الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكاية بالطهارة

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


لا جدال في أن ما سمي بالربيع العربي كان هجمة معادية ذكية ،عسكريا و سياسيا و إعلاميا ، تكفي للاقتناع بذلك ، معاينة آثارها و نتائجها في جميع البلدان التي استهدفتها . و لو شئنا تبسيطا للأمور أن نصوّر ما جرى لرسمنا رجلا مسكينا متسكعا في الشارع ، يندب حظه العاثر زاعما أن حارس السلطان استولى على منزله و أملاكه و سبا زوجته فاضطر أبناؤه للفرار إلى جهة مجهولة ، يقف إلى جانبه شخص يبدو في ظاهر الأمر أنه مشفق عليه ، من علبة الطعام و من الملابس التي يقدمها له و من الحديث الذي يدور بينهما و الملامح البادية على و جه كل منهما .
تخيلت هذه الصورة بينما تتوالى الأخبار عن محادثات ومشاورات و اتفاقيات تطبخ بين وزراء السلطان من جهة و بين صندوق النقد الدولي من جهة ثانية ، فإذا بي في حيرة كبيرة أمام تساؤلات لا مناص من البحث عن إجابات عليها .
من المعروف أن أطراف السلطة افترقوا بين مؤيد للانتفاضة الشعبية في لبنان و معترض ضدها . فبدا تباعدهم شبيه بتباعد فكي الكماشة . فالمؤيدون أرادوا مصادرتها و المعترضون حاولوا منعها ، نتج عن ذلك ضغط كبير أدى في اغلب الظن إلى تعطيلها و شللها .
ما يهمني هنا هو التوقف عند بعض النقاط التي تعكس في الواقع بعض سمات الممارسة السياسية المتبعة في بلاد مثل لبنان ، ومن المحتل جدا أن تكون " ثورة الياسمين التونسية " قد دشنت في هذا السياق نهجا سياسيا مشابها .
ـ تتسم هذه الممارسة أولا بميلها إلى استصغار الناس . فخطابها كحكايات الأطفال مليء بالمغالطات و التناقضات المضحكة تارة و المبكية تارة أخرى . بكلام صريح أنا لا أجد اختلافا بين انتفاضة يخرج فيها سفير أو موظف أميركي من جهة و بين سلطة تقفز من فوق رؤوس المتسكعين في الشوارع والمظلومين و المنبوذين و الوطنيين الحقيقيين الذين حلُموا بوطن و دافعوا عن أرضه ، لكي تستجدي صندوق النقض الدولي ، لعله يقرضها بعض مليارات من الدولار الأميركي بالرغم من الديون الكثيرة و فضائح الغش و الاختلاسات و غير ذلك من أعراض الانحلال في جسم هذه السلطة.
بكلام آخر ، يجوز بحسب سياسة الاستصغار ،للسلطة الحاكمة بأن تتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية ، في حين أن تواجد بعض تيارات مدعومة من السفارة الأميركية في الانتفاضة يفسد هذه الأخيرة بأكملها ، و يمنع تحت طائلة التكفير و التخوين ، محاولة تطويق هذه التيارات و الحد من ضررها .
ـ تتسم الممارسة السياسية أيضا بسلوك أساس يمكننا نعته بالتبريري ، إذا جاز هذا التعبير ، و هو متفرع من وجهة نظري عن الأصل المتمثل بمقولة " لن نترك العدو بحدد مكان ووقت المعركة " ، يقضي ذلك بالزعم أن " طبيعة المرحلة " هي التي تحدد " اوليات الصراع " ، بمعنى أن هذه الأولوية هي الآن في الخارج لدفع الغزاة عن البلاد و ليس لمعالجة امر المتعاونين معهم في الداخل و كفهم عن الأذى .
يأخذنا هذا النهج في الحقيقة إلى متاهات مظلمة لا نستطيع التمييز فيها بين العلاقة التي تربط المرء بالبلاد ، اية بلاد من جهة و بالبلاد بما هي وطن من جهة ثانية ، كون الوطن بلادا مأهولة بأناس يحبونها و يتشاركون في العمل و الإنتاج و في وحدة الثقافة و المصير . ناهيك من اختلاط الأمور في هذه المتاهات في ظل نظام كفالة يجعل الحاكم كارب في السماء ، قادرا يثيب و يعاقب من يشاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد