الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم كتاب؛ حب وموت في بيروت

مهند طلال الاخرس

2020 / 5 / 12
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


#كل_يوم_كتاب
حب وموت في بيروت
كتاب من القطع المتوسط يقع على متن ٢٤٠ صفحة وهو للصحافية اليهودية الامريكية بربارا نيومان وهو من ترجمة سوسن الفقيه ومن اصدارات دار الاتحاد للطباعة والنشر في بيروت.

الكتاب يتحدث عن قصة حب تنشأ بين الصحافية اليهودية الامريكية بربارا وبين اللبناني الانعزالي الماروني الكتائبي والطائفي بامتياز بشير الجميل.

بربارا تعمل في مؤسسة صحفية امريكية تزور لبنان بغية عمل تقرير صحفي عن الارهاب في اثناء اشتعال الحرب الاهلية هناك، تتزود بمعلومات عن شخصيات لبنانية وتأخذ اسماء كثيرة لاشخاص ممن ان يساعدوها في مهمتها.

من نافة القول ان بربارا اليهودية قبل ان تزور لبنان في تلك المهمة تتجه لزيارة"اسرائيل" اولا وتلتقي مع شخصيات مهمة وبارزة في الاستخبارات الاسرائيلية والموساد، وتحاول بربارا واعوانها اظهار ان هذه الزيارة لغاية دراسة الارهاب وظاهرته، وهي في الحقيقة ومما يظهر من خلال صفحات الكتاب انها عميلة للموساد وللسي اي ايه.

وفي اثناء زيارتها "لاسرائيل" تبدأ بالاطلاع عن كثب على الاوضاع هناك، وتبدا مناقشة نضال الفلسطينيين على انه منبع الارهاب واصله وتستعرض لهذا الامر عدة عمليات "ارهابية" يقوم بها الفلسطينييون ولا يفوتها ايضا ان تستعرض بعض اسماء القادة الفلسطينييون الذين قادوا الارهاب ووجهوه.

مزودة بقائمة من الاصدقاء من قبل الموساد تنطلق بربارا لاتمام تقريرها ودراستها عن الارهاب من فلسطين الى لبنان، وهناك تبدا لقاءاتها مع شخصيات متعددة الى ان تلتقي ببشير الجميل، ويبدا مع هذا اللقاء سريعا قصة حب وغرام وليال حمراء وخضراء وصفراء، لنكتشف سريعا اننا امام عرض مسرحي لمومس وقواد.

مع ابتداء تلك العلاقة تبدا الكاتبة بطرح وجهة نظر الميليشيات الطائفية تجاه الارهاب، وبدون اي مقدمات تظهر الفاشستية المارونية اللبنانية سريعا، اذ يحصر الارهاب ومفهومه فيما يقوم به الفلسطينييون من اعمال ضد الاسرائيليين وضد اللبنانيين على السواء، ومن نافلة القول ان تتطابق وجهة نظر بشير وبربارا سريعا، وهي تلك النظرة التي تشكل الوجه الخارجي لتطابق وجهة النظر الاسرائيلية مع الانعزاليين الموارنة من الكتائب والمليشيات المسيحية المنضوية تحت لواء هذا التوجه.

في اثناء الحوار بين بربارا وبشير يتم عرض كل وجهات النظر من قبل اليمين اللبناني والاسرائيليين بكل اريحية وبكل الطرق والوسائل، وهو كتاب خطير في هذه الغاية، لا سيما انه موجه لتلك البيئة المحايدة او التي لا تعرف شيئا عن الصراع في الشرق الاوسط إلا من خلال لسان امريكا واسرائيل واعوانهما، ووجود بشير(العربي اللبناني المسيحي) هذه المرة كجزء من الحدث يضفي نوعا من التأثير بغية اضفاء شيئا من المصداقية على الحدث وعلى مسامع المتلقي، والكتاب يساهم بشكل جدي في تأكيد تلك الحقائق لدى المتلقي في المجتمع الامريكي خصوصا والغربي عموما، تلك النظرة التي جهدت الحركة الصهيونية كثيرا للاستئثار بها في المجتمعات الغربية.

الكتاب بأفكاره مستفز حتى التقيؤ، لكنه يعطي صورة واضخة وجلية عن مستوى ذلك التطابق المروع في وجهات النظر بين الانعزاليين من الموارنة اللبنانيين الطائفيين وبين نظرائهم من الفاشيت الصهيوني المجرم وبرعاية الامريكان وجهاز السي اي ايه، ليس هذا وحسب بل الكتاب يظهر اوجه التعاون من قبل هذه الجهات في مواجهة الفلسطينيين بغية القضاء عليهم والخلاص منهم.

والكتاب يعطي صورة واسعة وشاملة عن الكتائب والمليشيات المسيحية الانعزالية، وعن حروبها ومعاركها الداخلية وعن تصفياتها الداخلية، وحساباتها الضيقة وعلاقاتها المتشابكة والمعقدة والمتنافسة والمتناحرة، وعن دور بشير في توحيدها.

تنهي بربارا زيارتها للبنان بعد ان تكون وقعت في غرام بشير، يتواعدون على لقاء آخر، ثم ما يلبث بشير ان يزورها في امريكا بدعوة رسمية من السي اي ايه، وتستمر المضاجعة والقوادة الجنسية بين بشير وبربارا ومعها تستمر وتتطور العلاقة مع الامريكان.

ثم تعود بربارا لزيارة لبنان لاكمال تقريرها وطبعا لاكمال علاقة كل تلك الاجهزة مع بشير، وهذه المرة ككل مرة تبدا زيارة لبنان منطلقة من "اسرائيل" وفي سيارة خاصة يوفرها الموساد مع المرافقين، وتتجه برا من فلسطين للبنان، كون لبنان في هذه اللحظات تحت سيطرة اسرائيل بمعاونة من قوات اليمين الانعزالي، وهو ذلك الهدف المعلن من فترة والذي جرى الترتيب له في زيارات عدة بين بشير والموساد والسي اي ايه والذي تظهر تفاصيله الكثيرة في الكتاب.

يحدث ان يتم الاجتياح وتخرج منظمة التحرير من لبنان وينتخب بشير الجميل رئيسا للبنان تحت سطوة البنادق الطائفية الانعزالية وتحت رعاية الدبابات الاسرائيلية وحمايتها.

بعد ٢١ يوما على انتخابه المزعوم ، يتم اغتيال بشير، ويبدأ مع الاغتيال مسلسل آخر من العنف، وتقع مجزرة صبرا وشاتيلا، ومع وقوع المجزرة تقدم الكاتبة صورة مقززة لتلك المجزرة وهي صورة اليمين الانعزالي الطائفي العميل لاسرائيل، ورغم هول المجزرة وصداها عالميا الا ان الكاتبة تقدمها بصورة مقتضبة وعارضة جدا، بحيث استعرضتها وانهتها بعدة اسطر، وقدمتها على انها احد الردود الطبيعية على اغتيال بشير.

تعود بربارا للبنان بعد اغتيال بشير وبرأسها هدفين، الاول زيارة قبر بشير، والثاني معرفة من يقف وراء عملية الاغتيال، وتبدا التحقيقات ومقابلة الشهود، وهنا يظهر طابع الاثارة والتشويق في الكتاب، كما يظهر معه وبشكل صارخ علاقة بربارا في الموساد والسي اي ايه، وتقدم المعلومات لها من قبل كل تلك الاجهزة، وتستمر بالتحقيق في ادراك عميق منها ومن الاجهزة التي تعمل معها ان حبيب الشرتوني الذي نفذ حكم الاعدام بالخائن بشير ليس إلا واجهة لجهات اكبر، وليس إلا صورة لحرب الوكالات التي تدور رحاها في لبنان، وليس إلا تأكيد على وجهة نظر الكاتبة ( وبشير نفسه) والتي قدمتها الكاتبة في اول الكتاب ومفادها ان لبنان واسرائيل يتعرضون لنفس الموجة من الكراهية والارهاب في المنطقة، مما يستدعي ويحتم عليهم التضامن والتعاون والتحالف في مواجهة هذا الارهاب.

بربارا عاهرة تتقن مهنتها جيدا، وبشير صورة فاضحة لذلك القواد الذي لا يتقن في حياته إلا لعق الدماء التي تسيل من جثث الابرياء ومن فروج تلك الغانيات.

بئس السيرة والمصير يا بشير، وستبقى سيرتك كسيرة ابي رغال وابن العلقمي وامثالهم من اصحاب الخسة والوضاعة والدناءة اشباه الرجال، وسيبقى يلاحقك العار انت وامثالك على طول الدهر، وسنبقى نغني لآخر المشوار: "لكل خائن حبيب".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إنسحاب وحدات الجيش الإسرائيلي وقصف مكثف لشمال القطاع | الأخب


.. صنّاع الشهرة - تيك توكر تطلب يد عريس ??.. وكيف تجني الأموال




.. إيران تتوعد بمحو إسرائيل وتدرس بدقة سيناريوهات المواجهة


.. بآلاف الجنود.. روسيا تحاول اقتحام منطقة استراتيجية شرق أوكرا




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل.. هل تتطورالاشتباكات إ