الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالح خانم : الجزء الأخير .!

ميشيل زهرة

2020 / 5 / 9
الادب والفن


لم تؤسطر امرأة في المدينة بشقيها ، الشرقي ، و الغربي .. كما تأسطرت قريبة مصالح خانم ..! فقد كتب بعضهم ، على صفحاتهم ، بما معناه :
( إن حوض السيدة فائقة الجمال ، يرسم مع خصرها ، الذي يشبه ضمة من ورود ، و صدرها الريان ، البارز في اشتهاء ، يرسم خطا منحنيا أشبه بقوس ، ينقصه السهم كي ترمي به القلوب الهائمة بها عشقا ..!! )
هذه التغريدة على تويتر ..تناقلها الكثيرون على الفيس ، حتى أن هناك من شارك المنشور إعجابا بها و به . في الوقت الذي كانت المنشورات الجادة تتحدث عن دمار بناء في الجهة الشرقية بصاروخ ، راح ضحيته أسرة بكاملها . و لم يبق غير الزوج وحيدا يكابد جنونه بعد فقدانه الزوجة ، و البنات ، و البنين ..! و عندما شارك في دفن العائلة كلها ، كان متماسكا جدا ، و قد أدهش الحضور تماسكه ، و قوته ، و لكنه في اليوم التالي ، و عندما استيقظ ، ذهب إلى الفرن ، و جلب الخبز للعائلة ، و دخل في الغرف المدمرة واحدة ، واحدة ، و هو ينادي على الأولاد ، و أمهم أن يستيقظوا ليذهبوا إلى مدارسهم .. لكنه الوحيد الذي استيقظ في ذات اللحظة على هول الصدمة الرهيبة ، و واجه الحقيقة المرعبة : إن العائلة قد ضاعت كلها و دفنت في مقبرة الأحقاد المرعبة.
خيل إليه أن العائلة ضائعة في الجهة الأخرى للمدينه ، فصار يخلع سرواله الأبيض ، و يرفعه على غصن يابس ، و يتوجه إلى الجهة المقابلة بحثا عن أسرة ضيتعها مصالح خانم ، كما يدّعي !! حيث أخذت المرأة ، و الأولاد ، و البنات معها إلى الجهة الأخرى من المدينة و ضيعتهم هناك ..! لذلك يخلع سرواله و يرفعه إشارة السلام ، لكي لا ترشقه الحواجز ، برصاصها ..لأنه متهم من الطرفين : من الأول بأنه خائن راح يلتحق بالطرف المعادي .. و من الثاني بأنه عدو جاء يمثل شخصية المسالم ..!! و لكن ، عندما أعلنت السيدة الحسناء : إن هذا الرجل مجنون ، و طلبت من الحواجز ، صرف النظر عن سلوكه .. و قد أطلقت عليه اسم ( التور - الثور ) لصلابته ، و تحدّيه ، لكل الرصاص الذي أطلق بين رجليه ، و حواليه ، لمنعه ، من الدخول في خطوط الأعداء ، فقد ترك مع جنونه..!
و قد أعلنت السيدة الحسناء : إنها تشاهد في الطرف الآخر امرأة مجنونة ، أيضا ، تقول أنها تبحث عن أولادها بين الركام ، و في المدارس المدمرة ، تحمل قميصها على عصا مكنسة ، و تهمّ في المسير باتجاه خطوط التماس ، فأعطت ما يشبه الأمر أن تترك و شأنها ، فلا خطر منهما و هما في حالة الجنون ، حتى لو التقيا ..!
قيل عن هذه المرأة في إحدى المنشورات على الفيس : إنها فقدت أولادها الأربعة ، و زوجها الذي كان ينتظر أولاده عند باب المدرسة ، في تفجير بعبوة ناسفة تزن طنا من المواد المتفجرة ..!! و يقال : إنها لملمت قطع أجساد أولادها وزوجها ، في قميصها الذي ترفعه إشارة للسلام ..و لم تعرفهم إلا من الجوارب ، و قطع الأحذية الممزقة ، و بعض لفافات الزعتر التي لم تؤكل بعد ، وهي في محافظهم المدرسية الممزقة ..! لذلك فقدت عقلها ، و راحت تبحث عن أسرتها الضائعة ..!
يحكى : إن المرأة الثكلى اسمها ( ريّا ) و لأن ( التور ) صار يلقي عليها السلام من بعيد ، و تلقي عليه السلام ، و هما رافعان إشارتي السلام .. صار الجميع على الحواجز ينادون الرجل : ( تور ريّا ) ..!!!!
صارت ريّا ، و التور ملهاة كل العساكر على الخندقين ، المتصارعين ، في الشارع الذي يُنصّف المدينة ..و لأن الرغبة العارمة بين المجنون ، و المجنونة ، في الالتقاء ، هيّجت الخيالات عند من يراقب حركتهما أثناء التحيات الحميمة بينهما ، فكان ثمة من يمازحهما في إطلاق الرصاص بالقرب منهما ، ربما منعا للالتقاء ، أو للتسلي اثناء الفراغ القاتل ، و لحظات الترقب ، و الرصد الرهيب للخصم في الطرف الآخر ..و لكثرة ما عبثت الحواجز في مشاعر هذين الكائنين ، صار هناك نوع من التفاهم بين الخصوم ، بسبب الاتفاق على العبث بحياة ريّا ، و التور ..اللذان توجها إلى المنصّف ، الذي يقسم الشارع إلى يمين و يسار ..حيث يوجد الملجأ القديم قبل الحرب ..و فوقه الحديقة ، و الذي صُمّم ، و جُهّز لغارات طائرات العدو الخارجي ، المحتمل ..! هناك يوجد فوقه كوخ من صفيح قديم لحارس الحديقة و زوجته الغجرية ، و قد هربا بعد تمترس الحواجز في الجانبين . لذاك الكوخ توجه التور ..و توجهت ريا ..! مشاعر غريبة سيطرت على الحواجز ..تشبه إلى حد بعيد تلك المشاعر التي تنتاب المرء ، عندما يتجسس على زوج و زوجة في غرفة نومهما ..! أو كلب و كلبة في لحظة تسافد ..تجعل الأشقياء من الأولاد يمنعونهم من ممارسة قانون الحياة ، فينهالون عليهما ضربا ، و هما في لحظة التماسك الحميم ..! أو يطاردون القطط في شباط ، و هم في أجمل لحظات التماهي مع الكون ..! هذه المشاعر المدمّرة للجمال ، و للتلاقي الكوني بسلام حميم ..جعل أحد العسكر ينادي على خصمه في الطرف الآخر ضاحكا : ما رأيك أن أفجر فرحتهما ..؟؟
و لم ينتظر رأيا من الطرف الآخر ، عندما أطلق قذيفة : آر – بي – جي .. سقطت قرب كوخ الصفيح الذي تطاير كاشفا عن رجل و امرأة اسميهما ( التور و ريا ) كانا في وضع حميم ..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في


.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة




.. الفنان صابر الرباعي في لقاء سابق أحلم بتقديم حفلة في كل بلد