الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوميات و أقليات

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


لنأخذ مثل مسافر تعطلت مركبته أثناء الرحلة ،فلجأ إلى ميكانيكي الذي قال له أن سبب العطل هو تهشم قطعة أساسية و لكن يا للأسف ليس لديه قطعة غيار مماثلة ، فلا يستطيع مساعدته إلا بقطعة غير مطابقة ، من المحتمل أن تفي بالغرض حتى نهاية الرحلة ، أو حتى الوصول إلى مكان تصليح توجد فيه القطعة المناسبة .
مجمل القول أن الإصلاح بإدخال برامج مستوردة ذات مواصفات معيارية غير ملائمة لا يكون بالضرورة ضمانة ضد معاودة الاضطرابات في المجتمع الوطني . أضع هذه التوطئة قياسا بالدول التي تصيبها الأعطال فتقع في أزمات مصيرية تضطرها أحيانا إلى طلب النجدة من خصومها ظنا أنها بذلك تكسب ودّهم و تنضم إلى محفلهم فتلقي منهم الإنصاف و الدعم و النصيحة لكي تصير شبيهة بهم تنظيما و تقدما .
من البديهي أن هذا كله ليس سوى أضغاث أحلام تبددها الوقائع على الأرض التي تثبت أن غاية السياسة الامبريالية ليست محاربة التخلف و سوء الإدارة و الظلم و أنما هي بسط النفوذ و جمع الغنائم و تذليل الصعوبات في وجه التمدد وإشباع الجشع .
ليس من حاجة إلى التذكير بالتجارب المخيبة للآمال التي تعرضت لها دول كثيرة كانت مهزومة أو متداعية ، فارتمت في أحضان أعدائها طلبا للأمان و الصلح ، و استعدادا للحاق بهم والسير في قافلتهم . فما يهمني في الواقع هو تسليط الضوء على ما يجري في العراق وسورية و لبنان حيث تضطلع الدولة التركية بدور بارز ،
فعلى الأرجح أن هذه الأخيرة لم تستخلص كل العبر من تجربة الدولة العثمانية في فترة ظهور الحركة الإصلاحية التي تجسدت في سنوات 1839 ـ 1976 بإصلاحات سميت التنظيمات ، تمثلت في استيحاء الدولة الأوروبية في سن قوانين جديدة و في الاقتداء بها في أساليب الإدارة و في عمل المؤسسات الرسمية والأجهزة الأمنية و العسكرية
أقتضب هنا فأقول أن هذه التحولات التي طرأت على الدولة العثمانية نتيجة تصادمها مع الدول الأوروبية وظهور ميزان القوى مائلا لصالح هذه الأخيرة ، أدت إلى نتائج هامة ، هي :
1 ـ حرب القرم 1954 ـ 1855 ، بين فرنسا و انكلترا من جهة و روسيا من جهة ثانية ،
2ـ تدخل فرنسا وانكلترا و روسيا في شؤون الدولة العثمانية بذريعة حماية الأقليات
3 ـ تبلور القومية الطورانية و تعارضها مع الخلافة العثمانية ، أي مع الركيزة الأساس للدولة
مجمل القول كان تأثير القوى الكبرى على الدولة العثمانية عظيما كما هو معروف بواسطة المسألة القومية و المسألة الدينية ، في المشرق . تجسد ذلك في بادئ الأمر بتحالف " القومية العربية " التي حمل لواءها الشريف حسين ، مع إنكلترا ضد الدولة الإسلامية العثمانية , و في مرحلة ثانية بتحالف الإسلام السياسي ، تحت قيادة المملكة السعودية ، مع الولايات المتحدة الأميركية و بريطانيا و فرنسا و تركيا، ضد القومية العربية بوجهها الناصري ، و صولا في الراهن ، إلى دك حصون الدولة العربية ومحاصرة آخر قلاعها من أجل محو العروبة باسم الإسلام السياسي .
أغلب الظن أن تركيا مندفعة وراء حلم امبريالي تتخيل فيه نفسها نواة جاذبة للولايات العربية العثمانية سابقا على أساس عثمانية جديدة تشكل أرضية لنظام ثقافي سياسي ، طوراني ـ إسلامي . يحق لنا استنادا إليه ،أن نأخذ في الحسبان ، حتى ثبوت العكس ، فرضية أن تركيا رسمت خطتها على الأرجح في سياق المشروع الأميركي ـ الإسرائيلي ، الشرق الأوسط الجديد ، الذي بدأ العمل فيه منذ سنوات 1980 .أما الأهداف المرجوة فكانت استعادة ما يمكن استعادته من الولايات العربية العثمانية في لبنان و سورية و العراق ، بعد أن يكون الاقتتال الطائفي و العرقي ، دفاعا عن النفس أو بالوكالة ، قد أتى على كل ما انجز من المشروع الوطني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تعتزم فرض عقوبات على النظام المصرفي الصيني بدعوى دعمه


.. توقيف مسؤول في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس- لحساب الصين




.. حادثة «كالسو» الغامضة.. الانفجار في معسكر الحشد الشعبي نجم ع


.. الأوروبيون يستفزون بوتين.. فكيف سيرد وأين قد يدور النزال الق




.. الجيش الإسرائيلي ينشر تسجيلا يوثق عملية استهداف سيارة جنوب ل