الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نبوءة فوكوياما .. على شواطىء غزة وفي بلاد الرافدين

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 6 / 18
القضية الفلسطينية


تحدث الفيلسوف الأميركي فوكوياما عن نهاية التاريخ.. واعتبر لفترة طويلة بمثابة (نبي) البيت الأبيض والإدارة اليمينية المحافظة .. ورغم تأثيره الكبير في المشهد الثقافي الأميركي في العقدين الأخيرين إلا أن الكثيرين قاموا برجمه في أميركا نفسها قبل بقية العالم..
وخصوصاً نحن العرب الذين اعتبرنا الرجل (يهرطق) على طريقة (مسيلمة الكذاب).. حين اعتبر أن الإنسان الليبرالي ابن اقتصاد السوق هو خاتم البشر والإنسان الوحيد الممكن في أحقاب ما بعد جدار برلين..
لقد نعى فوكوياما صراع الأفكار والعقائد والأيديولوجيات.. وبشر بسوبرمان جديد أين منه سوبرمان نيتشة قبل قرنين من الزمن؟!!
توقفت عند نهاية التاريخ وأنا أتابع صرخات هدى على شاطىء غزة وهي تحاول إيقاظ والدها!!..
هدى ترقد على رمال غزة بين أشلاء إخوتها..
الرضيع قتلته القذيفة وهو على صدر أمه الذي ما زال يقطر حليباً.. ودماً!!.
وصوت هدى يخترق الأفق.. (يابا)!!..
وتوقفت عند نهاية التاريخ في مدينة الحديثة (عفواً في مجزرة الحديثة) وبعده في الإسحاقي.. والرمادي.. والفلوجة.. وبعقوبة.. وفي مشرحة الطب العدلي وشاحنات الجثث والرؤوس.. و.. و..
وتوقفت عند نهاية التاريخ وأنا أرى مساجد بغداد يحرقها المسلمون ويدوسون بأقدامهم كتاب الله.. وكذلك عند السيارات المفخخة.. ومئات الضحايا.. آلاف.. عشرات الآلاف.. وربما نحن قادمون نحو ملايين الضحايا في العراق.. وغير العراق من أجزاء عروبتنا.. المقطّعة .
آنذاك آمنت أن فوكوياما لم يكن يهرطق ..والرجلليس زنديقاً أو مجدفاً لنصلبه في إحدى ساحات بغداد ..
ومبعث إيماني العميق بنهاية التاريخ هو صرخات هدى التي اخترقت الأفق البعيد ووصلت إلى أقاصي الأرض.. ولم تكن قبائل كينيا البدائية بحاجة إلى ترجمتها.. ولا مجاهل أدغال أفريقيا الوسطى ولا جليد المحيطين المتجمدين..
ومع ذلك تلك الصرخة لم تصل إلى الأنظمة العربية.. التي تنفخ أوداجها بظفر ونشوة.. ولم تصل إلى (المواطن) العربي البسيط الذي يعمل ثماني عشرة ساعة.. لتأمين قوت يومه.. وبالطبع لم تصل إلى أروقة مجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة بكل حقوقييها وقانونييها وسياسييها الفطاحل!!..
قبل صرخات هدى.. كانت صرخات مكتومة في الإسحاقي وحديثة.. وغيرها من مدن العراق الحزين!! صرخات ملأت سماء الشرق الأوسط برائحة الموت.. وكانت دون صدى!!..
وتتجلى نهاية التاريخ.. كحد أدنى بالنسبة لنا نحن عرب القرن الواحد والعشرين في أن القذيفة الإسرائيلية تبعثر جسد الطفل الفلسطيني .. في الوقت الذي تدور فيه رحى معارك (التحرير!!) بين حماس وفتح.. بالرصاص وقذائف الهاون.. والسلاح الأبيض أيضاً !!
كذلك..
تمزق الطائرة الأميركية جسد الطفل العراقي.. في حين تدور رحى حروب الطوائف من البصرة إلى الموصل..
ومن حرب الجمل.. إلى حروب إمارات الأندلس.. إلى جحيم الاقتتال الشيعي ـ السني في بلاد الرافدين الذي لو انتشر (كما تخطط له الأيدي الصفوية والأميركية) لكان كالنار في الهشيم على الأرض العراقية الحارة!!..
ألم يكن فوكوياما نبياً ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل دعا نتنياهو إلى إعادة استيطان غزة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. روسيا تكثف الضغط على الجبهات الأوكرانية | #غرفة_الأخبار




.. إيران تهدد.. سنمحو إسرائيل إذا هاجمت أراضينا | #غرفة_الأخبار


.. 200 يوم من الحرب.. حربٌ استغلَّها الاحتلالِ للتصعيدِ بالضفةِ




.. الرئيس أردوغان يشارك في تشييع زعيم طائفة إسماعيل آغا بإسطنبو