الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكومة الكاظمي .... والاقليم

محمد رياض حمزة

2020 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن أن يكون الترحيب الواسع بتنصيب مصطفى الكاظمي رئيسا لحكومة العراق سبباً أرغم من يخشون توجهاته أن يقبلوه واقعا بعد ان خلعت انتفاضة تشرين سابقه وفشل ثلاثة مرشحين في نيل المنصب.ولعل قادة الإقليم من بين من " رحب " به على مضض بسبب ضبابية مستقبل علاقتهم بالحكومة الاتحادية التي تسببت بمعاناة للكرد العراقيين في محافظات الاقليم واضرت بالعراق طيلة سبعة عشر عاما .
تضمن المنهاج الحكومي الذي قدمه الكاظمي للبرلمان فقرة خاصة بالعلاقة مع "اقليم كردستان". نصها : "ستعمل الحكومة الاتحادية بالتعاون مع حكومة إقليم كُردستان على معالجة المشاكل العالقة واحترام الاتفاقيات بين الطرفين وفق الدستور، من أجل تحقيق المصالح العليا للبلاد وتوحيد الجهود في جميع المجالات".
يعلم الكاظمي ، من خلال عمله على رأس جهاز المخابرات منذ 7 حزيران 2016.، أن " الإتفاقيات " التي وقعت من قَبْل لم تكن دستورية. وإنها " تفاهمات" نفعية بين ساسة الحكومات السابقة كافة وبين قادة الاقليم وفق المثل العراقي " شيلني وأشيلك" . تفاهمات انطوت على فساد سياسي ومالي. الكاظمي ... رغم تمرير حكومته غير المكتملة ومنهاجه الوزارى من قبل المجلس النيابي( البرلمان) إلا أن نجاحه محفوف بمخاطر مصدرها القوى السياسية التي تولت الحكم منذ 2003 واسرفت فسادا وتخبطاً وهدرا للمال العام .. ومن بين فسادها"التفاهمات" الشخصية النفعية مع قادة الإقليم.
لنستعرض نصوص مواد الدستور التي يتذرع بها قادة الإقليم لرسم العلاقة مع الحكومة ولعل أهمها ملف النفط والثروات الطبيعية . جاء في المادة (112) "النفط والغاز هو ملك كل الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات.
أولاً:- تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة، على أن توزع وارداتها بشكلٍ منصفٍ يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد، مع تحديد حصة لمدةٍ محددة للأقاليم المتضررة، والتي حرمت منها بصورةٍ مجحفة من قبل النظام السابق، والتي تضررت بعد ذلك، بما يؤمن التنمية المتوازنة للمناطق المختلفة من البلاد، وينظم ذلك بقانون."
قبل عام 2014 عندما كان سعر النفط يتجاوز 100 دولار للبرميل. تصرّف الإقليم مستقلا متجاوزا الاستحقاق الدستوري ووقع عقود شراكة، وليس خدمة، على استخراج وتطوير حقول النفط في محافظات الاقليم مع عدد من شركات النفط الأجنبية دون علم أو حتى استشارة وزارة النفط في بغداد. فتهافتت تلك الشركات على الإقليم لنيل حصة في تلك العقود غير المسبوقة. حصة الإقليم أقل من 50% وللشركات الحصة الأكبر من العوائد المالية عن تصدير النفط الخام.
خلال عقد من الزمن تعاظمت مالية الإقليم. وعقد الإقليم اتفاقات نفطية وتجارية (تصدير واستيراد) مع تركيا وإيران دون علم الحكومة الاتحادية. ثم أنشأ الإقليم أنبوبا لتصدير النفط الخام رديفا للأنبوب العراقي " كركوك ــ ميناء جهان التركي " وتجاوز معدل الصادرات خلال عشرة سنوات من 600 ألف الى 700 ألف برميل يوميا (تقديرا) قبل 2014 ثم الى مليون برميل يوميا عام 2018. فمسألة النفط ستكون إحدى العقبات التي لن تكون كما يتمناه قادة الإقليم بعد النهج المستقل في ملف النفط.
ما انفكت حكومة الاقليم مطالبة الحكومة الاتحادية بدفع رواتب " القوات المسلحة الكردية ــ البيشمركة والاسايش " وموظفي الدوائر والمؤسسات والدوائر المدنية في الاقليم من مالية الموازنات الاتحادية . رغم أن التنظيمات المسلحة في الإقليم مستقلة تماما في إدارتها وعملها وتبعيتها للقيادة المركزية للإقليم. ولنقرأ نصوص مواد الدستور الاتحادي التي حددت صلاحيات الحكومة الاتحادية بشأن القوات المسلحة بإعتبارها صلاحيات سيادية لا يستثنى منها الإقليم.
المادة (9):
أ- تتكون القوات المسلحة العراقية والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب العراقي، بما يراعي توازنها وتماثلها دون تمييزٍ أو إقصاء، وتخضع لقيادة السلطة المدنية، وتدافع عن العراق، ولا تكون أداةً لقمع الشعب العراقي، ولا تتدخل في الشؤون السياسية، ولا دور لها في تداول السلطة.
ب- يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة.

ونصت المادة ( 109) اختصاصات السلطات الاتحادية أن تحافظ السلطات الاتحادية على وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الاتحادي.والمادة (110): ووضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها، لتأمين حماية وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه. وكفل الدستور للسلطات الاتحادية الاختصاصات الحصرية الآتية:
أولاً:- رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وابرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية.
ثانياً:- وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها، لتأمين حماية وضمان أمن حدود العراق، والدفاع عنه.
ثالثاً:- رسم السياسة المالية، والكمركية، وإصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وإنشاء البنك المركزي، وإدارته.
وإن استعرضنا النهج المستقل الذي دأبت عليه حكومة الإقليم طيلة السبعة عشر السنة الماضية وعدم الالتزام بأي من مواد الدستور الاتحادي التي نصت على تنظيم العلاقة مع الحكومة المركزية سواء في ملف النفط او القوات المسلحة أو جباية رسوم المنافذ الحدودية او ملاكات الدوائر المدنية . فلا مسوغ قانوني للمطالبة بدفع رواتب منتسبي حكومة الإقليم من مالية الموازنات الاتحادية . وبالرغم مما تجاوز مائة مليار دولار من تحويلات الموازنات الاتحادية لحكومة الاقليم ( 17% أو 12%) وغيرها من التحويلات المالية وصفقات فساد طالت قيادات في الإقليم ... فلنقرأ تقريرا عن الشعب في محافظات الاقليم : "أفادت هيئة إحصاء إقليم كردستان العراق، بأن مؤشرات الفقر والبطالة في الإقليم سجلت ارتفاعاً ملحوظاً ، وجاء في المسح الجديد لهيئة إحصاء الإقليم أنه وبالمقارنة بين معدلات الفقر والبطالة الآن وقبل 5 سنوات، نجد أن معدل الفقر ارتفع من 3% إلى 15%، أما البطالة وبعد أن كانت 8% وصلت إلى 14%. وغطي المسح 3 محافظات شمالية في العراق تزيد مساحتها على 40 ألف كيلومتر مربع". المصدر:( موقع العين الإخبارية 11 آذار 2018)
الكاتب العراقي الرصين " آلان م. نوري" كتب مقالا بعنوان "قبل بغداد.. السياسة النفطية في إقليم كردستان هي سبب خرابنا المالي" .. جاء فيه
“رغم أن المفاوضين الكرد مع شركات النفط الأجنبية قد أنتجوا عقودا أدت إلى إغنائهم هم و شركات الخدمات النفطية والأمنية التابعة لأحزابهم و عائلات متنفذيهم، إلا أننا سنفترض أن هذا الإغناء من الثروة الوطنية لم يكن الدافع الأساس في قراراتهم، بل هدفوا حقا إلى رسم سياسة نفطية مستقلة وتأسيس البنية التحتية الإقتصادية و السياسية الدولية لإستقلال إقليم كردستان المنشود. وهذا هو ما يصرحون به للمواطن الكردي، فيحاولون بذلك أي خلاف معهم إلى "خيانة" لحلم الوطن الكردي، وكل مشقة في الطريق إلى ثمن لابد من دفعه لتحقيق الحلم"ويختتم الكاتب مقاله بالقول " بالقول " في احدى الجولات التفاوضية بين ممثلي حكومة الإقليم و الحكومة العراقية، امتعض ممثلو الإقليم كثيرا حينما خاطبهم وزير سابق قائلا أن بيع النفط ليس كبيع الخيار والطماطة...ولكن التمعن بمآل عائدات نفط الإقليم و مأزقنا المالي الحالي يجعلنا نتمنى لو أن باعة الخيار والطماطة هم من كانوا يقررون سياستنا النفطية "( (موقع ناس الالكتروني في 29 نيسان 2020)
المتوقع أن يعرض وفد الاقليم التفاوضي على الكاظمي المطالب التالي
وهي المطالب ا التي دأب القادة الكرد على طرحها في لقاءاتهم مع الحكومة الاتحادية :
ـ حصة الإقليم من الموازنات المالية السنوية 17% وليس 12%
ـ بقاء ملكية الثروة النفطية في محافظات الاقليم للاقليم إنتاجا وتسويقا وتصديرا ومآل عوائدها لمالية الاقليم حصرا.
ـ استقلال جيش " البيشمركة" والأجهزة الأمنية ( الأسايش ) إداريا عن القوات المسلحة العراقية وقائدهما رئيس الاقليم. إلا ان رواتب منسبيهما تدفع من مالية وزارتي الدفاع والداخلية الاتحاديتين.
ـ الموظفون في وزارات الاقليم وفي الدوائر التابعة لها ، رغم استقلالية عملهم ، موظفون حالهم حال الموظفين في محافظات العراق الاخرى وتدفع رواتبهم من مالية الحكومة الاتحادية.
ـ عودة الاوضاع الامنية والادارية في المناطق المتنازع عليها بما فيها محافظة كركوك الى ما قبل استفتاء 25 أيلول 2017 .أي لسيطرة البيشمركة.
ـ إدارة المنافذ الحدودية البرية والجوية في محافظات الاقليم من صلاحيات حكومة الاقليم .وأن العوائد المالية المستحصلة من الرسوم الكمركية والضرائب تعود لخزينة الإقليم حصراً.
ـــــــــ في 9 أيار 2020 "أعلن الوفد التفاوضي لإقليم كوردستان، يوم (8 آيار 2020)، أن الاجتماعات المنعقدة في بغداد كانت إيجابية وجرى فيها تحديد نقاط الخلاف بين الجانبين وتقديم العديد من المقترحات لتصبح أساساً للعمل المشترك من أجل التوصل لاتفاق كامل مع الحكومة العراقية الجديدة، مبيناً أن مخرجات الاجتماعات السابقة حول المستحقات المالية لإقليم كوردستان سُلِّمت إلى حكومة رئيس الوزراء الجديد، مصطفى الكاظمي، وستتم مواصلة المباحثات في المستقبل لحين التوصل لحلول مناسبة.
وتم تشكيل لجنة مالية وأخرى نفطية بين الطرفين (الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم)، واللتين عملتا كفريق مشترك لتحديد المشكلات ووضع آلية مناسبة وقانونية لحلها".". واختتم البيان بالقول: " لم تصل المباحثات التي أجريت خلال الأيام 29 و30 نيسان و1 أيار الجاري بين وفد إقليم كوردستان، برئاسة قوباد طالباني، ومسؤولي الحكومة العراقية في بغداد إلى نقطة الحسم حول عدة مسائل عالقة بين الجانبين ومنها تشكيل الحكومة الجديدة والموازنة وصرف رواتب الموظفين خاصة بعد توجيه الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وزارة المالية الاتحادية بإيقاف صرف رواتب إقليم كوردستان في 16 نيسان الماضي." (المصدر وكالة رووداو 9 أيار 2020)
ليس رأيا متشائما ولكنه يستند الى الواقع ...أن محافظات أربيل والسليمانية ودهوك التي مُنحت حكما ذاتيا ، شكليا ، بموجب بيان 11 آذار 1974 الذي حوله الاحتلال ثم الدستور الاتحادي إلى مسمى "إقليم كردستان" أنه دولة كاملة الاستقلال مع إرتباط شكلي نفعي بالحكومة المركزية. إذ ليس من اليسر أن يتخلى قادة الاقليم عن نظام حكم تحقق فيه حلم الشعب الكردي ، إن لم يكن شاملا جغرافيا ، فقد تحقق في شمال العراق .
وضع الاقليم السياسي منذ 2003 وصفه المراقبون الغربيون بأنه دولة بكل ما في كلمة " الجيوبولتيكس" من معنى. فالاقليم بدستور ونظام رئاسي وبرلمان ونظام تشريعي وقضائي وقوات مسلحة ( البيشمركة والأسايش) وسيطرة على الثروات الطبيعية ( النفط) استثمارا وإنتاجا وتصديرا ، وعلاقات تجارية وسياسية مستقلة وسيطرة كاملة على المناقذ الحدودية جباية . ذلك حتى أبعد من شروط النظام الكونفدرالي.. ولا يمكن أن نجد مثيلا لإقليم كرد العراق في أي فدرالية أو كنفدرالية في العالم. فالاقليم دولة وليس من مصلحة القادة الكرد إعلانها الان لإثارة ردود فعل محلية وإقليمية تقوض استقلال اإقليم.
ولابد أن للتغيير ، غير الواضح بعد ، في توجهات حكومة الكاظمي والموقف من مطالب قادة الإقليم . وقد يأخذ حل القضايا العالقة المنحى "الكونفدرالي" ببقاء الاقليم على وضعه الحالي في سيطرته على الثروة النفطية والاستحواذ على عوائدها المالية كاملة . وكذلك سيطرته على المنافذ الحدودية وجباية رسومها. ولكن يقابل ذلك وقف صرف أي نسبة من الموازنات المالية الاتحادية للإقليم ، و توقف دفع رواتب موظفي وزارات الاقليم المدنية أو العسكرية ، البيشمركة و الاسايش .
أما الحل البديل وهو تطبيق الدستور في عودة ملكية وإدارة الثروة النفطية في محافظات الاقليم للحكومة الاتحادية في الاستكشاف والانتاج والتصدير وعوائدها المالية للخزينة الاتحادية حصرا . وكذلك سيطرة وإدارة المنافذ الحدودية وتطبيق القوانين الاتحادية في جباية رسومها ومآل عوائدها الماليى للخزينة الاتحادية.
بقيت ملاحظة أخيرة ... يتكرر مطلب مهم له علاقة بأمن العراق واستقراره وهو حل التنظيمات المسلحة" المليشيات" غير القانونية وتجريدها من اسلحتها لصالح القوات المسلحة الاتحادية ، الجيش وقوى الامن الداخلي ، كما نص عليه الدستور الاتحادي . فهل يمكن شمول تنظيمي البيشمركة والاسايش وإعتبارهما مليشيات غير قانونية وحلهما أو ربط إدارتهما بوزارتي الدفاع والداخلية الاتحاديتين. ؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا