هذه الكارثة لزيادة فاعلية هذا التسونامي لتحقيق ارباح اكثر على حساب كل شيء جميل ؛ ومع ذلك الحياة تستمر ولن تتوقف فقد كانت ومازالت وستبقى جميلة مليئة بالامل واشراقة يوم فرح قريب ، اذ برغم الخطر الذي يهدد حياة البشر الا انهم يعيشون ويتفاعلون مع الحياة اليومية برغم ضعف النشاط اليومي عما كان عليه الحال قبل ذلك ، اذ ان الناس يدركون جيدا ان لا احدا مخلد في هذه الحياة واننا سنموت يوما وهذه حقيقة لا مفر منها لكن هذا لا يعني ان نتهاون في الحفاظ على البيئة من اجل الاجيال القادمة ، ولا نتهاون في الوقاية من الامراض والاوبئة كافة وبخاصة من فايروس (كورونا) الذي بات الشغل الشاغل لكافة دول العالم ، وكما هو معروف رب ضارة نافعة اذ برغم هذه الكارثة التي تهدد حياة البشر ؛ الا ان لها جانبا مشرقا وهو عودة كوكب الارض الى التنفس وانحسار التلوث البيئي بشكل كبير فهل سيتعض تجار الموت والسلاح ويتوقفوا عن تلويث كوكب الارض؟ من اجل
الاجيال القادمة واستمرار الحياة بكل اشكالها على كوكبنا ببيئة نقية تظمن استمرار الحياة وهل فهمو الدرس القاسي لفايروس كورونا الذي علينا ان نفهمه جميعا وبعمق؟ واحد معانيه هو ضرورة التعاون بين البشر لحماية البيئة وانهاء الحروب ونشرالمحبة ؛ ومن الدروس المستنبطة ايضا الهزيمة النفسية وهي اخر تجربة للحرب او الخصومة حتى في لعبة شطرنج ، فان اردت الفوز على خصمك فعليك نسيان الهزيمة الاخيرة ، فالهزيمة لديك جعلتك تعطي حجما للعدو اكبر من حجمه الحقيقي وهذا ما حصل مع فايروس كورونا الذي هزم الجميع ، واذا ما انتصرت على خصمك لا تأخذك زهوة النصر فتقدر خصمك تقديرا اقل من حجمه وتخسر المعركة التالية ، ولنتعلم ان الحياة هي جملة تحديات لانهاية لها ، وان تسونامي كورونا ليست بروبغندا فيها مافيها وانما هي حالة حدثت بدوافع فطرية لتقول لنا : ان عليكم الحفاظ على كوكب الاخضر ، فتجاهل المشاكل الصغيرة اليوم سيؤدي إلى مشاكل أكبر بكثير في المستقبل كما حصل حين تجاهل العالم الوضع البيئي لكوكبنا من اجل المال واستمرت المعامل تنفث سمومها ؛ وهكذا فان عديد التحديات الصحية والبيئية والاجتماعية التي نواجهها اليوم هي تراكمات لممارسات وسلوكيات وظروف خاطئة صغيرة تم تجاهلها حتى صارت كوارث .
السمكة هي آخر من يعلم أنها تسبح في الماء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا